بغداد قلب الجمهورية العراقية النابض تحتضن البطلتين الجزائريتين (جميلة بوحيرد) و(زهرة ظريف)

بغداد قلب الجمهورية العراقية النابض تحتضن البطلتين الجزائريتين (جميلة بوحيرد) و(زهرة ظريف)

استقبل شعب العراق المجاهدتين الجزائريتين جميلة بوحيرد وزهرة ظريف استقبالا حارا وحماسيا عند وصولهما بغداد في الساعة الثانية من بعد ظهر الخميس الموافق 18/10/1962 في زيارة للجمهورية العراقية.

وقد اعد استقبال رائع للبطلتين في مطار بغداد عندما وصلتا قادمتين من دمشق.
واشترك في الاستقبال ممثلون عن الحكومة وممثلون عن الهيئات الشعبية وحضر المستقبلون إلى بهو المطار قبل موعد وصول الطائرة بأكثر من ساعة.
وكانت تقل البطلتين المجاهدتين طائرة عسكرية سورية خاصة تابعة للقوات الجوية في الجمهورية العربية السورية وقد رافقت الضيفتين الكبيرتين بعثة شرف سورية عسكرية تتألف من 4 ضباط.
وعند هبوط الطائرة كان العشرات من المستقبلين في ساحة المطار وجماهير أبناء الشعب خارج مبنى المطار يلوحون لجميلة بوحيرد التي أصبحت مثلا للجهاد والنضال ورفيقتها في النضال السيدة زهرة ظريف.
وقد صعد إلى الطائرة ممثل من وزارة الخارجية ورئيس البعثة الجزائرية وسفير الجمهورية العربية السورية ببغداد.
ثم ظهرت البطلتان ووقفتا على سلم الطائرة ورفعت كل منهما يدها تحية للمستقبلين من أبناء الشعب الذين كانوا يرددون الهتافات بحياة البطلتين وبحياة الجزائر المكافحة وبحياة الثورتين الجزائرية والعراقية.
ثم تقدم للترحيب بهما باسم الجمهورية العراقية اللواء عبد المجيد حسن أمين العاصمة والزعيم الركن عبد الوهاب شاكر متصرف لواء بغداد والسيد نزار القاضي المدير العام للتشريفات بوزارة الخارجية والسيد عبد الرحيم الصافي مدير الاستعلامات في وزارة الإرشاد وكذلك السيد محمد القصوري رئيس البعثة الجزائرية ببغداد والسيد ثامر الجيبه جي القائم بالأعمال العراقي في الجزائر. ومرت البطلتان بين سقوف المستقبلين الى منصة التحية فوقفتا عليها حيث عرفت فرقة موسيقى الشرطة النشيد الجزائري.
وبعد ذلك صافحت كل من المجاهدتين الجزائريتين واحدا واحدا، فبدأت بأعضاء السلك الدبلوماسي العربي ببغداد ثم الصحفيين ومراسل وكالات الأنباء فممثلات الجمعيات والمنظمات النسوية اللواتي تبادلن مع المجاهدين البطلتين العناق والقبل، وقد ترقرقت الدموع في ما في الكثير منهن لهذا اللقب التاريخي.
وبعد ذلك قامت كل من المجاهدتين بمصافحة ممثلي الفلاحين وعلى رأسهم رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية ثم ممثلي العمال وعلى رأسهم رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال ثم قامتا بمصافحة حوالي 150 طالبا جزائريا يدرسون في المعاهد العراقية بينهم عدد كبير من الضباط الذين يتدربون في المعاهد العسكرية العراقية.
وفي هذه الاثناء كان مندوبو الصحف والإذاعة ووكالات الأنباء ومصورو سينما والتلفزيون والمصورون الفوتوغرافيون يسجلون لقاء المجاهدتين الجزائريتين بأخواتهما واخوانها من ابناء الشعب العراقي.
وكانت الإعلام العراقية والجزائرية تنتشر على مبنى المطار بينما وضعت لافتة كبيرة في المدخل كتب عليها (أهلا بالمجاهدتين الجزائريتين في جمهورية 14 تموز).
وقبل ان تدخل المجاهدتين الى بهو المطار قامت طفلتان عراقيتان بتقديم باقات من الزهور اليهما.
وفي بهو المطار أمضت المجاهدتان الجزائريتان فترة استراحة حيث تصدرتا البهو وجلس الى جانبيهما امين العاصمة ومتصرف لواء بغداد اللذان كررا الترحيب بالضيفتين الكبيرتين.

(جميلة تتكلم)
وقد أدلت المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد بتصريح لوكالة الأنباء العراقية في المطار أعربت فيه عن سرورها الشديد بزيارة الجمهورية العراقية وقالت إنني بهذه المناسبة احيي الشعب العراقي الكريم اما المجاهدة السيدة زهرة ظريف عقيلة نائب رئيس وزراء الجزائر فقد صرحت لوكالة الأنباء العراقية قائلة (إنني مسرورة كثيراً لهذه الزيارة وإنني باسم الجزائر الثائرة وباسم شعبها احيي شعب الجمهورية العراقية وسيادة رئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم).
وخلال فترة الاستراحة ألقت إحدى عضوات جمعية حقوق الإنسان كلمة حيت فيها المجاهدتين الثائرتين باسم الهيئات الشعبية العراقية وأشادت بكفاح شعب الجزائر البطل كما ألقى سكرتير الاتحاد العام لنقابات العمال في الجمهورية العراقية كلمة رحب فيها بالضيفتين الجزائرتين في عراق الزعيم عبد الكريم قاسم.
وبعد ذلك غادرت الضيفتان الجزائريتان بهو المطار الى فندق بغداد حيث تنزلان مع مرافقيهما ضيوفا مكرمين على وزارة الارشاد ويرافق البطلتين الجزائريتين السيد محمد الغسيري رئيس البعثة الجزائرية في دمشق والسيد محمد الشاذلي والسيد عبد الرحمن بعازيزي.
وفي الطريق من المطار الى فندق بغداود كان ابناء الشعب على جانبي الطريق يقفون لتحية المجاهدتين الكبيرتين وكانت الهتافات تنطلق من الحناجر تحية لشعب الجزائر وثورة الجزائر.
(جميلة وزهرة في كلية الطيران)
قامت البطلتان الجزائريتان جميلة بو حيرد وزهرة ظريف بزيارة لكلية الطيران وكان ابناء الشعب قد تحشدوا امام فندق بغداد منتظرين خروج الموكب لتحية المجاهدتين الجزائريتين، وامام مدخل الفندق وقفت مواطنتان شابتان واهديتا الى المجاهدتين سلسلتين ذهبيتين تضمان مصحفين شريفين.
وما ان غادر الموكب فندق بغداد حتى اخذ المواطنون يجرون وراءه يحيون البطولة والشرف والتضحية والفداء في شخص المجاهدتين.
وصحبت الموكب من الجو طائرة هليوكوبتر تابعة للقوة الجوية العراقية. وكان في استقبال المجاهدتين امام مدخل كلية الطيران الزعيم الركن جلال الاوقاتي قائد القوة الجوية والعقيد الركن احمد الشيخلي آمر الكلية وعدد كبير من ضباط القوة الجوية وجنودها البواسل.
وكان ما يقارب الـ 50 طائرة من مختلف الانواع تربض على مدرج الكلية وامامها الطلاب الشجعان وهم في ملابس التدريب وبينهم 14 طالبا من اخواننا الجزائريتين يتدربون في كلية الطيران العراقية.
وصافحت المجاهدتان الطلاب الجزائريين فردا فردا. وشاهدت المجاهدتان خلال زيارتهما لكلية الطيران عرضا جويا اشترك فيه الطلاب الجزائريون وادوا تجارب عملية على الطيران في انواع مختلفة من الطائرات كما قام ثلاثة من الطيارين العراقيين البواسل بالطيران بطائرات اخترقت حاجز الصوت امامهما.
وبعد ذلك حيت المجاهدتان الطلاب الجزائريين الذين اجروا التجارب امامهما ثم صافحتا الضباط العراقيين.
والقى السيد محمد الضيري رئيس البعثة الدبلوماسية الجزائرية في دمشق والذي كان يرافق المجاهدتين الجزائريتين كلمة شكر فيها الحكومة العراقية على اهتمامها بتدريب الطلاب الجزائريين على الطيران ليكونوا نسورا في حراسة الجمهورية الجزائرية واكد السيد الغسيري وحدة الشعور العربي وقال ان الدفاع عن الجزائر هو الدفاع عن العراق وان الدفاع عن العراق هو دفاع عن الجزائر.
وفي ختام كلمته دعا السيد الغسيري بالعمر المديد لسيادة الزعيم الامين عبد الكريم قاسم وحيا حكومتنا الوطنية والشعب العراقي العظيم كما حيا شهداء الجزائر وابطالها في عهدها الجديد عهد الاستقلال والبناء.
والقى بعد ذلك السيد محمد القصوري رئيس البعثة الدبلوماسية الجزائرية ببغداد كلمة قصيرة حيا فيها ضباط القوة الجوية العراقية البواسل وشكرهم على اهتمامهم ورعايتهم للطلاب الجزائريين.
وبعد ذلك غادر موكب البطلتين الجزائريتين كلية الطيران بحفاوة وتكريم بالغتين ووسط عاصفة من التصفيق والهتاف بحياة الجمهوريتين الشقيقتين الجزائرية والعراقية.
البطلة جميلة بو حيرد تدلي بتصريحات حول انطباعاتها عن زيارتها للعراق ومقابلتها لسيادة الزعيم.
أدلت المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد بتصريحات خاصة لوكالة الأنباء العراقية قبل مغادرتها بغداد مع زميلتها المجاهدة زهرة ظريف ضمنتها انطباعاتها عن زيارتهما للجمهورية العراقية.
وقالت البطلة جميلة إن كل شيء في الجمهورية العراقية الحبيبة جميل مؤثر، ولا يمكن لمن زارها من أبناء العروبة إلا أن يشعر بأنه بين أهله وبني عمومته، فقد كان الشعب والحكومة والجيش في حفاوتهم وترحيبهم في أعلى مستويات الشعور بالإخاء والعزة القومية والكرم العربية، ولن تنسى أبدا هذه المظاهر الرائعة التي استقبلنا بها من طرف الشعب العظيم في كل ناحية شاهدناها في عاصمة الجمهورية الخالدة فإلى الجميع أطيب تحياتنا مقرونة بأجمل تشكراتنا سائلين من الله جل جلاله أن يسدد خطى الجميع لما فيه خير الأمة العربية المجيدة.
وقالت المجاهدة الجزائرية ردا على سؤال لوكالة الانباء العراقية حول مشاهداتها في بغداد فقالت ان ابرز ما شاهدته في بغداد الخالدة انها تسير حنينا في طريق التجديد والتطور الاقتصادي والصناعي والحياة الاجتماعية والثقافية، ويمكن ان تقول بان بغداد التاريخية في عهودها الزاهرة عادت فبرزت للوجود، وما هذه الحصون والقلاع والمباني النموذجية لابناء الشعب الا طليعة لميلاد بغداد العاصمة التاريخية العظيمة مع كثير من الامل في انها ستفوق في نهضتها اية نهضة سلفت حين تتصور ان الحقوق فيها لكل المواطنين على السواء في عهد يتسم بنشر العدالة الاجتماعية بين افراد الشعب. ولا مكان فيه للطبقات المتشاكسة وإنما هناك شعب واحد يتساوى كل أفراده في الحقوق والواجبات.

وردا على سؤال للوكالة حول الأثر الذي تركته مقابلة سيادة الزعيم الامين عبد الكريم قاسم في نفسها قالت البطلة جميلة بوحيرد ان اجتماعنا بالزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة كان اجتماع اخ الى اخواته واخوانه، وما كان حديثه الينا الا حديث اخ يعالج مشاكل الإخوة في إطار الأخوة الصادقة بين أبناء الأمة العربية ولا يهمه إلا أن يندد بالاستعمار والمستعمرين كيفما كان لون ذلك الاستعمار، ومن كان أولئك المستعمرين، وغني عن البيان ان الزعيم عبد الكريم قاسم كإخوانه من قادة ورؤساء الدول العربية يهمه دائما ان يجمع الشمل ويرأب الصدع وان لا يستهدف الجميع إلا المصلحة العليا للامة العربية قاطبة مع شيء كثير من التسامح ونسيان الذات اثناء معالجة المشاكل. والله من وراء القصد. ومع الذين اتقوا والمحسنين.

مجلة (المعرفة) /
تشرين الثاني 1962