الاثري .. الشاعر المتمكن

الاثري .. الشاعر المتمكن

تمكن الاثري من اللغة واطلاعه على الشعر منذ الشعر الجاهلي الى اليوم مكنه من ابراز مواهبه بشكل يدعوا الى الاعجاب، فجاء شعره قوي محكماً متين الاسباب ، يجمع بين قوة التعبير ودقة التصوير ، ومتابعة على ما جد على فنون الشعر من تطوير ،

مع المحافظة على اصول هذا الفن العريق، والامساك باوتار الشعر في ازهى عصوره وابهى مجاله. ان شعره يمتاز بجزالة اللفظ وقوة الصياغة وبراعة التعبير وابداع النسيج واحكام القوافي وطرافة المعاني مع توفر الغنائية وانسجام القسد بيتاً بعد بيت.. اهم خاصية لشعر الاثري وهي «الغنائية» مع جمال الصور وبراعة انتقاء الالفاظ انه شعر يتميز بالتعبير عن الشعور الصادق «فيه اخلاص العاطفة المتوهجة ووثبتها وطلاوة الديباجة ومتانتها ، وغني المعاني وعمق دلالتها ووفرة الصور وحسن اخيلتها
،و السمة البارزة لشعر الاثري هي الصدق في المشاعر فهو لا يقول الشعر الا اذا جاش في صدره وتوافرت حوافزه ودواعيه من غير تصنع وان للشعر الحق في عرفه هو الذي يكون عن شعور صادق وفيض الطبع.
والان نمضي في طريقنا الطويل ولكن غير المتعب في تحديد شخصية الاثري من خلال شعره ، وهذا يثير سؤال منهجياً ، هل ضرورة ان يكون شعر الانسان دليل على شخصيته؟ ودون الدخول في مواقف المدارس الادبية النقدية المعروفة ، اقول وبدون كثرة كلام ، نعم حينما يكون الشعر صادقاً ، لكن ما مقياس صدق الشعر؟ هنا لابد من العودة الى سلوك المدروس ومعرفة دراسته بجزئيات حياته ومواقفه فاذا تطابق السلوك للمدروس مع ما في شعره من قيم ودعاوى واتجاهات كان ذلك دليل كافي. وهنا نقع في دور ، فنحن نريد ان نعرف شخصية المدروس من شعرخ فاذا بنا نعود الى المدروس لنقيم دلالات شعره ومدى صدقها وانا لا ارى في ذلك ضير طالما المهم هو الوصول الىمعرفة حقيقة وواضحة لشخصة المدروس وهو هنا الاثري.
نقطة اخرى ينبغي ايضاحه وهي ان احد معالم شخصية الانسان هي افكاره واتجاهاته وعقيدته فاذا تطابف مضمون الشعر مع المعروف من تلك الخصية في سلوكها الواضح الجلي المتواتر والمشهود به من كثيرين ، كان ذلك دليل على صدق الشعر من جهة ووحدة الشاعر وشعره ، وهذا امر لا اجده مثيراً لاي ازدواجية مع الاثري، فهو لايقول ما لا يعتقد ولايفعل ملا يقول ، مع ملاحظة ان ذلك لا يشترط به المطابقة المائة بالمائة، ذلك انه مهما كان الانسان صادقاً وشجاعاً واميناً يترك في الاغلب شيء لايريد ان يقوله الى لنفسه كما يبقى فعله وعمله اقل من صورة الطموح التي يراها ،لاسباب عديدة وليس واحدة منها
الشاعر عزيز اباظة مقدمة ديوان « اساطير وملاحم « للاثري

يقول الجادر في ختام بحثه القيم "الوحدة الروحية في شعر الاثري" لنا بعد هذا كله ان نقرر ان الاتجاه الروحي سيبقى قائماً بين نصوص الاثري.بل ان القصيدة الاسلامية الغراء تبدو الرافد الغر الذي يمد جلى نتاجه الشعرية جذوره في تربة شاطئيه فيستمد من فيضه نبض الحياة والنماء والتجدد وبهذا الوعي نستطيع ان نقرر عمق الوحدة الروحية في نتاج الاثري الشعري ، وامتداد اثارها الى اكثر نصوصه سواء في مضامينه الفكرية اوفي بنيته الداخلية ولغتها وتراكيبها.
ان معان الشعر عند الاثري تستمد معينها في افكارها الكبرى من العقيدة مثل ان العقيدة فيها توحيد الامة العربية وتوحيد العراق عرب واكراد وفكرة الحب الالهي وعروبة الاسلام بل هي في البناء الداخلي لقصائده وعنواين قصائده والفاظها التي يستمدها من القران ومن شخوص الانبياء والقصص القرانية وهذا لامجال لايضاحه هنا.
وكما قلت سابقاً يوجد تطابق بين حياة الاثري وشعره ولذلك اجد من الازم ان اضيف ان هذا الاتجاه الروحي ليس القائم المشترك بين نصوص الشاعر وروافد نتاجه الشعري بل هو مفتاح شخصيته كلها فكل حياة الاثري منذ شبابه الى ان توفاه الله تعبر عن سلوك ومواقف وافكار رجل مؤمن بالله مسلم بالعقيدة والقيم والرؤيا وسنجد انه في بقية سجاياه وخصاله الشخصية لايتصادم بل يتلائم ويستمد معينه من هذا الاتجاه الروحي سواء في موقفه من اللغة العربية او رؤياه للانسانية اودفاعه عن الحرية او مواقفه السياسية من قضايا الامة او النظر الى تراثنا والى الحضارة الغربية وحتى رؤياه للجمال البشري والكوني
د عبد المنعم الجادر
كلمة القيت في اربعينية محمد بهجة الاثري