من حوادث العراق في أواخر سنة 1926

إعداد: ذاكرة عراقية
استقالة الوزارة السعدونية وقيام الوزارة العسكرية
استعفى عبد المحسن السعدون من رئاسة الوزارة في ١ ت٢ فقبل الملك استعفاءه ثم اتجهت الأنظار إلى جعفر العسكري الموجود في لندن فأبرق إليه ليستطلع رأيه فرضي بقبول ما عهد إليه وفي ١٨ ت٢ وصل إلى بغداد للقبض على زمام الوزارة وفي ٢١ منه ألف وزارته على الوجه الآتي؛ وصدرت بها الإرادة الملكية:
جعفر العسكري رئيس الوزارة ووزير الخارجية
رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية
ياسين الهاشمي وزير المالية
رؤوف الجادرجي وزير العدلية
نوري السعيد وزير الدفاع (على أن تبقى بعهدته وكالة القيادة العامة)
محمد أمين زكي وزير الأشغال والمواصلات
السيد عبد المهدي وزير المعارف
أمين عالي باش أعيان وزير الأوقاف

  • الأمطار في بغداد وسائر أنحاء العراق
    انهمرت مياه السماء في مساء ٧ ت٢ ولم تنقطع إلاَّ في مساء ١١ منه ثم عادت إلى السقوط في ١٦ إلى ٢١ منه بأوقات متفاوتة وبمقادير مختلفة وهو أمر لم يشاهد مثله وبهذا الوفر في شهر تشرين الثاني من السنين المارة. فقد هطل في هذه الأيام ما جاوز خمس عقد (انجات) ودونك مقابله ما هطل منه في الأيام الماضية بما تدفق منه في هذه الأيام إلى ٢٠ من ت٢.
    سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة ١٩٢٢ ما يساوي ٠. ٠٧ من العقدة (الانج)
    سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة ١٩٢٣ ما يساوي ٠. ٠٢
    سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة ١٩٢٤ ما يساوي ٠. ٠١
    سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة ١٩٢٥ ما يساوي ٠. ٤٥
    سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة ١٩٢٦ ما يساوي ٥. ٠٠
    وأعظم مقدار وقع من المطر كان في سنة ١٨٩٤ إذ بلغ ٤ عقد و٨٤ جزءا من المائة واعظم من هذا القدر كان في شهري شباط وآذار من سنة ١٨٩٠. إذ بلغت في شباط ٥ عقد و٩٠ من المائة. وفي شهر آذار ٥ عقد و٧ من المائة.
    ومن غريب أمر هذه الأمطار أن الليالي كانت صاحية والانهرة ماطرة.
    وبعد أمطار ٢١ ت٢ أوشكت المدينة على الغرق من تهطال الأمطار. فلقد أضحت الشوارع والأزقة جداول وبحيرات. أما الجادة الكبرى فلقد كانت نهرا حقيقيا بطولها وعرضها وعمقها فبعثت أمانة العاصمة بخنزيرة (بآلة رفع) ذات ست عقد لجر المياه وتسريبها إلى النهر واشتغلت طول الليل بل مدة ٩ ساعات إلى أن قذفتها في دجلة.
    ثم تابع موظفو الأمانة دفع المياه إلى دجلة في بقية الشوارع والمحلات.
    وأما في الأيام التي سبقت وكانت في العقد الأول من الشهر أرسلت بمضخات الحريق لا للإطفاء، إذ لا نار هناك، بل لتنقل المياه والأوحال المتراكمة في الشارع الأعظم. وهذه المرة الأولى من حياتنا رأينا مضخات الإطفاء تتخذ لتنشيف الطرق وتنظيفها. فوزعت المضخات على الوجه الآتي:
    المضخة الأولى للحريق لإزاحة المياه المتراكمة أمام وزارة الأوقاف وفندق مود.
    المضخة الثانية للحريق لإزاحة مياه الميدان وشارع السراي (أي دار الأمارة)
    المضخة الثالثة مضخة يد لجر المياه المتراكمة في شارع المصبغة
    المضخة الرابعة مضخة يد لجر المياه المتراكمة في شوارع الفضل
  • عيث الأمطار
    لا يخلو تتابع الأمطار من إيقاع الأضرار بمباني العراق. فلقد تهدمت تسعة أجسر بين ٧ و١٠ ت٢ من جسور سكة الحديد الواصلة بغداد بالبصرة ولقد أعيد بناء ثمانية منها أما التاسع فكبير يبلغ طوله مئتي قدم وعمقه تسع أقدام والناس جادون دائبون في إصلاحه. ويتم سفر الرجال ونقل البريد بواسطة القطار المعد في الجانب الآخر من جهتي الجسر، ثم هطل الغيث في ١٩ و٢٠ منه فعاث بالجسور عيثا أعظم.وقد وقعت أضرار أخرى في الخط الذي في شمالي (الشعيبة) بقرب البصرة إلاَّ أن تلك الثلم أصلحت بعد انهمار الأمطار بدون تأخر؛ فلم يحدث من الإعاقة إلاَّ شيء قليل إذ نقل المسافرون على السفن لمواصلة سفرهم بدلا من القطار.ولم يسلم خط قراغان وخانقين من بعض الأضرار إلاَّ أنها لم تهمل فأصلحت بسرعة عجيبة ثم عادت الأضرار بعد أمطار ١٩ و٢٠ ت٢.والشلب (أي الرز) المزروع في قضاء دلتاوة تضرر وتأذت مزروعات الماش والذرة في جهات كثيرة.وانهارت دار في العوينة على ثلاثة هنود كانوا فيها فأخرجوا من تحت الهدم أحياء وأرسلوا إلى المستشفى؛ وهدمت دائرة هندسة أمانة المدينة قسما عظيما من سوق الشورجة.وسقط جانب عظيم من أحد حيطان سوق العطارين ومعه بعض الدكاكين بدون ضرر في النفوس.وسقط في البصرة حائط غرفة في محلة يحيى زكريا فدفن تحته صبيين.وفي خانقين جرفت مياه الأمطار القناطر الصغيرة وتهدم ما يقارب أربعين بيتا ودكانا ومات شخص واحد تحت الردم.
    وطغت مياه نهر الوند ولم تحدث ضررا وجرف نهر ديالى السدة التي كانت عليه.
    وفي النجف سدت مياه الأمطار بعض الأسواق والشوارع والأزقة.
  • سالار الدولة في بغداد
    سالار الدولة هو أصغر أنجال مظفر الدين شاه إيران وعم الشاه الأخير المخلوع احمد شاه. وكان قد ثار على الشاه الجديد رضا خان بهلوي في أنحاء كردستان الفارسية منذ شهر آب. فوفق في بعض الغزوات إلاَّ أن أصحابه الثائرين خارت قواهم في الآخر لقلة ما في أيديهم من المال ووسائل الدفاع. فغادروه وانتقلوا إلى ديار العراق، ثم جاز هو أيضا تخوم فارس إلى حدود العراق فقبض عليه في أنحاء اربل في ٢ ت٢ وفي منه وصل إلى بغداد.
    وكان سالار الدولة قد ثار مرتين قبل ثورته هذه إحداها في سنة ١٩٠٧ ومرة أخرى قام فيها على محمد علي شاه وحاول اختلاس الصولجان فلم يفلح إلاَّ أنه لم يقنط.ولما انقلب الحكم ثار مرة ثالثة وحاول التقدم إلى كرمنشاه وكانت الحكومة قد اشتغلت عنه بثورة خراسان فلما أخمدت تلك النار جاءت لتخمد النار الملتهبة في كردستان فنجحت، فأضطر إلى الفرار إلى اربل وقد نوت حكومة العراق على إخراجه من ديارها مجاملة
    لجارتها إيران.
  • افتتاح مجلس الأمة في دورته الثانية
    في الساعة العاشرة من صباح أول تشرين الأول اخذ الناس يتقاطرون إلى بناية مجلس الأمة وحضر في الشرفة وكيل المعتمد السامي المستر برديان وعقيلته وقائد القوات البريطانية وممثلو الدول الأجنبية وعدد جم من رجال الجالية البريطانية ورؤساء الدواوين من عراقيين وإنكليز وعدد عظيم من الناس على اختلاف طبقاتهم وجلس رجال الصحافة في مجلس خاص في شرفة المستمعين.ولما كانت الساعة العاشرة ونصف دخل الردهة الأعيان والنواب ثم دخل جلالة الملك المعظم يتبعه الوزراء ورجال الحاشية. وكان جلالته بثياب عربية.
    وفي منطقته خنجر ذهب فتلا خطبة العرش، ثم غادر الردهة بين الهتاف والتصفيق ثم تبعه الأعيان فاجتمعوا في موطنهم الخاص بهم.ثم جرى انتخاب الرئيس وكان عدد النواب الحاضرين ٧٩ ورشحت الحكومة حكمت سليمان إلا أن رشيد عالي الكيلاني نال اكثر الآراء إذ كان الذين له ٤٣ والذين كانوا لحكمة سليمان ٣٣ وبقيت ثلاث أوراق بيضاء.وانتخب الأعيان للرئاسة يوسف السويدي وكان عدد الذين له عشرة والذين للصدر سبعة، وبقيت ورقة واحدة بيضاء لأن الحاضرين كانوا ثمانية عشر.
  • سفر المعتمد السامي
    طار فخامة المعتمد السامي صباح ٢٢ ت١ من الهنيدي قاصدا بور سعيد ومنها ركب البحر إلى لندن ومنها إلى جنيف لحضور بعض مجالس عصبة الأمم.
  • غرفتا تجارة في الموصل والبصرة
    أنشئت غرفتا تجارة بعد غرفة تجارة بغداد الواحدة في الموصل والثانية في البصرة وذلك في شهر تشرين الأول اقتداء بما فعلته العاصمة.
  • الثقة بالوزارة العسكرية
    فازت الوزارة العسكرية بثقة المجلس النيابي بإجماع ٧٨ رأيا وكان مجموع النواب ٧٩.
  • عبد المحسن السعدون
    فاز عبد المحسن السعدون في الانتخاب برئاسة مجلس النواب وكانت الأكثرية ساحقة وترأس الجلسة التي عقدت في ٢٨ ت٢ توا بعد انتخابه.
    (تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره) ــ مجلة لغة العرب لسنة 1926.

اقرأ ايضا

تمثال الملك الاول بين الفن والسياسة

صادق الطائيلم تكن بغداد العثمانية تعرف النصب والتماثيل، لأنها ببساطة لم تكن تعرف الشوارع والساحات …