علي حسين
(الإنسان العادي هو وحده الحقيقي. وهو مقدّس )
فاز الكاتب المجري” لاسلو كراسناهوركاي، بجائزة نوبل للاداب 2025 عن إنجازه الادبي الذي وصفه سكرتير الأكاديمية السويدية بان أعماله الأدبية تتمتع بجاذبية، وتحمل رؤية مما يؤكد قوة الفن في خضم حالة مروعة من الإرهاب .
لم يكن لاسلو كراسناهوركاي يتوقع انه سيصبح في يوم من الايام كاتبا ، لكنه يخبرنا ان نداءا شعريا جاءه عبر الأزمان من الشاعر الألماني راينر ماريا ريكله ، همس في وجدانه عبر إحدى قصائده أن “غير حياتك” فكتب أولى رواياته ” تانغو الخراب ” – ترجمها إلى العربية الحارث النبهان – التي نشرها عام 1985 , وفيها تسود أجواء العدم السوداوية والخواء واللامبالاة حيث تتداخل في الرواية الأحلام مع الواقع، وتتطور الأحداث بمنطق الحلم وأحيانا الكابوس.
أما في روايته الثانية ” كآبة المقاومة” – ترجمة الحارث النبهان – والتي حصل من خلالها على جائزة البوكر الدولية عام 2015، ، فنجد نفس الأجواء العبثية القريبة من أجواء الأحلام، والشخصيات والأحداث الخارجة عن المألوف . وكعادة كراسناهوركاي، نقرأ في رواياته جمل طويلة جدا تتطلب من القارئ تركيزا وانتباها قويا ، يقول عن طريقته في الكتابه :” إن التواصل الكلامي المسموع يستخدم “خطابا مطولا”، لا يفصل الجمل فيه سوى “فواصل”، فكيف لا يتعب السامع من المتابعة؟ لماذا سيتعب من قراءة الجمل الطويلة تحديدا ؟ ” .واضاف في إحدى مقابلاته الصحفية إنه يكره علامات الترقيم، ويرى أنها محاولة لخلق نوع من الشكل المنضبط للنص، ورغم غرابة أجواء روايات كراسناهوركاي وصعوبة أسلوبها إلا أنها لاقت ترحيبا من القراء في المجر، واحتفى بها النقاد في الغرب.
وُلِد لازلو كراسناهوركاي في احدى ضواحي المجر في الخامس من كانون الثاني عام 1954. عانى في بداياته بدايات من التضييق ، إذ صادرت الشرطة السرية جواز سفره. الأمر الذي انعكس على اجواء رواياته التي تعكس عالما خانقا لا يطاق. بعد سقوط النظام الشيوعي في المجر ، وجد كراسناهوركاي نفسه في مواجهة عالم جديد ، لكن اجواء الإستبداد والحروب ظلت تطارده :” أنني أرى حربًا قذرة ووحشية تتكشف أمام عينيّ، وقد العالم يعتاد عليها. لكنني لا أستطيع التعود على ذلك. لا أستطيع قبول فكرة أن البشر يقتلون بعضهم البعض. ربما أنا أيضًا حالة مرضية نفسية. إنه الجنون بعينه «.
يقول ان نهاية العالم ليست لحظة واحدة، بل عملية ممتدة منذ زمن طويل، وستستمر كذلك. نحن نعيش في القيامة الآن. إنها ليست نبوءة عن الحساب الأخير، بل دينونة مستمرة.لا يمكننا سوى أن نخدع أنفسنا بالمستقبل؛ فالأمل دائمًا ينتمي إلى المستقبل. لكن المستقبل لا يصل أبدًا، فهو دائمًا على وشك أن يأتي، لكنه لا يأتي. وحده الحاضر هو الموجود. نحن لا نعرف شيئًا عن الماضي، لأن ما نعتبره ماضيًا ليس سوى قصة تُروى عنه. وفي الحقيقة، الحاضر نفسه ليس سوى قصة أيضًا، فهو يضم بين طياته حكاية الماضي، والمستقبل الذي لن يأتي أبدًا. لكن على الأقل، ما نعيشه كحاضر موجود. وهذا وحده هو الموجود. الجحيم والجنة كلاهما هنا، على هذه الأرض، وهما موجودان الآن. لسنا بحاجة إلى انتظارهما. ومع ذلك، فإننا ننتظر، مستندين إلى وهم الأمل .
يرى لاسلو كراسناهوركاي أن التجارب يتطلب الوقت والشجاعة للتعبير عنها ، ولا يمكن أن تُحصرها في عبارات قصيرة.وقد صرح ذات مرة بأن ” تدفق كتاباته يحمل نزعة إنسانية عميقة.
وصفته الأكاديمية : “إنه كاتبٌ ساحر. يجذبك حتى يتردد صدى العالم الذي يستحضره في داخلك» .
حولت العديد من أعمال كراسناهوركاي، بما في ذلك روايته الأولى “تانغو الخراب” و”كآبة المقاومة”، إلى أفلام سينمائية.
اقرأ ايضا
المجري كراسناهوركاي يحصد نوبل الآداب.. روائيّ النهايات في «قلب الرعب»
أنطوان جوكيبعد الكاتبة الجنوبية الكورية هان كانغ، التي كانت أول امرأة آسيوية تنال جائزة نوبل …