اقتصاديات ..تحديثات السياسة النقدية

اقتصاديات ..تحديثات السياسة النقدية

عباس الغالبي
من هنا فأن التحديث الدوري والمراجعة لحيثيات السياسة النقدية نراها ضرورة في وقت مازالت القطاعات الاقتصادية بحاجة الى سياسة مالية تعتمد التوسع الاستثماري وتنفيذ المشاريع الستراتيجية والاخر التي تتعلق بالقطاعات الانتاجية، مايجعل هوة وبوناً بين هذه السياسة الاستثمارية التوسعية والسياسة النقدية الساعية الى لجم جماح التضخم.

نجحت السياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي العراقي خلال الاربعة أعوام الماضية على تحقيق الاستقرار النقدي الواضح ، حيث شهد سعر صرف الدينار العراقي تجاه العملات الاجنبية استقراراً واضحاً ، وانخفضت مستويات التضخم بشكل كبير ، ماجعل البنك المركزي العراقي يتجه الى خفض اسعار الفائدة كأستخدام أمثل لاحدى أدواته النقدية .
وعلى الرغم من ان هذا النجاح كان مدروساً بشكل منطقي وتدريجي ، إلا ان اسعار الفائدة مازالت بحاجة الى تحديث وخفض جديد ، بل إلزام جديد لاسيما بالنسبة للمصارف الخاصة التي لم تتفاعل في كثير من الاحيان مع إجراءات البنك المركزي ، وتطالب في مناسبات كثيرة بضرورة إعادة النظر بهذه السياسة والسعي نحو جعل السياسة النقدية تتوافق مع إهواءات المصارف الخاصة ، وليس مع المصلحة العامة التي تنعكس ايجابياً على الاقتصاد العراقي .
وسعياً لتفويت الفرصة على كثير من المصارف الخاصة التي تضع العقدة في المنشار ، والتي سنضطر في مناسبات مقبلة الى ذكر أسمائها ، ندعو البنك المركزي العراقي الى تحديث سياسته النقدية بشكل عام والاخذ بنظر الحسبان مطالبات المصارف الخاصة والتي تتفق مع المصلحة العامة التي تخلق دوراً واعياً ومهماً للمنظومة المصرفية كأحد أهم مستلزمات النهوض الاقتصادي، أو ان تعقد ندوة مشتركة للبنك المركزي مع المصارف الخاصة لمناقشة مطالبات هذه المصارف وفي شتى المحاور ، ونحن على استعداد لتبني اقامة هذه الندوة ، وخلق حوارية علمية هادفة سعياً لتوضيح كثير من الامور الخافية على الطرفين .
ونحن ليس بصدد تبني السياسة النقدية، بقدر ما نتعامل مع معطيات هي موجودة على ارض الواقع ترجمتها السياسة النقدية على وفق اجراءات عملية اثبتت نجاحها سعياً من البنك المركزي لاعادة الثقة بالعملة المحلية واسنادها وتقوية سعر الصرف وبالتالي خلق احتياطي اجنبي قادرا على اسناد العملة المحلية وحمايتها من التقلبات الاقتصادية التي تخلقها ظروف فجائية، أو مايتعلق بالازمات التي عادة ما تلقي بظلالها على العملة وقدرتها الشرائية .
ومن هنا فأن التحديث الدوري والمراجعة لحيثيات السياسة النقدية نراها ضرورة في وقت مازالت القطاعات الاقتصادية بحاجة الى سياسة مالية تعتمد التوسع الاستثماري وتنفيذ المشاريع الستراتيجية والاخرى التي تتعلق بالقطاعات الانتاجية ، مايجعلف هوة وبوناً بين هذه السياسة الاستثمارية التوسعية والسياسة النقدية الساعية الى لجم جماح التضخم ، حيث تتحرك مدياتها على وفق هذه الجدلية ، مايتطلب اجراءات اخرى رديفة وكفيلة بالخروج من هذا التناقض الذي قد يعكر صفو التلازم والتنسيق المطلوب بين السياستين النقدية والمالية .
والامر لا يتعلق بطبيعة الحال بالبنك المركزي العراقي بل بوزارة المالية ايضاً التي تتعامل مع الموازنات السنوية بشقيها الاستثماري والتشغيلي ، حيث لابد من رسم سياسة مالية لا تتعارض مع السياسة النقدية وان تسيرا بشكل متواز قادر على احتواء الازمات التي قد تحدث خلال الاجراءات التنفيذية والمتغيرات التي قد تحصل بسبب تقلبات الاسواق او الازمات المالية التي تحدث بين الفينة والاخرى.