قاسم موزان
تميز سامي كمال (1940 – 2025) بصوته الجميل العذب القريب من الروح الريفية العراقية من ذائقة المتلقي، قدم أعمالا غنائية لا تنسى وترك بصمات لامعة في المشهد الفني، ولد كمال في قرية مسيعيدة المنسية في قضاء الكحلاء بمحافظة ميسان في بيت متواضع، منذ طفولته الغضة حمل مسؤوليات جسيمة، ففي مطلع شبابه تبلورت لديه الافكار اليسارية، ودافع عنها بوصفه ضحية الظلم والاضطهاد، وعانى كثيراً هو عائلته الكادحة، فكان لا بد من اتخاذ قرار حاسم بالانتقال مع عائلته الى بغداد مطلع خمسينيات القرن الماضي، حيث وجد فضاءً ثقافيا وفنيا رحبا، يمكن أن يعبر عن طاقاته الفنية عبر القنوات الابداعية المتوفرة بالعاصمة آنذاك.
التقى باسماء مهمة رسمت له خطواته الاولى خلال مشواره الفني وفي مقدمتهم الملحن الراحل كمال السيد الذي يعد الأب الروحي له، ومنحه اسمه الفني، فضلا عن اسماء اخرى بارزة في التلحين والتاليف مثل: عباس جميل ومحمد عبد المحسن وشعراء بارزين مثل كاظم اسماعيل الكاطع وكريم العراقي. في بداية حياته التحق بفرقة موسيقى الجيش، وكان يعزف على آلة الكلارنيت، ثم تعلم العزف على العود والسكسفون ثم تطورت هوايته الى الغناء وبدأت انطلاقته الفنية اواخر الستينيات من القرن الماضي في فرقة الانشاد الصباحية، ثم قدم أغاني خالدة بكلماتها والحانها وصوته الشجي وتستند الى ذوق مرهف لا تزال محفورة في الذاكرة منها: ” مدللين، رايح يارايح، احبه واريده، لا تكول الحب ضاع، بين جرفين العيون، صويحب “.. وغيرها من أغاني الحب والنضال والغربة، انه صوت جنوبي ترعرع في صميم المعاناة، وظل مصرا على البقاء في حياة يشوبها القلق .
في السبعينيات كانت المنافسة الفنية قائمة بين الاصوات الجميلة، وكان سامي كمال أحد الاصوات، التي ذاع صيتها لدى جمهور واسع، إلا أن النظام آنذاك ضيق الخناق على الوطنيين والمثفين والفنانين، ذات الميول اليسارية وشعر سامي كمال بانه مستهدف لفكره وفنه ولم يبق امامه، الا الرحيل من بغداد التي عشقها بصدق الى المنافي والغربة.
غادر الوطن العام 1979 متوجهاً إلى بيروت، ثم انتقل الى عدن، ازداد صوت الوطن في داخله وكان الدافع لتقديم العديد من النشاطات الفنية، وأسس بالمنفى العديد من الفرق الغنائية، برفقة عدد من الفنانين الكبار امثال جعفر حسن وكوكب حمزة وحميد البصري وشوقية وكمال السيد واخرين، فأسس فرقة ” الطريق “، وفي دمشق أسس فرقة ” بابل” العام 1983.
لكن المرض أوقف مسيرته حين أصيب بجلطة دماغية العام 1994 أجبرته على التوقف عن الغناء والتلحين، غير أن اسمه ظلّ حاضراً في ذاكرة العراقيين ورمزاً في الاخلاص للوطن وحب الناس
اقرأ ايضا
سامي كمال.. مطربُ الجنوب المنفي وصوت الوطن الغائب
رحيم الحليتعرفت إليه في دمشق في أوائل الثمانينات حين عملت في الفرقة الغنائية التي أسسها …