اول صوت نسائي يقف خلف الميكروفون

اول صوت نسائي يقف خلف الميكروفون

عواطف حليم
ان كل زائر لليبيا، يشعر بالطفرة الكبيرة، التي حدثت في هذا البلد العربي الشقيق.. خلال السنوات القليلة الماضية بعد الاستقلال، فمهذ ان رحل آخر جندي محتل، وتفجر البترول، والبلاد تعيش عهد البناء والتخطيط. انجازات كبيرة تمت في ليبيا في السنوات الاخيرة، انها الان تبنى قواعد نهضتها في كل المجالات وفي نفس الوقت تقوم بدورها تدعيم سياسة التضامن العربي.. في هذه الفترة الدقيقة من حياة الوطن العربي.

ولقد لفت نظري، في بادئ الامر، نهضة المرأة في هذا القطر الشقيق، ومحاولتها ازالة الحجاب لكي تشارك في نهضة المجتمع الليبي.
والمرأة في ليبيا، رغم انها تعيش وسط تقاليد قديمة، فانها تستطيع ان نضعها بين ثلاث فئات.
الفئة الاولى: وهي الغالبية، مازالت تلبس الحجاب.
الفئة الثانية: نصف مكشوفة، ونسبتها قليلة.
الفئة الثالثة: هي المرأة التي خلعت الحجاب، وانتظمت في المدارس الجامعات، وتخرجت طبيبات ومهندسات ومدرسات، ويهمني هنا، المرأة الليبية التي استطاعت ان تلغي الحجاب، وتساهم مساهمة ايجابية في نهضة المجتمع الليبي.. ولهذا فانها صاحبة رسالة وعليها يعقد المجتمع الليبي اماله، لكي تصبح المرأة، حقيقة، نصف المجتمع.
وهذه المرأة الليبية التي استطاعت ان تخترق الحجب، لها قصة مثيرة، ومشاكل كبيرة.
استطاعت ان تقف امامها "بشجاعة" وان تنتصر في النهاية، وتصبح نموذجا لما ينبغي ان تكون عليه الفتاة الليبية الحديثة، وذلك بعد ان انتشر التعليم في كل مكان، وتمت مجموعة كبيرة من الانجازات في المجتمع الليبي.
ولقد قابلت السيدة خديجة الجهمي، التي تعتبر رائدة الحركة النسائية في المجتمع الليبي وهي الان رئيسة تحرير مجلة "المرأة"، وصاحبة اول صوت نسائي يقف خلف الميكروفون منطلقا، ليقول" هنا الاذاعة الليبية".
* قالت لي السيدة خديجة الجهمي:
- ولدت في ربيع عام 1921 في بنغازي، وعمري الان 47 عاما، تلقيت تعليمي في مدرسة ايطالية – عربية، ولم يكن في برامج الدراسة سوى حصة واحدة للعربي وقراءة القرآن كل اسبوع، وبقيت في هذه المدرسة خمس سنوات.
بعد هذه المرحلة بقيت سجينة منزلي، لم يكن هناك مراحل لتعليم البنات غير هذه المرحلة، لكنني كنت راغبة في اكمال تعليمي واحس والدي برغبتي هذه، فاتفق مع احد الاساتذة كي يأتي الينا، وعلى يديه حفظت القرآن وتعلمت قواعد النحو والصرف والفقه.. ثم انتهيت من هذه المرحلة، وسني 15 سنة..
بدأت بعد ذلك قراءة حرة.. كنت اقرأ ما تقع عليه يداي.. وبسبب الظروف التي طرأت على الوطن الليبي منذ عام 1937، وتديد قبضة قوات الاحتلال، وتمنعها من دخول البلاد، ولكنني كنت احصل على المجلات والكتب التي تتسرب الى البلاد..
ثم بدأت عمل في التدريس، واثناء هذه الفترة شعرت بحاجتي الى التزود من الثقافة والعلم.. وكان لابد ان اسافر الى مصر، وتعلمت هناك، لكنني حين عدت الى بلدي في عام 1956، قابلتني مشكلة، هناك اكتفاء في هيئة التدريس، وكانت الاذاعة الليبية تحتاج الى مذيعات، فتقدمت اليها، واجتزت الامتحان ونجحت.
* قلت للسيدة خديجة، اعرف انك اول مذيعة ليبية، ما هي البرامج التي قدمتها؟
- قدمت 14 برنامجا، في فترات مختلفة، منها اربعة برامج اسبوعية "ركن الاطفال – اضواء على المجتمع – اسهر معنا – صورة من الماضي"، ثم قدمت برنامج (ركن المرأة – فكر معي – يا فتاح ياعليم – وندوة الاذاعة، والبرنامج الاخير مازلت اقدمه حتى الان.
* منذ عام 1965 وانت رئيسة لتحرير مجلة الاذاعة.. فهل هذا يؤثر على عملك بالاذاعة؟
- الاذاعة هي رابطتي الاولى بالناس، وهي مركز نشاطي الفعلي للاتصال بالاخت الليبية.
* ما هو رأيك في الاتحاد النسائي الليبي؟
- المرأة الليبية استطاعت ان تحقق مجتمعا جديداً، واستطاعت ان تجتمع وتكون لها اتحاداً، يستطيع ان يساعد في تحقيق ما تريده.
* وما هو الذي تريده؟
- انها تريد النهوض بمستوى المرأة ثقافيا واجتماعيا، والمساهمة في اوجه النشاط المختلفة، وهذا الاتحاد يتكون من كل الجمعيات النسائية العاملة في ليبيا.
والسيدة خديجة رغم ان الجهاد في سبيل المراة الليبية يستنفذ كل وقتها فانها راوية للشعر، وهي تكتب الرجل وتقول:
- كتبت الزجل وعمري عشر سنوات، وكنت اشتهر بين اصدقاء ابي بحفظ ما اسمعه فوراً، ولقد كتبت كثيرا من القصائد، تبلغ حوالي ثلاثين الف بيت، ونشرت بعض القصائد في المجلات بامضاء "بنت الوطن" واجمل ما كتبت هذه الابيات:
اتضايقت وضاقت في عيني
وحسبت نفسي في دوامة
سهرت وما بالنوم يجييني
ودار عليا الهم غمامة
وقلت ان ربي ناسيني
* سؤال اخير: ما هي نصيحتك للمراة العربية؟
- اتمنى ان تعرف بنت اليوم معنى الحرية التي اعطيت لها، واحذرها من موجة التقليد بالزائفة.


المصور/ كانون الاول- 1963