ادارة الكهرباء في بغداد في العشرينيات

ادارة الكهرباء في بغداد في العشرينيات

لا يخفى على احد ان الحملة العسكرية الانكليزية لم تكن قد اتت معها بالجند والسلاح فقط بل كان بصحبتها كل مادة من المواد الضرورية للجيش بل والكمالية ايضا فقد شاهدنا كيف اتت بماكينات الثلج وماكنات الصودا ومعامل تعمير الادوات الميكانيكية ومضخات الماء والانابيب ومواد التعمير من ماكنات قطع الطابوق ومن المسارح ودور السينما فضلا

عن السكك الحديدية وخطوط البلرق والتلفون وادواتن الكهرباء وقسم مهم من الجسور وصناديق السوائل التي تستوعب عشرات الالوف من الكالونات عدا الوف من سيارات النقل والركوب ومئات من الزووارق البخرية والمراكب النهرية والجنبيات دوبة وغير ذلكم ولم يخل الجيش من مكتبات سيارة ومخازن لاي نوع من الحاجيات والبضائع او الماكولات والمشروبات فكان الجنود يتمكنون وهم في الصحارى والمغاور من الحصول على نفس الماكولات وافخر المشروب واكمل الجلوس يركبون القطارات والسيارات والمراكب براحة تامة ويستضيئون دائما بمصابيح الكهرباء ويتكلمون بالتلفون وما شئت فقل عن اسباب الراحةوانه لا فرق في معسكراتهم في الفلوات وبين المدن الراقية سوى الابنية والقصور وقد يجب بمقتضى انظمة الجيوش الدولية ان يصحب الفيلق مقدار من خطوط التلفون او البرق او السكك الحديدية الخفيفة المسماة ب(دكو وبل) وطولها معينا من الجسور ومقدار من هذا عدا الاسلحة وتجهيزات الجند التي تعد من ضروريات الجيش.
اما الجيش البريطاني الذي قدم العراق فانه فضلا عن المواد ووفرتها لديه فانه فانه كان يصحب مقادرا هائلا من من الموةاد الكمالية بدرجة تكفي لعشرات اضعاف ما يكفي لحاجته وقد ظهر مصداق ذلك في الايام الاخيرة بصورة واضحة . فقد كان الجيش المذكور يحنل البلاد الواحدة تلو الاخرى فلا يجد فيها اثرا للكهرباء وللسكك الحديدية او التلفون وقد يجد الاسلاق البرقية مدمره ان وجد قسما قليلا من سكك حديد بغداد - سامراءفانها كانت بحالة يرثى لها ولذا فانه اذااحتل بلدا وراي من الضروري جعلها قصرا لمقدار مهم من جيشها مدة طويلة فانه يبادر حالا الى ايجاد وسائل الراحة لافراد جيشه وضباطه وقواده فيؤسس ماكنة لتوليد القوة الكعهربائية لايصال الضياء ويمد انابيب الماء وينصب المضخات ىوالصناديق العظام لاسالة الماء الى المغعسكرات ويمدكذلك للسكك الحديدية من الساحل الى تلك البلدة ان امكن ويطهر الانهار لتكون صالحة لسير السفن وينصب الجسور ويصل الدوائر بخطوط التلفون ويمد الاسلاك البرقية ويمهد الطرق ويكتري نما يروق لعينه من دور الاسكان للضباط وللافاد وان لم يجد دور منظمة
فانه يبني مباني ضيقة ( بنكل) ليسكن فيها عند الروم ولا يتمكن احد من قول ان الحجيش كان يبعمل ذلك لراحجة الناس غير الافراد او المنتمين لخدمته كما انه لم تكن ادنا بصحبته شركات تؤسس امثال هذه المشاريع بموجبي امتياز مطبوع ونظام متابع بل ان الذين كانوا يشتغلون في تلك المؤسسات هم افراد الجيش وبجوار الجيش ولمصلحة الجيش بلا منازع ولا معان ومن ذلك ان الجيش البريطاني لما احتل بغداد عاصمة الرشيد لم يجد امامه شيئا من وسائط الراحة لجيشه سوى الدوزر والمباني القائمة وقد سعى الاتراك في تدمير كل شئ يفيد الجيش المحتل اضف الى ذلك النواقص الموجودة بطبيعة الحال فلذا لم يشاهد الجيش البريطاني عند احتلاله مدينة بغداد الى مادة من مواد التمدن الحديث فلا وجد سلكا للبرق ولا للتلفون ولم يشاهد جسرا (لان الاتراك احرقوه) ولا سكة حديد عامرة ولا مصباحا كهربائيا كما ان القسم الاعظم من مضخات البلدية قد تضررت بعوامل مختلفة والسكان بحالة سيئة وجميع الماكنات العائدة للحكومة السابقة نقلت مع الجيش الراحل واعدموا قسما مهما منهامن التي تعود للاهالي واغصبوها اثناء الحرب بصفة تكاليف حربية وخلاصة القول كانت هذه العاصمة الزاهية افقر من فلاة.
احتلها الجيش فباشر بمد الاسلاك البرقية والتلفونية والكهربائية واول ماكنة للكهرباء نصبت في فناء مركز البوليس الحالي لانارة المستشفيات ثم غمر انابيب الماء واصلح المضخات وجلب الصناديق العظام لخزن الماء ثم احدث المعامل المختلفة للطحن والسقي والتعمير وماكنات اللثج والصودا ثم باشر تدريجيا عبر السكة الحديدية من بغداد فالحلة ثم اكملها الى الناصرية والصقها بالخط الذي كان هناك ومد خط بغداد لفلوجة -سن الذبان- ثم بغداد -الكوت ثم بغداد - بعقوبة -خانقين ثم مد خط سامراء -شرقاط ونصب جسرين على دجلة في بغداد الى غير ذلك من الاعمال.
وكانت جميع هذه المؤسسات خاصة بالجيش ومتعلقاته فلم يكن لاي من الاهالي في بادئ الامر يتمكن من وضع مصباح كهربائي في بيته او ان يتكلم بالتلفون او يكرب القطار حتى ولا يتمكن المرور على الجسور التي تربط جانبي بغداد ببعضهما والتي هي بمثابة الروح من الجسد للعاصمة والجيش معذور في ذلك لانه عمل ذلك لنفسه يستفيد منها هو لا غيره الا ان تلك المواد لما كانت تربو لكثرتها وسعتهاعن حاجة الجيش فقد اخذت السلطة العسكرية بعد مرور مدة طويلة بالسماح للاهالي للاستفادة من بعض هذه المؤسسات ولكن كيف ؟ بشروط صعبة ومشاق باهضة وسمحت في بادئ الامر لمن تحبه وتريده ثم تجاوزت اولئك الى غيرهم الاقرب فالاقرب حتى تعمم ذلك في ايامنا هذه.
واليك مثلا السكك الحديدة فانها في بادئ الامر كانت تنقل الجنود والمهمات الحربية ولم يسمح لاحد من الاهالي بركوبها ثم سمح بعد مدة بركوب الاهالي الذين لهم علاقة بالجيش المحتل ثم بيعد ذلك سمح للاهالي بركوب عربات الحمل والفحم واكثرها مكشوف ومعروض للمشس والمطر ثم سمحوا لهم بركوب القطارات بالدرجة الثالثة وترك الدرجحتين الاولى والثانية للضباط البريطانيين ثم زال ذلك في الحال الحاضر واصبح القطار مباحا للجميع وكذلك ما شئت فقل عن الجسور والكهرباء والتلفون وغير ذلك.
نصب الجيش اول محرك كهربائي في بناية مركز البوليس الحالي بقصد ايصال الضياء الى بنايات السراي والقشلة والمكتب الاعراب التي كانت متخذة انذاك مستشفيات باسم المستفى المركزي البريطاني رقم 61 ونصبت اخرى مثلها في شريعة المجيدية لايصال الضياء الى جملة المستشفيات الموجودة خارج باب المعظم وكلاهما ن 220 فولت فتكفي كل واحدة منها لاضلااءة الف مصباح تقريبا وكذلك نصبت اخرى في الكرادة الجانب الايسر واخرى في المنزل المتقدم ام العظام لانارة المعسكرات والمحطات وغير ذلك وربما كانت هناك عدة مولدات اخرى الا انه لم يتيسر لنا معرفتها رات مصلحة الاشغال العسكرية ان حاجة الجيش الى الضياء لم تزل ناقصة وان هذه المولدات المشتتة لاتسد عوزه فلذا ازمعت على جلب ماكنة كبيرة لتقوم مقام هذه الماكنات الصغار لقيمتها وللفائدة كانت بثلاث محركات بخارية قوة كل منها نحو 300 حصانا ونصبها في بناية العباخانة المعمل العسكري السابق للجيش التركي ودرجة الكهرباء الحاصل من هذه المحركات 440 فولت الا انه يقسم هناكبالات خاصة الى 220 فولت لكي تبقى المؤسسات الكهربائية السابقة على حالها بدون ان تضطرلتبديلها ثم ركزت العواميد ومدت الاسلاك في الشارع الجديد من الباب الشرقي الى باب المعظم وربطت هذه الاسلاك التي كانت مرتبطة بالمحركات السابقة وصارت المستشفيات تستضئ بالقوة الاتية من العباخانة ورفعت المولدات الصغار وفي هذه الاثناء كانت مصلحة الكهرباء تدار من قبل دائرة الاشغال العسكرية وعنوانها ورئيس لها (معاون مدير الاشغال لشعبة الالكتريك والميكانيك) . وقد تكرمت هذه الدائرة فوضعت على كل عامود في الشارع مصباحا كهربائيا وكانت الشوارع التي تنار بهذه الكيفية هي التي فتحت في عهد خليل باشا وشارع السراي وقسم من شارع النهر وقد علمنا اخيرا ان البلدية قد اغرمت جميع مصاريف هذه المصابيح بدون ان تتنازل لهم مصلحة الكهرباء عن فلس واحد ثم باشرت هذه الادارة في امرار الاسلاك الى الجانب الغربي فعبرتها بالقرب من جسر مود(تحت الماء وامدتها في شارع الصالحية فالكريمات والشواكة فطريق الترام حتى اوصلتها الى محلة خضر الياس والقصد من هذا تنوير المستشفى ومقر الفيلق الاول الذي كان انذاك في المحلة المذكورة ومدت الاسلاك من جهة اخرى فاوصلت باسلاك الكرادة وصارت العباخانة ترسل القوة للجميع.
هذه هي الخطوط الاساسية الهامة للكهرباء في بغداد ولم تزل كما كانت عليه الى يومنا هذا بدون ان تمد مصلحة الكهرباء اي خط جديد بقصد راحة الاهلين اللهم الا انها اوجدت بعض فروع اوصلت بها الاسلاك الى بعض الدور التي كان يقطنها ضباط الجيش وقواده وقد ربفعت قسما منها بعد ان افرغت الدور المذكورة وبعض من القسم الاخير الى يومنا هذا خير شاهد على ما نقول .
ولما كانت قوة انتاج الكهرباء في هذه المولدات تربوا كثيرا عن حاجة الجيش والدوائر الرسمية رات السلطة العسكرية ان تتكرم بالسماح للاهالي بان يستفيدوا من هذه النعم وجعلت الاجرة الشهرية للمصباح الاعتيادي الذي بقوة 60 واط اربع روبيات وقيمة كيلو واط في الميزان الكهربائي بنصف روبية وهذه الاجور فاحشة بالنظر الى ما في الهند مثلا الا ان لمصلحة الكهرباء بعض العذر في ذلك لان اسعار الحاجيات كانت انئذ مرتفعة جدا وكانت الدراهم مبتذلة هذا من جهة ومن جهة اخرى ان المصلحة شاهدت عناء الاهالي وكلفتهم من جراء استعمال مصابيح النفط واحست باضطرارهم الى بذل الدراهم في سبيل الحصول على الراحة والتسهيلات فلم تشا لتعطيهم هذا المخترع الحديث بثمن بخس وحبذا لو كانت المشقة في فظاعة الاجور فقط بل كان الاهلون يقاسون الامرين اذا ارادوا اضاءة حوانيتهم او بيوتهم فانهم يراجعون قبل كل شئ متعهد مجاز من قبل المصلحة فياتي هذا وينصب لهم المصابيح والاسلاك الداخلية حسب التعريفة التي اعطتها له المصلحة ثم يتقاضى عن ذلك اجرة حسبما توحيه اليه ارادته وصاحب المحل مجبور على تسليمه ما يريد.
ثم بعد اكمال العمليات يذهب المتعهد الى دائرة الكهرباء ويطلب منهم تحريرا ايصال الاسلاك فياتي مفتش المصلحة ناشرا اذنية يفحص اقل خلل او اعوجاج او ارتخاء في الاسلاك او الادوات الاخرى وربما يضربها بيده ضربة قوية ليعلم درجة متنانتها فان راها كما يشتهي فيها ونعمت والا اخر الرخصة واجبر صاحب الدار على قلع تلك الاعمال واعادتها من جديد واما الاسلاك الخارجية فانها تمد من قبل المصلحة مباشرة وتتقاضى عن ذلك مقادير فاحشة جدا.
حتى قد يصعب على الرجل وضع المؤسسات الكهربائية في داره او حانوته اذا لم يكن السلك الاصلي للكهرباء مارا من هناك لان مصاريف السلك الاصلي الخارجي للكهرباء يزيد كثيرا عن مصاريف المصابيح والاسلاك الداخلية واما الموازين فان المصلحة تاخذها من الباعة وتجربها حسب ادعائها وتنظمها كيف ما شاءت ثم تختما بالرصاص فاذا اشتراها صاحب المحل ياتي مامور المصلحة ويضعها في المحل الذي يختاره ثم يربط السلك بها وليس لاحد حق بان يمسها بيده وفي منتهى كل شهر ياتي المفتش فيقرا الدرجات ويقيدها في دفتره وبعد يومين او ثلاثة تاتي ورقة من المصلحة كتب فيها مقدار الدراهم التي يجب ان ترسل الى الدائرة بخلال مدة معينة واذ لم ترسل يقطع السلك عند انتهاء الاجل ويؤخذ عشر روبيات اذا اريد ايصاله ثانيا ولا يمكن رب البيت من ابداء اي مناقشة او ايراد اي اعتراض على هذا الحكم بل لا يسعه الا الاذعان وارسال الدراهم المطلوبة الى ادارة الكهرباء بخلال الاجل المضروب والا قطع الجريان الكهربائي وذهبت الغاية واماله سدى وظل في الظلام الحالك بعد ان كان ينعم بهذا الضياء اللطيف هذا ولا يظن احد بان الميزان الكهربائي يغني شيئا سوى اذا كانت المصابيح كثيرة والمستعمل فيها قليل والا فقد نشاهد ان بعض اصحاب الحوانيت التي تحتوي على مصباح واحد او اثنين يدفعون في الشهر مع وجود الميزان ارخص في الاجور الشهرية الاعتيادية للمصابيح مع انهم لا يشغلون الا 3-4 ساعات في اليوم فاذا ضاق بهم الخناق وشكو ذلك الميزان ولدى الفحص يقولون لعم انه مختل وان زيبقه قليل او عجلاته متضايقة الى غير ذلك من الاقاويل ويبقى صاحب الدار المسكين اسفا وقد ذهبت منه المقاديرالجسيمة من الدراهم ضحية خلل الميزان. ولما انتهت الحرب بدات دائرة التصفية للجيش البريطاني في كل الاقطار بتصريف الذخائر التي لم يبق بها حاجة وباعت القسم الاعظم منها بالمزاد العلني وقد بائع ايضا معتمد هذه الدائرة في العراق كميات مدهشة من الادوات والمهمات كالملابس والالات الحديدية والاخشاب والمحركات والسيارات ومئات المراكب والطيارات القديمة حتى لقد بيع معمل اصلاح المحركات في الكرادة بجميع مشتملاته وجاءت الضربة الى مصالح الكهرباء في بغداد وغيرها من المدن فبيع القسم الاعظم من مولدات الكهرباء في المدن السائرة اما مولد العباخانة فقد وضع سرا في ميدان البيع واخذ بعض التجار في المساومة وقد لعبت ادارة الكهرباء في هذه الاثناء دورا هاما وذلك انها زادت الاجور نحو خمسين بالمائة بدون ان تبدي مبررا لهذه الزيادة الفاحشة على تلك الاجور الباهضة والانكى من ذلك ان هذه الضمائم حدثت في زمن قلة الدراهم من ايدي الناس وعندما هبطت اسعار الحاجيات الى نحو النصف ولم نسمع للحكومة المحلية اي تدخل لمنع هذه الزيادات في حين ان الاهالي كانت تتوقع تخفيض الاجور لا تكثيرها بهذه الدرجة كما ان الادارة المذكورة على ما نعلم لم تر من حاجة اخذ راي الحكومة او البلدية في امر هذه الضمائم كما هي العادة المتبعة في سائر انحاء المعمورة بل انها رات نفسها طليقة من اي قيد او قانون ففعلت ذلك ولم تجد اي اعتراض من المقامات الاختصاصية وقوبل عملها المجحف بالسكوت العميق الى يومنا هذا. وليت ادارة الكهرباء وقفت عند حد هذا بل انها اغتنمت الفرصة من عدم اكتراث السلطات المحلية لتعدياتها واحدثت شيئا قل ان يوجد له نظير في سائر الاعمال وذلك انها اجبرت زبائنها على دفع تامينات قدرها عشر روبيات ونصف عن كل مصباح واثنا عشر روبية عن كل مروحة صغيرة وقد ادعت ان هذه التامينات النقدية تحفظها الادارة لكي تسدد طلباتها اذا امتنع الزبائن عن دفع الاجور الشهرية وتعيد الباقي لهم ولاشك في ان اعمال الادارة ليست من الانصاف والمعقول في شئ فلا هي تتمكن من بيان الضرورة التي اجاتها الى اضافة خمسين بالمائة الى الاجور السابقة مع ان الاسعار قد هبطت هبوطا مدهشا والدراهم قد قلت ونحن لا ندري كيف تعلل توسعها الى اخذ تامينات نقدية كبيرة سلفا مع وجود المحكم المدنية التي تكفل لها جباية حقوق قليلة كانت ام كثيرة اما الذي تبادر للذهن فهو ان القثصد من زيادة الاجور هو تكثير الارباح لتتمكن وحملة الكهرباء من بيع المولد وتفرعاته بقيمة باهضة لان لتاثير الربح على السعر امر لا ينكره الموغلون بالامور التجارية وحدوث الضمائم واثناء عرض المولد للبيع اكبر مؤيد لهذه الفكرة اما القصد من ايداع الدراهم الكثيرة بصفة تامينات لدفع تمرد موهوم فليس لامر يذكر سواء استراحة الادارة من الركض خلف الزبائن لاستحصال الاجور اخر الشهر فتاخذ منهم التامينات لتضطرهم الى المجيء الى الدائرة وتسليم المبلغ المطلوب عن ديونهم صاغرون وبهذه الصورة توفر الادارة رواتب ماموري التحصيلات وعدا ذلك فانها ربما تتمتع بالاربباح لحاصلة في هذه المبالغ الطائلة وذلك بايداعها الى البنك الشرقي بدون ان يكون فيها ادنى حق شرعي او قانوني او غرض بالتمتع بارباح الاموال التي يقرها ولو تبصرت الادارة في الامر وراعت عواطف زبائنها ولاحظت القصر الذي اخذ يحيط بابناء البلاد لما اقدمت على هذه الاعمال المنكرة ولادركت ان القوة والصرامة امران لا محل لهما في اسواق التجارة مهما كانت درجة الاحتكار ولرات ان زيادة الاجور واستيفاء التامينات ليست سوى عراقيل وعقبات في سبيل انتشار الكهرباء في البلد وانحائه فان الادارة اذا ربحت من هذه التدابير عشرة فانها ستخسر من طرف اخر عشرين نحن نعتقد كما كانت تعتقد الادارة عند مباشرتها بتزييد الاجور ان صاحب الدار او الدكان لا يمتنع عن دفع خمس روبيات او عشر في الشهر زيادة عما كان يدفعه سابقا لانه اذا توقف عن قبول ذلك بقطع الجريان عن بيته وبات في ظلام ولا هو يستحسن الرجوع الى مصابيح النفط بعد ان ذاق لذة المصابيح والمراوح الكهربائية فضلا عن كونه قد بذل الوفا من الروبيات لوضع المصابيح والاسلاك والمراوح فلا يرى من المصلحة ان يدعها عاطلة يعشعش عليها العنكبوت بل يختار مع الكراهية الشديدة دفع الاجور مع الضمائم ولو كانت مئة في المئة او اكثر.
جريدة البلاد حزيران 1965