احتفالية بمخطوطة  سابع أيام الخلق

احتفالية بمخطوطة سابع أيام الخلق

رعد عبد القادر
احتفلت مع نفسي بقراءة مخطوطة الروائي العراقي المبدع عبد الخالق الركابي"سابع أيام الخلق"المعدة للنشر ساعات من القراءة المتواصلة والإنشداد إلى العالم الذي أتاح لي هذا الروائي الفذ التعرف على تاريخه وجغرافيته وأسراره وألغازه وحميميته ووحشته وغربته..ولست في احتفالي هذا بكاشف عن مفردات هذا العالم الذي تضمنته الرواية،

بل أنا راغب في أن يقيم كل قارئ جاد احتفاله الخاص مع هذه الرواية وربما كان لمذاقي الخاص ـ الذي لا أريد أن أعممه ـ دخل في تبكيري في كتابة هذه السطور، فأنا بنحو شخصي أعشق عالم المخطوطات وأجد في رحلة البحث عنها والتعرف على غوامضها وأسرارها، لذة كبيرة قد لا توفرها لي أجمل القراءات الحديثة، حتى أنني بدأت أفهم الحداثة من خلال الغوص في هذا العالم الذي تتفتح فيه الحواس على منارات كثيرة تكشف عنها أصغر مخلوقات الله التي تعيش على ذكرى الأوراق التي امتلأت بالخطوط والأسهم والشروح والحواشي، ويا لي من محظوظ عندما أعيش مع عالم الإنسان الكامل ورسائل ابن عربي ومع المقامات والأحوال التي تبوب في رواية كل ما فيها حديث في الرؤية والبناء الفني ورواية"سابع أيام الخلق"بهذا الاعتبار تعتمد المخطوطة الخاصة من جهة وتعتمد التبويب المستنبط من تاريخ الروح من جهة أخرى وتشحن بطاقة معرفية هي طاقة الكاتب على الاستبطان والاستظهار.
لقد قادتني تلك الرواية في دروبها وتعرفت على شخصياتها وكأنني التقيتهم وتجولت طويلاً في أماكنها، فدخلت (مقهى أبي بلقيس) وانتقلت في أروقة متحفها، ودخلت مع الروائي إلى مكتبة أبي يعقوب، التي زرتها حقيقة فيما مر من سنوات، حتى ضريح السيد نور أحسست وأنا أقرأ الرواية بأنني واحد من مريديه، وياللإتقان في الرواية التي توجت بصفحة بيضاء كانت نهاية (الأسفار) فيها وربما سيكون لي احتفال آخر مع هذه الصفحة البيضاء في رواية أخرى للروائي المبدع عبد الخالق الركابي، أما احتفالي الخاص برواية"سابع أيام الخلق"فقد دونته في سجل قراءاتي لعام 1994...أتمنى لهذا الكاتب الرائع حياة إبداعية متواصلة، وأتمنى لهذه الرواية الانتشار عربياً، لأنها تستحق أكثر من التنويه بها إذا ما قيست بأعمال عربية مشهورة ـ لا أبالغ إذا ما قلت ـ أنها لا تصل إلى مستوى الصبر والمعرفة والبناء الفني الراقي الذي وصلت إليه رواية الأستاذ عبد الخالق الركابي.
مجلة ألف باء/19/3/1994