لويد جورج قال لي:كسبت زوجتي الحرب الماضية!

لويد جورج قال لي:كسبت زوجتي الحرب الماضية!

إذا كان المستر لويد جورج قد اصبح في ذمة التاريخ فان اسمه سيظل خالدا على ممر العصور باعتباره الرجل الذي كسب الحرب الماضية لبريطانيا وحلفائها. ومع انه منح لقب"ايرل واف دويفور"اخيرا إلا انه لم يقدر له الجلوس في مجلس اللوردات الذي كان دافيد لويد جورج اول من قضى على ما كان له من نفوذ وسلطان وجعله تابعا لمجلس العموم.

كنت اطلب العلم في لندن حينما وقع علينا اختيار جلالة الملك ابن العود للاشتراك مع سعادة الشيخ حافظ وهبة في تمثيل جلالته في مؤتمر البريد الدولي في سنة 1929.
وفي ذلك الوقت تيسرت لنا مقابلة المستر لويد جورج، ودار الحديث حول الحرب العالمية الماضية، وكيف انهارت المانيا في النهاية بعد ان لازمها التوفيق في بداية الحرب.
ولما توهنا بفضل الزعيم الكبير في كسب الحرب التفت الينا مبتسما وقال:
-"إن زوجتي هي التي كسبت الحرب"! فقلنا على سبيل المداعبة:
"وفي اي جبهة كانت المارشالة مسز لويد جورج تقاتل؟"فلم يجب الزعيم على هذه الدعابة، بل تاه في بيداء الفكر برهة، ثم قال:
- في خلال الايام السوداء التي تلت هجوم المارشال هندتيرج في مارس سنة 1918 كنت جالسا في داري رقم 10 شارع دونتج افكر في احتمال وصول الجيوش الالمانية الى باريس.
ودق جرس التليفون، واذا بالمتكلم المارشال فوش من باريس، واخبرني المارشال بلهجة الجد ان مجلس الحلفاء الحربي الاعلى مجتمع تحت رئاسته وانه نظر في كافة التقارير التي وصلته من مختلف اجزاء خط القتال في الجبهة الغربية فاذا بها كلها تدعو الى التشاؤم وتحض على طلب عقد الهدنة مع المانيا الظافرة فورا، وان المجلس كلف المارشال بالاتصال بي لمعرفة رأي بريطانيا النهائي..
وجمت لسماع هذه الانباء، وقطعت المحادثة بعد ان اخبرت المارشال بانني سافكر وساتصل به بعد قليل، ولحظت زوجتي اكتئابي وكانت الى جانبي تحيك بعض الجوارب للجنود فسألتني ما الخبر؟
فانبأتها باقوال فوش، وهنا طلبت معرفة رأيي فاجبتها بان الرأي للعسكريين وهم ادرى – فقالت غاضبة:
- اذا كان رأيك من رأيهم فلن يجمعني معك بعد ذلك اليوم سقف واحد لأني ساغادر المنزل بغير رجعة.
واضطربت لهذا الانذار وسألتها ماذا عساي ان اصنع وانا رجل لا دراية لي بالحرب وفنونها؟ فتساءلت مؤضبة عما اذا كنت قد قرأت تاريخ بلادي جيدا؟ وهل اذكر ان بريطانيا قد تخسر بعض المعارك ولكنها لم تخسر حربا واحدة!!
وكنت في شبه ذهول وهنا كلفتني بان ابلغ المارشال فوش تليفونيا بان قرار بريطانيا هو مواصلة الحرب الى النهاية".
ثم ابرقت اارير المستر لويد وقال:"لم يمض على تلك المحادثة التليفونية بضعة اسابيع حتى كان الجيش الالماني يمعن في التقهقر واذا بالمانيا"الظافرة"تركع امام الحلفاء وتطلب الهدنة..!!".
وما من شك في ان لويد جورج قد بذل جهودا خارقة لكسب الحرب بل انه قد ضحى في ذلك السبيل باخلص اصدقائه وعندما عين في بداية الحرب وزيرا لوزارة الدخائر، اقحم نفسه على وزارة الحربية وعلى رأسها لورد كتشتر وما زال يعمل حتى تقلص نفوذ كتشتر واصبح وزير الذخائر هو كل شيء في الوزارة.
وفي اواسط سنة 1916 اتفق مع حزب المحافظين على التخلص من صديقه رئيس الوزارة المستر اسكويت حتى اذا حل محله سار بالحرب قدما في سبيل النصر.
لكنه على الرغم من ذلك خسر السلم ففي ابان انعقاد مؤتمر فرساي تقدم المارشال فوش الى المؤتمر بمذكرة طلب فيها باسم جيوش الحلفاء جعل نهر الرين الحد الفاصل بين المانيا وفرنسا، فعارض لويد جورج وقال ان بريطانيا لن توافق على تحقيق الحلم الذي كان يحلم به ريشيليو ولويس الرابع عشر ونابليون بونابرت وانها لم تخلص الالزاس واللورين لفرنسا لتخلق لألمانيا من بلاد الرين الرأس ولورين اخرى".
واقر الرئيس ولسون هذا الرأي قائلا"ان العالم لم يتخلص من العسكرية البروسية ليواجه العسكرية الفرنسية".
وكان السنيور اورلندو الايطالي يؤيد الرأي ايضا، وهنا انسحب فوش وقال وهو يلبس قبعته العسكرية:
"ايها السادة:اما وقد رفضتم هذا الاقتراح فاحذركم من حرب عالمية طاحنة تشنها المانيا بعد 30 او 25 عاما".
وقد صحت نبوءته ونشبت الحرب الحالية بعد عشرين سنة من انذار المارشال الفرنسي الكبير!!.