جاسم العبودي و حرفة التمثيل

جاسم العبودي و حرفة التمثيل

سامي عبد الحميد

اعترف بأنني احد تلامذة العبودي ودرست على يديه فن المسرح في معهد الفنون الجميلة ولكنني اعترف أكثر بأننا جميعا قصرنا في حق هذا الرجل الذي كان مجددا في مجال الإخراج والتمثيل المسرحي، عند دخولي معهد الفنون الجميلة مع صديقي الفنان الكبير يوسف العاني كان الأستاذ الراحل حقي الشبلي هو مدير قسم التمثيل في المعهد،

وكان الشبلي يقدم لطلبته قوالب جاهزة عن التمثيل وهذه الطريقة انتقلت إلى أساتذة آخرين لم نتعلم منهم شيئا جديدا عن حرفة المسرح.. ولكن عندما جاء جاسم العبودي من أمريكا قدم طريقة للطلبة وأنا منهم، كانت طريقة جديدة لفن التمثيل وهي طريقة ستانسلافسكي والتي أصبحت فيما بعد تدرس في جميع معاهد فن التمثيل في العالم، وتعتمد هذه الطريقة او النظرية على ما يسمى بالواقعية النفسية أي أن الحياة الداخلية للممثل هي التي تنعكس على المظهر الخارجي له.

أن هذه الطريقة لإعداد الممثل وبناء شخصيته الدرامية طريقة جديدة لم نعرفها نحن من قبل الذين درسنا على طريقة حقي الشبلي التي تهتم بالمظهر الخارجي ولهذا انبهرنا بالعبودي الذي صمم أن يقدم طريقة ستانسلافسكي على احد تجاربه المسرحية فاستضافته فرقة المسرح الفن الحديث ليقدم مسرحية ماكو شغل للفنان يوسف العاني وهي أول مسرحية تخرج ضمن مفاهيم واقعية ستانسلافسكي.

أن "مسرحية (الحقيقة ماتت) كانت أول عمل مسرحي يخرجه لطلبة معهد الفنون الجميلة والتي ألفها كاتب فرنسي، وكنت أنا احد الممثلين الرئيسين فيها، والتي استخدم فيها العبودي ولأول مرة المنظر المسرحي الواقعي للأبعاد الثلاثية في المسرح العراقي، والذي لم يكن معظم المسرحيين يعرفون عن هذا المنظر شيئا.

للأسف لم يكتب العبودي تجربته المسرحية ولم يقدم لنا دراسات أو ترجمات عن طريقة ستانسلافسكي فقد كان مهتما بالدرس المسرحي وأيضاً بتقديم أعمال مسرحية شكلت حضورا مهما على خشبة مسرحنا العراقي، إن العبودي لم يحظ بالعناية والدراسة وأيضاً عانى في أيامه الأخيرة من إهمال السلطة له مما اضطره للهجرة إلى أميركا التي توفي فيها في بداية التسعينيات ليغلق الستار على مرحلة مهمة وثرية من تاريخ الفن في العراق.

· من ارشيف الراحل سامي عبد الحميد عموده الاسبوغي في صحيفة المدى