ملاحق المدى
مقالات ذات صلة
د. راشد الفهداوي
ظهر التعليم المهني في العراق في اواخر سنوات القرن التاسع عشر حيث تاسست اول مدرسة صناعية في بغداد عام (1871) أي خلال العهد العثماني وهذا ما اتاح للعراق ان يكون في طليعة الدول العربية في نشوء هذا النوع من التعليم الذي ظل يسير ببطء شديد حيث لم يكن في عموم العراق سوى ثلاث مدارس مهنية حتى نهاية عقد الثلاثينات ثم جاءت الحرب العالمية لتعرقل الخطط الدراسية التي تفيد تقدم التعليم المهني فضلاً عن استخدام المدارس المهنية للاغراض العسكرية من قبل البريطانيين.
ابدت وزارة المعارف اهتمامها بالتعليم المهني بانواعه المختلفة ويعد نوعاً من انواع التعليم النظامي الذي ياخذ على عاتقة اكساب المهارات والمعرفة المهنية للطلاب وتقوم به مؤسسات نظامية تكون بمستوى الدراسة الثانوية لكي يكونوا عمالاً ماهرين في مختلف التخصصات الصناعية والزراعية والتجارية والادارية والصحية والتعليمية, واظهرت لجنة (مونرو) اهتمامها بالتعليم المهني من خلال تقريرها الذي رفعته الى وزارة المعارف سنة (1932) وتضمن الدعوة الى التوسع بالتعليم المهني لضرورته في بناء الدولة.
كان التعليم المهني موضع اهتمام لجنة (مشروع العشر سنوات)حيث أوصت بان تفتتح في العشر سنوات المقررة للمشروع مدرسة ثانوية واحدة في مركز كل لواء بشرط ان تدخل الاعتبارات المهنية والتدريب العلمي في هذا التقدير, وأوصت اللجنة ان يضم التعليم المهني خمسة أنواع هي مدارس (الزراعة والصناعة والتجارة والفنون البيتية ودور المعلمين الريفية) ويبدو ان التعليم المهني لم يقتصر على هذه الأقسام او الأنواع ويتضح ذلك جلياً من خلال اطلاعنا على دراسات اخرى اضافت انواع جديدة الى التعليم المهني كالمدارس الصحية ومعهد الفنون الجميلة, ولابد من الاشارة الى ان بعض انواع التعليم المهني كانت قائمة قبل سنوات البحث والبعض الاخر استحدث خلالها.
وشهد عقد الخمسينات صدور عدة قوانين تخص التعليم المهني منها قانون ربط التعليم المهني رقم (14) لسنة (1953) وقانون نظام المدارس الزراعية رقم
(46) لسنة 1956 ثم جاء قانون المدارس الصناعية رقم (63) لسنة (1956) من تاليف لجنة استشارية لتوجيه التعليم المهني على ان تكون الدراسة خمس سنوات بعد الدراسة الابتدائية بعدها صدر قانون نظام المدارس الزراعية لسنة (1957) والذي اكد نشر التعليم الزراعي وبث الثقافة الزراعية الحديثة, وفي عام (1958) صدر نظام وزارة المعارف رقم (29) والذي حدد بموجبه مهمة وتكوينات مديرية التعليم المهني العامة.
ولاجل التعرف على انواع التعليم المهني لابد من دراسة كل نوع دون التقيد بسنوات ظهوره في العراق.
1- المدارس الصناعية
مدرسة صناعة بغداد
اغلقت اغلب المدارس الصناعية في بغداد بعد احتلالها من قبل البريطانيين عام
(1917) وكان من ضمنها مدرسة صناعة بغداد التي بقيت مغلقة حتى عام
(1919) حينما اعاد البريطانيون فتحها بعد ان استقر الامر لهم وذلك لحاجتهم الى العمال الماهرين او شبه الماهرين, كان هدف هذه المدرسة هو تهيئة كادر فني متخصص لادامة ورفد التنمية الاقتصادية, ومدة الدراسة فيها أربع سنوات بعد الدراسة الابتدائية, وفي الموسم الدراسي (1939- 1940) أصبحت المدرسة مكونة من خمسة صفوف منها صف عملي يقبل فيه التلاميذ الذين رسبوا في الفحص الطبي خلال التقديم للمدرسة, ثم زيدت سنة اخرى يدرس الطلاب في المدرسة التجارة والكهرباء والحدادة والخراطة والسباكة والبرادة.
وبعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها ارادت الحكومة العراقية تطوير الصناعة العراقية فاظهرت وزارة المعارف اهتمامها بالتعليم الصناعي فاحدثت تغييرات كبيرة في نوع الدراسة حيث قسمت صفوف الدراسة الى قسمين, قسم حرفي وقسم خاص وتبدأ من السنة الثالثة على ان تبقى الدراسة عامة في الصفين الاول والثاني, ويقبل الطلاب الناجحون من الصف الثاني الى الثالث في القسم الخاص اما الطلاب المتوسطون والمتاخرون فيقبلون في القسم الحرفي الذي لم يلبث طويلاً فالغي في العام الدراسي (1946- 1947), والذي شهد ايضاً زيادة سنوات الدراسة في المدرسة سنة اخرى لتصبح خمس سنوات الامر الذي جعل وزارة المعارف تخير الطلبة الخريجين لموسم الدراسي (1945- 1946) بين الاستمرار بالدراسة وقبولهم في الصف الخامس وحصولهم على الحقوق التي تعطى لخريجي هذا الصف وبين ان يمنحوا شهادة التخرج من الصف الرابع ويكتسبوا نفس حقوق الطلاب الذين تخرجوا من هذا الصف في السنوات السابقة وقد وافق الطلاب على تكملة الدراسة في الصف الخامس.
وفي عقد الخمسينات حظي التعليم الصناعي باهتمام وزارة المعارف من جديد حيث قامت بفتح مدارس صناعية جديدة منها ثلاث مسائية في بغداد والبصرة وكركوك لتتيح بذلك الفرصة امام الطلاب الذين أجبرتهم ظروف الحياة على عدم الالتحاق بالدراسة الصباحية, إضافة الى فتح مدارس أخرى في السليمانية والسماوة والنجف وعنه.
وشهدت سنة (1957) توقيع اتفاقية بين العراق وألمانيا الاتحادية لغرض إنشاء مدرسة صناعية وقد تم افتتاحها في الموسم الدراسي (1958 –1959) باسم ثانوية الصناعات الميكانيكية.
مدرسة الهندسة الصناعية في بغداد:
تم افتتاح هذه المدرسة في العام الدارسي (1949- 1950) حيث تم قبول الطلاب من خريجي الدراسة المتوسطة ومدة الدارسة فيها خمس سنوات, ولم يكتب لهذه المدرسة ان تستمر طويلاً بعد ان قامت وزارة المعارف بالغائها في الموسم الدراسي (1951-1952) وفتحت لطلابها صفين في كلية الهندسة لاكمال دراستهم حتى تخرجت اخر وجبة من الصف الخامس في نهاية العام الدراسي (1954-1955.
مدرسة الزراعة
اعيد افتتاح هذه المدرسة في العام الدراسي (1939 –1940) بعد ان تعرضت لتوقفات عدة منذ تأسيسها عام (1927) في الرستمية من قبل وزارة الري والزراعة, كانت مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات بعد الدراسة المتوسطة وتعرف المدرسة في ذلك الوقت ب(الكلية الملكية الزراعية) وتدار من قبل مديرية الزراعة العامة وهي تحت اشراف وزارة المعارف.
تهدف الدراسة الزراعية الى تخريج موظفين يتسلحون بالخبرة في كافة امور الزراعة حتى تسد الوزارة النقص الحاصل في دوائرها المنتشرة في مدن وقرى العراق حيث كانت هذه المدرسة تقبل الطلاب من كل انحاء العراق وبنسبة معينة لكل لواء (, وفي اول سنة دراسية بعد اعادتها تم قبول (25) طالباً فيها ثم تزايدت اعدادهم حتى وصلت الى (111) طالباً في العام الدراسي
(1949- 1950), الذي شهد ايضاً فك ارتباط المدرسة من وزارة الري والزراعة وارتباطها بوزارة الاقتصاد, وعند تشكيل الوزارة الجديدة في عام
(1951) اعيد ارتباطها بوزارة الزراعة.
يتضمن جدول الدروس الاسبوعي عشر مواد دراسية بالنسبة للمرحلة الاولى فيما يتضمن جدول السنة الثانية احدى عشر مادة والمرحلة الثالثة خمس عشرة مادة اذ اشتمل المنهج على علوم كثيرة منها الطب البيطري وعلم الحيوان وعلم النبات والامراض الفطرية وفلاحة البساتين والهندسة الزراعية والتزام الاراضي والتاريخ الطبيعي وغيرها من المواد الاخرى.
مدرسة التجارة
انشات وزارة المعارف عام (1939) مدرسة التجارة المستقلة وتم قبول الطلاب من خريجي الدراسة الابتدائية والمتوسطة حيث جعلت الدراسة فيها متوسطة واعدادية ولمدة خمس سنوات كاملة وانتظم (100) طالب في الصف الاول و (40) طالباً في الصف الرابع وذلك في العام الدراسي 1939- 1940 والغاية من تاسيس المدرسة التجارية هو اعداد موظفين مختصين في العلوم التجارية والمالية لغرض سد النقص الحاصل في الدوائر والمؤسسات التجارية الحكومية او الاهلية.
الغيت مدرسة التجارة عام (1941) خلال الحرب العالمية الثانية حيث الحق القسم المتوسط بالمدارس المتوسطة فيما الحق القسم الاعدادي (الرابع والخامس) بالثانوية المركزية, ثم مالبثت الوزارة ان سارعت الى اعادة فتح الثانوية التجارية في العام الدراسي(1942-1943) بصفيها الرابع والخامس في بناية ثانوية الصناعة ولكن بادارة مستقلة, اضافة الى ان الدراسة اصبحت بفرعين الاول عربي والثاني انكليزي نظراً لحاجة الدولة الماسة الى موظفين مختصين بالاعمال والمراسلات التجارية داخلياً وخارجياً.ويبدو ان التذبذب كان الصفة الغالبة على هذه المدرسة من خلال اعداد الطلاب الذين يقبلون فيها وعدد مرات غلقها.
مدرسة الفنون البيتية:
تاسست هذه المدرسة في العام الدراسي(1932-1933) من قبل وزارة المعارف وجعلتها خاصة بالبنات وكان الغرض منها تعليم البنات ما يخص حياة المرآة كالتدبير المنزلي وكيفية العناية بالطفل واصول المنزل والخياطة والتطريز والحياكة والموسيقى.
غن رسالة (الحياة الثقافية في بغداد 1939ــ 1958)
