لأول مرة تتحدث فايزة احمد عن المستقبل الموسيقي للقاهرة، انها تنبه الى خطر يهدد مكانة هوليوود الشرق: مصدره كل الفنانين المصريين، وعدم الاهتمام الجدي بسباق التطور! .
. . اتهمت فايزة احمد الملحنين بالعجز، قالت انهم لا يقدمون الحاناً ناجحة، والوحيد الذي له الحان ناجحة فعلا هو عبد الوهاب، اما الموجي فيبدو انه انصرف الى المسرح الغنائي، وبليغ حمدي مشغول في تسجيلات الكويت، وكمال الطويل دائم التنقل كثير الاسفار كانه السندباد الجوي!
قلت لفايزة: ولكنك لم تلمعي الا على الحان الموجي!
قالت: الموجي كفاءة لا يمكن انكارها، ولكنه كسلان او مشغول ولديه لحن اسمه (البيت اللي هناك) واخد كلامه من الاذاعة منذ عامين، وحتى الان لم ينته منه.
قلت: انت تعرفين ان الموجي لايقنع بالأجر الذي تدفعه الاذاعة. .
قالت: ألحانه دلوقت اتغيرت، زمان كان فيه حفلات كثير لكن دلوقت فين الحفلات، وانا طبعا ما اقدرش اشتغل في اي حفلة الا اذا كان فيها عناصر من مستواي، وبعدين لازم المصاريف تكون في حدود الدخل. .
قلت: وهل هذا هو السبب في انك تعتمدين على الحان زوجك؟
قالت: ان زوجي يخدم الحاني وحينما سافرت الى ليبيا لم يطلب الجمهور اغاني القديمة امثال (انا قلبي اليك ميال) و(يا امه القمر ع الباب) ولكنه طلب الاغاني الجديدة التي لحنها زوجي امثال(شهرين يا حبيبي) و(العمر يا قمر) و"جايا لك" و"بنتي امورة" و"حاول يوم وراء يوم تنساني" و"بس انت اوعدني».
قلت كانك تنوين الاقتصاد على الحان محمد سلطان؟ .
قالت: انا ما قلتش كده، انا باخذ لحن او لحنين من عبد الوهاب في السنة، ومستعدة اخذ اي لحن ناجح اذا كان يناسبني، ولو انها ليست بدعة اذا اقتصرت على الحان محمد سلطان فان فيروز تقتصر عل الحان اخوان رحباني ومع ذلك فهي ناجحة وقد تعاقدت على ثلاث حفلات في الكويت مقابل 180. 000 ليرة. اي اكثر من عشرة الاف جنيه مصري للحفلة الواحدة، وهذا مبلغ لم تحصل عليه اية مطربة عربية حتى الان. صرفت 1000 جنيه وتقاضيت 25 جنيها!
قلت لها: انت تكثرين من الاسفار هذه الايام، ففي العام الماضي امضيت اكثر من نصف السنة في بيروت، وهذا العام سافرت في رحلة الى ليبيا ومنها الى الخارج استغرقت تسعة اسابيع وقد قلت انك ستسافرين الى بيروت بعد اعياد الثورة، ولا يعلم الا الله متى تعودين؟ !
وشعرت ان هذا السؤال اثارها قليلا ولكنها عادت تقول: - كان للاغنية المصرية حتى اعوام قليلة مضت المجال الاول في جميع البلاد العربية، وعلى هذا كانت كل مطربة تحلم بالقاهرة باعتبارها هوليود الشرق، وفجأة بدأت الاغاني المحلية تأخذ مكانها بجوار الاغنية المصرية في اسواق البلاد العربية. . فما هو السبب؟ .
السبب في رأيي ان النهضة الفنية وصلت الى معظم البلاد العربية، في حين اننا لم نبدل هنا اي جهد للتطور او التقدم للاحتفاظ بمكانتنا التقليدية.
وانا احب عملي جداً، واحب اجري وراء عملي، وعندما سافرت الى لبنان فوجئت بان لي اشرطة سيئة مسجلة في مصر، وقد امضيت وقتا طويلا في تغيير هذه الاشرطة، وتسجيل اغاني وبرامج جديدة، خصوصا ان المجال مفتوح لمن يريد العمل، ولا يستطيع احد ان ينكر اني نجحت، ولكن هذا النجاح اذا كان يصيبني شخصيا بفائدة، فان الفائدة تنسحب ايضا على الاغنية المصرية.
وبعد عودتي من لبنان اردت ان استأنف نشاطي في القاهرة، ولكني لم اجد المجال امامي مفتوحا، فمثلا اعددت برنامجا للتليفزيون استغرق عرضه ساعة ونصف ساعة وتشتمل على اربع اغان، وكلفني ما يقرب من 1000 جنيه، فهل تدري كم تقاضيت من هذا البرنامج؟ . لقد تقاضيت خمسة وعشرين جنيها فقط!
فهل تسألني بعد هذا لماذا اسافر الى الخارج! ولماذا اعمل في الخارج! !
اعتذرت عن حضور مهرجان كان.
قلت: اذن فقد كانت رحلتك الاخيرة للعمل؟
قالت: هذا احد جوانب الرحلة فعلا، لقد سافرت لاحياء حفلات في ليبيا، ومن ليبيا سافرت الى روما وسويسرا وباريس للعلاج، لانني كنت اشكو من قرحة في معدتي. . .
وفي باريس قابلت محمود موصللي موزع الافلام العالمي، فطلب منا حضور مهرجان (كان) للتعاقد على بعض الافلام، ولكننا اعتذرنا لان موعد عودتنا كان قد ازف. .
وتقابل زوجي ايضا مع مي كازا بلانكا التي طلبت منه ان يعد لها بعض الحان، وهو يعد لها الان بالفعل بعض هذه الالحان. .
فايزة احمد منتجة ايضا
قلت: وما هي قصة الانتاج الذي اعلنت انك تستعدين له؟
قالت: انا عايزة اعمل فيلم مشترك بالالوان بين مصر ولبنان، وقد اتفقت بصفة مبدئية مع حسن الامام على اخراج هذا الفيلم. .
قلت: والقصة؟
قالت: كنت قد طلبت من احسان عبد القدوس ان كتب لي قصة ولكنه لم يعدها حتى الان، وسوف يتولى حسن الامام امر القصة. .
قلت: وما مقدار الميزانية التي اعددتها لهذا الفيلم؟
قالت: ما تهمنيش الفلوس، المهم عندي ان الناس تأخذ صورة صحيحة عني. .
قلت: ولماذا لم تظهري في افلام القطاع العامن مادام هذا هو هدفك!
قالت: ماحدش طلبني وموش ممكن اعرض نفسي. .
الله يحرسهم
وقطع حديثي مع فايزة رنين جرس التليفون، كان المتحدث مؤلف اغان، اتصل بها ليطمئن على مصير اغنية له، فقالت ان زوجها فرغ من تلحين هذه الاغنية، وان عبد الوهاب اعجب باللحن عندما استمع له، ثم اسمعت المؤلف مطلع الاغنية الجديدة في التليفون. .
ولما انتهى الحديث قلت لها: اني الاحظ ان اطفالها لا يقيمون معها، وانها فيما يبدو تقنع بوجودهم مع اسرة زوجهان فما السبب! . .
فقالت: ان اسرة زوجي احن على اطفالي مني! والطفلان يبادلانهم حبا بحب، وبسبب كثرة اسفاري فاني افضل لهما الاستقرار في المكان الذي اطمئن اليه. .
قلت: وما هي اخبار اطفالك الاخرين الذين يعيشون في سوريا ولبنان؟
قالت: ان قلبي معهم، وحنيني اليهم لا تحس به سوى الامهات، ولست اذيع سرا اذا قلت لك ان اسفاري العديدة الى لبنان بسببهم، الله قادر ان يحرسهم.
ثروت فهمي
مجلة آخر ساعة/ تموز- 1966
