اقبال نعيم.. وداعاً لمسرح حي

علي حسين
مزيج فريد من سجايا وطباع الفنانة المثقفة، والانسانة التي تترفع عن الصغائر. ممثلة فائقة الاقتدار، وعلامة دالة على توجه الفنان الحقيقي الى التقدم والإبداع.
هكذا كنت أرى المتميزة اقبال نعيم يوم كانت تخطو اولى خطواتها في المبنى العتيد لمعهد الفنون الجميلة لتقدم على حشبته اجمل ادوارها في مسرحية ” تألق سعيد محاد ومصرعه ” المعدة عن مسرحية نيرودا الشهيرة ” تألق جواكان مورييتا ومصرعه “..
اقبال نعيم ابنة جيل مسرحي اجاد حرفة الفن، جيل مغامر، متطلع، جيل حالم لم يكن يتصور ان احلامه ستبتلعها المغامرات السياسية ودبابات الحروب.. تقاسمت اقبال نعيم مع مجموعة من ابرز ابناء جيلها مهمة الخروج بالمسرح العراقي الى قضاءات جديدة، مستندين على ارث اساتذتهم الكبار – سامي عبد الحميد، قاسم محمد، عوني كرومي، فاضل خليل، صلاح القصب “.
جيل كان يحلم بمسرح يتوهج بالاختلاف، ويعيش بالاحتجاج، ويكون تعبيرا صادقا عن ثقافة الزمن الجديد، جيل لم يكن يريد ان يفلت منه شيء، من دون ان يكون طرفا حاضرا في ساحته، مشهرا اسهامه واضافته.
اقبال نعيم صاحبة موقف مسرحي مفعم بالاحساس والقيمة الفنية والثقافية، لا تترك اي مساحة في الدور الذي تؤديه إلا وتسنخرج كل ممكناتها، لترصع الخشبة برؤى ودلالات تظل حاضرة في الذهن.
هي ابنة مخلصة لاكاديمية مسرح الفن الحديث، وتلميذة ” شاطرة ” في جامعة فرقة المسرح الشعبي. جزء من ذاكرة مسرح حي كان يسعى لأن يفسح مكانا للضوء في حياتنا.
في كل الاعمال التي قدمتها على المسرح، كانت اقبال نعيم تشيع قدرا من الحيوية والجمال، مما جعل منها نغمة متميزة في دائرة فن التمثيل العراقي. كانت فرحة بما تبدع، وتجلى ذلك في القائمة الذهبية من الاعمال المسرحية التي لن تغادر ذاكرة مسرحنا العراقي.. ممثلة تخلصت من عبودية النمطية، ومن الدعوات التي تريد ان تحل ” مسرح السذاجة ” مكان ” مسرح الحياة.
ترحل اقبال نعيم عن عالمنا، بعد ان ملأت خشبة المسرح بالفرح الانساني، والاعمال المتميزة التي كانت من خلالها مصصمة على الدفاع عن حدودودها الابداعية، في مواجهة جيوش الاحباط، واستسهال الفن. وسنظل نتذكرها كواحدة من أجمل الكلمات التي نطق بها مسرحنا العراقي.

اقرأ ايضا

إقبال نعيم..غرام الخشبة

نعيم عبد مهلهل1عندما يفقد العراق بهجة الأداء وعطر من وردة هاملت وأيامنا الممسرحة في ذاكرة …