عندما زار عبد الحليم العراق

عندما زار عبد الحليم العراق

خالد عوسي الاعظمي

في ذلك الصباح الندي الرائق؟ من ذلك الصيف البديع!، دعت الصحف العراقية، جماهيرها، الى حضور حفلة ساهرة كبرى، في الثامنة، من مساء نفس اليوم. يحييها ساحر ذلك الزمان (العندليب الأسمر، عبدالحليم حافظ) أفضل من ذوَّب قلوب العذارى، بل، و العانسات أيضاً!!, و كانت الصحف، تحمل البشرى التي لم تتهيأ من قبل!. فقد نُشِرَ الخبر في أغلب الصحف، بمكان بارز مع صورة (صاحب الصوت الدافيء، حتى في برد كانون) ليس لي بالطبع. ولكن لجميلات وشباب العرب!.

و لقد كان من المفرح حقاً، أن سعر التذكرة لايتجاوز سعر أكلة (باچة) أو (كباب) عراقي!. فقد جاء عبد الحليم حافظ، للمرة الأولى، مع وفد الفنانين العرب، لإقامة حفلتين في بغداد، ليومي (الثلاثاء 9 و الخميس 11 يونيو حزيران 1964م) على مسرح سينما النصر، بدعوة من إذاعة فلسطين، لدعم صندوق فلسطين، و كان معه نجوم الفن العربي، و الذين وصلوا بغداد يوم 8 حزيران، فيما حضر العندليب، فجر اليوم التالي (يوم الحفل الساعة 5,30 صباحاً) قادماً من الأردن. بعد أن ساهم في إحياء حفل زفاف إبن شقيق نهلة القدسي (زوجة محمد عبد الوهاب) بالإضافة لحفلي (5 - 6 يونيو) في عمّان.

كان مقر إقامة الضيف الفنان عبدالحليم حافظ، في فندق بغداد الدولي، مقابل دار سينما النصر تقريباً، في شارع السعدون، أهم شوارع بغداد في ذاك الوقت، الذي إكتظ بالفتيات والنسوة المعجبات، فقد شهد الشارع تظاهرات نسوية ضخمة طيلة مكوث العندليب في بغداد، و كذلك المعجبين من الرجال، الذين جاؤوا لمشاهدته وجهاً لوجه، حتى وصل الأمر، لغلق الشارع عدة مرات، بسبب الإزدحام الكثيف، الذي عرقل سير المركبات. {ويستذكر الاعلامي (محمد سبع الفياض) عندما كان يعمل مدير ستوديو التلفزيون قائلا: - حضر لتلفزيون بغداد عبد الحليم حافظ فكُلِّفْت بإجراء حوار تلفزيوني معه والتقطنا صورة تذكارية داخل المبنى}.

كان الفنان عبد الحليم حافظ، ضمن وفد الفنانين العرب، الكبير العدد، من الفنانين والفنانات والموسيقين والعازفين الكبار والفنيين المرافقين للوفد، والذي ضم كل من المطرب (محمد قنديل - غنى، وحدة مايغلبها غلاب و على بغداد) وغنت (نجاة الصغيرة - لاتكذبي) و (كارم محمود - أمجاد ياعرب أمجاد) و (شريفة فاضل - السقايين) و (هدى سلطان - إن كنت ناسي افكرك) و (لبلبة - تقليد الفنانين) و (مها صبري - فيها گول) و (فائزة أحمد) و (أحمد غانم) و (ثريا حلمي) و (إسماعيل ياسين) و (إسماعيل شبانة - شقيق عبد الحليم) و (محمد عبد المطلب) و (صباح) و (فهد بلان) و (سميرة توفيق) و (فايدة كامل) و (مريم فخر الدين) و (أمينة رزق) وربما هنالك آخرين. و بعد أن قدمه الفنان (حسن يوسف) غنى عبد الحليم حافظ، مجموعة من أغانيه: الحلوة، المسؤولية، بلدي الثوار، وحياة قلبي وأفراحه، حكاية شعب.

و رافق حسن يوسف، عبد الحليم، الى الموصل، و قدمه هناك أيضاً. و في إحدى حفلتي (عام 64) نشرت مجلة مصرية مشهورة، صورة عبد الحليم حافظ، يمسك بيد الفنان (رضا علي) ويقول إنه عبد الحليم حافظ العراق!. أما الزيارة الثانية والاخيرة لعبد الحليم مع وفد الفنانين العرب الى بغداد، فقد كانت عام 1965م، حيث قدم فيها أغنية (يا أهلا بالمعارك) و (بلدي الثوار) في دار سينما النصر أيضاً. كانت بغداد، عرساً عربياً كبيراً، و حكاية (حليم) إحدى حكايات الزمن الجميل!.