صبيحة المدرس اول مذيعة عراقية تحييكم من تلفزيون بغداد

صبيحة المدرس اول مذيعة عراقية تحييكم من تلفزيون بغداد

كثيرون يذكرون عذوبة صوتها وابتسامتها المشرقة عندما كانت تطل عليهم بوجهها الضحوك قبل عشرين عاما من على شاشة التلفزيون!
انها اول مذيعة عملت في الاذاعة منذ عام 1946 وهي ايضا اول مذيعة تلفزيونية شاهدها الجمهور من على الشاشة الصغيرة عام 1956.. ورغم كل هذه السنوات الطويلة استقبلتنا "صبيحة المدرس" بنفس ابتسامتها المشرقة وبحيوية الشباب في منزلها..

وكان هذا اللقاء الذي اعادنا الى الايام الاولى لنشوء التلفزيون وما كان يحيط بطبيعة العمل انذاك من صعوبات ومفارقات صارت اليوم ذكريات حلوة يتداولونها في احاديثهم بعد ان تغير كل شيء وكبر مبنى التلفزيون وستوديوهاته واجهزته الحديثة! تغمض المذيعة الاولى عينيها لتسترجع اولى لحظات دخولها مبنى (الاذاعة اللاسلكية) فتقول:
كان ذلك في عيد النهضة العربية (9 شعبان) توجهت الاذاعة الى من يرغب بالقدوم لالقاء كلمة او قصيدة بالمناسبة.. فذهبت وانا احمل بيدي ورقة كتبت فيها انشاء للمناسبة.
فصادف ان سمعها مدير الاذاعة انذاك الذي اعجب بالقائي فاستدعاني الى مكتبه وفاجأني بسؤاله: من كتب لك هذه الكلمات؟ فقلت له: "والله استاذ آني"! بعدها سألني: هل تقبلين ان تكوني مذيعة؟ لم اجب حينها الا اني خرجت مسرعة للوصول الى البيت لاطرح المسألة على ابي الذي لم يمانع ابداً من الفكرة وامي ايضا، وهكذا بدأت العمل كمذيعة راديو وانا في الصف الرابع الثانوي!.
* والتلفزيون ما قصة دخولك اليه كمذيعة؟
- لم تكن هناك مذيعة في التلفزيون عند افتتاحه لذا طلب الي ان اذيع فيه فلم امانع.. واول ما اذعته كان نقلا لمراسيم افتتاح التلفزيون في 2/5/56. حيث اشتركت في نقله مع المذيع محمد علي كريم.
* وهل تذكرين اول عبارة قرأتها وانت تظهرين على الشاشة لوحدك؟
تتذكر ثم تضحك ونسألها ما الخبر؟... تجيب:
- ا ن اول عبارة قرأتها في التلفزيون غلطت فيها اذ بحكم وضعي كمذيعة في الاذاعة وتعودي عليها قلت: هنا محطة تلفزيون بغداد للاذاعة العراقية! متناسية اني امام الشاشة الصغيرة لا المذياع!
* وما تعليقات الناس انذاك وانت تسيرين في الشارع؟
- اطرف ما اذكره انهم كانوا يسمعوني عبارة هنا بغداد.. هنا بغداد!.
* وهل واصلت عملك كمذيعة في التلفزيون؟
- لغاية 1958 ثم تركت العمل كمذيعة ثم عدت اليه في 1964 ولغاية 1968 بعدها تفرغت لعمل في المحاماة.
"لنترك الاذاعة قليلا ولنعد اليك كأمراة عملت في المجال الحقوقي ماذا عن الاعمال التي قمت بها؟.
- بعد تخرجي في كلية الحقوق في 1951 عملت ملاحظة في المكتب الخامس لوزير العدل ثم ملاحظة في المكتب الخاص لوزير العمل بعدها انتقلت الى وظيفة اخرى حتى 1963 حيث نسبت للعمل في الاعلام فعملت محررة في نشرة الاذاعة والتلفزيون التي تعتبر مجلة الاذاعة والتلفزيون امتداداً لها! بعدها اصبحت مديرة لسجن النساء وبقيت فيه 4 سنوات حتى احلت نفسي على التقاعد قبل 5 سنوات!.
* واين حصة الاذاعة اذن من اعمالك هذه؟
- كنت اعمل في المساء فقط في الاذاعة.
وتتنهد صبيحة المدرس وهي تتذكر نفسها مديرة للسجن وكيف ان هذه الفترة من حياتها العملية اثرت فيها كثيرا اذ كانت صديقة لكل السجينات وتعلق على ذلك قائلة: انا لا اصلح ان اكون مديرة سجن لاني عاطفية ولا استطيع رؤية النسوة وهن وراء قضبان السجن! المسألة صعبة جدا بالنسبة لي لذا احلت نفسي على التقاعد.
* ماذا عن الشعر الذي تكتبين الم تفكري بطبعه في ديوان مثلا؟
- الشعر جزء من حياتي ولا استطيع الاستغناء عنه فانا نظمت اول قصيدة لي في سنة 1947 ولا زلت طالبة ثانوية ولغاية اليوم اكتب وقد حاولت فعلا جمع قصائدي في ديوان سانشره اخترت له عنوانا اوليا "العالم الثاني".
* وما هو تحديدك لمواصفات المذيعة الناجحة؟.
- ان تكون غير خجولة ولغتها قوية.. القاؤها جيدا.. الجمل التي تنطقها يجب ان تكون موسيقية غير جافة.. لا تنظر الى الورقة باستمرار.. مبتسمة دائما.. وانيقة وبسيطة ..
هناك حادثة لا زال الناس يذكرونها عن صبيحة المدرس فبينما هي تقرأ فقرات المنهاج ذات يوم غلطت واذا بها تصيح "بيه يمه صخام"! ولكنها مع ذلك استمرت بالقراءة بعد ان ضح الاستديو بضحك العاملين وعندما طلبها المدير العام للاستفسار عن سبب خطئها قالت له: استاذ كان العقل في اجازة وقتية! فاذا بالمدير يضحك وينسى العقاب!.