20 عاما على رحيله..شذرات طريفة من مذكرات اللاعب الدولي جميل عباس (جمولي)

إعداد: ذاكرة عراقية
في مثل هذه الايام من عام 2005 توفي اللاعب الدولي العراقي جميل عباس المشهور باسم (جمولي)، ومن محاسن الايام ان ينشر جمولي مذكراته الكروية بحلقات في احدى المجلات العراقية الذائعة، نلتقط منها الطرائف التالية:
وفي عام 1950 زار بغداد منتخب الباكستان لكرة القدم ليلعب مع فريق الحرس الملكي مباراة ودية ويومها كنا نسمع عن مستوى باكستان الجيد.. فاستعان فريقنا باللاعبين ناصر جكو وعادل بشير .. وفي يوم المباراة فوجئنا بنزول اللاعبين الباكستانيين (حفاة) ومن غير أحذية للعب وكانوا يربطون أمشاط أقدامهم ب (لفاف)..
مرت الأيام وتعرض فريقنا الحرس الملكي إلى هزيمة قاسية أمام الفريق العسكري في كركوك حيث خسرنا وفي ملعبنا بهدف واحد مقابل لاشيء, وأثارت هذه الهزيمة حفيظة النقاد و المراقبين لأنها غريبة ومفاجئة.. لأن من الصعب أن نعطي خسارة مع فريق أقل منا شأنا ومستوى فقد تأثر المسؤولون عن الفريق تأثرا بالغا وتزعزعت الثقة بنا وكانت نكبة وكبوة مثقلة بالألم.. والمباراة التي أحدثكم عنها كانت ضمن بطولة الجيش السنوية ومبارياتها كانت تقام على طريقة التسقيط المزدوج, فالذي يخسر مرتين يخرج من البطولة.. وعليها عندما خسرنا صممنا أن نهزم جميع الفرق الأخرى ونلاعب فريق كركوك على الكأس.. وحل موعد المباراة الختامية ومع حلول موعدها أطلقت الإشاعات عن خسارتنا ثانية وإن اللاعب عادل عبد الله من كركوك مصمم على تسجيل أكثر من هدف برغم وجود جمولي في الدفاع!!..
خضنا المباراة بعزيمة راسخة وتصميم لكي نثار لهزيمتنا السابقة ونرد اعتبار فريقنا وفي ضوء الإشاعات قررت أن ألقي القبض على عادل عبد الله لأمنعه من الوصول إلى الهدف وفعلا وضعت الحواجز الصعبة أمامه وسجلنا في مرمى فريقه ستة أهداف نظيفة مقابل لاشيء لهم..
عواصف ترابية وعواصف كروية
في إحدى المباريات التقليدية بيننا وبين القوة الجوية بملعب الكشافة بقي على نهاية المباراة عشر دقائق فقط ونحن نتقدم على القوة الجوية بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد وأعتقد الجميع إن المباراة لصالحنا لا محال وفعلا خرج قسم من الناس وتركوا الملعب للاعتقاد ذاته وفجأة عصفت بالملعب زوبعة ترابية خالطتها غيمة تفيض بالمطر الغزير,
ووسط هذه الزوبعة برز ناصر جكو ليصنع فرصة عظيمة للاعب قحطان عمارة ليسجل الأخير هفا للقوة الجوية فأصبحت النتيجة 3-2, واقتربت الدقائق وأوشكت المباراة على الانتهاء ومن كرة عالية فوق منطقة جزاء مرمانا تصدى لها ناصر جكو وبحركة سحرية أرسلها سريعة مذهلة لتدخل الهدف على يسار حارس المرمى إسماعيل مهدي ومن جانب عمود الهدف وبدخول كرة ناصر جكو هدفنا أعلن الحكم عن انتهاء المباراة بالتعادل بثلاثة أهداف لكل من الفريقين وسط إعجاب ودهشة الجمهور..
ومن الطريف إن أحدهم سأل حامي الهدف إسماعيل مهدي (لماذا يا أبا حقي لم ترم نفسك على الكرة التي ضربها ناصر جكو؟).. ضحك الحارس إسماعيل ورد ساخرا لم أشاهد الكرة حتى أرمي بنفسي عليها ولم ألحظها إلا وهي في الهدف!!.
الحياة تمضي وتزدحم بالأحداث ومعها كنت أتنقل ما بين الأمل والحزن, ولا شك كان هناك الكثير من الخيبات, ولكن, والحق أقول لكم لم يحدث أن تطرق في داخلي اليأس.. لقد بقيت لاعب كرة, أحب اللعب, وأحب تطوير هذه المهنة الجميلة التي ملكت حياتي كلها, وبمرور الزمن فقد منحت بعض الأحداث الجديدة طعما جديدا في حياتي, كان مستقبلي يمضي في طريقه.. فقد منحت قدما في (الترفيع) وتجمعت (خيوط) الرتبة في أعلى ساعدي كرئيس عرفاء, بينما كنت أحتل منصب رئيس الفريق العراقي الوطني والعسكري بكرة القدم.. وفي هذه المناسبة لابد لي أن أشير إلى قصة منحي رتبة ملازم بالجيش العراقي, فهي قصة تشكل شيئا مثيرا في حياتي..
أصبحت ضابطا في الجيش العراقي
وفي يوم 25 آيار 1957 تم ترقيتي إلى رتبة ملازم ثان بالجيش العراقي بعد أن مارست مهمة آمر فصيل عاما ونصف العام حتى جاء موعد الترقية الجديد.. وفي العام ذاته شاركنا في بطولة الدورة العربية في بيروت وفيها تعرضنا للحوادث والإصابات والضرب بشكل لم تألفه الروح الرياضية ولا مشاعر الود والأخوة.. وعلى أثر ذلك قررنا الانسحاب من البطولة وكان علينا أن نخوض أولى مبارياتنا بكرة القدم أمام المنتخب المغربي الشقيق.. وعندما علمنا بقرار الانسحاب من الدورة ذهبنا إلى المدينة لنشتري بعض الحاجيات والهدايا.. ولكن بغداد في تلك الفترة لم ترض بالانسحاب وأبلغ رئيس الوفد الأستاذ أكرم فهمي أن تستمر الفرق في مبارياتها والذي لا يشترك سوف يتعرض للحساب العسير.. وفي ضوء هذا الأمر تم جمع اللاعبين من الأسواق استعدادا للمباراة الأولى وسط تحفظهم وامتعاضهم لهذا الأجراء وإن كان العديد من إخوانهم أعضاء لوفد العراقي الرياضي يرقدون في أسرة المستشفى جراء إصاباتهم البليغة!!..
وقد حاول الأستاذ أكرم فهمي أن يشرح للاعبين الظروف غير الطبيعية التي تعرض لها وضرورة الاستجابة للعب خوفا من العواقب.. وقد قلت للأستاذ إسماعيل محمد مدرب الفريق إنني أعترض كرئيس للفريق على هذه المباراة أو العودة إلى اللعب لأن اللاعبين في وضع سيء لا يساعدهم على أداء دورهم ومهمتهم بهذه المباراة.. ولكن السيد المدرب كان يعاني كما نعاني وقال لا مفر سوى الاستجابة واللعب, وكانت مهمتنا صعبة للغاية لأن الفريق المغربي كان مشهورا جدا وقد حضر إلى لبنان لكي يحمل كأس كرة القدم.. يوم مباراتنا مع المغرب كان مشهودا, والحديث الذي دار بين الأمير الحسن والأستاذ أكرم فهمي في يوم المباراة ما زال حاضرا في ذهني..
بعد أن تم (تهديم) الفرق الرياضية بالحرس الملكي ذهبت لفريق الفرقة الثالثة وهناك التقيت باللاعب والمدرب عادل بشير وبدأنا نبني صرح فريق جديد يحمل الفرقة الثالثة وقد تفرغت تماما للعب والتدريب المتواصل ولم أكن أعرف من لاعبيه بقدر معرفتهم بي وحبهم للعب معي حتى التحقت المجموعة التي لعبت لهذا الفريق سنين طويلة وهي مؤلفة من اللاعبين المعروفين:
حسن بله وكوركيس إسماعيل ومحمود أسد وأنور مراد وعلي عطية وطرزان ولسن وغيرهم من الذين شيد على جهدهم بناء هذا الفريق الذي أحتل فيما بعد موقع الصدارة بين الفرق العراقية.. وقد حصلنا على بطولة الجيش بعد أن تكامل الفريق ونضج مستواه حيث بذل السيد علي بشير جهودا عظيمة في تطوير مستوى الفريق والعناية بلاعبيه وكان له الدور البارز والمهم في تقديم مستوى هذا الفريق.. ولكن بعد عام 1963 حصلت تغييرات في بعض تشكيلات الوحدات العسكرية خسرنا خلالها اللاعب حسن بله حيث انضمت الجهة التي يلعب فيها إلى البصرة ولم نتمكن من سحبه لأنهم في البصرة يعرفونه واعتبروها فرصة لهم لكي يلعب حسن بله لصفوف فرقهم وفعلا بذل هذا اللاعب جهودا طيبة في تشكيلات محافظة البصرة. ومن الجدير بالذكر إن السيد عادل بشير تم اختياره مدربا للمنتخب العسكري وأخذ يشرف على إعداد الفريق وحققنا نجاحات كبيرة وباهرة.
مجلة (الاذاعة والتلفزيون) لسنة 1977

اقرأ ايضا

ملف ثورة العشرين..ثورة العشرين في الكتابات التاريخية

د.عبدالله حميد العتابيتعدُّ ثورة العشرين من أبرز الأحداث في تاريخ العراق المعاصر, ويمكن القول إنَّ …