شذرات من ذكريات نجيب محيي الدين

اعداد واختيار : عراقيون
طفولتي كانت في مدينة الخالص فانا من مواليد 1925 لم اقض فيها من سنوات الدراسة الا سنة الصف الاول الابتدائي.. ولذلك ذكرياتي عن طفولتي في الخالص محدودة.. فالمدينة كانت في تلك الفترة مجرد قرية.. الا انها قرية زراعية ولم تكن فيها غير مدرسة ابتدائية واحدة للبنين فقط، كما اذكر في تلك الفترة ان والدي اصطحبني لبغداد واشترى لي بدلة أشبال وهي جزء من نظام الكشافة المدرسية الذي كان يهدف الى غرس حب العمل والتعاون والنظام في نفوس الناشئة (والاشبال هم تلاميذ الصفوف الاربع الاولى) .. وقد ارتديت البدلة واستعرضت بها مع بقية زملائي التلاميذ في موكب مخترقا الشارع الرئيس وسط تصفيق وتهليل الجمهور وانا فرح وفخور بها.
 انتقل والدي الى بعقوبة لانه موظف في ذلك الوقت يعمل في قضاء الخالص.. وما تذكره بالمناسبة ان امي نذرت عند ولادتي، التي حدثت في يوم عاشوراء بان تأخذ قطعة من القماش الابيض الذي يتكفن به ضاربو القامات عادة في مواكب التطبير وتلفه على رأسي وأسير في مواكبهم كل موسم عاشوراء، واستمر ذلك حتى صدر امر حكومي بمنع هذه الشعيرة ومنع سير المواكب الحسينية في الشوارع.
عرفت في سنوات عمري اللاحقة ان الخالص مدينة بأكثرية شيعية لكن مختارها كان سنيا وكان المختار وقتذاك يُنتخب من قبل الاهالي في عملية انتخاب حقيقي.. و لايكون مختارا الا ان يكون عليه اتفاق الاكثرية لحسن سمعته والثقة به من قبل اهالي المدينة .. وبعد وفاته أصبح ولده مكانه نظرا لما كان يتمتع به من صفات حسنة مثل والده .. ذلك كان مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، وفي تلك دلالات كثيرة.. منها دلالة انعدام التعصب الطائفي تماما في هذه الفترة الذي لمسناه في ايامنا هذه .
عندما جئنا الى بعقوبة من ((دلتاوة ))(وهو اسم الخالص القديم) رأيتها مدينة كبيرة دروبها وبيوتها منورة بالكهرباء وفيها بنايات كبيرة وتحتوي على مدرسة متوسطة للبنين واخرى للبنات ناشئة اكتمل بناؤها في 1935، كان الفارق بين دلتاوة (الخالص) و”بعقوبة” كبيرا كما كنت اراه، فبعقوبة بالاضافة الى ذلك كان يخترقها نهر خريسان ويحيط به صفا اشجار خضراء يقسم المدينة الى شطرين يؤلفان محلتين متجانستين ومنسجمتين دينيا ومذهبيا، فقد كان حتى ذلك الوقت هناك عدد غير قليل من العوائل اليهودية والمسيحية فيها . يربط بين شطريها قناطر صغيرة وتحيطها البساتين فكانت اشبه ببيت كبير محاط من اربع جهات بالبساتين.
عائلتي
 توفى والدي فجأة خلال عطلة الصيف وانا ناجح من الصف الرابع الى الخامس ابتدائي. وكان ابي شابا في الاربعينيات.. اخر وظيفة شغلها كانت مدير الخزينة في لواء ديالى.. وكان يقرأ المجلات والجرائد وبعض الكتب.. لا اذكر انه خلال حياتي القصيرة معه اسمعني كلمة خشنة او ضربني بل كان يشجعني على الدراسة وقراءة المجلات ويصطحبني في سفراته لبغداد على قلتها وحتى كان يحرص على اصطحابي معه الى المقهى في بعض الأمسيات واشارك اصدقاءه الجلوس.. وكأنه يريد بذلك اعدادي للحياة وتعريفي بها رغم عمر الطفولة المبكر.
والدتي برغم انها لم تكن تجاوزت في تعليمها مرحلة الرابع الابتدائي في العهد العثماني لكنها ادركت قيمة هذه الكتب والمجلات فحافظت عليها ولم تسمح لي الاطلاع عليها الا بعد دخولي الدراسة المتوسطة.. فاكتشفت من بينها مجلات الهلال، المقتطف، كتب نقولا حداد، شبلي شميل ومؤلفات رواد الفكر التقدمي والاتجاه الوطني .. قدرت لاحقا ان والدي كان يؤمن بالافكار التقدمية برغم حرصه على اداء الصلاة.. اما والدتي فكانت لا تمارس الطقوس الدينية الا في شهر رمضان ولكني لم اتذكر ان والدي كان يجبرها على اداء الطقوس وكان يحب والدتي ويحترمها.. فلم اسمع ان وجه لها كلمة جارحة او غير لائقة،ترك ذلك تأثيرا كبيرا في تربيتي ومنهجي ولذا اعتبر والدي معلمي الاول رغم قلة سنوات العمر الذي اصطحبته فيها وكان يتواصل مع المعلمين الذي يعلمونني ويزورهم في المدرسة ويدعوهم للبيت ويسأل عن احوالي ومستواي الدراسي.
بدايات ومقدمات
في تلك الايام كنا نلمس جدية المعلمين وحرصهم على تعليمنا وتربيتنا وكأنهم آباؤنا ومازالت اتذكر منظر الاصطفاف المدرسي في ساحة المدرسة صباح كل يوم قبل التوجه الى صفوف الدراسة عندما يتقدم احد التلاميذ لقراءة قصيدة امام المعلمين والتلاميذ وكان معظم الطلاب يترددون ويخجلون،بالنسبة لي كان لي قدر من الجرأة والرغبة لالقاء القصيدة امام زملائي التلاميذ.
في السادس ابتدائي اشتركت في حفلة للخطابة والتمثيل القيت فيها كلمة حصلت من خلالها على الجائزة الثانية وهي عبارة عن ميدالية فضية.. الجائزة الاولى.. أعطيت لابن رئيس المحاكم في بعقوبة آنذاك.
في الثانوية كنت غالبا ما اكلف ان اكون “مراقبا للصف” كما كان يقع علي الاختيار من قبل زملائي الطلاب للتفاوض مع المدرسين او ادارة المدرسة حول بعض المشاكل او المطاليب المدرسية، وفي الخامس الثانوي اصبحت المراقب العام للمدرسة.. لم اعرف على اي اساس كان يتم تكليفي بهذه المهام ولعل مبادرتي للقبول بالقيام بهذه المهمات وحرصي على النجاح كانا وراء ذلك ، شملنا في تلك الفترة بنظام التدريب العسكري الفتوة (في عامي 40/41) وحصلت على رتبة عريف بالفتوة وعند حصول حركة مايس 1941 كلفت برئاسة مجموعة من الطلبة بحراسة متوسطة البنات الوحيدة في بعقوبة اثناء الليل.. لان اكثرية الشرطة تم سحبهم للجبهة في معسكر الذبان بالحبانية حيث كانت تدور المعركة بين الجيشين البريطاني والعراقي .. وايضا كنا نقوم بدور حراسة الجسور والطرق.
اصبحت مرافق بعقوبة المهمة بحراسة افراد الفتوة.. انا مثلا كلفت بحراسة متوسطة البنات وكان مبنى مهما، اعتقد ان هذه التكليفات ربما توحي بتلمس ميول معينة للاهتمام بالشأن العام لاسيما ما كان لدي منذ ذلك الوقت ميلا للاهتمام بمتابعة اخبار القضايا الوطنية والقومية واخبار الحرب العالمية الثانية، بالنسبة لي لم افسر هذه المواقف بهذا الشكل في حينها.
كان نهر خريسان عامرا بالماء عكس هذه الايام وعلى شاطئه تعلمت السباحة وعندما كبرت كنت اذهب مع اصدقائي لنهر ديالى.. ويمكن القول ان السباحة هي الرياضة الوحيدة التي مارستها خلال حياتي.. أما في مجال كرة القدم فاقصى ما مارسته دور الحكم فيها اذ كنت اعرف قواعد وقوانين اللعبة المتبعة آنذاك بدرجة لا باس بها تحمل الفريقين على اختياري حكما بينهما.
اكملت في بعقوبة الدراسة الابتدائية والثانوية حتى التحاقي بدار المعلمين العالية وكان اهلي يسكنون بعقوبة.
عند تخرجي من دار المعلمين العالية تم تعييني مدرسا في متوسطة الخالص وبعد ثلاثة اشهر فقط نُقلت مدرسا في اعدادية بعقوبة.. ثم اصبحت مديرا لها لاحقا ثم معاونا لدار المعلمين 1950،وطوال تلك المدة من الزمن وحتى اجراء انتخابات نقابة المعلمين وغيرها من المنظمات والنقابات خلال العهد الجمهوري الاول (1958-1963) لم اكن الحظ او اشعر باية اصطفافات او تعصب طائفي بين سكان المدينة او اللواء او المحافظة الذي كان معروفا بتنوع سكانه قوميا ودينيا ومذهبيا
وهم يتجلون في ذاكرتي حتى يومنا هذا بانسجامهم التام وتعاونهم وعلاقاتهم الطيبة.
علاقة وطيدة بالجادرجي
كانت علاقتي طيبة ووثيقة جدا مع الجادرجي منذ تعرفي عليه وحتى يوم وفاته في شباط 1968، وبرغم من ارتباطي فكريا بالحزب منذ تأسيسه العام 1946 من خلال مواظبتي بقراءات المقالات التي تنشرها جريدة الاهالي، الا ان علاقتي الشخصية بدأت بالجادرجي العام 1953، اي بعد فصلي من الخدمة في العام 1952 جراء تأييدي لمظاهرات طلبة دار المعلمين في بعقوبة كما اشرت في جواب سابق، فعملت في بغداد مدرسا في الثانوية الجعفرية، وجودي في بغداد اتاح لي الاتصال والتعرف بالجادرجي وتطورت علاقتي به مع مرور الزمن والحقيقة ان شعوري حياله عندما التقيه هو شعور اي تلميذ امام أستاذه ومعلمه، لان الجادرجي مثقف من طراز كبير وتواق للمعرفة والاستزادة منها لذلك كان يخص المثقفين والاساتذة الجامعيين باهتمام كبير ويسعى لتوثيق علاقاته معهم، حيث كانت تربطه علاقات وثيقة مع العلامة علي الوردي او د. طه باقر وعبد الجبار عبد الله وجواد علي وغيرهم من البارزين في مختلف مجالات المعرفة والثقافة والفنون وعلاقته الوطيدة بالشاعر المعروف معروف الرصافي واليه يرجع الفضل في المحافظة على مخطوطة الرصافي المشهورة ((الشخصية المحمدية)) وكان يولي التعليم اهتماما بالغا لدوره في تطوير البلاد، وللجادرجي فضل علي لا انساه وهو تشجيعي على الكتابة والنشر في الصحف، فهو نشر لي (اول مقال لي نشرته جريدة صوت الاهالي في 29/7/1953 بافتتاحيتها حول ((الدعوة الى عقد مؤتمر للمعلمين)) ولهذا تجدني أشعر دوما بالفضل له في تطوير قابلياتي في مجال الكتابة والنشر.
وظلت علاقاتنا بتواصل مطرد حتى ايامه الاخيرة وكان اخر لقاء خاص بيني وبينه قبل ثلاثة ايام من وفاته.
اما موقف البعثيين منه فاعتقد انهم كانوا يعرفون بأن افكاره وتوجهاته على الضد من أفكارهم وتصرفاتهم ولهذا لم يكن الجاردجي موضع ارتياح بالنسبة اليهم، فلو بقي حيا لتجاهله البعثيين ولمارسوا استخفافا بشخصيته وثقلها النوعي في الاوساط السياسية، وهذا ما فعلوه مع شخصيات تماثل الجادرجي بوزنها وتاريخها الوطني، كما اعتقد انهم بمعرفتهم في طبيعة أساليبه اللاعنفية وايمانه بالحلول السلمية في السياسة تجعلهم لا يشعرون بأي خطر مباشر شديد من قبلهم، ولذلك فلا اعتقد ولا ارى انهم كانوا يفكرون بزجه في فندق السعادة (قصر النهاية الرهيب والمعروف) وانما سيكتفون بعزله عن الناس اوعزل الناس عنه واضعاف دوره السياسي وتكميم صوته ومحاولة تجاهله كما بينت سابقا بابعاد الاضواء عن شخصيته وتاريخ اخلاصه وتضحياته وما قام به من ادوار ونشاطات وطنية وديمقراطية وباخلاص تام، بالنسبة لي ابعدت نفسي خلال حكم البعثيين الجدد ولم اشعر بحسن الظن تجاههم بالرغم من بعض المحاولات من قبل بعض العناصر البعثية من الذين كانت تربطني بهم علاقات شخصية قديمة طيبة للاتصال بي وكانوا بعضهم من طلابي او زملائي في التعليم ويمكن أن أزعم أن هؤلاء كانوا يحملون لي احتراما وتقديرا لما قدمته فحاولوا ان يتصلوا بي ويعرضوا علي التقرب اليهم ولكني آثرت البقاء بعيدا عنهم.
مقابلات مع المسؤولين
 اتذكر عندما كانت تواجهنا مشكلة مهنية او نفكر بتحقيق مطاليب نقابية مشروعة في زمن عبدالكريم قاسم ونجد انه من الضروري مقابلة وزير له علاقة بتحقيق هذه المطاليب او مناقشة تلك المشاكل، فان الامر يكون بغاية السهولة واليسر ولاتوجد عوائق روتينية تحول دون مثل هذه المقابلات،مثلاً كانت مشاكلنا كنقابة للمعلمين تنحصر مع وزيري المالية والداخلية.. فمقابلة وزير المالية وكان وقتها الصديق محمد حديد كانت ضرورتها تاتي من امكانية الوزارة في التخصيصات المالية اللازمة لانجاز مشروع الاراضي السكنية للمعلمين وزيادة المخصصات المالية الضرورية، وكذلك مناقشته في احتمالات زيادة رواتب المعلمين واجور المحاضرات وغيرها من الفعاليات النقابية التي تتطلب الاموال اللازمة لانجازها ضمن خطط الموازنة المالية والمسؤولة عن اعدادها وزارة المالية .. ويتم النقاش في هذه المسائل مع وزير المالية ليست بصفتها منحا تقدمها الحكومة لنقابة المعلمين بل هي استحقاقات مالية. للارتقاء بشريحة المعلمين المهمة في تطور البلاد ومستقبلها، فكنا نلقي منه الترحيب والتفهم والرغبة الجادة في الاستجابة لمطاليبنا، وبذلك حقق التعليم انتشارا واسعا تشهد به الاحصائيات الرسمية .
 اما بالنسبة لوزير الداخلية فتكون مقابلاتنا معه بسبب ان بعض المعلمين كانوا يتعرضون لبعض المضايقات والتقييد على حرياتهم رغم اني لا أتذكر حالة واحدة من هذه الحالات يقوم به المعلمون باعمال وسلوكيات تنافي وطنيتهم مما لا يرضي عنه الاداريون المسؤولون عنهم وظيفيا، ولكنها قد تؤدي الى اصدار اجراءات ادارية ضدهم من قبل الاجهزة الامنية ،مثل هذه الحالات على سبيل المثال كان يستدعي توضيحها للمسؤولين في وزارة الداخلية .. او الأمن العام والتعرف منهم للوصول الى حلول او مواقف متفق على تجاهها من قبل الطرفين.
فكل هذه القضايا وغيرها كانت تجد لها حلولا سريعة بمجرد طلب زيارة لاي مسؤول بهذا المستوى، وكان يلبى طلب المقابلة خلال 48 ساعة، واعتقد ان مثل هذه الفرصة في لقاء المسؤولين على هذا المستوى مع الموظفين لم تكن متاحة في ايامنا هذه !! حتى في الحالات التي تتطلب مقابلة الزعيم عبد الكريم قاسم، فكان قاسم من جانبه يقدر أهمية مقابلاتنا له رغم كثرة مشاغله وازدحام جدول مواعيده اليومية، فتتم المقابلة بعد موعد طلبها خلال ايام معدودات قليلة، وكانت مقابلاتنا مع الزعيم عادة ما تسفر عن نتائج طيبة ايجابية تحقق الغاية من الزيارة.. وتتم مثل هذه الزيارة عن طريق مكالمات تلفونية مع مرافق الزعيم حافظ علوان او قاسم الجنابي ويأتي الجواب خلال ساعات من الطلب وندخل للمقابلة من دون اجراءات امنية متشددة كما صار يحصل في ايام صدام مثلاً خلال مقابلته مع الهيئات النقابية وحتى المسؤولين الكبار في الحكومة .
هذه الانسيابية في مقابلة المسؤولين من اصحاب المناصب الوزارية والقيادية في فترة الزعيم قاسم لا تنسى من ذاكرتي واستحضرها دائما وهي جدا مهمة في تحقيق التواصل الايجابي بين المسؤولين والمواطنين .
نقابة المعلمين
نقابة المعلمين في تقديري قدمت لمنتسبيها اكثر مما قدمت اية نقابة مهنية اخرى لمنتسبيها، وكنا نسعى في ان تكون النقابة مهنية على الرغم من التجاذبات السياسية التي كانت سائدة في المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر وبقدر ما تسعفني الذاكرة الآن، حاولنا رفع منزلة ومكانة المعلم العراقي في المجتمع بالدفاع عن المعلمين الذين يتعرضون الى اجراءات ادارية تعسفية، اما من ناحية الجوانب المادية فقد توجهنا الى تحقيق المكاسب التالية للمعلمين:
توفير أراضٍ للسكن في بغداد وجميع المحافظات الاخرى، ففي بغداد :

شجعنا المعلمين على نشر الكتاب وطبعه للمعلمين الادباء المثقفين واصدار مجلة النقابة (الاجيال) التي تعد اليوم مرجعا تاريخيا ومهنيا عن التعليم في العراق بهذه المرحلة.
*فتح دور حضانة لابناء المعلمين والمعلمات في الاعظمية والكرادة باجور مناسبة. *حاولت خلال فترة رئاستي لنقابة المعلمين التقليل من الهيمنة السياسية على عمل النقابة وتجسيد موقف خاص بالنقابة من الاحداث السياسية وحاولت ان تقف النقابة مع المواقف التي فيها اجماع وطني.
عموما الزعيم قاسم قدم مساعدات ودعما لتحقيق اهداف جميع النقابات المهنية بدون التمييز بين نقابة اخرى وان كان حساسا او انه اصبح حساسا بمرور الوقت تجاه مدى تأثرها في الاحزاب التي كانت تعمل علنا او سرا.
اذكر في هذا السياق ان الزعيم قاسم اجتمع بوفد نقابة المعلمين خلال ترؤسي لها مرتين في مقره بوزارة الدفاع، حيث كان من السهولة بمكان ان تحصل الموافقة على مقابلة الزعيم قاسم عن طريق تحديد المواعيد مع مرافقه الشخصي او احد سكرتيريه قاسم الجنابي اوحافظ علوان، ويحدد الموعد خلال ايام قليلة واتذكر انه كان بسيطا ومتواضعا، بحيث لايفرض حضوره هيبة او خوفا مع من يلتقي به وكان الحوار يجري معه بصورة طبيعية وايجابية تستمع له ويستمع هو لآرائنا…
ويستجيب لمعظم مطالبنا التي كنا نعرضها عليه والتي كان يقدر فيها تحقيق المصلحة والفائدة للمعلمين والتعليم الذي كان يوليهما اهتماما كبيرا .
مستل من لقاءات اجراها الزميل توفيق التميمي مع الاستاذ نجيب محيي الدين ، ونشرت باثني عشر حلقة بعنوان ( شهادات عراقية ) .

استطعنا خلال السنتين الاوليتين من توفير 1000 قطعة ارض سكنية لهم موزعة بين منطقة الداوودي بالكرخ (350) قطعة وشارع فلسطين في الرصافة (650) قطعة، مساحة كل قطعة منها 600 م2 باسعار تتراوح بين 150 فلسا – 250 فلسا للمتر مربع الواحد ووفق مقاييس ومعايير واضحة ومعلنة بشفافية وتمكن اي معلم من الاعتراض على توزيعها عند الشعور باي غبن ازائها وهذا ما يتذكره من حصل على هذه الاراضي من المعلمين الذين مازالوا احياء، هم وابناؤهم والذي ساعدنا في تحقيق ذلك هو موقف حكومة عبد الكريم قاسم المساند لقضية اسكان المعلمين
*لعبنا دورا فاعلا مع وزارة التربية في وضع قواعد عادلة لتعيين المعلمين والمعلمات الجدد بما يضمن اخذ درجات التخرج من معاهد اعداد المعلمين، وكذلك قواعد عادلة وسليمة عند النظر في طلبات النقل الى مراكز المدن، لاسيما بغداد والموصل والبصرة والمدن الرئيسة الاخرى ويضمن توفير المعلمات والمعلمين لمدارس القرى والأرياف.
*هيأنا لكل معلم يقبل في اية كلية في بغداد النقل اليها استثناء من الشروط والتعليمات حتى تتاح له فرصة لمواصلة تقدمه الدراسي والمهني والاجتماعي.
*عملنا على زيادة رفع سلم الرواتب للمعلم وعدم ايقافه في حد معين، فاصبحت مهنة التعليم مرغوبة، والاقبال عليها كبيرا.
*تأسيس جمعية استهلاكية لتوفير جميع المواد المنزلية الضرورية للمعلمين والمعلمات (مفروشات،اجهزة منزلة وغيرها) بأسعار اقل من أسعارها في الاسواق تسدد اثمانها بالأقساط الشهرية المناسبة.

قمنا بزيادة اجور المحاضرات الاضافية للمعلمين.

عملنا على ايجاد صندوق ضمان للمعلمين يقدم قروضا ومنحا للمعلمين المحتاجين وخصصنا له جزءا من ميزانية النقابة (بدلات اشتراكات المعلمين ومنحة الحكومة) .

اقرأ ايضا

نجيب محيي الدين داعية الوطنية

علي حسينلم أكن من المقربين من الشخصية الوطنية نجيب محيي الدين، وكانت معرفتي به متواضعة، …