رحلات قديمة نادرة الى العراق في مكتبتي

علي ابو الطحين
التجوال مع كاميرا في بلاد الرافدين 1920
هذا الكتاب وضعه ضابط انكليزي شارك ضمن قوات الاحتلال البريطاني للعراق في الحرب العظمى 1914-1918، دون فيه سطور من يومياته وذكرياته عن المناطق التي تجول فيها خلال سنوات الحرب مع البوم مجموعة منوعة من 60 صورة فوتوغرافية كان قد التقطها بكاميرته مع تعليقات على الصور ونصوص لمعلومات تاريخية عن تلك المدن والاماكن والسكان والاديان والري والزراعة في تلك الانحاء بين البصرة وبغداد ..
صاحب دخول القوات البريطانية للعراق اعداد كبيرة من الكاميرات الفوتوغرافية محمولة بأيادي الجنود .. وعلى الرغم مرور اكثر من مائة عام على تلك الايام .. ما زالت تعرض للبيع في الاسواق البريطانية بين الحين والاخر اعداد كبيرة لمجموعات من الصور العراقية الفريدة من مخلفات واروراق خاصة تعود لهؤلاء الجنود .. ويوم امس فقط حصلت على مجموعة جديدة تضم اكثر من مائة وعشرين صورة خاصة لاحد البريطانيين غير منشورة سابقا من مناظر واشخاص من البصرة وبغداد .
ساذج في بلاد الرافدين “ طبع في “بونا” 1918
من المطبوعات النادرة جداً عن العراق، حصلت عليه مؤخراً من مزاد في بريطانيا، وكان ضمن قائمة طويلة للكتب المطلوبة التي اعددتها في سنة 1989. (ربما لم يبقى سوى كتاب واحد عصي من تلك القائمة).
هذا الكتاب من مطبوعات الحرب العالمية الاولى، عن احداث الغزو البريطاني للعراق، بالخصوص ملحمة حصار الكوت ومحاولات انقاذ القوات المحاصرة. نشر بعنوان غريب بعض الشيء .. كلمة Mug تستخدم اليوم في العامية الانكليزية للقدح الكبير (في شرب القهوة او اي شراب) .. وهناك معاني عامية اخرى …. لكن تأتي هنا، في عنوان هذا الكتاب، باستخدام قديم غير مستعمل الان .. عن الشخص «المطفي» (بالعامية العراقية) اقرب الى الابله او الساذج، البطيء الادراك .. والذي دفعت به الصراعات الى معمعة الحرب في بلاد الرافدين.
نشر الكتاب في مدينة بونا الهندية سنة 1918، ويقع في 62 صفحة فقط ونشر باسم مستعار، استغربت انها الطبعة الثانية، رغم ان النسخ المعروفة قليلة جداً. لم يذكر في قائمة الكتب التي وضعها ارنولد ويلسن في كتاب الولاءات في بلاد النهرين، ولم اجد الكتاب قد عرض للبيع على الاقل في الثلاثين سنة الماضية، رغم توفر العديد من المطبوعات الهندية عن العراق في السوق البريطاني.
رحلة توماس هربرت (بعض سنوات السفر في أفريقيا وأسيا الكبرى) المطبوعة في لندن سنة 1634
من اقدم كتب الرحلات المطبوعة عن المنطقة ..قبل ما يقارب 400 سنة … حصلت على الطبعة الاولى لسنة 1634 وكذلك الطبعة الثالثة الصادرة سنة 1668
بدء هيربرت رحلة من ميناء دوفر في بريطانيا الى الهند في أواخر عام 1626 عن طريق رأس الرجاء الصالح، فزار أثيوبيا ومدغشقر واليمن حتى الهند، ومن ثم حط في مسقط وسواحل الخليج وتجول في مدن بلاد فارس حتى عام 1629. لا يشير المؤلف الى زيارته العراق الذي كان تحت الاحتلال الفارسي، لكنه يصف بغداد في ذلك الوقت بأنها لا تضاهي مدينة بريستول البريطانية لا في الحجم ولا في الجمال. وأن محيطها حوالي ثلاثة أميال وتضم 15 ألف عائلة. ليس في المدينة ما يستحق المشاهدة سوى الجسر، والجامع، وقصر الوالي، والمقاهي، والسوق. يصف الجسر بانه يتكون من ثلاثين قارباُ مربوطة بسلاسل تفتح عند الحاجة. وعن المقاهي يقول أن الناس تتجمع فيها عند المساء لشرب القهوة وهي شراب أسود، ثخين، ومر. ويذكر سعة السوق وجمال الحدائق. ويتناول هيربرت كذلك بابل وتاريخها القديم وفتوحات الكسندر المقدوني في العراق، وحروب الإيرانيين والأتراك وسيطرتهم على العراق وذلك في الصفحات من 236 وحتى 306 حيث يقف عند موت شاه عباس في عام 1628. ووقعت بغداد بعدها تحت السيطرة العثمانية حين دخلها الغازي سليمان القانوني عام 1638.
رحلة الهندي كرستجي الى العراق بعنوان ( أرض النخيل) سنة 1916 – 1917.
من كتب الرحلات النادرة عن العراق، طبع في بومبي سنة 1918، امضيت سنوات في البحث عن نسخة أصلية، حتى وجدت واحدة بالصدفة مخبئة في مخزن (سرداب) “مكتبة المستشرق” في القاهرة سنة 2008 حين كانت تديرالمكتبة المرحومة نجوى كامي .. كانت النسخة متعبة الا ان سعرها مناسبا جدا لندرة الكتاب. وكما يحدث دائما بعد كل انتظار طويل، فبعد شهور قليلة فقط اتصل بي بائع كتب من بومبي في الهند يعرض علي نسخة ممتازة (كما في الصورة) وبسعر مناسب جدا .. وحين رأى هذه النسخة احد اصدقائي الكتبيين الانكليز في لندن عرض علي سعر مناسب جدا جدا .. كان يكفي لتكلفة رحلة بضعة ايام الى باريس مع زوجتي واولادي في صيف 2009. علمت بعدها انه باع النسخة الى مقتني كتب في الخليج بثلاث اضعاف السعر، فالرحلة تحوي عدة فصول عن الخليج العربي.
المؤلف كرستجي مانوكجي كرستجي من عائلة ثرية من الهنود البارسي .. وهم الزرادشت الذين هربوا من ايران بعد الفتح العربي ويشكلون طبقة غنية من التجار والأطباء في الهند. تخرج كرستجي في جامعة اكسفورد واخوه الاصغر في جامعة كمبردج البريطانيتين.
والكتاب عرض تفصيلي للرحلة من بومبي عبر موانئ الخليج الى البصرة، في 57 فصلا وفي اقل من 200 صفحة .. تشغل البصرة اغلب فصول الكتاب وكانت في بداية الاحتلال البريطاني .. لذلك كان المؤلف يزهو ويفتخر بان البصرة ستكون قريبا من توابع الهند .. وذلك لتأثير وجود القوات الهندية والبضائع الهندية التي جعلت من مناخ البصرة اقرب منها الى الهند لذلك تنبأ المؤلف انه في غضون سنوات قليلة ستصبح لغة الهند الاوردية هي لغة المدينة بدلا من اللغات العربية والتركية والفارسية السائدة حينها وكان يدعوا مواطنيه البارسيين خصوصا من الأطباء بالقدوم الى البصرة لنجاح الأعمال والتجارة في البصرة. وجدت على النت ترجمة عربية صدرت في المنامة في البحرين سنة 1989.
رحلة البريطاني كيبيل الى العراق سنة 1824
جورج كيبيل (1799-1891) سياسي بريطاني من عائلة ارستقراطية ومالك للأراضي، بعد أستقالته من وظيفته، ضابطاً في الجيش البريطاني في الهند سنة 1823، عاد الى بريطانيا عن طريق الخليج والعراق ثم عبر بلاد فارس وروسيا، بصحبة ثلاثة من اصدقائه في الرحلة.
وصل الرحالة الى العراق في 17 شباط 1824. في البصرة قاموا بزيارة الوالي وشاركوا في سباق للخيول خارج المدينة، ثم زاروا مدينة الزبير، حيث يصف المؤلف شوارعها المنظمة والنظيفة على العكس من شوارع البصرة، ولبوا هناك دعوة لشيخ الدريهمية. من البصرة استأجر الرحالة مركب لنقلهم الى بغداد عن طريق دجلة تحت قيادة ابو ناصر. وضع المؤلف مشاهدات الرحلة النهرية عبر القرنة والعزير والكوت وطاق كسرى حتى دخولهم بغداد يوم 21 آذار. يصف كيبيل اسواق بغداد وشوارعها ويأسف لغياب أثار مدينة هارون الرشيد التاريخية، لكن يبين جمال البساتين في بغداد، وكان الوالي داود باشا قد دعاهم لزيارة مزرعته على النهر خارج بغداد. كما يصف المؤلف الرحلة الى مدينة بابل، وكيف انهم استخدموا بعض العمال لاخراج اسد بابل الغائص في التراب والانقاض، وملاحظة تحطم رأس الأسد الذي كان قد شاهده كاملاً القنصل ريج قبل بضعة سنوات كما ادعى.
من المستغرب اشارة المؤلف الى كثرة تعاطي الكحول في العراق، فعند زيارة شيخ المحمرة سفينتهم في شط العرب طلب منهم البراندي واستهلك القنينة كلها خلال جلسته معهم، وكان ابو ناصر قائد المركب النهري من البصرة الى بغداد يشرب طوال الرحلة، وعند وصولهم بغداد طلب منهم هدية بما لا يقل عن خمسة قناني من البراندي!.
صدر الكتاب في لندن سنة 1827 في ثلاث طبعات، ثم اعيد طبعه سنة 1834.
الخارطة تبين طريق الرحلة من الخليج العربي الى روسيا.

اقرأ ايضا

نص نادر..مصطفى جواد بقلمه

طفولتي في (ديلتاوة) وأحداث الثورة العراقية فيهاولدت في الربع الأول من القرن الرابع عشر للهجرة …