وداعاً أستاذي ومعلمي

عبد العليم البناء
إنتقل إلى رحمة الله تعالى عن عمر ناهز الـ87 عاماً أستاذي ومعلمي العالم الجليل الأستاذ المتمرس صاحب أبو جناح في السادس من تشرين الثاني 2025 ،بعد مسيرة علمية امتدت لأكثر من ستة عقود كرّسها لخدمة اللغة العربية وتراثها الأصيل، والذي درسني علم النحو والصرف في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة البصرة للأعوام 1972 ولغاية 1976 إلى جانب نخبة لامعة من الأساتذة الأفذاذ أمثال : ناصر حلاوي، عبد الحسين مبارك، زاهد العزي، خليل إبراهيم العطية، وغيرهم، الذين كانوا يتبارون في زقنا علوم اللغة العربية بحرص ومسؤولية علمية وتربوية مفعمة بسمات أخلاقية رفيعة وأصيلة، وبقيت على تواصل معه حتى سماع خبر وفاته لتخسر الثقافة العراقية عامة واللغة العربية خاصة، أحد أيقوناتها وأعلامها البارزين على الصعيدين المحلي والعربي، فلقد لقد كان مفكراً لغوياً ونحوياً من الطراز الرفيع رسم طريقه الخاص بمنهج ثابت الرؤى ونهل منه طلاب العلم ومشوا على خطاه..وتميّز بعمق بحثه ودقته في التحليل اللغوي، وكان من الأصوات العلمية التي تربط بين أصالة التراث العربي وروح المنهج الحديث في الدرس اللغوي.
وكان الراحل الجليل المولود في محافظة ميسان بالعراق عام 1938 متميزاً في مسيرته العلمية منذ تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدارسها حتى حصل على الثانوية عام 1957، وحصل على بكالوريوس اللغة العربية بدرجة الشرف من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة بغداد 1961، وعلى الماجستير في النحو والصرف بتقدير ممتاز من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة بغداد 1969، وعلى الدكتوراه في النحو والصرف بتقدير مرتبة الشرف الأولى من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة 1971، وعمل مدرسًا لعلوم اللغة العربية في جامعة البصرة للأعوام 1971- 1985. ورُقّيَ إلى مرتبة أستاذ مساعد 1977، وانتقل إلى كلية الآداب في الجامعة المستنصرية 198، ورُقي إلى مرتبة أستاذ عام 1988، وبقي في الخدمة الجامعية حتى عام 1997، واضطر إلى الهجرة من البلاد بسبب الحصار والوضع الاقتصادي الصعب.
لم ينقطع عطاؤه وحضوره الأكاديمي على الصعيد العربي فعمل رئيساً لقسم اللغة العربية لفترات متفاوتة في كل من جامعة صنعاء وجامعة تعز، وعمل أستاذًا لعلوم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة عمر المختار الليبيـة 1997- 1996، وأستاذًا لعلوم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة مؤتة الأردنية 2000 – 1997، وفي جامعتي صنعاء وتعز 2000 – 2006.
أعيد إلى الخدمة في كلية الآداب الجامعة المستنصرية، وباشر عملـه منـذ 2006 رئيسًا لقسم اللغة العربية حتى نهاية عام 2010،أحيل على التقاعد في 2009 بعـد إكماله السن القانونية، ومُنح لقب أستاذ متمرس في2010.وكان رحمه عضواً في المجمع العلمي العراقي، وانقطع عنه بسبب ظروف الهجرة خارج البلاد، واللجنة العلمية ولجنة الدراسات العليا في قسم اللغة العربية في كليات الآداب بالبصرة والمستنصرية ومؤتة (الأردن) وتعز (اليمن)، والهيئات الاستشارية لعدد من المجلات المحكمة، والاتحاد العام للأدباء والكتاب بالعراق.
وله العديد المؤلفات والبحوث في اللغة والنحو والصرف وتحقيق المخطوطات المنشورة ومنها: آفاق الدلالة في كلمة (الله)،إبن السيد البطليوسي اللغوي الأديب، حياته منهجه في النحو واللغة، شعره. الاحتجاج النحوي عند ابن مالك بين الدليل العقلي والدليل النقلي. الأساليب العربية وشوائب الأساليب المترجمة. أسلوبية استخدام الضمير في النص القرآني: قراءة في سورة الكهف. الإعراب على الخراف في الجملة العربية: محلولة على طريق التيسير،ألفاظ الانتماء الاجتماعي في الشعر الجاهلي،الإمام القدوة حماد بن سلمة.أوضح المسالك لابن هشام الأنصاري بين شراحه والمعلقين عليه. التأويل النحوي بين تعدُّد القراءات وتسلّط القواعد، التعارض بين تأويل المعنى وتقدير الإعراب في النحو العربي، تعثر الأدوات في أساليب المعاصرين: ابتذال الواو في الاستخدام، التغليب لابن كمال باشا، تحقيق، دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها،الدرس النحوي وأزمة الكتاب المنهجي، الرحمة في رحاب اللفظ القرآني، رسالتان في لغة القرآن لابن هشام الأنصاري وابن كمال باشا، تحقيق ودراسة.سيبويه، هوامش وملاحظات حول حياته وكتابه.شجاعة العربية ونظرية الحمل على المعنى، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور الإشبيلي، دراسة وتحقيـق جزءان.صفحة في اللغة، سلسلة مقالات في مجلة القافلة.صفحة في اللغة: استقرار اللفظ وتحول الدلالة، صفحة في اللغة: متشابهات أم مختلفات. الظواهر اللغوية في قراءة الحسن البصري. الظواهر اللغوية في قراءة أهل الحجاز.الفكر النحوي والصرفي عند الأثري. قدح الذاكرة: صفحات مطوية من سيرة طائر الجنوب.قراءة الأعمش وخصائص القراءة الكوفية.القياس في منهج المبرد.كتاب التوضيح لابن هشام بين شرَّاحه والمعلقين عليه.المتنبي والمشكلة اللغوية.مرونة العربية بين الممكن والمتحقق.المشاغل اللغوية في فكر الدكتور عبد الرزاق محيي الدين.مشاهد الريف مصدرًا للصورة الشعرية: قراءة في شعر حسب الشيخ جعفر.المصطلح النحوي واللغوي في كتاب العين.المضمر في القصص القرآني مثال في رحلة موسى – عليه السلام – مع العبد الصالح.المناقشات والتعقيبات: رد على الدكتور خليل العطية.منهج ابن عصفور النحوي من خلال شرحه لجمل الزجاجي.منهج إبن هشام النحوي من خلال كتابه التوضيح.نظرية السياق عند اللغويين العرب وأثرها في تحديد المعنى.
وفضلاً عن هذا العطاء الغزير أشرف الراحل على عدد من الرسائل والأطروحات العلمية في جامعات البصرة والمستنصرية وقسنطينة بالجزائر، وتعز وعدن باليمن، وناقش عددًا منها في جامعات البصرة وبغداد والكوفة والموصل وكربلاء وأربيل جامعة صلاح الدين بالعراق، وقسنطينة بالجزائر، ومؤتة بالأردن، وصنعاء وحضرموت باليمن،وشارك في عدد من المؤتمرات والندوات العلمية في دمشق وبغداد والموصل والنجف والبصرة وإربد والقاهرة وذي قار وميسان، إضافة إلى حصوله على عدد من التكريمات والشهادات التقديرية من جميع الهيئات العلمية والأكاديمية والجامعات العراقية والعربية وإطلاق اسمه على قاعة كلية التربية في الجامعة المستنصرية.
كُتب عنه أكثر من بحث من بينها: (جهود الدكتور صاحب أبو جناح في اللغة والنحو والتحقيق)، رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الانسانية في جامعة البصرة عام 2019 لجبار سامي علي، ورسالة ماجستير في كلية الآداب بجامعة واسط بعنوان (من ملامح التفكير النحوي عند الدكتور صاحب جعفر أبو جناح.
وعلى الصعيد العائلي فهو شقيق الشاعر العراقي الكبير الراحل حسب الشيخ جعفر، وله زوجة معلمة متقاعدة وولد وبنات اثنتين إحداهما أستاذة في كلية العلوم بالجامعة المستنصرية والثانية تحمل شهادة البكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والإبن يحمل شهادة ماجستير في الهندسة الكهربائية وهو أستاذ في جامعة ديالى.
لقد رحل أبو جناح جسداً لكن آثاره الفكرية والعلمية واللغوية والنحوية والثقافية ستبقى خالدة في عوالم اللغة والأدب والثقافة.

اقرأ ايضا

صاحب أبو جناح مفكر اللغة العربية

صابرين خزعلمن الصعب ان يختصر الانسان مسيرة المفكر اللغوي والنحوي الاستاذ المتمرس الاكاديمي الدكتور صاحب …