طرائف ..لماذا غرم القاضي الجالسين عشرة فلوس

طرائف ..لماذا غرم القاضي الجالسين عشرة فلوس

حسين علي محمد الشرع
تعتبرُ كلية الحقوق العراقية من انجح واهم الكليات من حيث الدراسة والتدريسيين وهذا باعتراف العرب والأجانب الذين درسوا وتخرجوا منها فقد تبوءوا المناصب العالية سواء في الحكم أو في القضاء الواقف فقد درس وأشاد فيها الأستاذ وحيد الذي أصبح رئيس وزراء ماليزيا وكذلك الدكتور

علي بوتو رئيس وزراء باكستان الراحل ووزراء من السنغال ونيجيريا واندونيسيا والهند الذي كان الزميل مستر احمد الملحق الصحفي في السفارة الهندية ببغداد يدرس فيها سنة 1955. وعند التخرج عين سفيرا للهند في تركيا وكذلك الضابط العراقي الذي تخرج من الحقوق والأركان واسمه عبد القادر والذي كان ملحقاً عسكريا في موسكو قبل قطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وجعلها مفوضية في العهد الملكي ورجع إلى بغداد وقال لنا في بغداد إن قيادة الجيش السوفيتي طلبت منه أن يلقي محاضرات بالقوانين المرعية في العراق فوافقت حكومته واخذ يدرسها على الضباط الروس وغيرهم ومنح درجة (جنرال) من قبل القيادة السوفيتية وفي وقت الـ (السنوسي) في ليبيا ذهب لتدريب وتنظيم الجيش الليبي ويشهد على ذلك الرئيس الليبي معمر القذافي الذي تخرج من الكلية العسكرية العراقية وكذلك الرئيس اليمني الحالي وغيرهم وعندما نذكر الكلية العسكرية فأنها لها علاقة بالقانون وحقوق الإنسان. فقد تخرج من كلية الحقوق العراقية أساتذة وقضاة فقد أصبحوا مستشارين وذات اختصاص في العالم العربي وفي المحافل الدولية منهم العراقيون وغير العراقيين أما الذين عملوا في العراق واقصد القضاة والمحامين فكانت لهم صولة وجولة ولا تأخذهم في الحق لومة لائم ولا يسكتون على ضيم لحق بالشعب العراقي أو العربي واضرب للقارئ الكريم مثلا ومنهم ابو العبس والنعساني والاعرجي الذي تم في وقتهم محاكمة شفيق عدس والحكم عليه بالإعدام شنقا حتى الموت بتهمة بيعه (سكراب) من معسكر الشعيبة الانكليزي والذي ظهر فيما بعد وفي ميناء المعقل إنها اسلحة صالحة للاستعمال يريد إرسالها إلى (تل ابيب) ليستعمله الجيش (الإسرائيلي) ضد الشعب الفلسطيني وقد تدخل السفير البريطاني وحكومته بالموضوع والتخفيف عنه بالحكم مع العلم كان العراق يرزح تحت الحكم البريطاني ومحتلا عسكريا وقد أصر القضاة والمدعي العام على إعدامه بالجرم المشهود وتم إعدامه فعلاً.
لا تخلو المحاكم العراقية من الابتسامة والضحك وخاصة عندما يقف محامي الدفاع القاضي للمناقشة وخاصة عن إضافة أو استبدال بعض الكلمات وقبل مدة زرت دار العدالة في المحمودية وجلست في غرفة قاضي البداءة مع الجالسين للاستماع إلى قضية فوقف المحامي واخذ يتكلم في قضية وكاتبة المحضر تكتب فوصل إلى كلمة (تراجعت المحكمة) فأوقف القاضي الكاتبة وأصر على أن تكون بدلها (وأرجعت) فدار حديث طويل حتى اقنع القاضي الذكي المحامي البارع بالأدلة والمواد القانونية ذكرتني هاتان الكلمتان عندما كنت قبل خمسين سنة والتحديد سنة 1956 عندما كنت مخبرا صحفيا اجلب أخبار الشرطة والمحاكم وانشرها في الصحف التي اعمل بها آنذاك فقد كنت احضر المحكمة الكبرى وقضاتها ومنهم القاضي عبد الجبار الاعرجي وكيف برأ شناوة لسرقته بقرة بعد أن كان موقوفا ستة أشهر وحكم عليه بالأشهر التي قضاها موقوفا وكيف رد دعوى المغنية سليمة باشا مراد لعدم قناعته بالشهود وكيف كان يلقي النكتة والمزحة لنضحك ويغرمنا من 10 إلى 50 فلسا وإلا الحجز في قاعة المحكمة. حضرنا محاكمة كان محاميها الأستاذ شفيق نوري السعيدي صاحب جريدة وهو من المحامين البارعين وله إلمام تام بكافة القوانين وذيولها ووقف أمام القاضي واخذ يتكلم في قضية ووصل الى كلمة (تراجعت المحكمة عن قرارها) فتكلم القاضي بهدوء وقال للكاتب وأرجعت المحكمة فدارت مشادة كلامية انفعل لها الأستاذ السعيدي ومن ثم اقتنع قانونيا فحكى القاضي نكتة ضحكنا على إثرها فغرمنا القاضي عشرة فلوس الحمد لله لا يزال القضاء بخير والقضاء الواقف بخير وأدام الخير على الشعب العراقي..