وداعاً ايها الغبان

وداعاً ايها الغبان

حسين هادي الصدر
وداعاً أيُها الغبّان
ما أخْطَأتْك النائباتُ
اذا أصأبت مَن تُحّبُ
"الشريف الرضي"
ذهب الطيّبون جيلا فجيلا
ليت شعري أكنت مسك الختامِ
"عزيز أباظة"


الفقيد الراحل الأستاذ محمد جواد الغبان ، شاعر عراقي معروف ، وأديب لامع ، ورجل من رجال التربية والتعليم ، مضافاً إلى أنه كان لفترة محدودة من الصحفيين المرموقين.
هذه العناوين كلهُّا ليست شيئا إزاء ما كان يحمله الغبان – الإنسان من لطف وطيبة وصفاء. وإنك لتجده وارثاً للمزايا العراقيةّ الأصيلة ، بكل ما لها من النبل والأصالة والانسانية ومن هنا فقد كانت خسارة العراق به كبيرة لابل خسره العرب والمسلمون. وكيف لايكون كذلك وهو :
الشاعر، والأديب، والكاتب، والمؤلف، والتربوي الكبير، والصحفي القدير، ولكنه الموت الذي لاينجو منه أحد:
سيف المنايا مرهف الحَدِّ
يُردي ولا نقوى على الردِّ
وحسبنا ان نقول أنا لله وأنا اليه راجعون
لقد عز علينا رحيلكَ ، وصعَبُ علينا فراقكَ ، وإذا كنت قد أغمضت عينيك في نومة طويلة ، فإن لك بين الضلوع حباً لا تنمحي سطوره، ولن تغيب عناّ ذكراك.
لقد كان الفقيد الراحل يفُضي اليّ بما يعتمل في نفسه من شجون. لقد كان يقول:
إن راتبي التقاعدي بعد رحلة طويلة من الخدمة في مضمار التربية ، لايتجاوز الاربعمائة الف دينار! ! وكان وقد تجاوز الثمانين يعاني من عدة أمراض، فكيف يفي هذا المبلغ الضئيل بنفقات علاجه وأدويته؟
إن هذه المسألة بالذات تدعونا إلى أن نرفع الصوت عاليا،ً مجددّين الدعوة للحكومة العراقية، إلى العناية الفائقة برجال العراق، وإسعافهم وتوفير مستلزمات العيش الكريم اللائق بهم . إن العناية بالموهوبين وأصحاب البراعات والكفاءات هي إحدى المؤشرات الحضارية المهمة الدالة على رقي الأمة. أليست من المفارقات الغريبة أن يترك رجالنا الناهضون يصارعون الحرمان والضيق والأمراض دون عناية ورعاية ، لا من الدولة ، ولامن المؤسسات الثقافية والاجتماعية والانسانية؟! !
وإذا كانت التقصيرات المتراكمة حقيقية لاجدال فيها ، فالمطلوب المبادرة إلى تلافي ذلك لتكون "كفّارة" عن كل تلك الفصول المرةّ من الغفلة والتقصير.
والمطلوب أيضا:
ان يكرمّ الفقيد الغبـّـــان معنويا،ً وذلك بتسمية الشارع الذي يضم بيته باسمه، ويطلق عليه أسم : شارع الغبّـــان.
وأن تسمىّ بعض المدارس الرسميةّ بأسمه أيضاً. وأن تتصدى وزارة الثقافة لطبع المجموعة الكاملة ، لدواوينه وكتبه وآثاره ، مع تعويض عادل لأسرته ، لاسيما ونحن على أبواب الاحتفال ببغداد عاصمة للثقافة. إن هذه السطور العجلى لن توفّي " الجواد الغبان" حقه.

وأنا القائل في مجلسه الثقافي الشهري:

تنساب في مجلس الغبان رائعةً
طرائف هـي عندي خيرة التحُفِ
شتان بين جميل الشعر تحسبه
درُاّ وبين قُشور الفن والصدف
وللجواد براعات ينير بهـا
النادي وتعبق منها نكهة النجفِ
فلا غرابة أنَ اشتاق مجلسه
ولست أكتم أشواقي ولا لهفي
فرحم الله " أبا مهند " برحمته الواسعة ، وأسكنه فسيح جناته ، وألهم أهله ومحبيه وأصدقاءه الصبر والسلوان.
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .