ظاهرة فصل الاساتذة في تاريخ العراق المعاصر..فصل ونفي أساتذة جامعة بغداد سنة 1956

د. ابراهيم خليل العلاف
في 10 تشرين الثاني سنة 1956 قدم جماعة من اساتذة جامعة بغداد وعددهم (خمسة وخمسون) عريضة إحتجاج الى الملك فيصل الثاني ملك العراق انذاك 1953-1958، ومنهم الدكتور جابر عمر وعبد الرحمن البزاز وحسن الدجيلي والدكتور فيصل الوائلي والدكتور محمد علي البصام والدكتور عباس الصراف والدكتور عبد القادر احمد اليوسف والدكتور عبد الجليل الظاهر والدكتور مصطفى كامل ياسين والدكتور محمد ناصر والدكتور خالد الهاشمي وخضر عبد الغفور والدكتور احمد عبد الستار الجواري والدكتور فاضل حسين وذلك احتجاجا على موقف الحكومة العراقية من العدوان الثلاثي البريطاني –الفرنسي –الاسرائيلي من مصر في 29 تشرين الاول 1956 والذي وقع بعد تأميم الرئيس جمال عبد الناصر قناة السويس في 26 تموز 1956. وقد وقف الشعب العراقي ماعدا الطبقة الحاكمة الى جانب مصر، وحدثت مظاهرات واضرابات في جميع انحاء العراق، وعطلت الدراسة في جميع المدارس والكليات، ووقعت حوادث دامية في بغداد والنجف والحي والموصل. وقد اعتقل عدد من قادة الاحزاب المعارضة في سجن نقرة السلمان. كما أعلنت الاحكام العرفية، ومنعت الاجتماعات والمظاهرات.
ولم تكتفِ الحكومة بذلك – وكانت اذ ذاك حكومة نوري السعيد – بل قامت بفصل الاساتذة التسعة التالية اسماؤهم من وظائفهم وهم:

  1. الدكتور جابر عمر
  2. الاستاذ عبد الرحمن البزاز
  3. حسن الدجيلي
  4. والدكتور فيصل الوائلي
  5. والدكتور محمد علي البصام
  6. والدكتور عباس الصراف
  7. والدكتور عبد القادر احمد اليوسف
  8. والدكتور عبد الجليل الظاهر
  9. والدكتور مصطفى كامل ياسين
    كما احيل الخمسة الاولون من المجموعة الى المجلس العرفي العسكري وهم:
  10. الدكتور جابر عمر (تمكن من الهرب الى سوريا)
  11. الاستاذ عبد الرحمن البزاز
    3.حسن الدجيلي
  12. الدكتور فيصل الوائلي
  13. الدكتور محمد علي البصام
    وحكم على الاربعة الاخرين بالنفي الى الشمال، ونقل خضر عبد الغفور والدكتور أحمد عبد الستار الجواري من ديوان وزارة المعارف (التربية) الى التدريس في دار المعلمين الابتدائية.
    وقد اجتمع خليل كنة وزير المعارف مع بعض الاساتذة، ولامهم على عملهم واستدعى البعض الاخر ومنم الدكتور فاضل حسين لمقابلته في ديوانه على انفراد ولامهم ايضا على موقفهم في التحريض والوقوف الى جانب المتظاهرين من الطلبة والاساتذة وتقديمهم عرائض الاحتجاج على موقف الحكومة السعيدية من أحداث السويس في مصر.
    ورد نص عريضة الاساتذة في كتاب: “تاريخ الوزارات العراقية ” لمؤلفه السيد عبد الرزاق الحسني وهي عريضة طويلة ومفصلة جاء فيها: “ان فريقا كبيرا من رجال التعليم في المعاهد العالية لم يعودوا قادرين على إداء رسالتهم الفكرية في التوجيه، والاسهام في بناء الامة “، وانهم باتوا يشعرون بفقد ثقتهم بالحكومة، وأنهم لايرون القمع والاساليب البوليسية حلا صحيحا، وأنهم يدعون الى ضمان الحرية الفكرية لرجال التعليم العالي، وفسح المجال أمامهم للعمل وفق شعورهم القومي وفسح المجال للطلبة للتعبير عن آرائهم.
    ومن الاساتذة الذين وقعوا على العريضة فضلا عن من ذكرنا الدكتور صلاح الناهي، والدكتور محمود الامين والدكتور حاتم الكعبي والدكتور ناجي معروف والدكتور مهدي المخزومي والدكتور سليم النعيمي والدكتور خالد الهاشمي والدكتور خزعل البيرماني والدكتور عبد الجليل الزوبعي والدكتور يوسف عبود والاستاذ خضر عبد الغفور والدكتور عبد الوهاب مطر الداهري والدكتور شامل السامرائي، والدكتور اسماعيل مرزا والدكتور ابراهيم عبد الله محي الدين والدكتور صديق الاتروشي والدكتور علي جواد الطاهر والدكتور علي الوردي والدكتور يوسف العطار والدكتور جميل ثابت.
    وكما اشرنا من قبل، فإن الحكومة ساقت بعض هؤلاء الاساتذة الى المجالس العرفية، واستحصلت على قرارات بوضعهم تحت مراقبة الشرطة ونقلت بعضهم الى مدن بعيدة فتعرضوا الى مخاطر صحية. ويقول عبد الرزاق الحسني ان الاستاذ عبد الرحمن البزاز كان من ضمن من نُفي الى تكريت وكان انذاك عميدا لكلية الحقوق وصدفة زارت العراق (المس طومسون) وهي صحفية اميركية تعرف البزاز منذ زيارته لاميركا فسألت عنه فقيل لها انه منفي ومتهم بالنشاط الشيوعي، وكان كل من يعرض الحكم الملكي يتهم بالشيوعية أو ما كان يطلق عليه “الفكر الهدام ” والبزاز معروف بأنه قومي عندئذ اضطر وزير المعارف خليل كنة الى السفر الى تكريت ليعيد البزاز الى بغداد وصحبه بعد هذه الفضيحة خوفا من ان تتناقل الخبر الصحف الاجنبية. ومع هذا فقد كان لاعتقال الاساتذة صدى كبيرا في خارج العراق فضلا عن الداخل.
    في محاضر جلسات المحكمة العسكرية العليا الخاصة (محكمة الشعب)، وعند محاكمة خليل كنة وزير المعارف في وزارة نوري السعيد 15 الحادية عشرة، والتي تكونت في 15 ايلول 1951 واستقالت في العاشر من تموز 1952، وفي وزارة جميل الدفعي السادسة التي تشكلت في 29 كانون الثاني 1953 واستقالت في 5 ايار 1953 وجهت الى خليل كنة تهمة انه كان له النصيب الاوفر في إفساد السياسة التعليمية في العراق، وجعل وزارة المعارف بؤرة من بؤر التجسس، وشراء الذمم وذلك من خلال تسليطه الشرطة المدججين بالسلاح، وأريقت دماء الاساتذة والطلاب، كما أهينت كرامتهم، واقتيد المئات منهم الى السجون والمعتقلات، وتعرض الكثيرون للفصل إذ بلغوا (149) استاذا و (3554) طالبا كما تبنى خليل كنة وزير المعارف سياسة التفرقة الطائفية والعنصرية “.
    وقد دافع خليل كنة عن نفسه، وقال انه عني بالتعليم بكافة مراحله وخاصة العالي، لكن سامي باشعالم نائب الموصل في مجلس النواب وحسب ما ذكره عبد الرزاق الحسني في كتابه: “تاريخ الوزارات العراقية “قال في محضر جلسة مجلس النواب اجتماع 1955-1956 ان خليل كنة أدخل التجسس الى الكليات والمدارس وكانت الكليات تتلقى منه الاوامر مباشرة وخاصة فيما يتعلق بفصل الطلبة من الكليات، وقال النائب عبد المهدي المنتفكي: أن خليل كنة وزير المعارف كان يريد قصر التعليم العالي على فئة خاصة من المرموقين والمقربين. واجاب خليل كنة قائلا انه كان يدعو الى السياسة التعليمية السليمة التي تتيح للكفء أيا كان ان يتدرج بحسب كفاءته. وقال نائب الكوت عبد العزيز الخياط: ان من نتيجة ادخال التجسس في المدارس والكليات ان تردت اخلاق بعض الطلاب؛ فأصبحوا لايطيعيون الاساتذة والمدرسين.
    عن (الحوار المتمدن)

اقرأ ايضا

من أوراق أقدم مهندسي الطاقة الكهربائية في العراق

عبد الخالق كرممن مدرسة الصناعة الرسمية في بغدادقبلت فيها خلال العام الدراسي 1931ـ1932 ورشحت من …