يوميات القاص عبد الرزاق الشيخ علي

يوميات القاص عبد الرزاق الشيخ علي

باسم عبد الحميد حمودي

سلمنا حفيده السيد فولاذ مفكرتين سنويتين احداهما صدرت عام 1942 عن المكتبة العصرية لمحمود حلمي وهي (المفكرة العصرية) والثانية مفكرة (العرب) الصادرة عام 1947 عن مكتبة المثنى ببغداد حيث دون فيهما عبد الرزاق الشيخ علي بعض يومياته:

***

كتب عبد الرزاق في الغلاف الثاني من مفكرة عام 1942 ان مهنته (موظف بدائرة اجراء بغداد) وعنوانه هو (كرخ- بغداد 113/4) وكتب في صفحة يوم السبت الثالث من كانون الثاني جملة واحدة هي (علي حجازي) من دون تعليق، وكان علي الحجازي –كما هو معروف- مدير شرطة بغداد ايامها وفي صفحة يوم الجمعة 16 كانون الثاني كتب يقول:

"مضى على سفر زوجتي المحبوبة 35 يوماً الى الشامية وفي طيلة هذه المدة لم اجد للراحة من معنى" وفي الثلاثين من كانون الثاني كتب: (تحركت السيارة من الشامية تتجه بنا الى الديوانية) مما يعني انه ذهب الى اهل زوجته ليصحبها الى بغداد. وفي صفحة يوم 4 نيسان وهو يوم تتويج الملك الصغير فيصل الثاني عام 1939 كتب عبد الرزاق ملاحظة تقول: (وفي يوم العطلة ذهبت الى المعمل لاتعلم فن الخراطة على يد جهاد). وفي 7 نيسان كتب يقول (ق في المدائن) وفي يوم الاربعاء كتب الرموز التالية (23-63 فحامة 10اشخاص) ومحلة الفحامة واحدة من محلات الكرخ يومذاك مما يعني انه سيجتمع او اجتمع بهؤلاء في الدار المرقمة (63). وانت تجد في المفكرة الكثير من الحروف الاول والارقام لكنه يكتب يوم 16 نيسان: (قضيت ليلة البارحة في اوتيل الهلال حيث ضقت ذرعاً من الدار وكانت ليلة جميلة وكان نومي لطيفاً). وفي اليوم التالي يكتب انه نام في اوتيل عدنان (بعد عناء النهار ومشاقه بعيداً عن الاهل).

*في 6 مايس يكتب ان زوجته قررت ان تفطم (سامرة المحبوبة) فكان لها ما ارادت مما يدل على انه عاد الى بيته وانسجم مجدداً مع قرينته؟

*في 21 مايس يشير الى اصابة ابنته الوحيدة (سامرة) بالحصبة.

*وفي 1 حزيران يشير الى اعتزام قريب له هو (تركي) بالانتقال عنهم الى دار اخرى، وفي 4 حزيران يشير الى انتقال تركي وزوجته الى دارهما الجديدة وانتقال خالته معهما لاجل (كميلة)، وكميلة –كما يبدو- هي زوجة تركي وابنة خالة عبد الرزاق.

*في يوم الجمعة 18 تموز كتب يقول (رجعت من المحطة بعد ان ودعت الام وهي متجهة الى الديوانية ومن هناك الى الشامية فليحرسك الله ايتها الام). وفي مكان آخر يبدو واضحاً ان (الام) هي ام (سامرة) زوجته وانه يشتاق لهما سوية حتى عادتا بعد فترة.

*في 14 تشرين الاول يشير الى انه نقل من مديرية الاجراء المركزي الى محكمة تمييز العراق وقد عاد بعد ذلك فنقل بعد ثلاثة ايام الى دائرته القديمة.

*في الخامس من كانون الاول يكتب (عصابة سراق ومتآمرون فسحقاً لهم!).

*في 23 كانون الاول يكتب (ان الملاريا فتكت باهل القرية –ويقصد الشامية- وفوزية شاحبة الوجه وعليلة).

*وفي 24 كانون الاول يغادر الشامية معلقاً على جهل العم ومودعاً شقيقته فوزية المريضة ايامها.

***

هكذا تنتهي يوميات المفكرة العصرية لعام 1942 ومعظمها يوميات شخصية لا تشير الى نشاط سياسي واضح الا بعض اشارات عن غياب (س) آو (ص) عن موعد في مفكرة (العرب) الصادرة عام 1947 عن ادارة مكتبة المثنى ببغداد لصاحبها قاسم الاعظمي (قاسم محمد الرجب) كتب (مؤلف) المفكرة الملا عبد الحميد الزيدي مقدمة لها تم جاء ترتيب الاشهر الشمسية والقمرية ثم اعقبته صفحات اليوميات الخاصة بعبد الرزاق الذي كتب:

يوم الاربعاء (1) كانون الثاني

شاهدت اربعة فصول تمثيلية قام بتمثيلها طلاب معهد الفنون الجميلة على مسرح قاعة الملك فيصل الثاني: تاجر البندقية،قيس وليلى، الوطن،محاسن الصدف.

الثلاثاء (7) كانون الثاني

ومضت علي ثلاثة اشهر وانا ادرس اللغة الفرنسية في معهد الآباء الكرمليين.

السبت 12 نيسان "المستشرق الفرنسي الاستاذ بروفنسيال في السوربون).

السبت 7 حزيران: "البدء في المعاملة واعطاء التقرير مع الصور ودفع مائة فلس والتوقيع على التصريح الفرنسي للسفر".

الاحد/ 29 حزيران

كتب يقول "الرجوع الى الجحيم.. أي والله فلقد رجعت الى الضرب على الالة الطابعة بعد ان انتهت اجازتي ولم تأتي (كذا) الموافقة من وزارة الخارجية الفرنسية وكل املي ان اسافر خلال هذا الشهر الى فرنسا.. اكاد انشق من الغيض (كذا) وانفجر من القهر ولكن لكل اجل كتاب وانني في انتظار رحمة الله"

31 آب

بتاريخ 31/8/44 صدر أمر تعييني في مديرية الدعاية العامة ببغداد براتب 6 دنانير وبتاريخ 31/8/47 صدر امر قبول استقالتي من المديرية المذكورة بعد ان بلغ راتبي (15) ديناراً فلله الحمد اولاً واخيراً.

(5) ايلول "في طريقي الى فرنسا.. قضيت ليلة امس في الصحراء في سيارة نيرن".

2 ايلول "في الشام" وتستمر عبارة "في الشام" ليومين اخرين، وفي يوم الجمعة (23) ايلول كتب يقول "في بيروت".

الاربعاء 17 ايلول "وصولي الى فرنسا".

(19) ايلول الـ دفعت 2000 فرنك لصاحبة الغرفة، يبدأ الايجار من هذا اليوم".

(20) ايلول: "تذاكر العيش..!!"

(22) ايلول: "مدرسة الاليانس فرانسيه".

23 كانون الاول "ابتداء العطلة.

وفي صفحات الاجمالية السنوية كتب عبد الرزاق:

عباس حسن الصراف المحامي (كاظمية)

اعظمية- هيبت خاتون رقم الدار 19/2/28

علي حميد

اوتيل غازي بجانب السينما- شام

لوكانده امريكو- بيروت

اجرة السفر من بيروت الى مرسيليا

اجرة السفر من مرسيليا الى باريس

اجرة دخول السوربون

الدرجة الثانية 4885

الدرجة الثالثة 2000

من مجمل هذه اليوميات نجد تداخل الخاص الشخصي (الاسرة والوظيفة) بالخاص الثقافي الذي توضح في توقه الى السفر الى فرنسا والتحاقه بالسوربون لسنتين وقد نتج عن ذلك عدم استطاعته الاستمرار في الدراسة على حسابه الخاص وحضوره مؤتمر انصار السلام ((حيث عاد بعدها الى العراق ليصدر كتابه الاول (اجراس السلام) الذي يصور اهمية حركة السلم ونشاطاته داخل المؤتمر، وهوامر دفع به الى التوقيف والسجن فقد كان تنظيم انصار السلام من التنظيمات الممنوعة في قوانين النظام الملكي ويحكم على (متعاطيها) بالسجن وفق قانون العقوبات البغدادي.

اللوحات بريشة الروائي والفنان محمد حياوي