رعد كريم عزيز
استطاع الشاعر موفق محمد ابو خمرة ان يمد جذور قصيدته وحياته بمدينته الحلة الى اعماق غائرة, لذا توثقت علاقته بالناس حتى اصبح واحدا مميزا بطريقة شعره وضحكته, وهذا ميزة لا يملكها الى النجم التلفزيوني او السينمائي, ومما ساعده على تاثيث شهرته وامتداد شعره الى افاق واسعة في المدينة الغافية على نهر الفرات علاقته بمهنة التدريس الثانوي التي وفرت له جمهورا شبابيا نشطا صفق لشعره واصغى لطريقة تدريسه الفريدة وتطويع الشعر الشعبي والغنائي في حشاشة الشعر الفصيح, واصبحت قصيدته المحتدمة جاذبة لاعداد غفيرة في العراق سيما بعد انتشار الاتصالات الحديثة وتسليط الاضواء الاعلامية على شخصيته ومسعاه الادبي وكذلك في المحافل الادبية الكثيرة, وساهم هذا التلاحم الجماهيري في عدم الخشية من الرقابة وفتح الابواب على مصراعيها لمشاهد الغياب والمقابر الجماعية وهو يسأل عن مصير ابنه عدي الذي غاب في تراب العراق دون قبر او شاهدة, وكذلك سوء الاحوال ورفع اصابع الاتهام لكل سارق ومخرب, وتعالى الحماس ووصل الى نصب تمثال له وسط المدينة وهو حي.. ماذا يريد الشاعر اكثر من هذا الاحتفاء؟.
حكاية صورة
ومن خلال تجربة واحدة في احد المرابد في تسعينات القرن الماضي سكنا في غرفة واحدة بفندق المنصور ميليا فاصبحت الغرفة مضيفا وديوانا مفتوحا للاصدقاء, الراحل قاسم عبد الامير عجام والشاعر هادي الناصر ابو شموس والشاعر والمهندس حيدر الفيحان والصحفي والروائي لاحقا جمال العتابي و الراحل المذيع احمد المظفر والشاعر سلمان داوود محمد والروائي طه حامد الشبيب والمصور سعد جاسم الزبيدي قبل سفره الى فرنسا والذي كان يملك ستوديو في عمارة جقمقجي في بداية شارع الرشيد فكان اقتراحة صورة جماعية فكان من اليمين قاسم عبد الامير عجام وكاتب السطور في الوسط وعلى اليسار الشاعر موفق محمد وفي المقدمة المصور سعد جاسم الزبيدي حيث تم توقيت الكاميرا لاخذ صورة سيلفي بالطريقة القديمة.
تلك الايام كان للصورة قيمة زمنية كبيرة فكان التوقيت يذكرنا قبل اليوم بالراحل قاسم عجام واليوم اصبحت بين راحلين اقسم الدموع بين قاسم وموفق الذي جمعتنا به اكثر من جلسة في قناة الحرة عراق مع الاعلامي فلاح الذهبي والصحفيان فاضل النشمي وقيس حسن حين حل ضيفا على برنامج سيرة مبدع من تقديم الشاعر عارف الساعدي.
موفق محمد لا ينسى بسهولة فهو يعيش بين الناس انسانا خفيف الظل وشاعرا يقلبك على نار من الوجع العراقي اللاهب وعلى حد تعبير صديقنا حميد عبد الرضا نزام مخاطبا موفق محمد وكانه لم يمت”دخلت قلوب الناس ودفنت في افئدتهم قبل ان تدفن في مقبرة السلام”.
يا موفق الى لقاء في تراب لم يرحم اقدامنا المتعبة من الحروب والهم والسعي نحو الحرية والسلام.
اقرأ ايضا
بلند الحيدري ولقاؤه الاول بالرصافي في الفلوجة
علي عبد الاميرذكر بلند الحيدري :كنت أنتصر لجميل صدقي الزهاوي (1862 – 1936) واتجاهه الفلسفي والاجتماعي ودفاعه …