فيلسوفات من ذاك الزمان..ديوتيما الفيلسوفة أول من أجرت حواراً مع سقراط حول الحب العذري

فيلسوفات من ذاك الزمان..ديوتيما الفيلسوفة أول من أجرت حواراً مع سقراط حول الحب العذري

د عبد الجليل الوالي*
إذا لم تصدِّق بأن هناك نساء فلاسفة، فأنت مع أرسطو القائل: ''جنس الذَّكر أصلحُ للرئاسة من جنس الأنثى، ومن ثم فتسلُّط الرجال على النساء مسألة طبيعية جداً''.
ارتبط ظهور الفلسفة بالرجال، وكان طاليس الفيلسوف الأول في التاريخ، لكن هناك مرحلة سبقت ظهور طاليس سُميت بمرحلة الميثولوجيا عند اليونان، بل يمكن القول إن هناك فكراً شفاهياً سبق ظهور هذه المرحلة؛ لذا فنقطة البدء موضع شك وحذر وتدقيق.

فضلاً عن ذلك، هناك روايات تؤكِّد بأن فيثاغوراس تلقى تعليمه على يد الكاهنة ثيمستوكليا، ولم يذكر لنا التاريخ شيئاً عن هذه الكاهنة سوى تعليمها لفيثاغوراس، أما ثيانو الكروتونية، زوجة فيثاغوراس، فكانت أفكارها تتعلَّق بالزواج والجنس والنساء والأخلاق، وكذلك بناتها: دامو، ومييا، وأريجنوت، كُنَّ من الفيلسوفات الفيثاغوريات الأوليات، أما الفيثاغوريات المتأخرات فمنهنَّ: فينتيس، وإيزار اللوكينية، وبركتيوني الأولى، وثيانو الثانية، واسبازيا الملطية التي كانت خطيبة بارعة وزوجة بركليز، وكانت قد شاركت على نحو في الحياة الفكرية اليونانية، بل هي التي أشار لها أفلاطون بأنها ''فيلسوفة'' في ''محاورة منكسينوس'' والتي كتبت خطبة بركليز الجنائزية. وكانت ديوتيما الفيلسوفة قد أجرت حواراً مع سقراط حول الحب العذري وهو الحوار الذي دوَّنه أفلاطون في ''محاورة المأدبة'' الشهيرة.
أما وإيزارا اللوكانية فقد ألَّفت كتاباً ''في الطبيعة البشرية'' تمحور موضوعه حول الطبيعة الفلسفية للقانون البشري وهي الطبيعة القائمة على النفس الإنسانية. وكانت بركتيوني أم أفلاطون قد كتبت كتاباً عنوانه ''في تناغم النساء''، ولا ندري هل هي حقاً أم أفلاطون أم أنها شخصية أخرى، المهم عندنا أنها في كلتا الحالين أمرأة. ومن جانبها، تولَّت أرتا القورنائية رئاسة المدرسة بعد وفاة والدها، فهي إذن فيلسوفة وكانت معاصرة لأفلاطون، وكان معيار الأخلاق عند هذه المدرسة هو اللذة الحاضرة. وهناك اسكليبينيا الأثينية، وأكسيوثيا الفيليسية، وكلوبولينا الروديسية، وهيبارخيا الكلبية، ولاسيثينيا المانتينية.
وكانت هناك جوليا دونا إمبراطورة رومانية ولديها حلقة فلسفية تضمُّ علماء الرياضيات والفلاسفة ورجال قانون وأطباء، وكانت تقضي معظم وقتها مع السفسطائيين. ومن جانبها كتبت ماكرينا في القرن الرابع الميلادي محاورة في النفس والبعث ونقدت كل نظريات التناسخ في عصرها. أما هيباثيا السكندرية، ابنة ثيون الرياضي، فقد رئست المدرسة الأفلاطونية في الإسكندرية وقامت بتدريس الفلسفة وشرحت نظريات بطليموس الرياضية والفلكية. تلك هنَّ النساء المتفلسفات في الحضارة القديمة. أما في الحضارة المعاصرة، فلم ننس سيمون دي بفوار زميلة وزوجة جان بول سارتر، فضلا عن سوزان لا نجر في كتابها ''فلسفة الفن في الفكر المعاصر''، والقائمة تطول عندما نستمر بذكر الأسماء والمهم فيها أننا علينا أن نصدق بأن هناك نساء فلاسفة.

*أستاذ الفلسفة في جامعة الإمارات/ العين
عن جريدة البيان الاماراتية