شدراك يوسف يتحدث عن مباراة افتتاح ملعب الشعب الدولي

عبد الجبار العتابي
حدثني اللاعب الدولي السابق الراحل شدراك يوسف رحمه الله عن ذكرياته في مباراة العراف ونادي بنفيكا. قال:
لم تكن لدينا اي معلومات بافتتاح ملعب الشعب الدولي او مواجهة فريق اوربي عريق مثل بنفيكا البرتغالي وكل ما سمعناه من مساعد المدرب والظهير الجوي السابق المرحوم جليل شهاب بان منتخب بغداد سيلعب امام نادي بنفيكا البرتغالي وذلك قبل يومين من افتتاح الملعب.. فانتقل الفريق العراقي من مقر اقامته في قاعات معسكر الرشيد بواسطة عجلة عسكرية (تعبانة) الى فندق قصر دجلة في شارع الرشيد والمطل على نهر دجلة وبعد ان امضينا ليلة واحدة تقرر اجراء التمرين على ارض ملعب الشعب الدولي اول مرة وشارك في التدريبات والذي اشرف عليها المرحوم عادل بشير اللاعبون حامد فوزي ولطيف شندل ومحمد ثامر وجبار رشك وصاحب خزعل وقاسم محمود وحسن بله وسلمان داود ومظفر نوري ومحمود اسد وشامل فليح وحسين هاشم وقيس حميد وباسل مهدي وطارق الحجي وانور مراد وشدراك يوسف والبرت خوشابا وكوركيس اسماعيل وعبد كاظم ونوري ذياب ومحمد شعيطة..واستطرد شدراك في استذكاره: كانت ارضية الملعب في قمة الروعة والاثارة وتدربنا وكأننا نلعب على ملعب اسفنجي او (زولية كاشان).. وحتى هذا الوقت لم يكن فريق بنفيكا البرتغالي قد وصل الى بغداد الامر الذي قد يسبب في الغاء المباراة والتي اعلن عنها في الصحف المحلية والعالية وفي صباح يوم المباراة تم ابلاغنا بالتهيوء للمباراة بعد وصول بنفيكا فجر اليوم ذاته في مطار المثنى ليقيم في فندق بغداد حيث كان هذا الفندق من افضل الفنادق في العراق آنذاك. وفي تمام الساعة العاشرة صباحا قام المدرب المرحوم عادل بشير بالقاء محاضرة على اللاعبين في مقر الفندق الذي نقيم فيه لتسمية احد عشر لاعبًا لخوض المباراة التاريخية باسم (منتخب بغداد) ضد الفريق البرتغالي.
تألف الفريق العراقي من المرحوم حامد فوزي لحراسة المرمى وللدفاع حسن بله وحسين هاشم وجبار رشك وصاحب خزعل وللوسط شدراك يوسف وباسل مهدي وللهجوم كوركيس اسماعيل وقيس حميد وقاسم زوية والبرت خوشابا. واقيمت المباراة مساء بعد طلب الجانب البرتغالي في اعقاب وصول وفدهم متأخرا الى بغداد اما الفريق العراقي فتحرك بسيارته نحو ملعب الشعب الدولي ولم تصدق العيون ما رأته حيث فوجئنا بان الرئيس عبدالرحمن عارف يلف دورة كاملة بسيارته المكشوفة لتحية الجماهير الرياضية. وبعد ان احتل موقعه في المقصورة الرئيسية مع بقية المسؤولية في الدولة خرج الفريقان العراقي والبرتغالي وهما يمشيان على انغام الموسيقى العسكرية بينما كانت الطائرات تحلق في الجو لتصوير هذا الحدث الرياضي التاريخي.
ويمضي شدراك في استذكاراته مشيرًا الى اللحظات من دخول الفريقين الى الملعب: عندما مشيت الى جانب اوزيبيو لم اصدق بأنني سأقابل هذه الجوهرة فكيف وهو هداف كأس العالم قبل بضعة اشهر فكنا كلاعبين ننظر الى هؤلاء النجوم المحترفين والذين ملئت جيوبهم بالالاف من الدولارات فيما كنا نعيش كلاعبين براتب عسكري. عموما طلب منا الصعود الى المنصة لمصافحة الرئيس واستغرب لاعبو بنفيكا ذلك حيث ان راعي المباراة هو الذي ينزل لمصافحة اللاعبين فتقدمنا الى المقصورة من بابها الرئيسي من الخلف فصافحنا عبدالرحمن عارف واحدا تلو الاخر فاخذ كل واحد منا مركزه في الملعب.
واضاف شدراك الذي كانت نظراته تذهب بعيدًا: ليس لدينا المجال لوصف المباراة لكنني اقول بان الفريق العراقي والذي لعب باحذية اشبه بالمطاطية تمكن من ايقاف نادي بنفيكا والذي ارتدى ثياب غالية جدا بينما ارتدينا فانيلات كنا فزنا بها ببطولة كأس العرب عام 1966 في بغداد وتلقينا امرا بعدم تبادل الفانيلات مع الفريق البرتغالي (ماكو غيرها)، تمكن بنفيكا من اصابة مرمى حامد فوزي في منتصف الشوط الاول بعد لمحات كروية جميلة شارك فيها الجناح المرعب سيماش والذي وضع الظهير بله في جيبه مع توريش اطول لاعبي العالم وتمكن الاخير من مناولات قصيرة في احراز الهدف الاول لناديه من كرة رأسية وهو الذي سجل بعض اهداف البرتغال في مونديال انكلترا 66 وظل الفريق العراقي يلعب بروحية عالية جدا وبمؤازرة جماهيرية كبيرة فتألق الحارس حامد فوزي والجناح البرت والمهاجم قاسم زوية.. وفي الشوط الثاني دامت الارجحية للفريق العراقي وبعد وقت قصير انطلق الجناح البرت بسرعته الفئاقة مراوغا اكثر من لاعب برتغالي فمرر كرة متقنة الى المهاجم قاسم زوية قرب قوس الجزاء فسدد قاسم كرة صاروخية بيسراه لم يتمكن الحارس بيريرا من صدها لتعانق الشبكة وهو اول هدف عراقي يسجل في ملعب الشعب الدولي غير ان خبرة لاعبي بنفيكا اعادت المباراة في اتجاه اخر ففي الربع الاخير من نهاية المباراة احتسب المرحوم فهمي القيمقجي ركلة حرة لبنفيكا في ساحة الفريق البرتغالي مقابل المقصورة الرئيسية لعبها الظهير اوغستو بينما كان حامد فوزي متقدما ليحرز هدف الفوز لنادي بنفيكا البرتغالي. وبعد نهاية المبارا ةاحتفى الاتحاد العراقي بكرة القدم بالوفد البرتغالي في فندق بغداد وحضر لاعبو العراق ايضا دعوة العشاء وتم التقاط الصور التذكارية مع لاعبي بنفيكا البرتغالي والذين طاروا الى بلدهم ليلا. وفي اليوم التالي كافأ اتحاد الكرة لاعبي العراق بمبلغ (15) خمسة عشر دينار لكل لاعب على الجهود التي بذلوها في المباراة بينما قبض نادي بنفيكا آلاف الدولارات مقابل (90) دقيقة قضاها اوزيبو وجماعته في ملعب الشعب الدولي.

اقرأ ايضا

من أوراق خلص عزمي المطوية..في بغداد مجلس أدبي و علمي عامر

إعداد: ذاكرة عراقيةحفلت بغداد ـ كعادتها ـ بمجالس ذات الوان متنوعة الاداء؛ تتوزع على شرفات …