الشيخ محمد حسن آل ياسين.. جامعة شاملة

الشيخ محمد حسن آل ياسين.. جامعة شاملة

خالد خلف داخل
الشيخ محمد حسن آل ياسين عالم بارع وفقيه جليل ومؤلف متتبع ومحقق تقي صالح كثير التصنيف والتأليف من الاعلام المبرزين في العراق له شهرة واسعة ومكانة طيبة ومنزلة سامية ومكانة اجتماعية مرموقة ومنزلة علمية واضحة فكان نعم الخلف لذلك السلف من اسرة آل ياسين

العلمية ورث من الاباء كل مآثرة حتى بلغ درجة عالية فاعترف بفضله الاعلام والمراجع وانفقت الكلمة على مكانته وورعه وصلاحه.

اسرة آل ياسين اسرة عربية واضحة النسب يرجع نسبها الى قبيلة الخزرج التي تقطن بالقرب من مدينة الدجيل شمال بغداد واستوطنت مدينة الكاظمية منذ مئتي عام وقد انتهل رجالها مناهل العلم فكان عميد هذه الاسرة الشيخ محمد حسن آل ياسين المتوفى بحدود سنة 1885 كان من كبار الفقهاء واعظم علماء عصره انتهت اليه الرئاسة الدينية والزعامة العلمية في العراق وسائر الحوزات الدينية واستقروا في مدينة الكاظمية وقد امتزجوا مع اسرة (ال الصدر) وصاهروهم وبودلت المصاهرة بينهما وتعددت وحافظوا على مكانتهم الدينية في المدينتين النجف الاشرف والكاظمين.

ولد الشيخ محمد حسن نجل العلامة محمد رضا بن الشيخ عبد الحسين آل ياسين في مدينة النجف سنة 1931 فنشأ الشيخ محمد حسن على ابيه الذي كان احد اكابر العلماء المجتهدين ومراجع التقليد درس على اخوانه ال الصدر فنال مرتبة الاجتهاد لازم خاله السيد حسن الصدر والسيد اسماعيل الصدر وكان قد صاهره ولازم الحضور عليه فاصبح اعظم العلماء فرجع اليه الكثير من الناس في العراق وباقي البلدان لتقليده فطبع رسالته العلمية (بلغة الراغبين في فقه آل ياسين) طبعت هذه الرسالة اكثر من عشر مرات توفى سنة 1951 في الكوفة وشيع تشييعاً مهيباً قل نظيره ودفن في النجف الاشرف تخرج الشيخ محمد حسن في مدرسة منتدى النشر وتتلمذ على علماء النجف الاشرف فمن اساتذته الشيخ عباس الرميثي المتوفى سنة 1959 والشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي المتوفى سنة 1964 وهذان العلمان كانا من تلامذه الشيخ محمد رضا آل ياسين والد العلامة محمد حسن.. كما لازم عمه العلامة الحجة مرتضى آل ياسين الذي تزعم حركة جماعة العلماء في النجف الاشرف سنة 1959 والعلامة مرتضى آل ياسين احد اقطاب هذه الاسرة العلمية العريقة توفي سنة 1978 بعد وفاة عمه التحق الشيخ محمد حسن ليكون بمعية المرجع الاعلى السيد الخوئي الذي شهد له بالعلم والقدرة على الاستنباط انتقل الشيخ محمد حسن من النجف الاشرف للاقامة في مدينة الكاظمية المقدسة بعد وفاة عمه العلامة الشيخ راضي آل ياسين، يذكر الاستاذ عبد الكريم الدباغ في كتابه كواكب مشهد الكاظمين فيقول حدثني الشيخ محمد حسن آل ياسين بانه قدم مدينة الكاظمية لحضور مجلس فاتحة عمه المرحوم الشيخ كاظم راضي ال ياسين وفي اليوم الثالث منه صعد المنبر خطيب الكاظمية الشيخ آل نوح وبعد ان تكلم بما ينبغي في هذا المقام وجه كلامه الى الحاضرين (من الكاظميين) وقال اذا كنا قد فقدنا الشيخ راضي بالامس فان بينكم الان ابن اخيه الشيخ محمد حسن (ونوه بفضله وعلمه وفائدة وجوده) فلا يفوتكم الرجل والتمسوا منه البقاء فانه نعم الخلف لخير سلف.

اثر الشيخ محمد حسن آل ياسين في الحياة العلمية والثقافية في الكاظمية خاصة وفي بغداد والعراق عامة وفي العالم الاسلامي بوجه اعم وترك بصمات واضحة ففضلا عن مؤلفاته الكثيرة والغزيرة وابحاثه المختلفة فقد اسس في الكاظمية دار المعارف والترجمة والنشر وانشا مكتبة الامام الحسن العامة وترأس الجمعية الاسلامية للخدمات الثقافية وكان مشرفاً على تحرير مجلة (البلاغ) وقد تولى إمامة الصلاة في جامع امام طه في بغداد فترة طويلة واستقر في حسينية آل ياسين في الكاظمين ترجم له الدكتور محمد هادي الامين في كتابه معجم رجال الفكر والادب في النجف فقال محمد حسن ابن الشيخ محمد رضا الشيخ عبدالحسين عالم جليل ومحقق ثبت مؤلف متتبع، شاعر فاضل، اديب باحث، متضلع في التراث الاسلامي ومولع في احيائه ونشرة ، كثير المطالعة والتاليف والنشر والتحقيق والتصنيف ورع ثقة صالح خبير بالتاريخ والرجال والمخطوطات فقد حقق اكثر من اربعين مخطوطة بين ديوان وكتاب طبع الجميع واتحف المكتبة العربية بها ونظراً للنشاطات المتميزة للشيخ محمد حسن آل ياسين في المجالات العلمية وخصوصاً علوم اللغة العربية فقد عين عضوا عاملاً في المجمع العلمي العراقي سنة 1980 وقد ترجمت حياته في كتاب (المجمعيون) في العراق الذي الفه صباح ياسين سنة 1997 ترك العلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين تراثاً علميا ضخما امتد اكثر من نصف قرن فمن تأليفه المطبوعة الاسلام بين الرجعية والتقدمية، الاسلام والرق الاسلام والسياسة، الاسلام ونظام الطبقات، تاريخ الصحافة في الكاظمية، تاريخ المشهد الكاظمي من بدء الاحتلال المغولي الى نهاية الاحتلال العثماني، مفاهيم اسلامية كما له مؤلفات عن سيرة الائمة الاثني عشر عليهم السلام ومؤلفات عن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.. يذكر الاستاذ عبد الكريم الدباغ فيقول نالت مؤلفات الشيخ محمد حسن آل ياسين وبحوثه وتحقيقاته اهتمام طبقات مختلفة من المجتمع وكتب عنها الكثير سواء ما ارسل للمؤلف نفسه او ما نشر عنها داخل العراق وخارجه وممن كتب من الغربيين.. المستشرق الفرنسي (شارل بلات) مدير معهد الدراسات الاسلامية في جامعة باريس المستشرق الايطالي (فينستر ستركا) من مؤسسة جامعة (ديكلي) للدراسات في ايطاليا الدكتور (مارتينو ماريو موراند) مدير معهد الثقافي الايطالي في بيروت بلبنان ومن العرب الدكتور ابراهيم مذكور رئيس مجمع اللغة العربية،/ القاهرة والاستاذ احمد راتب عضو مجمع اللغة العربية / دمشق الدكتور احمد محمد نور من كلية الشريعة والدراسات الاسلامية في جامعة الملك عبد العزيز / مكة المكرمة الدكتور رؤوف عبيد / كلية الحقوق القاهرة والاستاذ شكري فيصل الامين العام لمجمع اللغة العربية/ دمشق والاستاذ احمد فراج / الكويت والدكتور عبد الهادي النازي مدير المعهد الجامعي للبحث العلمي / الرباط / المغرب والاستاذ عيسى الناعوري الامين العام لمجمع اللغة العربية / عمان / الاردن ومن العراقيين المرجع الاعلى اية الله العظمى السيد ابو القاسم الخوئي والاستاذ جعفر الخليلي والدكتور خليل ابراهيم العطية والصحفي روفائيل بطي ومؤرخ العراق السيد عبد الرزاق الحسيني والسيد عبد الهادي الشيرازي والاستاذ كوركيس عواد والشيخ محمد رضا الشبيبي والدكتور مصطفى جواد كان مجلسه لا يمل وهو يعاني ما يعاني اذا سئل اجاب على البديهة جوابا في غاية الوضوح شافيا وافيا كافيا توفي رحمه الله في داره في مدينة الكاظمين 15 /تموز/ 2006 وشيع تشييعاً حافلا مهيباً ودفن في الصحن الكاظمي الشريف واقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة في الكاظمية والنجف الاشرف ولبنان وايران وابنه العلماء الفضلاء والساسة وتناقلت وسائل الاعلام خبر وفاته واقيم الحفل التابيني لمناسبة مرور اربعين يوما على وفاته في جامع ال ياسين في الكاظمية في كلمة العلامة الدكتور حسين علي محفوظ (كان الشيخ محمد حسن آل ياسين من امثلة العلماء العاملين الذين انجب لهم هذا البيت الكريم العظيم ومن مفاخر الكاظمية ومآثرها كان من الهمم الكبار في خدمة الدين والعلم والادب ومن معارف الثقافة والمجتمع كما رثاه الشعراء والادباء واتحاد الادباء والكتاب في العراق والقى كلمة الاسرة نجله الاكبر الاستاذ الدكتور محمد حسين ال ياسين ترجم الحياة العلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين العديد من المؤرخين منهم جعفر محبوبة في ماضي النجف والدكتور محمد هادي الاميني في كتابه معجم رجال الفكر والادب في النجف معجم المطبوعات النجفية للشيخ محمد هادي الاميني، معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين لكوركيس عواد وكواكب مشهد الكاظمين للمهندس عبد الكريم الدباغ الذي تشرف بصحبة الشيخ محمد حسن آل ياسين اكثر من ربع قرن.