سيرة فيلليني في حوار

سيرة فيلليني في حوار

علاء المفرجي
في مقدمة كتابها أنا فلليني الذي صدر بترجمة حديثة عن دار المدى.. تقول ش. تشاندلر ان فلليني قال لها: لدي حياة واحدة، ولقد رويتها لك، ها هي ذي شهادتي الاخيرة، وليس عندي ما أقوله بعدها
والكتاب هو حصيلة حوارات مثيرة بدأتها الكاتبة والناقدة الاميركية شارلوت شاندلر مع المخرج الايطالي الكبير فيدريكو فلليني في ربيع عام 1980، ولم تتوقف سلسلة هذه الحوارت إلا بعد وفاته في شتاء عام 1993.

ويعد فلليني احد اهم صناع السينما على مدى تاريخها... فبعد ممارسته اكثر من وظيفة من ضمنها كاتب كوميدي، حظي باول فرصة له للعمل في السينما عام 1945 الأول حين دُعي للمشاركة في كتابة سيناريو فيلم مع المخرج روبيرتو روسيليني في سياق موجة الواقعية الجديدة التي بدات بعد خروج ايطاليا من الحرب الكونية الثانية، والتي اصبح فلليني احد رموزها، لكنه سرعان ما اختط له اسلوبا جديدا كرسه كاحد ابرز المخرجين السينمائيين ابتداء منذ منتصف القرن الماضي.
من هذه الحوارات التي يرتكز عليها الكتاب يكون القارئ اما سيرة ذاتية لفلليني تتناول جوانب غير معروفة من حياته، كما يقف عند منعطفات مهمة في سيرته الابداعية مع السينما، مثلما هي درس مهم في السينما تتجلى في سرد التجربة الشخصية في صناعة الفيلم.
الكتاب مقسم الى ثلاثة أقسام هي (فديريكو) و (فديريكو فيلليني) و (فيلليني). وهي عنونه مقصودة وتشي بذكاء المؤلفة التي اعتمدت دلالة التسمية في سرد سيرة فيلليني منذ الطفولة.
يحكي القسم الاول عن فيلليني الفتى وفيلليني الشاب الذي تأثر أعمق التأثر بالسيرك والمهرجين، وسينما فولجور وأفلامها الهوليودية، والقصص الاميريكية المصورة التي طور منها رؤيته للعالم. ويحكي عن انتقاله الى روما، حيث حمل ريميني معه، وانتهى من كتابة المقالات ورسم الصور الكاريكاتورية الى الكتابة للاذاعة والكتابة للسينما، ثم الى الاخراج. وفي روما لقي المرأة التي لم تصبح رفيقة عمره فحسب، بل السيدة الاولى في أفلامه وحياته.
ويروي القسم الثاني قصة تحول المعجب بالسينما الى مخرج، واكتشافه هدف حياته.
اما القسم الثالث فيتحدث عن الرجل الذي تحوُّل الى أسطورة في حياته، وكان أشهر من الافلام التي صنعت شهرته، وكيف أشتقت من أسمه صفة (فيلليني) (Felliniesque).
وأصبحت كلمة مألوفة حتى عند من لم يشاهد فيلماً فيللينياً.
إن اهم شخصية في ما أخرج من افلام هي الشخصية التي قلما تظهر في الفيلم، ومع ذلك فهي موجودة على الدوام، وهذه الشخصية هي فيلليني نفسه. لقد كان نجم افلامه جميعاً، وفي الحياة اليومية كان شخصاً آسراً. اتذكره كريماً مراعياً مشاعر الآخرين، شاكراً لي اصطحابي له الى وجبة، أو قضائي وقتاً معه، أو هدية قدمتها إليه، قال لي: إن الانسان يواصل الحياة مادام هناك أحياء يعرفونه ويهتمون به.