قصيدتان من اخر ماكتب رحمه الله  الاولى يرثي فيها نفسه  والثانية يسلم علينا سلام فيه لوعة شديدة

قصيدتان من اخر ماكتب رحمه الله الاولى يرثي فيها نفسه والثانية يسلم علينا سلام فيه لوعة شديدة

رثاءٌ قبلَ الأوان
محمد حسين الأعرجي

سأمضي ولا أدري، ولا أحدٌ يدري
بأنّيَ أنفقتُ الوسيـــمَ من العُمرِ
على حُلُمٍ شابتْ سريرةُ حُسنِــه
ولكنْ زعمتُ الشَّيْبَ من ألَقِ السِّحر
سأمضي، وما استقبلتُ إلاّ مـرارةً


توهَّمتُها جهلاً مُباينةَ المُـــــرِّ
نعمْ، إنّني من بينِ شوكٍ، ولَسعِـهِ
تيقَّنتُ أنّي قد أكونُ من الزَّهــرِ!!
على أنّ أبناء الزواني زكاتُــهم
،ولم يُمسكوا يوماً، تمامُ شذى الفِطرِ
تبنَّيتُ أطيـــافاً تُؤمُّ وقد رأوا
بأن يتغنَّــوا بالكوابيسِ عن أمـرِ
وإذْ عُدتُ عاد الأوّلونَ لِعُهرِهـم
وهل عاهرٌ يوماً تخلّى عن العُــهر؟
فَضُويقَ بسم الله في ألْفِ " وَصْلِهِ
كما أفضلتْ فتوى بواوٍ على عَمْرِ !!
أبي يا أبي هل تذكرُ الفجرَ مُبهَماً
وكيفَ السُّرى فيه، وكيف ندى الفَجر
وهل تذكرُ الضوءَ الذي سال مونِقاً
وما هرقتْ عيناك من نظرةٍ بِكــر؟
أبي، ندمٌ أن أذكرَ الدمعَ طـاهراً
على وطنٍ ما كان يوماً على طُهـر!
حملتُ على ظَهري شَقابينَ من أذى
وحُمِّلتُ هذا اليومَ قاصمـةَ الظَّهـر
فهذا يســوقُ الحَرثَ إرثَ أُبوَّةٍ
وذاك يلصُّ النسلَ عن جَدِّهِ البَــرِّ
وإنّي وإيّاهمْ كما دفعَ الشَّــذى
أذًى من كنيفٍ بالكسولِ من العِطرِ
وإنّي وإياهم كما اشتبك الضُّحـى
بليلٍ أُريقتْ فيه زقزقةُ البَــــدرِ
أبي، ما تراني صانـــعاً؟ إنّني دَوٍ
أُعالجُ صبري أن يُعالَجَ بالصَّــبرِ!!
تمنّيتُ أنّ الله يَنـزِلُ ساعــــةً
إلى الأرض حتى يكشفَ السترَ عن سترِ
فتنكشفُ العوراتُ شفّافةً كمــا
بَرَتْها دهاليزُ المواخيـــرِ والخَمـرِ
ويُومي إلى مَنْ يخصِفُ النَّعلَ هازئـاً
بما لأمير المؤمنين من الكِــــبرِ!
إلى سائلٍ ما قيمةُ النَّعلِ هـــذه
نعم يا ابنَ عبّاسٍ، وهل ثمَّ من أجرِ؟!
عسى، ولعلَّ المُستميتينَ سُلطـــةً
يرون بإنّا آيلون إلى حـشـــرِ
أبي، وعَتَوا لكنّما في عتوّهــــم
فضيحةُ عَوْد الناكثينَ إلى الهُجــرِ
فذبحٌ، وقتلٌ، واغتصابٌ، وأسطُـحٌ
بِظلّينِ لا في البَردِ يوماً ولا الحَــرِّ
فَقُل للملائيــك الذين تنــزّلوا
عمائمَ أدنى ما تكون إلى الســرِّ
تعرّتْ أساريرُ الغُـــواةِ، وغيِّهم
فما من سراويلٍ لديهم، ولا سـترِ
فيا نِقمةَ الشَّعبِ التي ليس قبلهــا
ولا بعدَها نارٌ لها لذعةُ الجمـــر
تعاليْ فإنّا مُوهَمُون بِفَجرِنـــا
عسى فَجرُنا يرفضُّ عن يقظةِ الفجر!
بغداد صيف: 2006



سلامٌ لكم أهلي
محمد حسين الاعرجي

سلامٌ لكمْ أهلي سلامٌ مُضاعَفُ
فهل فيكمُ من نَدِّ ردٍّ مُضـاعِفُ؟
سلامٌ على الأيّامِ أحلى حديثِها
بأنَّ الليالي مُرعِداتٌ قواصــفُ
يُبَصَّرُ ناسٌ بالحياةِ مَتَـــالفاً
وقد جئتُها أعمى، وحولي المَتالفُ
فَمَنْ لي بِعَوْدٍ والطّفولةُ غضَّـةٌ
إلى ظلِّها، حيثُ الظلالُ مَـتارفُ
فأَعْـدُو، ولا أمٌّ لديَّ ولا أبٌ
ولا جنَّـةٌ موعودةٌ، أو مَخاوفُ
وأركضُ حيثُ العُمرُ لا عدَّ عَــدُّهُ
ســــوى ما ترى أفراحُهُ والمقاصِفُ
فقد سئمتْ نفسي الجهالةَ ظُلمَــةً
وتَزعُمُ أنْ من نُعـــمياها المعارفُ!!!
وقد لعِبتْ روحي فكدتُ أقيئهــا
بأنْ صار من بعـضِ الذين... غطارفُ
فهمْ قادةٌ لا يبلغُ الدَّهرُ شأوهَــمْ
ويبلُغهُ الدولارُ حينَ يُصَــــارَفُ!!
أقولُ ولم أُوهَمْ، وقد يُوهمُ الفتـى
بأنَّ أحاديثَ القرونِ مصاحــــفُ
تشكَّكتُ حتى لستُ أعجبُ إن يُقَلْ
بأنَّ جنــانَ الأقدمينَ تَنَـــائفُ
ونقَّرتُ حتّى لم أجِدْ من غوامضٍ
فجلَّيتُها إلاّ وأنفيَ راعِـــــفُ
أكاذيبُ إن نقّبتَ عنها فلم تجدْ
سوى أنّ جفنَ العَيْنِ ظِلْفٌ مُحـارِفُ
هنا قِسمةٌ ضيزى، وثمَّ صحائفٌ
وثَمَّـةَ ما تُطوى عليه الصحائــفُ
هنا كذبةٌ زانَ المؤرِّخُ وجههـا
بأُكذوبةٍ أُخرى؛ فَزِيدتْ صحائـفُ
مواقفُ لو مسَّتْ شجاعاً مُزاحِفاً
تبرَّأ مِنهنَّ الشُّجـاعُ المُـــزاحِفُ
سلامٌ كما قَيْظُ العراقِ صراحةً
عليه من الودِّ الوضيءِ رفارفُ
أقولُ ولا أخشى سوى اللهِ والذي
رَبِيتُ عليه أن لصحراءَ قائـــفُ:
تغرَّبتُ عُمراً يعلمُ اللهُ أنّـــهُ
كمثلِ نقاءِ الله فيمــــا أُقارف
ولم أهجُرِ الظلَّ الوريفَ كراهـةً
أيُهجَرُ ظلُّ الصيـفِ إذ هو وارفُ؟!
ولكنْ طغى فرعونُ حتى كأنّني
أنا القِيلَ لي: اذهبْ إنّكَ الآن خائفُ
وإذ جئتُ ألفيتُ الفراعينَ مِن
عمائمَ لكنْ قيل عنها: لفائــف!!