عبد العزيز الدوري  ذاكرة التاريخ

عبد العزيز الدوري ذاكرة التاريخ

عبد العزيز الدوري علم من أعلام التاريخ الإسلامي، وصاحب مدرسة تتميز بالدقة والعمق وسعة الموضوع، والاهم من ذلك هو تركيزه في دراساته على “العوامل الاقتصادية” في فهم حركة التاريخ والمجتمع.
ولد في بغداد سنة 1908، وبعد أن أكمل دراسته الثانوية، حصل على بعثة علمية في المملكة المتحدة، فسافر إلى لندن ونال شهادة البكالوريوس من جامعتها سنة 1940.

واستمر في دراسته وحصل على شهادة الدكتوراه سنة 1942، ولما عاد إلى بغداد عين مدرسا للتاريخ الإسلامي في دار المعلمين العالية “كلية التربية حاليا” في بغداد. وقد بقي فيها حتى رقي إلى مرتبة أستاذ
ولم تقتصر جهود الدكتور الدوري العلمية على بلاده، العراق، إنما عمل أستاذا زائرا في جامعة لندن بين سنتي 1955 - 1956 وأستاذا زائرا في الجامعة الاميركية في بيروت 1959 -1960 واستقر أخيرا أستاذا للتاريخ في الجامعة الأردنية بعمان.
للدكتور الدوري مؤلفات عديدة طبع الكثير منها طبعات كثيرة منها:
العصر العباسي الأول “بغداد 1943” دراسات في العصور العباسية المتأخرة “بغداد 1945” مقدمة في تاريخ صدر الإسلام “بغداد1950” تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري “بغداد 1948” النظم الإسلامية “بغداد 1950” نشأة علم التاريخ عند العرب “طبعة جديدة 2005”.
وكلف من قبل منظمة التربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” لتحرير مشروع كتاب عام يتناول “تاريخ الامة العربية” والمشروع لم يستكمل بعد.
يعتمد منهج الدوري في تدوين التاريخ على الرجوع إلى المصادر الأصلية ومحاكمتها محاكمة منطقية، واستخلاص الحقائق التاريخية منها. لذلك اتسمت كتاباته بالدقة والعمق
وقد اهتم بالتاريخ الاقتصادي منذ بواكير حياته العملية وهو يرى بان موضوع التاريخ، موضوع حي، ولذلك ينتظر أن تختلف الآراء حول مفهومه، وأسلوب كتابته وتفسيره، فضلا عن انه موضوع يتصل بصورة وثيقة بالاتجاهات الفكرية والتطورات العامة، فيتأثر بها وقد يكون له أثره في بعضها
ويؤكد بان ثمة صلة بين المؤرخ وحقائق التاريخ، فالمؤرخ دون حقائق لا جذور له والحقائق دون مؤرخ مجردة من الحياة والمعنى.
ويقول الدكتور الدوري ان المؤرخين العرب القدامى قدموا تفاسير عديدة للتاريخ العربي وللتاريخ البشري كله، فهناك من رأى بان التاريخ تعبير عن “المشيئة الإلهية” المتمثلة بتوالي الرسالات. وهناك من قال ان التاريخ تعبير عن دور النخبة.
وفسر آخرون التاريخ تفسيرا أخلاقيا، وأخيرا جاء عبد الرحمن بن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي ليفسر التاريخ تفسيرا حضاريا اجتماعيا.
ويضيف الدوري الى ذك قوله ان “التفسير الاقتصادي“ لا يعني بالضرورة “التفسير المادي.
وتمتع الدوري بمكانة متميزة، حتى انه لقب بـ“شيخ المؤرخين العرب
كما نال الكثير من التكريم، وقد قال عنه المؤرخ البريطاني والمتخصص بتاريخ الشرق الأوسط، برنارد لويس “انه أي الدوري أصبح حجة في موضوعه.. بل هو نفسه قد غدا وثيقة تاريخية.
لم يكن الدكتور الدوري، وما يزال، بعيدا عن النشاطات الثقافية والسياسية والفكرية العربية، بل كان يشارك فيها باحثا ومناقشا ومحاورا وقد عرف عنه انه لايتعصب لرأي.
لقد كان الدوري في كل كتاباته يؤكد ان التاريخ كل متصل مترابط، يكون سلسلة حلقات يؤدي بعضها إلى بعض.. أما الحاضر فهو نتاج سيره التاريخي وبداية طريقه إلى المستقبل، ولذا فلا انقطاع في التاريخ ولا ظاهرة تبدو فيه دون جذور وتمهيد. كما أن الاتصال في تاريخ الشعوب لايعني ان التاريخ حركة رتيبة، أو أن الشعوب سارت بالخطوات نفسها خلال تاريخها، بل أن فيها فترات تزخر بالحيوية والتوثب وأخرى تتصف بالحركة التدريجية والتطور الهادئ.