حول نعش زياد اجتمع المختلفون لبرهة موت

لطفية الدليمي
المدهش والاكثر ايحاء بالأمل والاشد تأكيدا على هشاشة البشر امام الموت ان تشييع زياد جمع كل اللبنانيين في طائفة واحدة تبكيه وتبكي بلدها.
طائفة تشهق ألما وتتبنى فن الرفض الساخر الذي ابتكره زياد وكأن غمامة التضليل رفعت عن بصائرهم لحظة رحيل الفتى المشاكس.
كنت اتخيله في نعشه يسخر من الجميع ويحتضن موته راضيا كانتحاري يقبّل قنبلة موقوتة.
جمع موت زياد الطوائف كلها تحت ظلال المآسي التي هددتهم وماتزال تهددهم، جمعهم نعش زياد في شهقة حزن وفيض دموع اسخى من بحر بيروت، ولطالما رفضه اكثر المنتحبين عند نعشه.ولم يمنع الموت انقسام بعض العرب من وراء الحدود حول مواقفه وخياراته.
ولكن ماسيحدث حتما بعد انفضاض المأتم وتجفيف منابع الدمع وعودة فيروز الى عرينها تكابد دموعها المتحجرة و ثكلها الامومي،
سيعود اللبنانيون- كما يفعل العراقيون عادة- كل واحد منهم الى خيمته الاجتماعية و دينه وطائفته وحزبه وجماعته وسياساته التي يتعصب لها.
وسوف ينسون برهة الموت التي ايقظتهم على حقيقتهم الانسانية التي تجاهلوها في عنف التعصب.
ترى كم رحيلا لمبدعين وفنانين اصلاء يحتاج جحيم الشرق الاوسط لتطفئه فيوض الدموع وشهقات التأسي؟
وكم حياة نحتاج وكم عقلا مضاء بالحب وكم سيرة منتجة للجمال نحتاج لنوقف تناحر الطوائف والاحزاب ولنجتمع على مواجهة عدو شرس يعمل على محونا من خارطة الوجود؟

اقرأ ايضا

الموسيقى التي علّمتنا الشغب

طارق عسراويبرحيل زياد الرحباني، يُطوى فصلٌ فريد من تاريخ الثقافة العربية المعاصرة، حيث التقت الموسيقى …