هديب الحاج حمود... النضال من اجل عراق ديمقراطي

هديب الحاج حمود... النضال من اجل عراق ديمقراطي

هاتف غناوي الزهيري
التقت "الصوت الآخر" الاستاذ هديب الحاج حمود رئيس الحزب الوطني الديمقراطي، وقد بدا رائق المزاج متوهج الفكر متوثب الروح تناغمت وطنيته العراقية الصميمية وعذوبة نبرات صوته الريفية الدافئة. وحاول القفز على سنوات عمره الغنية بعبقها الديمقراطي الذي فاض على الساحة العراقية منذ اربعينيات القرن الماضي، حينما عَلِمَ ان الحوار سيكون حول وحدة العراق وأمنه.

وبعد ترحيب يليق بمقامه جعله يغادر مكتبه ليستقبلنا عند الباب مرحباً ومهللاً، ألتمسنا ان يسعفنا بجلسة حوار نقطف من خلالها روح النضال الديمقراطي، الذي ما زلنا نفتقر الى اتساع مدياته ليكتسح كل هذه الهرطقات الطافية على سطح الاحداث ومن اجل تعميق الوعي الديمقراطي العلماني. وكان لنا ما اردنا، لذا سبقته في الحديث:
* أحب ان اسمع القراء ما يقوله الاستاذ عن هويته الشخصية؟.
- أبتسم وبلهجة ريف الفرات الأوسط المحببة، قال: ولدت في مضارب عشيرة (الحميدات) في الشامية، أكملت الابتدائية في مدينتي والمتوسطة في النجف والاعدادية في الثانوية المركزية ببغداد، وأنتسبت الى كلية الحقوق وتخرجت فيها في عام1941، مارست العمل السياسي منذ الشباب وكان توجهي ديمقراطياً لذلك شاركت ببناء الحزب الوطني الديمقراطي، ثم أصبحت وزيراً للزراعة كممثل للحزب في حكومة ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة.
* ما التقييم الذي اصدره الحكم الملكي بحقكم في وثائقه؟.
- هناك تقييمان صدرا بحقي:
أ: ان هديب الحاج حمود من عناصر اليسار المعتدل.
ب: حاول هديب الحاج حمود اخراج الفلاحين من دائرة الاقطاع والموالاة لـ (نوري السعيد).
* ما مدى صواب التشخيص الذي توصل اليه المشاركون في العقد الدولي لاعمار العراق؟.
- بالنظر للوضع الخاص الذي يتمتع به العراق، من حيث ما يحتكم عليه من ثروات نفطية هائلة وموقع ستراتيجي يزيد من أهميته باعتباره البلد الوحيد الذي يقع في قلب العالمين العربي والاسلامي، ويعد همزة وصل بينهما، اضف الى ذلك، الثروة البشرية اللامعة القدرات في جميع المجالات تجعل من اليسير اعادة البناء، وكذلك امكانيته في احداث ثورة زراعية كبرى.
ولهذا كله فالنظرة العالمية لاخراج العراق من الفوضى التي ضربت اطنابها في كل ارجائه، لابد لها من الركود ومن ثَّم الصفاء من خلال تحقيق الابعاد الثلاثة الكفيلة بذلك والتي ألتزمت بها دول العقد مع العراق، وهو بالتأكيد تشخيص يتسم بالعلمية والواقعية.
* أشرتم الى مصطلح الابعاد الثلاثة، فما المعني بها، ويا ليتَ لو انكم اوجزتم للقارىء ابواب تلك الابعاد من خلال رؤيتكم الديمقراطية؟.
- ان التعهد الذي قطعته دول العقد على نفسها باعمار العراق يستلزم اجراءات يجب ان ينهض بها الجانب العراقي بعموم ابعادها وبشكل كامل، واول هذه الابعاد:
1- البعد الامني: وهذا يستلزم القيام بعمل جرىء يشمل حلولاً جذرية لكل عقده:
أ: بناء أجهزة أمنية على اسس مهنية بعيدة عن التعاطي السياسي او اختراقها من اية جهة سياسية لتوظيفها بعيداً عن مهماتها الحقيقية وعدم اشتمالها على ميليشيات مسخرة لتنفيذ مهمات مجموع الشعب، وان تكون على دراية بقواعد الاشتباك تحت الظروف التي يعيشها العراق، وان يكون ولاؤها للوطن كي تحمي وحدته وأمنه.
ب: إنهاء العنف الذي استشرى بشكل مرعب وهذا يستلزم المعرفة الدقيقة بمصادره والقوى المشاركة فيه بغية وضع الحلول الكفيلة بإنهائه.
ولابد لمن يتصدى للبعد الامني من سلوك ما يأتي:
أولاً: المواجهة التي تستلزم استعمال القوة في دحر العنف، ويتمثل هذا في الصِدام الذي لابد منه خاصة مع التيارات ذات التوجهات العالمية في صراعها مع الولايات المتحدة الاميركية، إذ لا سبيل لاقامة صلح معها الا بالاستسلام لارادتها في بناء كيان بمواصفات اسلامية سلفية خاصة.

ثانياً: اما بالنسبة للقوى التي ارتضت لنفسها سلوك طريق العنف للاحتجاج على طريقة بناء العملية السياسية، فيمكن العمل الجاد معها كي تنبذ العنف من خلال اشراكها في ترميم تلك العملية واعطائها الدور الذي تستحقه فيها بعد اتمام العمل على انتشالها مما هي فيه من اخفاقات.
ثالثاً: اما بالنسبة للميليشيات فلا سبيل امام السلطة الا حلها، بشرط ان يتم ذلك بطريقة سياسية تجبر القوى التي أنشأتها على التخلي عن هذا النهج الخاطىء، ومحاولة فتح افاق لأفرادها من خلال زجهم بعمليات الاعمار كمنتجين بدل ان يسخروا لاعمال لا تصب في المصلحة الوطنية ولا حتى في مصلحتهم هم انفسهم، وانما في مصلحة القوى السياسية التي دفعتهم بهذا الاتجاه، واذا ما حاولت الالتفاف على قرار الحل فليس امام السلطة من طريق غير استعمال القوة في تنفيذ امر الحل.
2- البعد السياسي: وهو ما يطلق عليه في العراق بالوحدة الوطنية من خلال عملية كاملة لإرساء فهم مشترك بين جميع القوى ذات التأثير في حركة المجتمع السياسية والثقافية والاجتماعية، والكشف عن المشتركات الوطنية لتحقيق المساواة من خلال طرحها ببرنامج شامل تقوم عليه العملية السياسية، بحيث يتم التفاعل مع الاراء كافة دون تمييز والابتعاد عن كل ما يثير الحساسيات بين مكونات الشعب والعمل الجاد على استثمار الطاقات الهائلة التي ما زالت كامنة والحرص على عدم الاقصاء والتهميش او الابعاد بل العمل على اساس المواطنة الموحدة مع الاحتفاظ بالخصوصيات والحق في ممارسة الجوانب الثقافية والدينية.
3- البعد السيادي: ونستطيع تحقيقه من خلال العمل الجاد للحفاظ على استقلال البلاد وعدم التفريط فيه باي شكل كان ومحاولة تسريع البناء من اجل الظفر به من خلال تأمين المستلزمات المتفق عليها لانسحاب القوات (المحتلة) من بين ظهرانيه، كذلك ان يعمل الجميع على الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية الوطنية والوقوف بحزم ضد اية محاولة بائسة للنيل من هذه الوحدة وعلى اي اعتبار، وان تكون جميع المقترحات لايجاد النظام الامثل منطلقة من هذا الفهم، اي وحدة التراب العراقي المقدس.
عن مجلة (الصوت الآخر) 2005