بلاد الضباب تستذكر.. ساتياجيت راي عراب السينما الهندية

بلاد الضباب تستذكر.. ساتياجيت راي عراب السينما الهندية

ترجمة: أحمد فاضل
يستذكر الجمهور الهندي والعالمي هذه الأيام أحد أعلام السينما البنغالية في الهند ساتياجيت راي بمناسبة مرور 23 عاما على وفاته، راي هو أول من أدخل الواقعية الجديدة في السينما الهندية مستمدا قصصها من روائع الأدب البنغالي والعالمي، وقد حاز على جوائز مهمة عن مجمل أفلامه التي أهمها"أغنية الطريق"و"عدو الشعب"و"صالون الموسيقى"وفيلمه الأخير"الزائر".

في عام 1948 كان ساتياجيت راي مجرد كاتب شاب بنغالي مغمور لم يتعرف عليه القارئ الهندي بعد، ما جعله يتجه إلى الصحافة الفنية ليكتب مقالا في إحداها تحت عنوان"ما هو الخطأ في الأفلام الهندية"اتهم فيه إدارة بلاده بالفشل في فهم هذه الوسيلة الحضارية حيث قال في مقاله:
- إنه أمر لايصدق أن هذا البلد الذي أبهر العالم بفنه وشعره وموسيقاه يعجز عن تقديم فيلم واقعي يكون بعيدا عن كل هذا الإسفاف والتهريج الذي نراه حاليا.
في غضون بضعة سنوات يقف ساتياجيت راي ليتحدى المعوقات التي تعترض تقدم السينما الهندية عالميا بعد دخوله عالم الإخراج السينمائي بإخراجه وبميزانية محدودة فيلما رائعا بعنوان"أغنية الطريق" كتب السيناريو له عن رواية بنفس الاسم تتحدث عن صبي يعيش في إحدى القرى البنغالية البعيدة يكافح من اجل حياة سعيدة له ولعائلته ، الفيلم قوبل لدى عرضه عام 1955 باستحسان الجمهور وإعجابه اللامحدود به ثم ما لبث أن حاز على إعجاب النقاد في مناطق عدة من العالم ومن العاملين في الفن السابع حيث أثنى عليه كوروساوا وسكورسيزي، راي أخرج أكثر من 35 فيلما وحصل على أوسكار الإنجاز مدى الحياة قبل وفاته في عام 1992، وبالرغم من أن اسمه غير معروف في ولاية البنغال إلا أن شهرته عبرت إلى ولايات عديدة أخرى داخل الهند وخارجها، فها هي القناة الرابعة اللندنية تعرض له في ذكرى وفاته مجموعة مختارة من أفلامه.
في وقت مبكر من حياته عمل راي في إحدى شركات تصميم الإعلانات وأغلفة الكتب، وبسبب عشقه للسينما فقد أقام جمعية كالكوتا السينمائية حيث سهل مشاهدة أحدث الإصدارات له ولأصدقائه من فرانس كابرا إلى آيزنشتاين، تغيرت حياته بعد هذه المرحلة حينما وقف مساعدا في عام 1949 للمخرج الفرنسي المعروف جان رينوار عند تصوير الأخير فيلمه"النهر"، محققا رغبة كانت تلح عليه بالوصول إلى العالمية.
وهو يعد العدة لإخراج أول أفلامه اختار رواية لأحد الكتاب البنغال اشتهرت حينها هي باتربانشالي أو"أغنية الطريق"التي يقول عن ظروف تقديمها في فيلمه هذا:
- شعرت بأنني إذا أنجزت هذا الفيلم فإن تغييرا كبيرا سيطرأ على السينما البنغالية ولم يكن عندي شك في ذلك فقد أدركت بأنني وجدت الموضوع المثالي لفيلمي الأول، في تلك الفترة كنت واقعا تحت تأثير الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية.
قبل أن أنفذ الفيلم تحدثت مع عدد من الأشخاص المحترفين عن هذا المشروع، لكنهم أخبروني باستحالة إخراج فيلم خارج الاستديو واستحالة إخراجه بوجوه جديدة وقالوا انه من الصعب إنجاز فيلم دون الاستعانة بالمكياج والتحكم خارج الاستديو، وهكذا نصحوني بالعدول عن محاولة إخراج الفيلم، لكنني أخرجته بعيدا عن سطوة الفيلم التجاري ما أتاح أمامي تجاهل توقعات المتفرج التقليدي وكان علي أن أحافظ على تقديري الشخصي لاحتمالات تقبل المتفرج لمشاهدة الفيلم.
الفيلم نجح نجاحا كبيرا وعند مشاركته في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1956 حاز على جائزة مهمة فيه، وفي عام 1957 شارك في مهرجان البندقية السينمائي الدولي وحاز الجائزة الكبرى فيه، اليوم تستذكره بلاد الضباب لتعرض بهذه المناسبة مجموعة من أفلامه الرائعة التي ظلت في أذهان جمهورها الذين عايشوا سينما ساتياجيت راي منذ خمسينات القرن الماضي وتجربته الفريدة في صنع الفيلم الهندي الواقعي برغم الإمكانيات المحدودة آنذاك.