شوقي جلال: شيخ الترجمة العلمية

شوقي جلال: شيخ الترجمة العلمية

د. محمود محمد علي

ترجع معرفتي بالأستاذ شوقي جلال إلي منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت أكتب أول كتاب لي بعد حصولي علي درجة الدكتوراه عام 1995، وكان هذا الكتاب بعنوان " الأصول الشرقية للعلم اليوناني"، وبدأت أجمع المادة للعلمية للكتاب، فوقعت علي كتاب "جورج جيمس" بعنوان " التراث المسروق: الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقة"، والكتاب ترجمه عن الانجليزية شوقي جلال،

وقد أعجبتني مقدمته لترجمة الكتاب، وطلبت من صديقي الدكتور حسن طلب (والذي كان زميلاً لي بقسم الفلسفة بكلية الآداب – جامعة حلوان – قبل أن أنتقل إلي جامعة أسيوط بعد ذلك) الحصول علي رقم تليفون الأستاذ شوقي جلال، وبالفعل اتصلت به وتعرفت عليه، وبدأت علاقتي به حتي الآن فلا أتخلف عن أي مناسبة إلا وأتصل به: إما لأسأل عنه أو أستفسر عن أمر ما في قضايا العلم والثقافة كان حديث شوقي جلال ممتعاً ومشوقاً، وكنت منبهراً به ومتيماً بفكره، خاصة بترجماته العلمية الرصينة، كان دائماَ يقول لي أن الترجمة عملية لا تقتصر على النقل اللغوي للجُمل والعبارات ومعاني الكلمات فحسب، بل تمتد لتشمل البعد الثقافي أيضًا، فالمترجم هو كاتب، أي أن عمله هو صَوْغ الأفكار في كلماتٍ موجهةٍ إلى قارئ. والفارق بينه وبين الكاتب الأصيل هو أن الأفكار التي يصوغها ليست أفكاره، بل أفكار سواه، لذا على المترجم قبل أن يشرع في ترجمة النص، عليه أن يراعي جيدًا الأبعاد والبيئة الثقافية التي وُلِد فيها هذا النص، والقارئ المتلقي له، ليُخَاطبه ليس بلغته فحسب، بل بثقافته أيضًا التي قد تشبه ثقافة المترجم، وقد تختلف عنها تمام الاختلاف، وكان يبرز لي كثيراً من الأمثلة، ولعلّ من أبرزها مثلًا، ما ذكره العالم اللغوي البارز "ابن خالويه" أن للأسد في اللغة العربية زهاء الخمسمائة اسمًا، في حين أنه يترجم في الإنجليزية باسم واحد وهو Lion.

والأستاذ شوقي جلال من مواليد منطقة الإمام الشافعي بالقاهرة (بجمهورية مصر العربية)، حيث ولد في 30 أكتوبر 1931 في أسرة مصرية ممتدة من 17 أخ وأخت غيب الموت منهم خمسة، تمتع والده وكان عامل فني بسلاح المهمات بالجيش المصري، وصاحب ورشة في حي الخليفة، بأفق واسع وشغف بالقراءة والعلم والموسيقي ملأ بهم أركان بيته.. وعقل صغيره شوقي. ضم البيت كتب ومجلات مصرية ذخرت بما لذا وطاب من الأفكار والرؤي، واحتضنت حجرات البيت أصدقاء الأب من مسلمين، ومسيحيين، ويهود يجمعهم الود والمحبة في محيط عائلي مصري لم يعرف التعصب الديني.

لقد عرف شوقي جلال من والده قيم التسامح والمحبة والتلاقح الإنساني مع الآخر، حيث عاش أبوه مبادئ وقيم ثورة 1919؛ حيث كان أبوه يعيش نتاج الثورة الوطنية التي عاشتها مصر ابتداء من رفاعة الطهطاوي؛ حيث يقول عن نفسه:" ثم بعد ذلك تمكنت في العشرينات وكنا لا نجد أي حساسية بينا وبين الأقباط، أو اليهود الذين يعشون بيننا في تلك الحقبة".

وفتحت حوارات الأب مع الصغير شبابيك التفكير والتساؤل، فكان جلال الأب أول من ذكر لشوقي كلمة التطور واسم داروين، وفي بساطة مفردات الصغير، استمع شوقي جلال لحديث أبيه وأصدقاءه حول السياسة في مصر والعالم وإن غاب عنه مفهوم الاشتغال بها.

وفي المرحلة الثانوية حلت رحابة عوالم الكتب محل حوارات الأب والصغير فبحثت عينا شوقي الشاب عن مرفأها في كل الاتجاهات: القرآن والعهدين الجديد والقديم والرد علي الدهريين ورسالة التوحيد لمحمد عبده، وفكر ومنهج الأفغاني، والشعر الصوفي، وترجمات للأدب الهندي وسادهانا طاغور، وأحاطت به وجيله مجلات: الرسالة، والثقافة، والكاتب، والمقتطف، والفصول، والبعبوكة.

ومع عودة أعضاء حزب الوفد للحكم خرج شوقي جلال بعد عامين من السجن، إذ أضحي يحدوه الأمل في الالتحاق بالجامعة، وبالفعل التحق بها عام 1951 -1952، حيث التحق بكلية الآداب – قسم الفلسفة وعلم النفس، بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)، وفي هذا القسم مارس الطالب شوقي جلال حياة الفكر الحر؛ فقرأ عن البوذية وبوذا واستهوته النيرفانا والتوحد مع الكون، ونهل من كونفوشيوس وعقلانيته، ورأي في نظرية التطور منهجاً في التفكير، وفي الماركسية إطاراً خاصاً لتفسير ظواهر الحياة الاجتماعية وفتح له الفيلسوف الهندي رادا كراشنان وفلسفات الغرب " أبواب العبادة جميعها علي مصراعيها.

وبدأ حلم الكتابة الذي داعب مخيلته يترائي له جلياً، وفي 1953 نشر أول كتاباته عن مذكرات تشارلز داروين في سلسلة " كتابي" التي يصدرها حلمي مراد، وفي عام 1954 لاح شبح الإخوان المسلمين مرة أخري، وتم القبض مرة أخرى علي شوقي جلال في سجن العامرية بضعة شهور تبعتهم سنتان بالسجن الحربي. وفي السجن أعجب شوقي جلال بالراحل المناضل الشيوعي صلاح حسين كفاحه في كمشيش. وحفرت زياراته لكمشيش بعد الخروج هيروغليفية " الذهب الخالص": " الإنسان المصري الصلب المتسامح الواعي "، وبعد التخرج من الجامعة في 1956 عمل شوقي مدرساً للفلسفة وعلم النفس في معهد المعلمين بشبين الكوم، وبدأت رحلة دراساته العليا بالسنة التحضيرية في جامعة القاهرة في حضرة أساتذة، مثل زكي نجيب محمود ويوسف مراد.

بعد تجارب شوقي جلال المتنوعة في الحياة سلك منهج التنوير سبيلاً لمجتمعه ظناناً منه أن هذا النهج سيخرج مصر من أزماتها المتلاحقة، وهناك مقاله لسمير مرقص (نشرت بجريدة المصري اليوم في يوم الثلاثاء- 25- 7- 2017) وكان عنوانها شوقي جلال: المثقف الموسوعي، حيث يشبه الأستاذ شوقي جلال بالتنويريين الفرنسيين، واسمحوا لي أقتطف جزءً منها حيث يقول سمير مرقص إن: المثقف الموسوعي هو الوصف الذى يمكن أن نطلقه على مبدع مصري معاصر هو الأستاذ شوقي جلال. والموسوعية (الإنسيكلوبيدية) هى تعبير أطلق على جماعة من المثقفين الفرنسيين من: فلاسفة وعلماء القرن الـ 18 الذين انكبوا على وضع مرجع علمي شامل في مختلف العلوم والفنون والآداب. وكان هدفهم من وضع هذه الموسوعة- بحسب لويس عوض- "هو إشاعة التنوير بوجه عام وتصفية معارف معاصريهم من الخزعبلات…، وتدريب الناس على المنهج العلمي والعقلي في التفكير والمعرفة". وكان نجمها البارز "ديدرو" (1713- 1784).

ويستطرد مرقص فيقول:" ديدرو وموسوعته، هو ما ألح علىّ عندما نويت أن أكتب عن " شوقي جلال"، فالمراجع لحصيلة كتاباته المؤلفة والمترجمة، ما يقرب من 25 عملاً مؤلفاً و50 ترجمة، سوف يلحظ كيف تعددت وتنوعت اجتهادات شوقي جلال؛ كذلك مواكبته لجديد أفكار الحقول المعرفية المختلفة: الفلسفة، والحضارة، والتنمية، والسياسة، والفكر وفلسفته وقضاياه المعاصرة، والثقافة، العلم فلسفته وتاريخه وثوراته، الجغرافيا السياسية، وعلم الاجتماع، والمستقبليات، والعولمة،… إلخ. ما يؤهله للفوز بلقب "المثقف الموسوعي"، أخذاً في الاعتبار أن ما أنجزه كان من المفترض أن تقوم به مؤسسات في إطار جماعي، إلا أنه تصدى وحده بوعى تام لبناء صرح معرفي: تأليفا وترجمة، لكى ينهل منها العقل المصري والعربي في شتى المجالات…أي أنه سار بأمانة على درب جدنا "الطهطاوي" رائد النهضة المصرية الحديثة.

وهنا نسأل لماذا الكاتب سمير مرقص شبه شوقي جلال بالتنويريين الفرنسيين وليس بالتنويرين العرب؟

وهذا السؤال سألته للأستاذ شوقي جلال فقال:" اعتقد أنه ربما التنوع في الموضوعات التي تناولها شوقي جلال، وأن في تربيته الثقافية وفي تثقيفه النفسي كان شوقي يشبه التنويريين الفرنسيين، علاوة علي كتبه الذي أصدرها سواء (في ترجمات أو مؤلفات) تستهدف هذه الرؤية التنويرية للمجتمع "

كما لوحظ في كتابات شوقي جلال تخلف الأمة العربية، وهنا سألته ما السبب في ذلك فقال: الأمم والمجتمعات، إما أنها أمم ثباتيه (أي علي وجه فُعاليه – أي مرض) أو ديناميكية (أي متغيرة)، وهناك ثقافتان في العالم، ثقافة الوضع وثقافة الموقف، ثقافة الوضع راضية برصيدها الموروث – أي تقف علي قارعة الطريق، بينما الحياة تمضي بجوارها وتردد إلا ما كان لتقول بهوامش وحواشي ولكن كما هي، وأما ثقافة الموقف فهي إرادة وإنجاز ومشروع مستقبلي وتتغير وتجد في عملي غذاء فكري لها. أما نحن فثقافتنا ثقافة كلمة وليست ثقافة فعل، ثقافة ورث وليت ثقافة تغيير.

وسألته ذات مرة عن الدولة المدنية ماذا تقول فيها، فأجابني قائلاً: الدولة المدنية كما عرفتها في كتابي المتجمع المدني وثقافة الإصلاح أن مصر قبل 1952 كان بها مجتمع جنين لمجتمع مدني بدأ في العصر الحديث، ومصر غابت قرون طويلة لم يكن لها اسم ولا هوية بحيث أنك تسأل الإنسان الذي ولد هنا (في مصر) أنت من أي جنس، يقول لك أنا عثمانلي مثلاً ونسي الجميع مصر؛ وهنا بدأت مصر لأول مرة يعود لها اسمها علي لسان رفاعة رافعة الطهطاوي، وبدأ المصري يكون له وجود حين اضطر "محمد علي"، أن يأخذ جنود من الفلاحين المصريين لأنه لا يأمن للماليك ولغيرهم، ومن هنا خرج أحمد عرابي أيضا، وبالتالي كان الأمل أن نبني مصر من جديد، وأول شخص أعاد هيبة مصر كان من خلال رفاعه الطهطاوي، حيث حدثنا حديث الإنسان التنويري عن مؤسسات الدول الأخرى في فرنسا، وكيف يحكمون، وكيف يعلمون، وعن دور المرأة، وبالتالي كانت حركة النهضة في مصر علي مرتين، ثم انزوت، ثم انكسرت، ثم بدأت في أوائل القرن العشرين وإلي جاءت ثورة 1952 والمجتمع المدني هو المجتمع المستقل ذاتيا والمؤمن بحق العدل والمساواة.

وأما في مجال الترجمة، فقد كان شوقي جلال يتميز بالترجمات العلمية ذات البعد الأكاديمي العلمي الصرف، وكان يمثل بحق رحلة عطاء فهو المترجم والناقد والأكاديمي، وهو نموذج فريد من نماذج إشباع المثقف، استطاع الجمع بين أمرين مطلوبين لمن أراد أن يكون رائدا في الثقافة، وهما الأكاديمية والإبداع. وفي علوم العربية كان عالماً متمرساً في أسرارها يعلمها علم أهلها، وذلك هو الشرط الأساسي ليولد من بين أحضان الثقافة الخاصة ثقافة عامة.

وثمة نقطة أخري جديرة بالإشارة وهي حصول المترجم شوقي جلال على جائزة "رفاعة الطهطاوي" للترجمة هذا العام، عن ترجمته لكتاب "موجات جديدة في فلسفة التكنولوجيا" والصادر عام 2018 عن المركز القومي للترجمة، الكتاب من تأليف جان كيربرج أولسن؛ والكتاب يعول علي أن وجود التكنولوجيا وتطورها رهن وجود الإنسان والمجتمع المبدع على مبدأ التاريخ. وإبداع التكنولوجيا هو الذى يحقق مجتمعا قادراً على البقاء والاستمرار. فاليد الصانعة التى تطورت بفعل العمل الاجتماعي هي التي صاغت بفعلها مخ الانسان وثقافته ولغته، وصاغت المجتمع. لذا يمكن القول إن التكنولوجيا هي التي صاغت هوية الإنسان، وتطورت هذه الهوية مع تطور التكنولوجيا، وتطور دورها في صياغة طابع الحياة مع اختلاف العصور ذلك أن الإنسان / المجتمع كما يوضح الكتاب ليس فقط كياناً عاقلاً / مفكراً بل كيان صانع. وتمثل فلسفة التكنولوجيا وافداً جديداً نسبياً فى مجال الفلسفة. بدأت إرهاصتها في أواخر القرن التاسع عشر وتطورت مع تطور عصر الصناعة والمعلوماتية. كما يعرض الكتاب " موجات جديدة" بقلم جيل جديد هو الجيل الثالث من فلاسفة التكنولوجيا المعاصرين. ويكشف عما تنطوي عليه التكنولوجيا أبدأً من نعمة ونقمة، من نفع وخطر، وإذا كانت تمثل على مدى التاريخ وعداً بتعزيز مطرد للبشرية، إلا إنها فى الوقت نفسه نذير دمار وفناء.

وكان شوقي جلال قد نال من قبل جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، حيث كان قد ترجم العديد من الكتب العلمية والفلسفية إلى اللغة العربية، ومنها نذكر على سبيل المثال لا الحصر: الشرق يصعد ثانية لأندريه جوندر فرانك، وتشكيل العقل الحديث لكرين رينتون، وبنية الثورات العلمية لتوماس كون، بعيدا عن اليسار واليمين: مستقبل السياسات الراديكالية لأنتونى جيدنز، والتنمية حرية: مؤسسات حرة وإنسان متحرر من الجهل والمرض والفقر لأمارتيا سِن، أفريقيا فى عصر التحول الاجتماعي، والعالم بعد مائتى عام، ولماذا ينفرد الإنسان بالثقافة، والتراث المسروق: الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقة، والصدام داخل الحضارات: التفاهم بشأن الصراعات الثقافية، والآلة قوة وسلطة: التكنولوجيا والإنسان منذ القرن 17 حتى الوقت الحاضر لبوكانان، والتنين الأكبر: الصين فى القرن الـ21، والفيل والتنين: صعود الهند والصين ودلالة ذلك لنا جميعا، وكامى وسارتر، ولماذا العلم، وتاريخ العلم: 1543- 2001 لجون جريبين، والانتخاب الثقافي، الثقافات وقيم التقدم لهانتينجتون، بافلوف وفرويد،… إلخ…

وفي تلك الكتابات المترجمة كان الأستاذ شوقي جلال يؤكد لي علي حقيقة مهمة، وهي أن الترجمة العلمية تعد في جوهرها عملية مقاربة ومقابلة بين أساليب لغوية مختلفة قد تتشابه أحيانا، ولكنّها تختلف في معظم الأحيان. وفي كل الأحوال، تتضمّن تفاعلاً فيما بين اللغات يتولد عنه إبداعاً جديداً بلغة امتطت لغة أخرى، واتخذتها أداة للاجتهاد ووسيلة للابتكار وللترجمة انعكاسات فكرية وسلوكية كبيرة على ممارسها قبل متلقّيها؛ فاللّغة المضافة، أو الثانية بالنسبة للمترجم، تخصّب أفكاره وسلوكه، وتمنحه الشعور باتساع الأفق والحريّة في التفكير؛ وبمعنى آخر فهي توسّع نطاق ممارسة الحريّة الإنسانية والسيكولوجية. كما أنّ اللّغة المضافة تشغل قدراً كبيراً من طاقة المترجم الذهنية والعقلية؛ إلى جانب التبديل الذهني وممارسة ذاتين في آن واحد، وما يترتّب عن ذلك من بلورة وصقل لشخصيته التي ما هي إلاّ مجموع أفكاره وثقافته وعاداته المؤثرة على صياغة أحاسيسه. ومن خلال ممارستي للترجمة العلمية، وبعيداً عن الإلمام بنظريات الترجمة ومدارسها والنماذج الموضوعة لها من قبل أهل الاختصاصي، ارتأيت أن أضع أمام المهتمين بالموضوع بعضا من تصوّراتي وأحكامي حول هذه الممارسة، والتي تبقى نسبية ومفتوحة على النقاش والتقويم والإسداء من المتضلّعين في الميدان. كما أعتبر هذه المساهمة المتواضعة محاولة لإثراء موضوع شائك كالترجمة، وبشكل خاص في المجال العلمي.

وفي نهاية حديثنا عن الأستاذ شوقي جلال لا أملك إلا أن أقول تحية طيبة لأستاذنا الفاضل الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجا فذا للمفكر الموسوعي الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.

تحية طيبة لأستاذنا شوقي جلال الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجاً فذاً للمفكر الموسوعي الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.

وتحيةً أخري لرجلٍ لم تستهوه السلطة، ولم يجذبه النفوذ ولكنه آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع وسوف يبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل التاريخ من بوابة واسعة متفرداً.