حين احتفلت الاعظمية بفوز محمد علي كلاي

حين احتفلت الاعظمية بفوز محمد علي كلاي

■ رياض العزاوي
عد العام 1965 من القرن العشرين المنصرم عاما استثنائيا مشهودا على صعيد الرياضة العالمية عموما ولعبة الملاكمة خصوصا، حيث شهدت بغداد والمدن العراقية حركة غير اعتيادية, ونشاطات ملحوظة في مفاصل وتفاصيل حياتها اليومية الرتيبة. بعد اعلان اعتناق الملاكم الاميركي الاصل محمد علي كلاي الاسلام. الاشهر والاسطورة في تاريخ الملاكمة العالمية.

هذا الحدث الاستثنائي, فتح شهية العراقيين في ركوب الموجة.
وشمل جميع شرائح المجتمع العراقي الذي بدأ يتابع عن كثب ادق التفاصيل الفنية المتعلقة بالنزالات التي يكون فيها لمحمد علي كلاي حضور وطرف قوي لخوض النزالات والمنافسات امام اعتى واشرس واقوى الخصوم في العالم المتمدن.
كان يجندل عمالقة اللعبة ولا يخشاهم ويطيح بهم ارضا ويسقطهم بالضربة الفنية القاضية ما يولد حاله الفرح والسرور والابتهاج، تعم الشعب العراقي عامة, والبغداديون خاصة, تخرج جموع الجماهير في مواكب اعراس ملونة واحتفالات مبتهجة موسعة يتم فيها تبادل التهاني وتوزع القبل بين عامة الناس.
وتقام مآدب الطعام التي تضم ما لذ وطاب من الطعام المنوع وتوزع الحلويات و(الملبس البغدادي) وتكون الدعوات مفتوحة مجانية للمارة باحتساء الشاي والكيك والكعك و(الكليجة) البغدادية المشهورة بطعمها اللذيذ، ومن اشهر الاحتفالات تلك التي اقيمت بفوز الملاكم المسلم محمد علي كاسيوس كلاي، وكان يجري في الاعظمية والكاظمية حيث كانت تقام في المدينتين المتجاورتين الذي يعانقهما دجلة الخير الكاظمية المقدسة ومدينة الاعظمية، وتشهدا تجمعا كبيرا واحتفالات موسعة تكون مركزا لتجمع اهالي بغداد والمدن العراقية القريبة من هاتين المدينتين، وهي ترتدي حلة قشيبة من مظاهر الزينة والاهالي بزيهم وملابسهم الفولوكلورية العراقية الجميلة الالوان والاشكال وهي تصحب معها الفرق الموسيقية الشعبية وفرق المربعات البغدادية ومجاميع حملت الاعلام والدفوف, قادمة من باب الشيخ والصدرية والمربعة وقنبر علي وابو سيفين والفضل وهي تلهج بالغناء وتبتهج بالنصر الكبير الذي حققه بطل العالم المسلم محمد علي كلاي.
ومن اشهر هذه الاعراس الرياضية الاحتفالية وكانت تقام في محله الحارة في مدينة الاعظمية, مجلس الرياضي المصارع فتاح الاعظمي (رحمه الله) الشخصية الطيبة الفكهة صاحب النكتة السريعة والمواقف الطريفة البغدادي والعنوان والرمز الاصيل. كان يدعو الناس الى حفلة شاي مطعم بالحليب وتناول (الكليجة البغدادية). ومن اشهر هذه الاحتفالات التي اقامها الرياضي الاعظمي يوم الاثنين المصادف 29 من شهر تشرين الثاني من العام 1965. تاريخ فوز الملاكم المسلم محمد علي كلاي على الملاكم العالمي (باترسون)، حضرت فيه نسوة من الاعظمية ومناطق مختلفة من بغداد، وهن يطلقن الهلاهل والاهازيج البغدادية ونثر (الجكليت) الفاخر من محلات نعوش الشهيرة التي تتساقط كالمطر على رؤوس وهامات المحتفلين.
واستغرقت الحفلة التي بدأت مبكرا من الساعة الرابعة والنصف عصرا حتى ساعة متأخرة من الليل بعدها توجهت جماهير المحتفلين الى مدينة الكاظمية لأداء مراسم الزيارة للإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وتقديم الشكر الى الله على هذا النصر العظيم الذي حققه البطل المسلم محمد علي كلاي، بعدها يجري لم شمل المحتفلين مرة ثانية لإكمال السهرة والاحتفال حتى ساعات الصباح الاولى، ويتفرق المحتفلون بعدها لإداء صلاة الفجر وليخيم الهدوء ويبدأ يوم جميل وصباح جديد في حياة البغداديين، وينتشر شعاع الشمس على بغداد السلام والعز والنصر الدائم، وتعود الحياة فيها ويسود السلام والاخاء والمحبة على ربوع العراق ومدينة بغداد ويجمعهم الهم المشترك والقضية الواحدة والطموح والامل المنشود للعيش بحياة رغيدة ترفل بالخير العميم والرزق الوفير والسعادة الدائمة، وينعم بها جميع العراقيين الاخيار. اصحاب اولى الحضارات الانسانية التي انتشلت البشرية من دياجير الظلام الى نور الحضارة والرقي الانساني.