نعمان عاشور.. العدالة الاجتماعية

نعمان عاشور.. العدالة الاجتماعية

فاروق يوسف إسكندر
لأنه اختار أن يقف دائما إلي جانب الناس «اللي تحت» في مواجهة الناس «اللي فوق» فنحن نبادر بالاحتفاء بنعمان عاشور الكاتب الكبير الذي اختار أن تتسق مواقفه مع فكره وإبداعه وكان أول من سطر بوعي صفحة الواقعية في مسرحنا المصري. فنعمان عاشور الذي صنع هرما من النصوص المسرحية وكتب القصة والمقال والعمود الصحفي والسيرة الذاتية والدراسة الأدبية.

وصنع عشرات التلاميذ هنا وهناك.. لم يعد حاضرا أمام شبابنا الطالع كما كان ينبغي، بسبب ضعف الذاكرة الذي تعاني منه الساحة الأدبية أو كما قال أديبنا الكبير نجيب محفوظ أن آفة حارتنا النسيان.
من هنا كان واجبنا أن نقدمه اليوم لمن عشقوه وارتادوا مسرحه، ومن بإمكانهم أن يكتشفوه لأول مرة عبر «القاهرة» التي اختارت وأخذت على عاتقها مسئولية التنوير الحقيقي من خلال التعريف بهذه الرموز التي أسهمت في صنع النهضة الثقافية الحديثة في مصر، ولولاها ما كانت هذه الأسماء التي تبدع بيننا اليوم. ونعمان عاشور الذي ولد في 27 يناير عام 1918 بمركز ميت غمر دقهلية، ورحل عن عالمنا منذ 25 سنة في 5 أبريل عام 1987، بدأ حياته الوظيفية بالالتحاق ببنك التسليف الزراعي التعاوني، ثم عمل سكرتيرا صحفيا لوزارة الشئون الاجتماعية ومنها انتقل الى مصلحة الفنون التابعة لوزارة الثقافة فور إنشائها عام 1954 واستمر بها حتى نهاية الخمسينات بالقرن الماضي ثم أبعد عن العمل الحكومي لفترة أمضاها محررا أدبيا بجريدة الجمهورية وفيما بعد رأس تحرير مجلة «كروان» للأطفال التي كانت تصدر عن دار التحرير للطبع والنشر. واستقر المقام به فترة في دار أخبار اليوم، إلا أنه انتدب للمعهد العالى للفنون المسرحية ليقوم بتدريس مادة «فن كتابة المسرحية». ولنعمان عاشور خمس عشرة مسرحية منها «المغناطيس» و«الناس اللي تحت» و«الناس اللي فوق» و«حملة تفوت ولا حد يموت» و«صنف الحريم». وله أيضا «عيلة الدوغري» و«وابور الطحين» و«سر الكون» و«الجيل الطالع» و«برج المدابغ» و«بلاد بره» أطول نصوصه المسرحية.. فضلا على مسرحيات تسجيلية: «رفاعة الطهطاوي» و«بحلم يا مصر» و«لعبة الزمن» النص الذي وصفه نعمان عاشور «فانتازيا درامية»، وفي عام 1984 انتهي من كتابة «أثر حادث أليم». كانت مسرحية «الناس اللي تحت» لحظة فارقة دقت فيها أجراس البداية لمسرح مصري خالص بعد أن عاش المسرح لسنوات طويلة يقتات من التجارب الغريبة والاقتباسات التاريخية التي جاءت بلا أقنعة أو ظلال على الواقع في لحظته الأنية فكانت مسرحية «الناس اللي تحت» أول مسرحية تتغلغل في تربة القضية الاجتماعية لتناقش بجرأة ـ مشكلات الطبقة الوسطي والطبقة الفقيرة.. بلغة تحمل قدرا كبيرا من السخرية والكوميديا اللاذعة، وربما جاءت المسرحية لتعكس التحولات الاجتماعية العاصفة بعد ثورة 23 يوليو عام 1952. وقد قدمت المسرحية لأول مرة فرقة المسرح الحر ـ التي كان نعمان عاشور ـ مؤلفها الأول عام 1956 من إخراج الراحل كمال ياسين. بالإضافة الى عدة مسرحيات تنتمي الى مسرحيات الفصل الواحد لعل من أشهرها «عفاريت الجبانة» التي كتبها إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. وفي هذه المسرحيات وغيرها ظهرت قدرة «نعمان عاشور» على قراءة التاريخ القديم جيدا بالإضافة الى قراءته الواعية للحظة المعيشية، مما منحه زخما في الرؤية جعل مسرحه يخرج من حالة «الدراما التاريخية» الى «التاريخ بالدراما» بمعني أنه اتخذ من التاريخ قناعا لعرض القضايا اللحظية. وهنا تكمن الفضاءات المتعددة لثقافته الموسوعية التي اتسمت بالرحابة نظرا لغزارة روافدها المعرفية. وربما هذا ما جعل المناقد فاروق عبدالقادر يقول عنه: «لقد استطاع نعمان عاشور للمرة الأولي ـ بهذه الثنائية ـ أن يجمع الناس حول خشبة المسرح، تدب فوقها شخصيات من لحم ودم تصطرع حول هموم وقضايا حية وساخنة، وهذا أيضا ما أشار إليه أحمد بهاء الدين في مقال له بمجلة «روزاليوسف» عن مسرحية «المغناطيس» قائلا: أما عن مسرحية «المغناطيس» فهي مسرحية جيدة والذين يطلبون في مصر اليوم مسرحا كالمسرح الفرنسي مثلا.. ليسوا جادين.. فالمسرح عندما يبدأ من نقطة الصفر، بعد أن مضت على مجده سنوات محت أثره من نفوس الناس، وهو لذلك أحوج الى النقد الدافع الى الأمام. وكتب الكاتب الصحفي محمد زكي عبدالقادر في ـ يومياته بجريدة الأخبار ـ عن نفس المسرحية قائلا: «الشخصيات التي ظهرت في المغناطيس» كلها شخصيات موجودة في الحياة، وهي شخصيات خفيفة الظل، رقيقة الحركة، وادعة التفكير، فتمرده على القديم ولم أجد رصاصا وثقلا ولا صراخا، ولكن وجدت قطعة من الحياة العادية منقولة على المسرح سحرها في صدقها وتأثيرها المنبعث من آلامها وآمالها..». وربما هذا أيضا ما أشار إليه «نعمان عاشور» في سيرته الذاتية حين وصف عمله المسرحي بأنه يؤرخ للتطور الاجتماعي يرصده ويسجله ويرسم خطوط مساره»، وذلك في معرض حديثه عن مسرحيته «الناس اللي تحت» ومسرحية «الناس اللي فوق». كان المسرح قبل «نعمان عاشور» من خلال مسرحيات «علي أحمد باكثير» و«توفيق الحكيم» و«نجيب الريحاني و«علي الكسار»، وكذلك من خلال الشعراء أمثال «خليل مطران» الذي ترجم «ليدي ماكبث» لشكسبير، وأمير الشعراء أحمد شوقي ومسرحيته «كليوباترا»، وعزيز أباظة ومسرحيته «العباسة» التي عرضت على المسرح القومي وقام ببطولتها أحمد علام وفردوس حسن ومسرحيات يوسف وهبي وما تقدمه الفرقة المصرية للمسرح وفجأة ظهر على السطح في منتصف الخمسينات نعمان عاشور فلفت إليه الأنظار وسعد به النقاد بمسرحيته «الناس اللي تحت» وتنبأوا له بمستقبل كبير لكاتب كبير وبجيل مسرحي جديد وكتب عنها د. طه حسين ود. محمد مندور ود. لويس عوض وكانت حدثا ومن هنا أصبح نعمان عاشور رائد المسرح الحديث، بعدها بعامين كتب مسرحية «الناس اللي فوق» 1958 ليقدمها المسرح القومي. كان نعمان عاشور ثمرة من ثمرات التطور التعليمي والثقافي الذي شارك في إرساء لبناته إسماعيل القباني ود. طه حسين، وثمرة من ثمرات النقد العلمي الخصب الذي حمل مشعله د. محمد مندور ود. لويس عوض ود. رشاد رشدي وأنور المعداوي. وبعد تجربتي اعتقال كان نعمان عاشور عرضة لهما في عام 1945 بسبب مقال نشره في جريدة «الفجر الجديد» اليسارية أشاد فيه بالاتحاد السوفييتي وستالين، وفي عام 1946 في حملة إسماعيل صدقي التي عرفت باسم «القضية الشيوعية الكبري» نأي بعدها عن المعترك السياسي النضالى والعلني وانصرف بكل ثقله الى الحياة الكبري كاتبا ومترجما. ونعمان عاشور ابن عائلة مصرية من ميت غمر دقهلية درجت على تربية أولادها وإعدادهم للتعليم والعلم. لكن نعمان ارتبط بالحركة الوطنية واليسارية مما جعله عرضة للاعتقال والمطاردات. وعمل نعمان عاشور مع د. محمد مندور في جريدة «صوت الأمة» عام 1945 وفي جريدة «الفجر الجديد» مع صديقه أحمد رشدي صالح. وفي جريدة الجمهورية ثم جريدة أخبار اليوم حتى أخريات حياته. وبدأ نعمان عاشور حياته الأدبية بنشر أربع مجموعات قصصية قصيرة هي «حواديت عم فرج» 1956 و«فوانيس» 1963 و«سباق مع الصاروخ» 1968 و«أزمة أخلاق وقصص أخري» عام 1976. كان نعمان عاشور إنسانا كبيرا وكاتبا كبيرا.. عرفته في أوائل السبعينات حين كان يلتقي مرة كل أسبوع أصدقائه وزملائه الأدباء والنقاد في مقهي «سوق الحميدية». وكان يجد متعة خاصة وفرحة طفولية والحرص على الحضور كلما سنحت الظروف بذلك، ولد نعمان عاشور في 27 يناير عام 1918 بمدينة ميت غمر التي تجمع، على حد وصفه لها بين الصفة الحضارية كمدينة تجارية والصفة الريفية التي تكتسيبها من محيطها يبنُ القرى والنجوع والكفور. هذه السمعة الأساسية التي تميزت بها ميت غمر تحققت أيضا في المقومات الوراثية التي انتقلت إليه عن أمه وأبيه: «فإذا انتقلنا من البيئة الى الوراثة وجدتني وقد جمعت بين نقيضين فأمي ريفية من بنات القرى ولكنها من عائلة إقطاعية المنبت وأبي سليل عائلة مدنية خالصة من عائلات الطبقة الوسطي. وقد أثر هذا الميراث المتناقض على شخصية نعمان عاشور بين طيبة أهل القرى وتلقائيتهم وحذرهم الشديد، وانفتاح أهل المدن وانطلاقهم للمرح والتندر وإن كان تأثره بشخصية أبيه أكبر فهو يقول عنه: «.. كان أكثر مما أثر على حياتي في بدايتها ذلك أنه ورث الكثير من الميول الفنية لعائلة أمه ولم يأخذ من عائلة والده شيئا إلا ما خلفه من ثروة أو مال. وكتابه «المسرح حياتي» حافل بذكريات طفولته وصباه وأثرها في تكوينه النفسي وثقافته المبكرة حتى حصوله على الكفاءة من مدرسة ميت غمر الثانوية، والتحاقه بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1942. وتعمق نعمان عاشور أثناء دراسته الجامعية بحكم تخصصه ـ في دراسة المسرح الإنجليزي ـ وهام بعد ذلك بأيسن وتشيخوف فقرأهما بنهم. وخلال تلك السنوات كانت القاهرة تموج بالأنشطة الثقافية والسياسية وشارك في العديد من تجمعات المثقفين وتنظيماتهم خرج منها بإيمان عميق بالاشتراكية العلمية لم يتخل عنه بعد ذلك أبدا، ومن السهل تتبع تأثيراته الواضحة في مسرحياته وغالبية كتاباته. ولكي لا يبتعد عن الحياة الثقافية الزاخرة في القاهرة التحق بوظيفة ببنك التسليف الزراعي وبدأت تظهر كتاباته في بعض الصحف والمجلات اليسارية من أبرزها مجلة «الفجر الجديد» التي كان يصدرها المرحوم أحمد رشدي صالح، فقبض عليه عام 1945. ولم يزده السجن سوى إصرار على المضي في الطريق الذي اختاره لنفسه وآمن به بأنه أصلح طريق لتحرير بلاده من رقة الاستعمار والتخلف، فأقبل على القراءات السياسية ودراسة تاريخ مصر بتعمق، ظهرت آثاره في مقالاته العديدة عن أبطال النضال من أجل تحريرها: النديم ورفاعة الطهطاوي وسيد درويش وغيرهم. قبض على نعمان عاشور مرة اخرى في «قضية الشيوعية الكبري» عام 1946 التي لفقها إسماعيل صدقي للقبض على المفكرين والكتّاب الأحرار وإغلاق مجلاتهم الثورية تمهيدا لتحرير معاهدة ـ صدقي بيض ـ التي قاومها الشعب وأسقط حكومة صدقي. وحين افرج عنه بعد شهر اندمج في العمل السياسي أكثر فانضم الى لجنة «الطلبة العمال المشهورة»، وأشرف على إصدار مجلتها السرية، وشارك في كتابة تحليلاتها السياسية. فلما انتكست انتفاضة عام 1946 لم يجد ما ينفس فيه عن طاقاته الجياشة سوى الأدب والثقافة فأخذ يؤلف القصص القصيرة، ويترجم ويلخص الكتب ويعرف بكبار الأدباء العالميين، ويكتب التمثيلية الإذاعية. وفي سنة 1949 اشترك مع المرحوم محمد مفيد الشوباشي وعلي الراعي وأحمد عباس صالح ومحممود محمد شعبان وأنور فتح الله في إصدار مجلة «الأديب المصري» وفيها اكتشف ميله الطبيعي للمسرح، فحينما توفي نجيب الريحاني نشر في المجلة دراسة عن مسرحه وتطور مواقفه الاجتماعية ووضح فيها تأثره بفنه وحبه له. ونتيجة لمعايشته الحميمة للطبقات الشعبية في عابدين والسيدة زينب وحواري الجيزة وتسجيله لتصرفات الشباب التي عرضها في قصصه القصيرة، واندفع عام 1950 في تأليف مسرحيته الأو «المغناطيس». وبعد عشر سنوات من عمله في بنك التسليف الزراعي ضاق بوظيفته الروتينية فيه وتركه والتحق بوظيفة باحث اجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية، ولما قامت ثورة عام 1952 اختارت الثورة المحامي المعروف زهير جرانة وزيراً لشؤون الاجتماعية وكان يعرف «نعمان» ويتابع كتاباته، فعهد إليه بتكوين مكتب صحفي تابع للوزير والإشراف عليه. وقتذاك كانت الفرقة القومية للتمثيل تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وكان الإشراف عليها من بين المهام التي عهد بها الى نعمان. وهكذا اتصلت أسبابه بالفن التي تعلقت بها آماله، وعرض على الأستاذ «دريني خشبة» المشرف على فرقة «المسرح الحديث»، و أثني عليها، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، وتحمس الفنان إبراهيم سكر وأعضاء المسرح الحر فأخرج المسرحية في صيف عام 1955 وبنجاحها بدأت مسيرة «نعمان عاشور» للمسرح. وعندما تولي المفكر الكبير فتحي رضوان وزارة الإرشاد، وأنشأ بها مصلحة الفنون سنة 1955 برئاسة الأديب الكبير يحيي حقي، وجمع فيها أكبر عدد من الأدباء وفنانيها عبدالرحمن صدقي ونجيب محفوظ وعلي أحمد باكثير، انضم نعمان عاشور إليهم ثم نقل بعد ذلك الى الرقابة على المصنفات الفنية الى أن ضمه عبدالمنعم الصاوي الى المكتب الفني الذي أنشأه للوزارة بعد أن أصبحت وزارة الثقافة في عهد الدكتور ثروت عكاشة. ولكن فصل عام 1958 بسبب ميوله التقدمية مع الفنان الراحل حمدي غيث، بعد ذلك وجد نعمان عاشورفعين بجريدة الجمهورية حتى سنة 1964 وأصدر حلمي سلام قراراً مازالت ظروفه وملابساته غامضة الى اليوم بطرد نعمان وعشرات من الكتّاب في مصر من عملهم في جريدة الجمهورية ونقلهم الى وظائف مختلفة في مؤسسات الدولة التي لا علاقة لها بالصحافة أو الثقافة، فبعضهم نقل الى المجمعات الاستهلاكية وشركات الأخشاب، والبعض نقل الى وزارة التموين، ونقل آخرون الى وظائف مشابهة من هذا النوع العجيب، وبقي البعض عاطلا دون عمل لا يدري سر ما حدث ولا يعرف تفسيرا لمثل هذا القرار. ومن المفارقات أنه كان من بين المطرودين من جريدة الجمهورية الدكتور طه حسين ومحمد مندور. وكانت صدمة نعمان عاشور بسبب هذا القرار كبيرة، مما بثت في نفسه أنه لن يحصل على الاستقرار في حياته أبدا، وزاد في يقينه بأنه يتعرض لمطاردة ليس لها نهاية، واستطاع نعمان بعد جهود شاقة أن يعمل في دار أخبار اليوم حيث كان يكتب عمودا قصيرا أسبوعيا، وقد بقي في هذا الموقع حتى نهاية حياته راضيا ومسرورا رغم أن تلاميذه ومن هم أقل منه كانوا يتمتعون بأوضاع أفضل وفرص أحسن. وآخر ما أصابه قبل وفاته بأسابيع أن مسرحيته التي أعدها عن الحملة الفرنسية على مصر قد تعرضت للرفض من المسرح القومي بسبب عدم وجود ميزانية لتقديم العرض وكان من حقه أن شعر بلمسة حادة من الاضطاد الذي عانى منه كثيرا. ولكن نعمان عاشور لم يغيره ولم يساوم عليه حين اختار منذ البداية أن يقف في صف العدالة الاجتماعية بقلبه وعقله وقلمه وفنه. وهنا أطلب من الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب تفعيل العقد المبرم منذ أكثر من ثلاث سنوات بين الهيئة وأسرة الكاتب الإنسان الراحل نعمان عاشور لإتاحة مؤلفاته للأجيال الجديدة لكي نعيد لشبابنا ثوار 25 يناير معرفة هذا الكاتب المناضل من أجل حرية، عدالة اجتماعية.

عن مجلة وجهات نظر 2004