4 أصوات نسائية

4 أصوات نسائية

عادل الهاشمي
• في الفترة التي امتدت مابين 1917 وحتى السنوات الاخيرة من الاربعينيات ، اتخذ الفن الغنائي وطنه في اصوات معدودة ، لقد برزت اسماء كثيرة من المغنيات لكن المدهش حقا ان الكثير الغالب من هذه الاصوات كانت متواضعة في كل شيء !! .

• سنتحدث عن اربعة اصوات نسائية عراقية كان لها شأن فاعل في حياتنا الفنية على الرغم من السياقات النقدية الساذجة التي احاطتها بها انذاك ، والاصوات هي زكية جورج ، سليمة مراد ، زهور حسين ، صديقة الملاية .

زكية جورج .. صوت رخيم دافىء
بدأت حياتها الفنية كراقصة واستمرت في اداء هذا الفن ثم نزحت من مدينة حلب مع اختها الى بغداد عام 1920 ، تتلمذت على يد الملحن الكبير صالح الكويتي الذي دربها وبذل جهدا خارقا في اعدادها لاداء اصول الغناء ولحن لها اجمل الاغاني واستمرت في الغناء حتى عام 1942 حيث عادت الى مسقط رأسها في مدينة حلب .
صوت زكية جورج من الاصوات الجميلة الرخيمة الدافئة المتمكنة الجذلة . لها اقتدار في الانتقالات بين نغم واخر حيث تسري في نبراتها حلاوة خاصة وهي بهذه الصفات كانت متأثرة تماما بمدرسة منيرة المهدية في الغناء بالرغم من فارق المساحة الصوتية بينهما فان منيرة المهدية تفوقها في المساحة ... ولما ظهرت ام كلثوم وجدنا تاثرات المدرسة الكلثومية تاخذ طريقها الى حنجرة زكية جورج . كما انها تاثرت في جواباتها بالصدحات الفنية التي تصعد اليها باقتدار حنجرة المطربة اللامعة فتحية احمد . ينتمي صوت زكية جورج الى القسم الثاني من الاصوات النسائية وهو " السوبرانو " اي الندى الثاني ولكن على الطريقة الشرقية ، في صوتها الاذهب في الاسماع تمكن هنة فنية ، وهي ان استمرارها في الغناء يدفع نبراتها الى المنح والعطاء ، الا ان هذه النبرات تتعرض مابين فترة واخرى الى الاحتقان في القفلات الغنائية على نحو لا تخطاه الاسماع . من شاف حبي وعرفه ،
(يامن تعب يا من شكة ، يابلبل غني لجيرانك ، من غير اما حبيت انا ) وغيرها .

سليمة مراد ... حنجرة صادحة
نبوغ في فن الغناء واقتدار لايطاوله اقتدار في مجال الغناء النسائي العراقي تمتعت بحنجرة وهاجة اكتملت لها الادوات الفنية في المقدرة والدراية والتمكن والتذوق والاتقان . غنت على فترة زمنية امتدت الى ثلاثين عاما ، الا ان اسمها بعد هذه الفترة بدأ يتسلل من ذاكرة الاسماع ، اذ تقاعدت واستراحت الى الظل الى ان انتقلت الى رحمة الله تعالى في نهاية عام 1972 امتاز صوتها بجواباته العالية الصادحة التي تسري نبراته المكتملة الا ان الخلل الفني الذي عاناه منه صوت سليمة مراد هو تجاوزه المتكرر لمقادير الغناء ، حيث بقيت هذه الخلخلة الصوتية ملازمة لها حتى في ايامها الاخيرة . ان الانطلاق الزائد للصوت الغنائي عن المقاسات اللحنية المصممة هو بحد ذاته لايعتبر خللا في السيطرة على الذبذبات الصوتية . المهم ان الغناء النسائي سيتوقف طويلا عند هذه المغنية الكبيرة التي امتلكت الصوت والمقدرة ولكنها لم تنجح في اضفاء المداراة اللازمة على هذه الموهبة بالعناية والراحة . بل ادمنت على السهر الزائد عن الحاجة مما اضر كثيرا بحنجرتها .
اهم ماترنمت به حنجرتها من اغان هي
( كلبك صخر جلمود – ويلي اشمصيبة – هو البلاني – يانبعة الريحان – خدري الجاي – تدري بخبرنه – الهجر مو عادة غريبة – ايها الساقي اليك المشتكى ) وغيرها .

زهور حسين .. بحة ريفية مؤثرة
منذ صغرها هوت الغناء وارتادت مجالسه المتنوعة وغشيت حفلات الاعراس حيث يلعلع صوتها ليمتد على مساحة واسعة من الاسماع وكانت في هذه الحفلات تتصرف كهاوية للغناء الا ان ممارستها لفنونه تعمقت وصار الغناء بالنسبة لها واقعا لا يمكن التخلص منه فاحترفت الغناء عام 1938 وانتشر صوتها في الملاهي البغدادية وكثر مريدوها واستمرت في الغناء الى ان ماتت في حادث اصطدام سيارتين على طريق بغداد – الحلة عام 1965
صوتها صادح وواسع المساحة فيه شجو جميل وترنم مؤثر الا ان نبراتها الريفية تارة تصفو وتحلو وتارة تسغب ! ويرجع هذا الاختلال الى الظروف الحياتية التي عاشتها ويمكن القول ان الطبقة التي تغني منها كثيرا ماعانت من رنات غير نفسية على الرغم من اجتماع القوة والشجو والبحة الشهيرة المؤثرة في صوتها الا ان معدن صوتها غير نفيس انما يغشاه في الكثير الغالب رخص يزداد بتقطيع صوتي يميل الى الابتذال وتنعدم فيه روح التعبيرية تماما .
تميز صوتها بالجوابات العالية الصادحة المنتشرة الا ان الضعف الذي يواجه صوتها يمكن في قراره او طبقته الصوتية المنخفضة ، غنت الكثير من الحان الفنان عباس جميل اشهر اغانيها ( سليمة يا سلامة – ضلام ماعدكم رحم – غريبة من بعد عينج يا يمة – ييلي جيت اهل الهوى – سيل يا دمعي – اه من هذا الوكت – انت الحبيب ) وغيرها .

صديقة الملاية .. جهارة غليظة وحادة
بدأت الغناء عام 1918 اسمها الحقيقي " فرجة " بنت عباس ثم اطلقت عليها مجالس التعزية الحسينية النسائية اسم ( صديقة ) واضيف لها لقب الملاية كناية عن الصداح والجهارة المؤثرة القوية التعبير التي كان يتمتع بها صوتها داخل المجالس امتازت بصوت رنان عميق قوي يعتبر كنزا من الكنوز فيما لو تعهدته بالرعاية والعناية والتربية الفنية المحكمة الصحيحة .
لكن هذا الصوت النادر انحدر انحدارا مخيفا وحاصرته انشغالات طاحنة واجهت حياتها لتجبرها اخيرا الى الخلود للراحة والاستقرار حيث انعمت عليها دار الاذاعة العراقية بمنحة شهرية لسد حاجتها .
اجادت على نحو عجيب غناء بعض المقامات العراقية السهلة والمت بمعرفة خبيرة بجميع الاغاني العراقية القديمة .
ان صوتها عانى بعض الغلظة التي تجسمت في السنوات الاخيرة من حياتها الفنية فهي تغني باقصى الطاقة مابين القرار والجواب بنبرات غليظة فخمة وحادة وتسلل اسمها من ذاكرة الاسماع لكن بقيت لاغانيها تلك الحلاوة الخاصة التي تميزت بها واشهر اغانيها ( يصياد السمك – للناصرية – جواد جواد مسيبي – عبود اجه من النجف – افراكم بجاني – ربيتك ازغيرون حسن) وغيرها.