التعليم الثانوي في العراق قبل تأسيس الثانوية المركزية في بغداد

التعليم الثانوي في العراق قبل تأسيس الثانوية المركزية في بغداد

■ خنساء زكي شمس الدين
كانت السيطرة العثمانية للوطن العربي عموما والعراق خصوصا ذات آثار سلبية في المجالات كافة،وعلى قدر تعلق الأمر بالعراق فإن ولايته لم تنل أي إهتمام في مجال الخدمات التعليمية، وتأسيس المدارس الحديثة، إلاَّ بعد وقت طويل، إذ بقي التعليم لمدة طويلة يقتصر على الكتاتيب التي تركزت عنايتها على تحفيظ القرآن الكريم ، ولم تتلق تلك الكتاتيب،

أي دعم من الدولة العثمانية، لأنها تعد ذلك ليس من إختصاصها، بل من إختصاص الأهالي. وعلى الرغم من إصلاحات بعض السلاطين والولاة ومنهم السلطان محمود الثاني (1808-1839) وبعده السلطان عبد المجيد (1839-1861) إذ صدر في عهد الأخير المرسوم المعروف بـ (خطي شريف كلخانة).

وعلى الرغم من عدم تطرق ذلك المرسوم إلى التعليم بشكل مفصل، إلاَّ إنه كان فاتحة خير للإصلاحات، ومن بينها التعليم،. إلاَّ إن نصيب العراق من تلك الإصلاحات التعليمية كان أقل من الولايات الاخرى.
على ضوء تقرير تلك اللجنة تم تشكيل ديوان للمعارف العمومية بإسم (مكتبي عمومي نظاراتي)، كما إن الحكومة أصدرت في عام (1846) قانوناً لإصلاح التعليم في الدولة نص على ((أَنَّ يكون التعليم تحت إشرافها بدلاً من رجال الدين)) وأن تتولى الدولة مسألة تعديل المناهج الدراسية، مع إضافة علوم عصرية جديدة.
وفي عام 1869م صدر قانون المعارف العام الذي يسمى بالتركية (معارف عمومية نظام نامه سي) الذي نص على تقسيم المراحل الدراسية الثلاث إلى المرحلة الإبتدائية والدراسة فيها أربع سنوات والمتوسطة أو (المكاتب الرشدية) ومدة دراستها ثلاث سنوات، ثم المرحلة الثانوية وتسمى (المكاتب الإعدادية) ومدة الدراسة فيها أربع سنوات، فضلاً عن مدارس الصنائع ودور المعلمين وبعض المعاهد العالية
أما في العراق فلم يشرع بتأسيس المدارس الحديثة إلاَّ في عهد مدحت باشا (1869-1872) إذ أنشأت أربع مدارس هي:
المدرسة الرشدية العسكرية والإعدادية العسكرية ثم مدرسة الفنون والصنائع.
وعلى الرغم من أَنَّ الهدف الأساسي لتلك المدارس كان تزويد الجيش بعناصر من السكان، وتزويد الدوائر بالموظفين، إلاَّ أَنَّ تلك المدارس لا تتناسب مع حجم السكان، بسبب سوء توزيعها الجغرافي كما إنها اتسمت بضعف مستواها التعليمي والإداري.
ولم تهتم الدولة العثمانية بالتعليم الإبتدائي في العراق ويرجع سبب ذلك، إلى عدم جدية الدولة العثمانية في نشر التعليم في العراق من ناحية، والنقص الحاصل في عدد المعلمين من ناحية اخرى، إلى جانب عزوف الأهالي، عن إرسال أبنائهم إلى تلك المكاتب.
ولكن على الرغم من ذلك يمكن عد مبادرة مدحت باشا، خطوة في الطريق من أجل تحقيق الإصلاحات في ميدان التعليم، إذ بدأت إصلاحاته التعليمية، إستناداً إلى قانون المعارف العام الصادر في عام 1869، بتأسيس مدرسة رشدية ملكية (مدنية)، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات، بعد الكتاتيب، لتأخر إنشاء المدارس الإبتدائية مما حدا بعدد من المتنورين العراقيين للمطالبة بضرورة إنشاء المدارس الإبتدائية، ونشرت مطالبهم على صفحات جريدة زوراء.
إلا إن المدارس الابتدائية لم يباشر بإنشائها بشكل فعلي إلا في عام (1889م)، إذ تم افتتاح اربع مدارس إبتدائية هي: الحميدية، وجديد حسن باشا، والكرخ، والعثمانية، أما مدارس البنات فلم يباشر بإنشائها إلا في عهد الوالي نامق باشا (1889-1902) بإسم (اناث رشدي مكتبي) ، والسبب في تأخير تأسيس مدارس البنات إعتقاد الناس بان مجرد تعليم المرأة لمبادئ القراءة والكتابة ما هو إلا مفسدة للأخلاق والخروج عن الطريق الصحيح.
وهنا لابد من الإشارة إلى ان المدرسة الرشدية التي أسسها مدحت باشا في بغداد لم تكن أول مدرسة حديثة في العراق، إذ سبقتها مدرسة رشدية في الموصل، في مدة ولاية كنعان باشا (1861-1867) ، إذ تبرع الحاج فهمي أفندي العمري بإنشائها عام 1861م ، أن فتح المدارس الرشدية، يعد خطوة مهمة في نشر التعليم، أما مناهجها فكانت تشمل الرياضيات والتاريخ والجغرافية والصحة والخط. وكان التدريس باللغة التركية واغلب من يقوم بالتدريس من الأتراك، وحتى اللغة العربية وقواعد النحو والصرف، كانت تدرس بالتركية.
وبقي الوضع على ذلك الحال لحين إنشاء أول دار للمعلمين في عام 1899 حين أخذت على عاتقها تخريج المعلمين لتلك المدارس.
أما التعليم العسكري فقد كانت له حصة في خطط مدحت باشا التعليمية إذ أمر بتأسيس مدرسة رشدية عسكرية عام 1870م، هدفها إعداد الطلاب للدراسة في الإعدادية العسكرية، وكانت مدة الدراسة في الرشدية العسكرية اربع سنوات، ومعظم كادرها التدريسي من الضباط الأتراك، العاملين في وحدات الجيش السادس في بغداد.
وكانت المدرسة الرشدية العسكرية، تشغل بناية (الإعدادية المركزية حالياً) أما الإعدادية العسكرية فكانت تشغل (بناية المحاكم المدنية سابقاً). ومن أبرز طلاب المدرسة الرشدية العسكرية تلك.
وفي زمن ولاية عبد الرحمن باشا الثانية لبغداد (1879-1881) انشأ مدرسة رشدية في جانب الكرخ وذلك في عام 1879. وتم تحويلها فيما بعد إلى مدرسة عسكرية غرضها إعداد ضباط صف من العسكريين، أطلق عليها (كوجك ضابطان مكتبي) وقد درس ودرب فيها عدد من الضباط العراقيين.
أما فيما يتعلق بالمدارس الإعدادية، فقد أسست أول مدرسة إعدادية في مدينة بغداد في عام 1873، في زمن الوالي رؤوف باشا (1873-1875)، وقد إتخذت تلك المدرسة من بناية المدرسة الرشدية التي أنشأها مدحت باشا مقراً لها وإستمرت لبضعة أعوام، وكان أغلب كادرها التدريسي من ضباط الجيش. وفي عام 1890 تم إنشاء بناية خاصة بتلك المدرسة الإعدادية، لتكون مدرسة مستقلة بذاتها وأشارت إلى وجودها ((سالنأمات ولاية بغداد منذ عام 1891 وقد ألحقت بها صفوف (المدرسة الرشدية) وقد إستمرت في عملها حتى نهاية مدة الحكم العثماني)).
أما في الجانب العسكري فبعد إنشاء المدرسة الرشدية العسكرية، إحتاجت الدولة العثمانية إلى إنشاء إعدادية عسكرية، هدفها تخريج الطلاب المؤهلين للدراسة في الكلية الحربية في إسطنبول، ليكونوا ضباطاً في الجيش، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات، ويشترط القبول فيها أنَّ يكون الطالب قد تخرج من المدرسة الرشدية العسكرية ، ويدرس فيها مختلف العلوم الآتية: الجبر والهندسة والمثلثات والتاريخ والجغرافية والرسم وعلم الفلك واللغة التركية واللغة الفرنسية واللغة الفارسية ودروس الدين، ومعظم من يقوم بالتدريس فيها من الأتراك إلى جانب عدد من المدرسين العراقيين من بينهم النقيب علي مظلوم لتدريس الرياضيات، والنقيب معروف افندي لتدريس التاريخ، والنقيب نوري توفيق الذي درس الفلك والملازم الأول عبد اللطيف الفلاحي.
في عام 1881، تخرجت الدورة الأولى لطلاب الإعدادية العسكرية، وكان عددهم 13 طالباً ، وقد ارسلوا للدراسة في الكلية الحربية في اسطنبول، بعد الإحتفال الذي اقيم لهم وتوديعهم رسمياً وشعبياً ، ولم يتخلف عن الإلتحاق بالكلية العسكرية سوى الدورة الأخيرة وهي دورة عام 1914 بسبب إندلاع الحرب العالمية الأولى ، وشارك أولئك الضباط الذين تخرجوا من الكلية الحربية في اسطنبول في تشكيلات الجيش العراقي عند تأسيسه عام 1921، ومارس بعض منهم السياسة في مفاصلها المختلفة فكان من بينهم رؤساء الوزارات، والوزراء والسفراء والنواب والأعيان.
اما في ولاية الموصل، فتحولت المدرسة الرشدية الى إعدادية عام 1895، وهي أول مدرسة إعدادية في ولاية الموصل إلا إنها لم تكن الإعدادية الوحيدة في ولاية الموصل، خلال مدة الحكم العثماني، كما هو الحال في ولاية بغداد، كذلك تحولت مدرستا مدينتي كركوك والسليمانية الرشديتان إلى مدرستين إعداديتين.
إكتسبت المدرستان الإعداديتان في كل من (بغداد والموصل) أهمية خاصة من قبل المسؤولين عن التعليم، بسبب حاجة الدولة إلى كفاءات محلية تقوم بعد تخريجها على تسير الادارة الحكومية في تلك الولايات .
أما في ولاية البصرة، فقد بقي التعليم متخلفاً، بسبب إضطراب الأوضاع العامة فيها وقلة الإهتمام بها من ناحية اخرى، إذ بقيت ولاية البصرة مدة من الزمن سنجقاً تابعاً لولاية بغداد ، ولم يتم فتح مدرسة رشدية فيها إلا في عام 1882، إلا إنها تعثرت في مهمتها لعدم توفر معلم تركي، وبقيت مغلقة حتى توفر المعلم التركي الذي جاء من استانبول.
في عام 1897، فتحت مدرستان رشيديتان في كل من ابي الخصيب في البصرة ومدينة الحي التابعة لسنجق الناصرية (المنتفق) ليصبح عدد المدارس الرشدية في البصرة (ست مدارس) ولم تنشأ مدارس رشدية اخرى حتى عام 1908، ولم تفتح فيها مدرسة إعدادية حتى تلك السنة.
وقد خلق الإنقلاب العثماني عام 1908 ، أوضاعاً جديدة ومشجعة للنشاط التعليمي، إذ شهد العراق حركة لذلك النشاط وان كانت محدودة النظاق على الصعيدين الرسمي والشعبي متمثلة بإنشاء المدارس الحديثة، وأدى المثقفون العراقيون دوراً نشطاً في هذا الإتجاه حيث تألفت لجنة من الضباط والموظفين، وبعض المعلمين وطلبة المدارس العالية ورجال الدين، وكان لهم أبرز الأثر في الدفع إلى تأسيس مدرستين أهليتين هما: مدرسة (تذكار الحرية) في البصرة ، ومدرسة (الترقي الجعفري العثماني) في بغداد ، وفضلا عن تلك المدرستين ، فقد انشئت المدرسة الثانوية الصناعية في البصرة عام 1909، والمدارس الثانوية الأجنبية التي كانت تابعة للإرساليات التبشيرية منها مدرسة الرجاء العالي الأمريكية ومدارس الأرمن، والمدارس الإسرائيلية الأهلية.
أما بالنسبة لتعليم البنات، فلم يكن لهن نصيب ملحوظ من التعليم، الا في مدة متأخرة، بسبب القيود الاجتماعية، ولم يشرع بتأسيس مدرسة للبنات الا في ولاية الموصل عام 1896، وكانت أول مدرسة حكومية في ولايات العراق كافة.
أما في ولاية بغداد فكانت أول مدرسة للبنات قد انشئت عام 1899، في زمن الوالي نامق باشا (1889-1902)، في حين فتحت أول مدرسة للبنات في البصرة في محلة السيف عام 1898، وبذلك تكون ولايتا الموصل والبصرة، قد سبقتا ولاية بغداد في تاسيس مدارس البنات.
كان منهج الدراسة في مدراس البنات يشمل التربية الدينية والحساب والاجتماعيات واللغة التركية فضلا عن الفرنسية، والعربية وبعض فنون النقش والتطريز.
ولعل ابرز صعوبة واجهت تعليم البنات، فضلا عن القيود الاجتماعية، عدم توفر العدد الكافي من المعلمات وصعوبة استقدامهن من استانبول، لذلك تم الاستعانة بزوجات الموظفين الأتراك، وزوجات الاجانب في التدريس وتعليم الخياطة والتطريز.
ولابد من الإشارة هنا إلى أنَّ البعثات التبشيرية أدت هي الاخرى، دوراً واضحاً، في فتح المدارس الخاصة بالبنات في كل من بغداد والموصل والبصرة.
وعلى الرغم من ان المبشرين، سخروا التعليم للوصول إلى غايتهم التبشيرية، الا أنَّ لهم تأثيراً، لايستهان به في تنبيه الناس على أهمية التعليم. فضلاً عن انهم لم يهملوا تدريس اللغة العربية ، أما المدارس الأهلية التي ظهرت في بغداد بعد عام 1908، فأبرزها مكتب الترقي الجعفري العثماني، الذي تحول بعد الاحتلال البريطاني لبغداد عام 1917 إلى المدرسة الجعفرية.
وقد بدأت الدراسة في ذلك المكتب عام (1909-1910) ، وبصفوف ابتدائية ثم رشدية وإعدادية فيما بعد، وقد شهد ذلك المكتب تعاوناً وانفتاحاً كبيرين بين المثقفين ورجال الدين مما سيكون له دور بارز في النشاط الوطني في العراق، في المرحلة اللاحقة للاحتلال البريطاني لبغداد.
إن التطورات السياسية التي صاحبت انقلاب عام 1908، ورغم التفاؤل الذي صاحب تلك التطورات إلا أن الأحداث سرعان ما تحولت إلى اتباع سياسة عنصرية هدفها تتريك عناصر ومؤسسات الدولة وقد انعكست آثار ذلك التوجه باتخاذ إجراءات عدة من بينها مثلاً إلغاء القسم العربي في جريدة (الزوراء) لتصدر باللغة التركية فقط، بعد أن كانت تصدر باللغتين العربية والتركية، منذ صدورها عام 1869 ، كما انهم لم يسمحوا لمدرسة أهلية في البصرة بالإستمرار بالتدريس باللغة العربية، وصدر أمر بتغيير إسمها العربي (تذكار الحرية) الذي سبق ذكره، إلى إسم تركي هو (باديكا حريت) .
تلك السياسة جعلت الناس ينفرون من المدارس الرسمية، ويرسلون أبناءهم إلى المدارس الأهلية الدينية.
إن سياسة الاتحاديين العنصرية، أثارت ردود فعل القوميات غير التركية ومنهم العرب، الذين تنبهوا إلى حقيقة عروبتهم، وكيانهم الثقافي والسياسي، وعبروا عن ردود أفعالهم تلك بطرق مختلفة، فمنهم من انخرط بتنظيمات سياسية قومية، وآخرون عبروا عن رأيهم في الصحف العراقية فمثلاً كتب سليمان فيضي، سلسلة مقالات نشرت في جريدة الدستور البصرية عام 1913، انتقد فيها سياسة التعليم التي مارسها الاتحاديون ومنها عدم استخدام اللغة العربية، وإرهاق الطلاب بدروس اللغة التركية، وكثرة المعلمين الأتراك غير الأكفاء.
أما مديريات المعارف فلم تكن هي الاخرى بالمستوى المطلوب إذ إنها تنفذ التعليمات فقط، فضلا عن أن معظم أعضائها كانوا من رجال الدين ومن الشخصيات المحافظة، باستثناء بعض الفترات التي تسلمها بعض المتنورين، أمثال جميل صدقي الزهاوي وفهمي المدرس وحكمت سليمان وبذلك فإنها لم تمارس وظيفتها من ترقية المعارف في العراق وفقاً لما تقتضيه تطورات العصر.
لقد بلغ عدد المدارس الرشدية، حتى العام الدراسي 1913-1914، (4) مدارس إعدادية ومدرسة سلطانية واحدة في الولايات الثلاث، وعدد طلابها (818 ) طالبا وعدد مدرسيها (49) في نهاية الحكم العثماني.
وعلى العموم يمكن القول إن سياسة العثمانيين التعليمية، شابها الكثير من التخلف والتقصير في كثير من هياكلها التعليمية التي استمر تأثيرها في البناء التعليمي إلى وقت ليس ببعيد ، كما أن هدفها الأساسي من التعليم هو إعداد موظفين أو ضباط في الجيش، لذلك ارتبط التعليم بحاجات الجيش، لذا نجد أن التعليم اتصف بالصفة العسكرية.
ولعل سرعة تبدل الولاة، خلال فترة السبعينيات من القرن التاسع عشر (1872-1881)، هو السبب في عدم تمكنهم من تنفيذ مشاريعهم في توفير الخدمات العامة، ومن بينها إنشاء المدارس، فمثلاً في ولاية بغداد تعاقب ستة ولاة على بغداد في تلك المدة.
وكان من نتائج السياسة التعليمية تلك ازدياد الإقبال على المدارس (الأهلية التبشيرية)، بسبب عناية تلك المدارس باللغة العربية من جهة، وإرتفاع مستواها التعليمي من جهة اخرى وقد أدى ذلك الوضع إلى زيادة عدد المتعلمين من غير المسلمين. أما الأكثرية المسلمة فقد أخذت ترسل أبناءها إلى المدارس الدينية التبشيرية.
وعليه يمكن القول، انه على الرغم من وجود الرغبة لدى الدولة العثمانية في تحقيق الإصلاحات على مختلف المستويات إلا إنها لم توفق في مهمتها تلك، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية فيها، وتزايد أطماع الدول الاوربية في ممتلكاتها، وسعة أراضي الإمبراطورية، مما صعب عليها متابعة الإصلاحات وتنفيذها في وقت شاعت فيها الرشوة والمحسوبية وتردي الأوبئة، وتفشي الأمراض، وقد انعكست تلك الحالة على واقع التعليم في ولايات العراق البعيدة عن سيطرة الدولة العثمانية لذلك لم يكن مستغرباً بان لا يزيد عدد المتعلمين في العراق عن 1% من مجموع السكان البالغ عددهم حوالي (2) مليون نسمة عند إنتهاء الحرب العالمية الأولى.
واذا أضفنا إلى ما تقدم، طبيعة التطورات التي كان المجتمع العراقي يمر بها وتوجهات أفراده، فيما يتعلق بالتعليم وجدواه. كل تلك المؤشرات تشير وبدون أدنى شك إلى أثر تلك العوامل مجتمعة في التأثير في مسيرة التعليم في العراق وعدم حصول تحسن كبير في مسيرته وعدم حصول وإنجازات يمكن أن يشار إليها.