محمد صديق شنشل يتحدى الحاكم العسكري

محمد صديق شنشل يتحدى الحاكم العسكري

فاخر الداغري
بعد انتفاضة تشرين الثاني 1952 تشكلت وزارة نور الدين محمود وهي أول وزارة عسكرية في تاريخ العراق السياسي حيث أعلنت الإحكام العرفية لمعالجة الوضع السياسي العام في العراق الذي كان متوترا قلقا... متربصا يشهد حالة غليان سياسي. وكرد فعل من قبل الحكومة على عدم مشاركة الأحزاب الوطنية في الانتخابات أوعز رئيس الوزراء نور الدين محمود بالإكثار من المرشحين المستقلين بهدف التغطية في إشغال الفراغ السياسي

فنشرت الصحف الموالية للحكومة آنذاك أسماء كثيرة بحيث ظهر إن قسما من هذه الأسماء لم يكن هدفها التورط بالترشيح للانتخابات لكن الموجة أخذتهم وكان من ضمن عملية التمويه السياسي هذه وجوه معارضه مصطنعة بهدف التضليل والإيهام بإلغاء دور الأحزاب السياسية الوطنية المعارضة حيث صرح احد المشاركين بهذه المعارضة الديماغوجية بان حزب الاستقلال قرر المشاركة بالانتخابات الأمر الذي جعل حزب الاستقلال إن ينفي الخبر وقد نشر التكذيب في جريدة الجريدة التي كان السيد احمد فوزي عبد الجبار مديرها المسؤول وعلى اثر نشر خبر التكذيب هذا قدم السيد احمد فوزي للمحاكمة وحكم عليه بالغرامة أو السجن لمدة شهر. هذا التصرف من قبل القضاء اثأر حفيظة السيد محمد صديق شنشل وكان وقتها مشرفا على جريدة النهضة التي صدرت كبديل عن (اليقظة) المحتجبة عن الصدور وكان السيد محمد مهدي كبة رئيس حزب الاستقلال قد بعث تكذيبا لما نشر في الصحف الموالية للحكومة عن مشاركة حزب الاستقلال بالانتخابات لكن الرقابة منعت نشر خبر التكذيب.
الأمر الذي دعا شنشل إلى نشر التكذيب في (النهضة) بدون علم صاحبها عبد الملك ألبدري المحامي في تحد منه لما ينجم من نتائج . وفي اليوم التالي من نشر التكذيب استدعى ألبدري للتحقيق فأنكر علمه بالخبر المنشور وأفاد إن المدير المسؤول هو احمد فوزي فالقي القبض على السيد محمد صديق شنشل وقدم للمحاكمة العرفية في معسكر الرشيد وجاءت مطالعة المدعي العام تقول : (انه تحدي قرارات الحاكم العسكري العام ونشر ما حذفته الرقابة العسكرية من إخبار) وطالب بإنزال أقصى العقوبات بحقه . تقدم ثلة من المحامين المشهود لهم بكفاءتهم القانونية للدفاع عنه وكان المحامون : عبد المحسن الدوري وإسماعيل الغانم وزكي جميل حافظ وعدنان فرهاد فحكمت المحكمة العسكرية على شنشل بالسجن لمدة شهر أو غرامة قدرها ثلاثين دينارا فدفع الغرامة من جيبه الخاص وعاد طليقا . ومن المفارقات في الدفاع عن السيد محمد صديق شنشل إن السيد عبد الملك ألبدري المحامي كان من بين محامي الدفاع عنه في حين هو الذي اخبر السلطة الحاكمة بان شنشل هو من نشر التكذيب الممنوع من قبل الرقابة لقد . وردت هذه المعلومات في مقال كتبه الأستاذ محمد صديق شنشل نشر في الجريدة في 8 كانون الأول 1935 عندما أصبح السيد فوزي عبد الجبار مديرا مسؤولاً لها بعد ذلك.