وزارة الداخلية في بدء تأسيسها سنة 1920

وزارة الداخلية في بدء تأسيسها سنة 1920

■ د . قحطان حميد كاظم العنبكي
حسمت ثورة 1920 تردد السياسة البريطانية في العراق بين إقامة حكمها المباشر فيه ، أو إلحاقه بالهند لصالح إقامة الحكم الوطني التابع لها.فاعيد السير برسي كوكس(Percy Cox) مندوباً سامياً الى العراق ليعمل على تهدئة الثورة وتشكيل حكومة وطنية مؤقتة تم تشكيلها يوم 25تشرين الأول1920 من رئيس وثمانية وزارات كانت في مقدمتها وزارة الداخلية، التي أصبحت منذ ذلك التاريخ ،القوة المؤثرة في المجتمع العراقي بوصفها ذات التأثير الرباعي:

الأمني،والإداري،والخدمي والسياسي.لهذا الأمر عُدت وزارة الداخلية من الوزارات ذات الأهمية الكبرى ووصفت بالوزارة الأصلية تفريقاً لها عن الوزارات الفرعية في مثل هذا الظرف بالذات ،المتعلق بوجود اثار الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ،قائمة في عدة مناطق من العراق.
صدر المرسوم الخاص بتأسيسها بتاريخ25 تشرين الاول1920،وشغل طالب النقيب منصب أول وزير للداخلية،وعهد فــي بداية الامر الــى سنت جون فيلبي (S.J.Philipy) منصب مستشار للوزارة، والذي قام بدوره بأعداد مذكرة حدد بهـــا علاقة الوزير بالمستشار والتي عُرفت بـ(لائحة تعليمات الهيئة الإدارية العراقية) ، والتي وافق عليها برسي كوكس، وظلت نافذة المفعول طوال مدة الانتداب حتى حصول العراق على الاستقلال السياسي في3 تشرين الاول1932. واحتوت اللائحة على تعليمات منها تكوين الهيئات الوزارية ومنها وزارة الداخلية ،كما حددت اللائحة وظائف المستشار وعلاقته بالوزير – وهي علاقة استشارية وليست إجرائية وعلى الوزير الاستئناس برأي مستشاره، الذي غالباً ما يكون رأيه نافذاً- وفي الألوية يكون هناك مُشاور بريطاني الى جانب المتصرف للتشاور و أداء المساعدة للمتصرف لأداء المهام الإدارية في اللواء.
كان منصب وزارة الداخلية حساساً بالنسبة للإدارة البريطانية،لذلك وقع الاختيار على طالب النقيب لمزاياهُ المتعددة،فهو بنظر فريق من البريطانيين شخصية قوية،وهو أبرز من يستطيع أشغال المنصب وان وزارة الداخلية تُعد مؤسسةً فاعلةً تسدي خدمات جليلة للدولة العراقية وهي حديثة التكوين.
يظهر أنه لم يحصل توافق بين طالب النقيب وزير الداخلية ومستشاره فيلبي ،لذا قدم النقيب استقالته وسحبها بقصد الحصول على حظوة لدى الوطنيين ،ومما يشار اليه هنا ان النقيب قدم مطالب عدة الى مجلس الوزراء منها:عودة السياسيين المنفيين من الخارج ومنح الحـرية للوزراء بالعمل،وتعيين عدد من الموظفين بناءً على مقترح من وزير الداخلية وحُددت الأقسام التابعة لوزارة الداخلية كأقسام رئيسة وهي:الإدارة العامة، والشرطة، والضرائب والواردات، والزراعة، والسجون، والبلديات، والمطبوعات.
وهكذا جاءت خطوة تأسيس وزارة الداخلية بوصفها ضرورة ملحة من ضرورات تشكيل الحكم الوطني في العراق كسبب رئيس، فضلاً عن كونها مؤسسة أمنية ضرورية تستطيع الحكومة بوساطتها إدارة الشؤون الداخلية والحفاظ على الهدوء وإشاعة الاستقرار السياسي في البلاد،وتحقيق الوحدة الوطنية المتماسكة .
حاولت وزارة عبد الرحمن النقيب الأولى،إصلاح أوضاع العراق الداخلية المتردية، فقامت باستحداث وظائف خدمية وإدارية فضلاً عن طلبها بإرجاع المبعدين السياسيين في هنجام إلى وطنهم بعد إعطائهم عهوداً مكتوبة تتضمن عدم العبث أو تعكير صفو المناخ
السياسي الجديد في العراق ، قبل ان يلتئم المجلس التأسيسي الذي سيسن الدستور (القانون الاساسي ) للبلاد.
ومما يدلل على أهمية وزارة الداخلية ووزيرها،هو اقتراح برسي كوكس بجعل راتب وزير الداخلية خمسة آلاف روبية في الشهر وبقية الوزراء يتقاضون ثلاثـة آلاف روبية،بل ان مجلس الوزراء زاد ذلك المبلغ الى ستة آلاف روبيـة بتاريخ 27 شباط1921، ويروي خيري امين العمري ان معظم الوزراء لم يكونوا موافقين على مقترح طالب النقيب بداية الأمر،الا ان إصراره وثباته في موقفه اضطر الوزراء الى التراجع عن اتفاقهم وقبلوا في النهاية على راتب وزير الداخلية الذي اقترحه طالب النقيب.
اندفع طالب النقيب-وزير الداخلية- في ممارسة نشاط واسع استهدف معارضة ترشيح الأمير (فيصل) ملكاً على العراق ،ومضى رجاله وأعوانه يطوفون علـى الناس في البصرة وبغداد بمضابط تدعو الى المطالبة بتعيينه ملكاً عاماً على العراق ،وقام بنفسه بجولة واسعة في اذار 1921 زار خلالها مدن الكوت والعمارة والناصرية والديوانية والنجف والبصرة للنهوض بدعاية سياسية تجمع له الأنصار منتهزاً فرصة غياب برسي كوكس والمس بيل (Gertrude Bell) لمشاركتهم في مؤتمـــر القاهرة، واحيطت جولته تلك بمظاهر التبجيل ورافقه فيها العديــد من اعوانه وانصاره منهـــم معاون مديـــر شرطــة العاصمــة (احمــد الـراوي)، وفــــي الكــــوت قــال مخاطبــاً الحاضرين:(( إنَّ جُل مقاصد حكومتنا إسعاد العباد ورقي البلاد وإنها ساهرة على مستقبل الأمة آخذة العدة للذود عن حياضها تؤازرها في الشؤون حكومة بريطانيا العظمى وعما قريب تنشر قوانين الانتخابات وسيلتئم المؤتمر العراقي العام وكل فرد منكم حرُ في رأيه ...)).وفي طريق عودته الى بغداد عرج على الناصرية والديوانية والحلة وزار سجن المعتقلين السياسيين وطمأنهم بقرب الإفراج عنهم .
أقلقت تصرفات طالب النقيب برسي كوكس،وما زاد الطين بله،هو قيامه بتهديد السلطات البريطانية في العراق علناً،عندما أقام مأدبة للمســـــــتر برسيفال لاندن (P.Landin) احد محرري جريدة الديلي تلغراف في 16نيسان1921 حيث قال:(( اذا لم تكف السلطات البريطانية عن التدخل والسماح لنا باختيار من نريد فان لدى كل من أمير ربيعة وسالم الخيون أكثر من(20000) مسلح، كما ان السيد عبدالرحمن النقيب سوف لا يتردد من أن يبعث شاكياً الى الهند واستانبول وباريس!)). وبعد وصول الخبر الى برسي كوكس والمس بيل اتفق الاثنان على خطة أُعتقل بمقتضاها طالب النقيب ودبرت له بعد تقديم دعوة شاي وجهها اليـه برسي كوكس. وعلى أثر ذلك أُبعد عن بغداد في 16نيسان 1921.وقد جاء في البيان الذي أصدره برسي كوكس بأن أسباب الإبعاد تعود لكون طالب النقيب قد صرح بتصريحات خطيرة تهدد سلامة القوات البريطانية في العراق وتحرض على رفع السلاح ضدها من شخص يشغل منصباً مهماً وخطيراً في الحكومة العراقية وهو بذلك يكون (مقصراً)– على حد تعبير البيان – نحو سكان هذه البلاد والحكومة البريطانية.
كما حظيت وزارة الداخلية بنسبة عالية من الموظفين الوطنيين بدلاً من الأجانب ، بعد الأخذ بنظر الاعتبار سعة مهام وزارة الداخلية وتشعب مؤسساتها الوظيفية والخدمية.
حصلت تطورات رئيسة في هيكلية الوزارة وأقسامها للسنوات 1920-1924،حتى أصبحت تتكون من الهيئة العامة للإدارة المركزية العليا،المتمثلة بالديوان ويشمل المقر الوزاري(ديوان الوزارة)،والإدارة العامة التي تنقسم على قسمين هما: مديرية الإدارة العامة وتشمل الشعب والمديريات الداخلة في تشكيل الوزارة ومديرية الإدارة العموميـة التي تتكون من الدوائر المركزية في بغداد والإدارة الإقليمية والهيئات الإدارية في الألوية العراقية بضمنها لواء بغداد،اما مقر(ديوان الوزارة) فيشمل مكتب الوزير بوصفه أعلى سلطة إدارية في الوزارة ومكتب المستشار ومعاونه،وبقيت الإدارة العامة تحت هيمنة المندوب السامي البريطاني وموظفيه .
أما الإدارة العامة فتتألف من مديرية الإدارة العامة يديرها مدير عام ،ويُقدم مساعدته للوزير في إدارة الشؤون العامة،ويؤدي الأعمال حسبما تخولهُ القوانين والأنظمــــة وتوجيهات الوزير،وللمدير معاونان يساعدانه في الإشراف وإدارة شؤون مديرته والدوائر التابعة لها في بغداد والألوية العراقية الأخرى.
نَفذَتْ وزارة الداخلية الواجبات والمسؤوليات والأوامر التي صدرت عن المندوب السامي البريطاني في بداية تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة(،أو حتى بعد تسلُم وزارة الداخلية المهام الوظيفية من مجلس الوزراء، وتوسعت صلاحيات وزارة الداخلية بالإشراف العام على قوة الشرطة وجهازها من خلال بيان سنة 1920(4).كما إن مهمة الأشراف على الجنود والجندرمة أُنيطت بوزارة الداخلية ووزيرها بدلاً من الحاكم السياسي العام ،كما أصبحت وزارة الداخلية تشرف على المرور حسبما وضحه بيان السيارات لسنة 1920.
وأصبحت وزارة الداخلية مسؤولة عن تنفيذ قانون جوازات السفر (الباسبورت العراقي) الصادر في 6حزيران1923، وتنفيذ قانون الاقامة بالعراق الصادر فــــي (1923السنة نفسها، وازدادت سلطة وزارة الداخلية بإشرافها على تنفيذ قانون حماية أعضاء المجلس التأسيسي الصادر في 8 تموز1924.
ولوزارة الداخلية مهمة متابعة التجمعات والتظاهرات والاعتصام،واتخاذ التحوطات اللازمة لحماية أمن الدولة والمجتمع، والحفاظ علـى الهدوء والاستقرار السياسي الداخلي .
وأُنيطت مهمة الإشراف على السجون بوزارة الداخلية، فالوزير هو المسؤول الأول عن إدارة السجون والإصلاحيات .وتوجب على وزارة الداخلية،المحافظة على الأمن من خلال قانون منع دخول وسائل الدعايات المضرة الصادر سنة 1924 ،فتقوم الوزارة بمنع إدخال الصحف والنشرات والأفلام والصور وغيرها من الوسائل الضارة والمخلة بالأخلاق العامة، وتُعاقب المخالفين للقانون بالحبس أو الغرامة المالية وكما تقوم بمصادرة تلك المواد. لكن يبدو ان تطبيق هذا القانون كان على الرغم من حسناته– في حالة توفر النوايا الحسنة للمسؤولين عن تطبيقه – قد يؤدي الى التضييق على حرية الصحافة والنشر والفكر،من خلال منع بعض الصحف والنشريات التي لا تخدم توجهات الحكومة أو رؤسائها،وهذا ما سنلاحظه في الحقب اللاحقة من الحكم الملكي في العراق.
وأُلزِمت وزارة الداخلية،مهمة متابعة حوادث الحدود بين العراق وسوريا وايران وتركيا ونجد،وَوضِعَ تحت تصرف وزارة الداخلية ووزيرها المخصصات السرية فـــي ميزانية الشرطة لهذا الغرض،كما كان من صلاحيات وزير الداخلية ترحيل العشائر أو عزل وتنصيب رئيسها،أو تحديد إقامة الأشخاص ،وكان منصب وزارة الداخلية من أهم المناصب الوزارية واخطرها،وهذه الأهمية مبعثها ارتباط وزارة الداخلية بالعديد من الدوائر المهمة ذات المساس بحياة المواطنين،مثل الشرطة العامة والصحة العامة، ومديرية العشائر العامة ومديرية الإدارة العامة (الداخلية العامة)، كما كانت لها سلطة الإشراف على مقررات وزارة المالية الخاصة بقضايا توزيع الأراضي الأميرية او الاستيلاء عليها، او بيعها، كما كانت تحت تصرف وزير الداخلية،المخصصات السرية، كذلك المخصصات الموضوعة في ميزانية الشرطة العامة لهذا الغرض ،كما كان لوزير الداخلية سلطات الحاكم الملكي البريطاني العام، التي انتقلت الى الحكومة العراقية عند تشكيلها في 23أب1921.لذا كان لوزير الداخلية صلاحيات واسعة، مالم يكن لأي وزير أخر،لهذا السبب كان التنافس على منصب وزير الداخلية واضحاً.
ارتبطت بوزارة الداخلية مديريات أصبحت مستقلة وكان على الوزارة المشاورة مع الوزارات الأخرى بالأمور المهمة والحضور بجلسات اللجان المختلفة لكل المجالس .
قَسمَتْ الحكومة العراقية المؤقتة العراق ادارياً الى عشرة ألوية والألوية الى أقضية والأقضية الى نواحٍ،وجَعَلت على رأس كل لواء متصرف الى جانبهِ مشاور بريطاني لهُ موظفيه ودائرته المستقلة ،وتولى القائممقام إدارة القضاء،وفي الناحية مدير الناحية. وقد واجهت التشكيلات الجديدة مصاعب جمة منها : فقدان الثقة بين الموظفين البريطانيين والعراقيين ،والتداخل في المسؤوليات واختلاف دوافع العمل الإداري، فضلا ً عن طبيعة المناخ السياسي وتنامي الروح الوطنية في العراق،وبعد تتويج فيصل بن الحسين ملكاً على العراق في23آب1921،الذي عجز بداية الأمر عن إيجاد موظفين أكفاء مخلصين لممارسة العمل الإداري،ماعدا القليل ،وهذا الأمر أثر في الأوضاع الإدارية في بغداد والألوية الأخرى التي شهدت بدايات محاولات للنمو والتطور.
بلغ عدد الالوية العراقية سنة1924(13) لواء وعدد الاقضية (30) قضاءً وعدد النواحي (74) ناحيةً.وهذا الأمر يتطلب إعداداً وتهيـــئة عدد من المتصرفين والقائممقامين ومديري النواحي بقدر عدد التشكيلات الإدارية في الألوية وهذا عبء كبير تحملته وزارة الداخلية في ظروف ومناخات سياسية داخلية صعبة حيث ضرورة التئام المجلس التأسيسي والموافقة على المعاهدة العراقية-البريطانية لسنة 1922 وسن الدستور للبلاد.
ويظهر من خلال تتبع مؤسسات الوزارة المهمة كالشرطة والتفتيش الإداري،أن الوظائف الرئيسة والمهمة قد شغلها البريطانيون،بينما أعطيت الوظائف الثانوية وغير الحساسة للموظفين العراقيين،لكي تُبقي بريطانيا سيطرتها على قمة الجهاز الإداري والأمني في العراق لخدمة مصالحها الحيوية والاستراتيجية في العراق .
أما صلاحيات (ناظر المالية) فإنها أُلغيت وأُنيطت مهامها بوزارة الداخلية،وتحددت صلاحيات الوزارة من خلال إقرار قانون الأراضي (الطابو) وإعطاء صلاحيات للمتصرف
بدلاً من الحاكم السياسي ومنحت صلاحيات أخرى للقائممقام بالقضاء بدلاً من معاون الحاكم السياسي.واشتركت وزارة الداخلية بصلاحيات أخرى مهمة مع وزارة المالية، فقد اشتركت مع الوزارة المذكورة في تنفيذ قانون الأراضي الأميرية لسنة 1921. كذلك أشرفت الوزارة على تنفيذ قانون الأملاك الصادر سنة 1923 والأملاك تشمل البيوت والأراضي والقاعات والحانات والحمامـات والعلاوي والاسـواق والمصانع ..، وكل الأراضي والأماكن الداخلة في حدود البلدية .
أُعطيت لوزارة الداخلية صلاحيات إصدار الإجازات الخاصة بالمشروبات الكحولية ، ممن يعينه وزير الداخلية ووضع الشروط بالاتفاق مع وزارة المالية .ويبدو إن هذا الإجراء هو للحد من انتشار ظاهرة تعاطي المشروبات الكحولية بعد الاحتلال البريطاني وخشية آثار ذلك السلبية على المجتمع العراقي المحافظ في عاداتهِ ومبادئه الدينية مما قد يثير الرأي العام ضد الحكومة العراقية الفتية آنذاك.
وأشرفت الوزارة على محلات التصوير ونوادي التسلية ، ونفذت قانون العطل الرسمية الصادر في اذار1922،وفي الوقت نفسه أشرفت الوزارة على تطبيق قانون رسوم الملاهي لسنة 1922،الذي يشمل جميع الملاهي والمسارح ودور السينما ودور الرقص والموسيقى والألعاب وميادين السباق،وكل مجالات اللهو الأخرى،عن طريق البلديات وبالتنسيق مع وزارة المالية.وهذا الأمر يُفسر لنا محاولات النظام الملكي للانفتاح على الغرب من خلال السماح بمظاهر الحضارة الغربية ولو الظاهرية والسطحية منها هذا من جهة،ومن جهة أخرى نجد فيه حرص الحكومة العراقية لإبقاء ممارسة تلك الأعمال تحت أنظارها وأشرافها لئلا تطغي على الثقافة المحلية وتُستغل من بعض أصحاب النفوس المريضة لدس السم بالعسل.
أما فيما يتعلق بالانتخابات للمجلس التأسيسي فقد كُلفت وزارة الداخلية مهمة الإشراف والمتابعة الكاملتين لهذه الممارسة الديمقراطية،حيث قامت الوزارة بالإشراف على الدوائر الانتخابية وأقسامها، فـي ضوء ما جاء بــه قانون الانتخابات الصادر في4 اذار1922،وتكون الوزارة مسؤولة عن الإشراف على هيئة التفتيش المؤلفة من رؤساء مجالس البلدية،والائمة والقساوسة والحاخامات والمختارين وبعض من الوجوه، لمتابعة وتدقيق البطاقات الانتخابية،وبذلت وزارة الداخلية كل الطاقات لإنجاح مهمة الانتخابات كاستخدام المتصرفين والقائممقامين والبلديات والتعاون مع الوزارات والهيئات ذات العلاقة بهذا الجانب.
وتوجب على وزارة الداخلية ، تَنْفيذ قانون تشكيل الجمعيات والأحزاب الصادر فــي 2 تموز1922، حيث أشرفت الوزارة على منح الأشخاص الراغبين بتأسيس جمعيـة أو حزب إجازة بذلك ،بعدما يقدم طلباً يوضح فيه اسم الجمعية وماهيتها وأهدافها ومدى تصرفاتها بحدود القانون،كما إن على رؤساء الجمعيات والأحزاب إعلام وزارة الداخليـة عند تغيير النظام الداخلي للحزب أو الجمعية أو تعديله. وَتألَفت خلال عَهدْ الانتداب بين 25 نيسان 1920 و 3 تشرين الأول 1932 عدة أحزاب سياسية علنية مارس بعضها العمل الحزبي فعلاً،واكتفى الأخر بالحصول على إجازة التأسيس من دون ممارسة العمـــل وكانت كلها تهدف الى استقلال العراق ووحدته وإدخاله في عصبة الأمم، وكان أبرز هذه الأحزاب هي: الحزب الوطني العراقي وجمعية النهضة العراقية اللذين أنهى عملهما المندوب السامي البريطاني في العراق،كذلك أحزاب الأمة والحر العراقي وحزب التقدم وحزب الشعب وحزب الجمعية الوطنية وحزب العهد وحزب الاخاء الوطني .... وقد انتهت معظم هذه الأحزاب بنهاية الانتداب أو بسقوط الحكومة التي كانت تساندها هذه الأحزاب.
أُلقي على عاتق وزارة الداخلية مهمة تنفيذ قانون العقوبات على أفراد الجيش العراقي الصادر في 27تموز 1922 فيما يخص محكوميته في السجن المدني وبالتعاون مع وزارة الدفاع. فضلاً عن إنها اشتركت بتنفيذ قانون صيانة الطرق العامة الصادر فـي 14كانون الاول1922. يضاف الى ذلك شؤونها التي تحددت في إدارة الدوائر الأمنية والخدمية التي ارتبطت بالوزارة كدائرة الشرطة والصحة والبلديات.
توسعت مسؤوليات وزارة الداخلية من خلال إصدار مجموعة من القوانين والأنظمة الإدارية والقانونية منها: نظام التفتيش الإداري الصادر في31 كانون الثاني1923 الذي ألغى وظائف المشاورين البريطانيين ومعاونيهم بالألوية ، لتباشر أعمالها المفتشية الإدارية العامة،وتحددت وظائف المفتشين بالتفتيش ورفع التقارير عن جميع الأمور المتعلقة بالأمن العام ،وتنفيذ القوانين،ومعرفة أسباب الجرائم واقتراحاتهم بشأنها، وتوزيع الشرطة وضبطها واستخدامهم بالأمور الخارجة عن وظائفهم كالعشائر واستيطانهم وحسم منازعاتهم حسب قانون أصول دعاوي العشائر،والتدقيق في عاداتهم وأطوار مشايخهم ومتابعة السجون و إدارتهــا و أعمال المجالس الإدارية ومقرراتها،وسجلات إحصاء النفوس، واحتياجات الري ..،ولهم الحق في وضع الإصلاحات الإدارية لتحسين الحالة الإدارية وتوطيد الأمن،وتفتيش الدوائر المالية وخزائن الأموال العموميـة والأميرية ، وتخمين الواردات،والجباية والرسوم ..،ورفع التقارير الى وزارة الداخلية مع
تفتيش دوائر الدولة،والبلديات عدا المحاكم الجزائية والحقوقية والشرعية الدينية.وهذا هامش بسيط يدل على استقلالية المحاكم جزئياً عن السلطات التنفيذية ،أما سائر دوائر الدولة فهي تحت الإشراف المركزي والمباشر من لدن وزارة الداخلية ومؤسساتها ولاسيّما دائرة التفتيش الإداري ذات الصلاحيات
الواسعة .