قابلت تيتو وعبد الناصر والبرخت وديجول وخاطبتهم بلهجة عراقية صميمة!

قابلت تيتو وعبد الناصر والبرخت وديجول وخاطبتهم بلهجة عراقية صميمة!

لقاء اجراه:
ابراهيم القيسي
عام 1983
ساعة باب المعظم تقترب من الساعة الواحدة بعد الظهر، والحشد الهائل من الجماهير الثائرة ما زال يتدفق، يحتل مكانه في قلب الساحة، وعلى شرفات (مصلحة نقل الركاب) و(قاعة الشعب) والمقاهي التي كانت تحيط بمطقة باب المعظم، والوثبة الشعبية الباسلة تدق اجراسها الضخمة بشكل متواصل لتهز الحكم من تحت الطغاة، ولترتفع بمواكب الكفاح المستبسل الى المزيد من التضحيات والشهداء.

في تلك الساعة من ايام الوثبة المجيدة من عام 1948 وكنا نتقدم نحو ذلك التجمع الوطني الثائر، رأيت شابا نحيلا محمولا على اعناق الشباب تحت الساعة التاريخية هناك تبرز منه بوضوح سبابته المرتكزة بصلابة على تجمع اصابعه الاخرى ، تتلوى وتدور حول نفسها، ثم تستقر لتنهض من جديد.
كان يبدو ان ذلك الشاب يخطب، اول الامر، إلا انني ادركت بانه يلقي شيئا من الشعر حينما صرخت الحناجر باعلى صوبا: «اعد.. اعد، هنا تبدد كل شيء غامض واصبحت الصورة اكثر وضوحا كلما اقتربنا نحو قاعدة الساعة، عرفت انذاك من المرحوم الشاعر الوطني محمود الحبوبي، ان الشاب المحمول هو لشاعر الذي قرانا له كثيرا، بدر شاكر السياب، هذه اللوحة ذات الاطار الثوري الدفاق والاخلاص لمتطلعات الشعب ومطامحه، ما زالت هي المنطلق الواقعي لمعرفتي بالسياب، والتي لم يكن لها ان تبدأ الا عام 1952 في لقاء شعري لاينسى..).
وعندما ينتهي اي واحد من طالعة هذا المقطع الذي استهل به الاستاذ الاديب خالص عزمي كتيبه الموسوم (صفحات مطوية من ادب السياب) المطبوع عام 1971 لابدان يسائله:
* هل انت (سياسي)؟
وهذا ما وقع لنا فعلا معه، فقد سألناه ونحن نحاوره في قضايا الفكر والادب والشعر والتراث (ووجدنا ذلك الكتيب في صدر مكتبته) فاجاب:
- السياب قبل ان يكون صديقي، ظاهرة شعرية فريدة من نوعها، قد لا تتكرر، لمعت كشهاب خاطف في افقنا الادبي، في ظروف غير اعتيادية، ومر سريعا وتلاشى، إلا ان اثاره الادبية – التي تربو على العشرة – ستظل نبراسا لايدركه الانطفاء ولا الاختفاء، وشأني شأن غيري فانا احتفظ بدواوينه وكتبه، والاحق ما ينشر عنه هنا وهناك، والسياب دخل مدارسنا كمادة تدرس بشكل محدود ضمن ادباء وشعراء العراق والعرب الكبار.
* بم يمكن تلخيص طريقة السياب الشعرية التي ابتدعها؟
- لقد توضحت حقيقة هذا الشاعر، والتي كات مجهولة للكثيرين، وانا احدهم، في الامسية الشعرية التي اقامتها مجلتنا (الاسبوع) في 21-10-1952و التي شاركه فيها الشاعر عبد القادر رشيد الناصري وصالح الطعمة:
لقد حدد السياب موقفه من القضايا الشعرية التي كانت موضع مناقشة ادباء الطليعة في الخمسينات – وما تزال – فهو يرى ان لابد للشاعر من خيال يجوب الافاق، ويستلهم الصور الحسية او المرئية، ويطوف عوالم النفس الانسانية، لكي يعطي الشعر الوانا جديدة، ولابد من دراسة الشعر القديم، الى جانب الحديث، العربي والاجنبي، للافادة من ثروته اللغوية ومعانيه المبتكرة واخيلته واوزانه ونبذ ما لايتلاءم وروح العصر.
وبالنسبة للاوزان الشعرية فان السياب كان يؤمن بان لابد من وجود وزن في الشعر، واعتبر تجاهل الوزن واهماله كليا امتهانا لوظيفة الشعر واسلوبه، وخروجا على ابرز مميزاته، ومبدؤه في الشعر الحر هو عبور التعقيد الى التبسيط بهدف ايضاح الفكرة، اي ان الشاعر حين يتحرر من القافية الواحدة، والوزن الواحد انما يبقي ايصال فكرته الى الجماهير بيسر ووضوح، وعلى هذا فان الشعر الحر – بنظرة – وسيلة تسهل مهمة الشاعر.
* وانت .. ماذا تقول في هذه الظاهرة؟
- المهم في الشعر، حسن الصياغة، وضوح القصد جزالة العبارة وموسيقيتها، والنفوس الشاعرة بطبيعتها تنفر من الغموض، ومن التعقيد والكلام السقيم السخيف الذي يخرج على المنطق والمألوف، ولا تأنس الا للمعنى البديع الرفيع.
ان الحديث مع الاديب المحامي خالص عزمي يتسم بالطلاوة والحلاوة، ويحفل بالصور والحكايات الثرية بالمعاني العميقة، ويتخذ له جوانب متعددة، ذلك ان مواهبه وطاقاته الفكرية تجعل من حديث التراث والذكريات والادب والشعر وافنون، خصبا وطريفا، لانه لم يترك بابا من تلك الابواب الا وطرقه بكل صدق مع نفسه وشغفه بكل الوان المعرفة والثقافة، فهو جزل الاسلوب، مشرق الديباجة، بارع في المقالة والترجمة والنقد والشعر، وهو كاتب صحافة من طراز متفرد تحرك قلمه في صحفنا العراقية والعربية، وله اصدارات مهمة كمجلة الاسبوع والميزان و(بغداد نيوز) و(بغداد اوبزرفر) علاوة على مشاريعه القانونية وارائه الفقهية، وصوته المسموع في المؤتمرات الادبية، ومشاريعه الاذاعية والتلفزيونية التي قدمها.
* قلنا له ونحن نتطلع الى مكتبته العامرة التي تحيط بها الصور ولوحات الفنانين: كيف كانت بداية الاشواط الاولى؟
- فتحت عيني على مكتبة ضخمة اخرى غير هذه تضم مجموعة من كتب التاريخ والسير والمخططات ودواوين الشعر، لها ركن واسع في بيتنا في الكرخ محلة (جامع عطا)، جمع فيها المرحوم والدي، النوادر من عيون وامهات الكتب الاساسية، كانت هذه المكتبة وصوته العذب وهو يترنم بالشعر، او يقرأ فصلا من كتاب، هي البوادر الاولى التي حركت في نفسي حب الادب، ومن ثم ادركتني حرفته، كان لاساتذتي الاوائل فضل توجيهي وتعليمي وهم والدي والاساتذة محمد ناجي القشطيني وعارف الوسواسي ومحمد الفتيان (في الكرخ) وحمدي علي (في كربلاء) وذنون الشباب (في الموصل) الذي شجعني ايضا على الكتابة في الصحف، ثم الاستاذ حسين علي الاعظمي (في كلية الحقوق).
* قبل اشهر قليلة راجع ادارة جريدة العراق من طلب اعدادا قيدمة منها كانت قد نشرت دراسة عن المرحوم عبد القادر رشيد الناصري، وقال انه بصدد اداد رسالة للماجستير عن هذا الشاعر الذي رحل هو الاخر عنا كالسياب مبكرا، وكان يلقب (بودلير العراق) فهل لديكم ما يلقي ضوءا على هذه المحاولة المحدودة؟
- انها فعلا محاولة جريئة ومحمودة، الا ان تفصيلاتها لم تكتمل لدي بعد..
* كيف بدأت تجربتكم الصحفية؟
- ظهر لي (اول مقالة) بعنوان (مولد النور) عن الرسول الاعظم محمد (ص) في الصحيفة الجدارية لمتوسط كربلاء، اما اول مقال في صحيفة محلية فكان في جريدة (النفير)، ويومها كنت في الاعدادية وعنوانها (قشور ولباب)، ثم تبعتها مقالات وتعليقات وردود وبغض القصائد الشعرية، في الصحف والمجلات العراقية الاخرى وبمرور الايام ونضوج التجربة، صرت اكتب في معظم الدوريات المحلية والعربية وفي جميع الوان الادب والفنون.
* وفي المجال القانوني، ما هي ابرز اسهاماتكم؟
- اسهمت في المجال القانوني سواء في العمل الوظيفي، او في المؤتمرات القانونية والاجتماعات المهنية داخل القطر وخارجه، في ركني التشريع والفقه القانوني وملفات وزارة الثقافة والاعلام، ومجلس شورى الدولة فيها الكثير من تلك الاعمال.
* منها ؟
- مثلا: مشروع قانون نقابة المعلمين ، ومشروع قانون ممارسة العمل الصحفي، ومشروع قانون مكافحة الامية، ونظام وزارة الاعلام، ونظام رياض الاطفال.. الخ.. واخر الاعمال القانونية هو اسهامي في لجنة تقييم القوانين العقابية المنبثقة عن نقابة المحامين.
* وماذا عن المؤتمرات والمهرجانات الادبية؟
- اول مؤتمر شاركت فيه هو مؤتمر المحامين العرب عام 1956، والذي لم يستطيع اغلب المحامين العراقيين من حضوره انذاك بسبب منع السلطات لهم، وكان من حسن حظي اني كنت في لبنان، فشخصت من هناك الى القاهرة وحضرت المؤتمر والقى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خطابا مهما عند افتتاحه.
ومن المهرجانات الادبية، مهرجان المربد وابي تمام والواسطي والسياب والفراهيدي ومؤتمر الوثائقيين العرب واول مؤتمر للتشكيليين العرب في بغداد ومؤتمر ابي الطيب المتنبي، ومهرجان الشعر في الكوفة.. ومهرجان الشعر التاسع في بغداد، واغلب اخواني الادباء والشعراء على امتداد الوطن العربي يذكرون الجهود المتواضعة التي كنت ابذلها من اجل انجاح تلك المؤتمرات.
* كانت لكم لقاءات مع شخصيات عالمية عربية واجنبية!
- نعم، اتيحت لي فرص عديدة للالتقاء بشخصيات سياسية وقيادية على مستوى رؤساء دول ، وكانت انتهز هذه الفرص فاعرب عما في نفسي عن بلادي امام هؤلاء وكان غيري يحجم او يتردد او يجامل في يذكر وطنه بشيء في تلك المناسبات المتاحة، فمن الرؤساء الذين قابلتهم: الرئيس عبد الناصر، ديجول، والبرخت وتيتو.
* ومن الشخصيات الادبية؟
- كلهم تقريبا، وكانت لي مواقف معروفة ومناقشات طويلة مع كل اديب عربي التقيت به، منهم على سبيل المثال: ميخائيل نعيمة، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ الاخطل الصغير، بدوي الجبل، غادة السمان، امين نخلة البير اديب، نزار قباني، وغيرهم.
* ماذا افدتم من زياراتكم لبعض الاقطار العربية والبلدان الاجنبية؟
- كنت احرص ان انقل الصور الحسنة عن العراق لكل قطر او بلد ازوره على النطاق الرسمي او الشخصي، وكنت ابحث في كل مدينة ازورها عن ثلاثة معالم اساسية المتحف الوطني للاثار او الفنون، المكتبة العامة، المسرح وكنت ادون ملاحظاتي عما ارى والمس واكتشف، واحتفظ بجميع البرامج والصور والمطبوعات والشرائح التي احصل عليها، وفي مكتبتي الان اكثر من (250) برنامج لمسرحيات عالمية شاهدتها، والاف الصور لمعالم زرتها.
* ما هي اشهر المسارح التي زرتها في الخارج؟
- زرت مسرح (سترادفور او ايفن) في لندن وشاهدت (ماكبث) لشكسبير من تقديم الفنان العظيم لورنس اوليفييه وشاهدت مسرحية (الاسود) لجان جينيه على مسرح (رويال كورت) و(سيدتي الجميلة) من تقديم ريكس هاريسون، ومسرحيات كثيرة اخرى، وفي القاهرة شاهدت جميع مسرحيات الفنانين الراحلين يوسف وهبي والريحاني، وكذلك مسرحيات نعمان عاشور، وحين حضرت فرقة رمسيس الى بغداد، شاهدت جميع المسرحيات التي قدمتها: راسبوتين، المائدة الخضراء، كرسي الاعتراف ، وغيرها.
* انتاجكم الادبي عموما، كيف تقيمونه.
- التقييم يترك للقراء، فهم المرحلة النهائية المتممة لكل عمل ادبي، ولولاهم لما كان هناك ادب ولا شعر ولا قصة ولامقال.. اما اقرب اعمالي الى نفسي فهي.
- فيالفكر الفلسفي التحليلي: هندسة الفكر العربية نشرت في مجلة البناء الحضاري، وفي البرامج التلفزيونية (نوابغ الفكر في العراق) الذي قدمنا من خلاله بشكل تمثيلي مبتكر، شخصيات عراقية مرموقة في محيطنا السياسي والاجتماعي والادبي امثال: فهمي المدرس، ابراهيم صالح شكر، الرصافي، الزهاوي، باقر الشبيبي، الملا عبود الكرخي، احمد عزة الاعظمي، وغيرهم، وكنت ابذل جهودا استثنائية – كما يقولون – عند اعداد وتقديم كل حلقة من حلقات ذلك البرنامج.
وفي النقد الادبي: الاب العراقي – نشر في مجلة العالم العربي القاهرية – ولنا الكثير الكثير في نقد الشعر والترجمة والعلوم الحديثة والصحافة والاعلام والمقابلات والمشاهدات، والكلام يتشعب ويطول، وخيره ما قل ودل.
* الان نسمع شيئا من شعرك؟!
- اذا كان لابد مما ليس منه بد (كما يقولون ايضا) فهذا مقطع من قصيدة (العودة الجميلة).
كم تاهلت في زمان تقضي
كان اصباحه ابتسامة زهر
جاء مخضله وريقا نديا
باسم الثغر ناشرا ضوع عطر
هو نضح الربيع ضمخ جنبيه
شباب الرؤى بافنان سحر
زفه الهائمون انفاس عهد
هو والحادثات ايام عمري
ياصداها – يرن انا عويلا
او ضحوكا في قلب كا مسر
اما اخر نتاجي، فقصيدة احاول ان استعيد بها بعض قدراتي الشعرية التي غطت عليها الحياة اليومية، وهي عن ابن عمي الشهيد محمد علي الكبيسي، اقول في مطلعها:
غسلت منارة العباس امس
باشرف ساجم ورهيف حسي
وطفت مقبلا باب العطايا
اريح النفس من هم وياسي
واجمع ما تناثر من فؤادي
واحصد بيدري من بعد غرسي
واطبقت الجفون على عيون
ورحت بغفوة منزوع قوس
فهل خياله عتبا رقيقا؟
سهيد البأس لايبكي بعرس؟
فشدوا العزم فالايمان اقوى
واني والفدا انوار شمسي
* بمناسبة الشعر، بماذا توحي به اليك هذه الابيات؟
ايها الفيلسوف قد عشت مضنى
مثل ميت، وحدث بالموت حيا
- هل هو امتحان، ام ماذا؟
* اختبار لقوة الحافظة حسب!
- المخاطب هنا قطعا ليس المعري.. (وراح يفكر ويشحذ الذاكرة).
* نزيدك مها:
ما حياة العظيم الا خلودا
بعد موت بكون للجسم طيا
سوف يبقى على الورى لك ذكر
ناطق بالبقاء لم يخش شيا
- حسبك.. هذه الابيات للرصافي، يرصي بها خصمه الحميم الزهاوي، ويزيد عليها (وراح يقرأ ببطء وتلكؤ):
انت هرد في الفضل حيا وميتا
حزت في الحالتين قدرا عليا
سوف ابكي عليك شجوا واني
بك قد كنت في الحياة شجيا
* لقد وفقت – وتقولها باعجاب – انت وذاكرتك في الاختبار.
- رحم الله شاعرينا العظيمين، جمعتهما صداقة متينة عمادها الشعر ومجلس المبعوثان، ثم دب خلاف بينهما، روجه الساعون بالتميمة، تصور: عاد مرة الرصافي الى بغداد، فانشد الزهاوي مرحبا به في حفل كبير:
ارى فلقا يمحو الدجى ثم لا ادري
امطلع فجر ذاك ام مطلع الشعر؟
وبعكس هذا: قال الرصافي في الزهاوي حين عاد من القاهرة، في حفل ترحيبي ايضا:
ارى بغداد من بعد اغبرار
زهت بقدوم شاعرها الزهاوي
فهل يتوقع احد بعد هذا التالف والتحابب، ان ينشب خلاف بين شاعرين لكل واحد منهما دولة وصولة؟ وقد استطاع المرحوم محمود صبحي الدفتري بعد مفاوضات طويلة من احلال الصلح بينهما في حفل كبير اقامه بداره عام 1928، الا ان النفوس – على ما بدا – بقيت منطوية على بقية من (زعل)!
* اخيرا.. ماذا تقول في التراث؟
- امة بلا تراث لا تستطيع ان تتبين طريق نهضتها وتقدمها، التراث هوية ووثيقة وشهادة اثبات، وتراثنا العربي الاسلامي، الفكري والحضاري ضخم ويملأ ربوع الدنيا، المكتوب منه والشاخص، يحمل روح التجدد والتحدي ويؤكد اصالة امتنا وعظمتها واقتدارها، فرغم الكوارث التي تعرضت لها عبر عصورها الماضية، فان ها التراث بقي حيا شامخا، يلهم الاجيال تلو الاجيال، العزم والاباء والقوة والمضاء، وهو اليوم يدفعنا لنعيد باصرار بناء مجد امتنا الخالدة، وما هذه الحرب المفروضة علينا من اوشال الاكاسرة الحمقى، الا مثل لحقد دفين لاعداء الحضارة العربية الاسلامية التي يقف لها التاريخ بكل اجلال وتعظيم.

محلة (جامع عطا)
جاء اسم محلة (جامع عطا) في الكرخ القديمة نسبة الى الجامع الشهير القائم على الجانب الايسر منها، ويذكر صاحب (لب الالباب) في الجزء الثاني: ان صاحب الجامع من ذوي الثراء واوقف عليه واقافا كثيرة، ومن ابنائه العلامة المرحوم يوسف العطا المحدث الشهير ومفتي بغداد الاسبق.
بحد المحلة من الشرق، محلة جامع الشيخ صندل، ومن الغرب محلة الست نفيسة، ومن الشمال محلة السوق الجديد، ومن الجنوب محلة المشاهدة، واكثر سكانها من التجار والكسبة وذوي الحرف والموظفين الصغار، وبعضهم ممن يعد من كبارهم على ايامهم، منهم المرحوم السيد هاشم العلوي شقيق المرحوم الصحفي السيد قاسم العلوي، والمرحوم عبد اللطيف المدلل الذي شغل منصب امين العاصمة في الثلاثينيات، ومنهم المرحوم الحاج عبد اللطيف العلوي عم المرحومين قاسم وهاشم ومدير الميتم الاسلامي، وكان بيته مقابل الجامع، ومن العوائل التي سكنت هذه المحلة، ال السويدي وال المدلل وال القشطيني وال الفارس الجبوري، اضافة الى عوائل كثيرة من ابناء العربية السعودية، وبعض البيوتات من قضاء عنه، وكان احد ازقتها خاصا بالعانين يقع في شمال المحلة، منهم اسرة المرحوم خليل عزمي.
اشتهرت المحلة بكثرة المقاهي اشهرها مقهى (عكيل) ومقهى النجفي ومقهى ياسين ومقه الكيتاوي الخاصة بهواة الطيور.
وجامع عطا متوسط المساحة، تقام فيه الاوقات الخمسة وصلاة العبدين، واشتههر منها خطباء الجمعة فيه المرحوم الشيخ عبد القادر الامام والشيخ السيد عيسى السامرائي والمرحوم الشيح عبد الوهاب الخضار الذي اشتهر بالخطب وعين في العهد العثماني مفتيا في كربلاء وسكن هناك، ومن لاحياء الشيخ جلال الحنفي الذي كان خطيبا للجمعة فيه عام 1941 – امد الله في عمره-
محمود العيطة

من البطاقة الشخصية
* والدي المرحوم خليل عزمي والرافدين ونوط الشجاعة، كان اديبا وشاعرا ومفكرا واستاذا للغة العربية، وكان سكرتيرا لثورة العشرين والقى قصيدته المشهورة حينما رفع اول علم عراقي لحكومة الثوار وخاطبه في الاجتماع الحاشد في كربلاء قائلا:
بشراك يا كربلا قومي انظري العلما
على ربوعك خفاقا ومبتسما
وكفكفي دمعك الهطال ابتهجي
فان بنو بني قحطان قد حكما
الخ... الخ...
* اما مؤلفاته فهي:
1. دلال (قصة) 1928.
2. الله والروح – 1941.
3. تاريخ بني اسرائيل القديم – 1947.
4. السراج الوهاج في اعجاز القرآن – 1952.
توفى الى رحمة الله عام 1956
* خالص خليل عزمي بن الحاج محمد الابراهيم.
* مواليد بغداد – الكرخ محلة (جامع عطا) عام 1930.
* ليسانس قانون.. دبلوم صحافة.. دراسات عليا في جامعة لندن (كنجز كولج) للدبلوم العالي في القانون.. دورات في دراسة اللغات الالمانية والانكليزية.
* اشغل وظائف عديدة اخرها مدير عام في وزارة الاعلام ثم مدون قانوني في وزارة العدل، يمارس حاليا المحاماة.
* هوايته مراجعة الابحاث القانونية والدراسات الفقهية الحديثة والادب والشعر والصحافة والموسيقى والمسرح.
* متزوج وله ابنتان: شيرين في قسم الوثائق معهد الادارة، ياسمين في اعدادية التجارة.
جريدة الاتحاد 1983