مكسيم غوركي

مكسيم غوركي

ولد مكسيم غوركي بروسيا في الثامن والعشرين من اذار 1868 ، واسم غوركي مستعار لالكس مكسوفكس وكلمة غوركي تعني باللغة الروسية (المر) لذلك اختارها الكاتب انطلاقا من واقع المرارة التي تعيشه روسيا في الحكم القيصري .

امضي مكسيم سنوات حياته الأولي في استر كان حيث كان والده عاملا بحريا ، وعاش يتيما بعد إن فقد والده سن الثالثة من عمره ثم والدته ، وتولت جدته تربيته ، كانت جدته تقص عليه القصص والحكايات بأسلوب ممتاز مما صقل مواهبه العقلية . بعد إن فقد جدته هرب غوركي من البيت وهو في سن الحادية عشرة وذلك لتأثره بموتها مما جعله يحاول الانتحار ، فسافر علي الأقدام وتجول في الإمبراطورية الروسية لمدة خمس سنوات غير عمله خلالها عدة مرات فعمل خبازا ، وحارسا ليليا ، وعامل تفريغ الشحنات .
في سنة 1899 عاد غوركي إلي نوفجر وعمل سكرتيرا لأحد المحامي واصدر بعض القصائد ( منهاانشودة السنديانة العجوز ) 1890 تجول في روسيا وعمل أيضا كمزارع وحرفيا وكتب رواية مكار لودر Makar cludra1892 الذي نال بها نجاحا كبيرا .وطاف مكسيم كل أرجاء روسيا لا يفارقه الكتاب ، فقد كان انسيه الوحيد وكان نهما في القراة مما جعله يعمل في مجال الطباعة والنشر ، وبدأ يكتب المقالات ذات المضمون العميق ، فكتب في صحيفة ( دي فليس Tiflis )”القوقاز” هذا الاسم كان يعكس غضبه وغليانه علي الحياة في روسيا وعزمه على قول وإظهار الحق .
في سنة 1898 كتب غوركي ( أوضاع وروايات ) واحدث بها نجاحا وشهرة كبيرة في روسيا وفي الخارج ، كتب فيها عن حياة الشعب في روسيا ، في سنة 1899 أعلن مكسيم غوركي تقربه من الحركة الاجتماعية الديمقراطية الماركسية ،وتعرف علي لينين وارتبط معه بصداقة في سنة 1902 .
عرف اسم مكسيم غوركي بانه الصوت الوحيد والمدافع لتغيير المجتمع السياسي والثقافي لروسيا فكان مقدرا كحامل الفكر ومرتبطا بعلاقة مع الأدباء الكتاب مثل انطون تشيكوف ولون تولستوي بأعماله التي تتسم بالوعي السياسي والاجتماعي حرم مكسيم غوركي من إكمال دراسته حيث طرد من الاكاديمية للعلوم وبعدها سجن ولم يتم تحرره إلا سنة 1906 .
وفي سنة 1906 أرسل من قبل البلفتيكس إلي الولايات المتحدة ،وهناك بدأ بكتابة روايته الشهيرة ” الأم ” التي يقدم فيها الواقعية الاشتراكية .والتقى هناك تيودور روزفيلت و مارك توين انتقد من النقاد في الصحافة حيث استنكروا وجوده برفقة عشيقته ماورا بودبرج وليس زوجته كاترينا بشكوفا وبعدها سافر إلى لندن ليشارك بالمؤتمر الخامس البول فتكس .وعاد سنة 1907 إلي روسيا وتعرف علي لينين ومعه امضى فترة في جزيرة كابري بايطاليا وهناك كتب عدة روايات منها ” الطفولة ” وأسس مدرسة الثوريين الروس المهاجرين ..
عاد غوركي إلي روسيا سنة 1903 واحتل شعبية كبيرة ومارس عدة نشاطات وأسس البيت الأدبي للنشر الشامل كتب الجزء الأول من سيرته الذاتية ” طفولتي ” 1914. شارك غوركي بعدة نشاطات ثقافية للحياة السوفياتية وذلك من خلال صحيفة ( الحياة الجديدة ) اتلي أوقفت من قبل السلطة فقد كان غوركي ينشر من خلال هذه الجريدة مقالات بعنوان ” أفكار بالية ” منتقدا بقوة وقسوة كبيرة مسائل خطف السلطة من قبل البلاشفة مشككا وبتهجم سياسي حيث كتب : الإبادة العامة لتتوافق مع الفكر القديم المشبع بأساليب السياسة الداخلية للحكومات الروسية المتقاعسة ، وكان ينتقد لينين احيانا رغم العلاقة الحميمة التي كانت تربطه به ولكنه كان مختلفا معه في وجهات النظر بخصوص بناء الاشتراكية في روسيا التي فيها العمال يشكلون 80% من سكانها .
في سنة 1921 غادر غوركي روسيا إلي ألمانيا وأكمل ” جامعتي ” التي أصدرت سنة 1923 وعاد إلي ايطاليا ليعالج من مرض السل بقي هناك في سورينتي سنة 1924 وبقي على اتصال ببلده روسيا وفي ايطاليا أكمل عمله الثلاثي السيرة الذاتية ورواية قضية ارتامونوف .
في سنة 1930 كتب غوركي وهو في منفاه في جريدة ( البرافدا ) مقالة تحمل عنوانا ثوريا ( اذا لم يستسلم العدو فاسحقه ) وكان غوركي يراسل ستالين ويراسله ويعلمه بكل ما يطرأ في روسيا . وكتب غوركي لستالين يقول : صحتي بدأت تتحسن وحان الوقت لعودتي لنقل عظامي الهرمة الي ارض الوطن).
في سنة 1931 قرر المكتب السياسي بمبادرة من ستالين الاحتفاء بالذكري الأربعين لبداية نشاط غوركي الأدبي ، ووجه تنبيها قاسيا لمنظمي الاحتفالية لوضعهم جرائد العاصمة وصاحب المناسبة في موقف حرج ولم يستعدوا لهذه الاحتفالية العظيمة فقد استعجلوا العمل وذلك لإقناع غوركي بالمشاركة في اللعبة السياسية التي يديرها ستالين وأعوانه ، وهي توحيد كل كتاب البلد في منظمة واحدة وايجاد إيديولوجيا تتمثل بالواقعية الاشتراكية ، وكان لهم ما أرادوا .
بعد عودته شارك غوركي بعدة نشاطات ثقافية وعمل من اجل تطوير الحياة الإبداعية ودفع بالأدب إلي الأمام في روسيا وكل العالم، وادخل عن طيب خاطر في لعبة ستالين وأعوانه الذكية ن برغبته الجامحة لتحقيق شيء ايجابي ولكن غوركي صدم بترسانة ضخمة من البرقراطية السلطوية القاتلة ، وبالإخفاق والقهر .
توفي مكسيم غوركي بموسكو في الرابع عشر من يونيو سنة 1936 بعد موت ابنه مكسيم تسكوف في مايو 1935 . شارك في مراسم دفنه ستالين ومولوتوف . بعض الشكوك تقول إن غوركي وابنه ماتا مسمومين
مكسيم غوركي مؤلف العديد من الروايات والقصص والأقاصيص الصغيرة والمقالات الأدبية والمسرحيات
كتب مكسيم غوركي رواية الأم عام 1907 هذه الرواية التي قدمها بالمفهوم الأدبي إلا أنها كانت تحتوي المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال أحداث الثورة الروسية بأسلوب راق مبسط في تقديم التحليلات والنتائج دون أي إرباك للقارئ المفاهيم والمصطلحات التي تتميز في الدراسات التحليلية المتخصصة رواية الأم يجسد فيها غوركي شخصية أمه العاملة بافلاسوف التي لا تعي معني السياسة والثورة ولكنها تعي وتعرف ثورة ابنها هذه الرواية التي تدور أحداثها عن حياة العمال وما أنتجه بؤسهم وفقرهم واستغلال أصحاب المعامل لهم من سوء في طباعهم واخلاقهم وعنف يمارسونه ضد أزواجهم وأبنائهم وبعضهم بعضا ، حيث يموت الأب ولم تحزن الأم لفراقه لقسوته وضربه لها ، ولكن الابن بون الذي لم ستجاوز الرابعة شعر من عمره وجد غياب والده فرصة ليحتل مكان أبيه ويقلد سلوكه في شرب الخمرة وإساءة معاملة والدته التي ترجوه قائلة :
يجب الا تقترب من الخمرة أنت بالذات ، لقد شرب والدك عنك وأذاقني كؤوس العذاب ، فترفق أنت بي:
وفي الرواية يجرب بول كل الطرق لتفريغ طاقته وممارسة مراهقته ليكون شخصيته وأخيرا وجد طريقا مختلفا ، فهم الحياة ومعرفة سبب المعاناة التي يعيشها وعاشها والده قبله وجميع العمال ، فابعد فكرة الخمر ولجاء للبحث عن أسباب هذا العذاب الذي عرفته أمه ، فانعزل في غرفته واخذ يقرأ الكتب الممنوعة كما كان يصفها لامه ، وكانت الأم أمية لا تعرف القراءة ولكنها تحس بأن ابنها يكرس نفسه لقضية ربما يدفع حياته ثمنا لها فشعرت بالخوف عليه وتقول ” إن الدموع لا تنضب في عيوني الأمهات ” رواية الأم لمكسيم غوركي تدور أحداثها السياسية وعن ام تابعت مسرة ابنها عندما سجن وتعاطفت مع أصدقائهم وقضيتهم وفي الأخر تبنت القضية وأصبحت من الرفاق المناضلين ومن أقوال الأم في الرواية :
لا تخافوا شيئا مطلقا اذا لا يوجد شي اشقي وأتعس من حياتكم التي تعيشونها طوال العمر ،من يغني قلوبكم ويجفف صدوركم لن تستطيعوا مهما فعلتم إن تقتلوا روحا بعثت من جديد لا يمكن إن يخنق العقل بالدم”
رواية الأم منذ صدورها وصلت لكافة أنحاء العالم وأصدرت ثلاثمائة مرة خارج الاتحاد السوفيتي ،تلك الفترة وترجمت إلي عدة لغات أجنبية كثيرة ويعتقد إنها طبعت أكثر من مائتان مرة في بلدها ووصلت أعداد نسخها إلي سبعة ملايين نسخة ، ورغم إن هذه الرواية كتبت منذ سنة 1907 إلا أنها لا زالت تحظي بحيويتها حتى الان.
كان مكسيم غوركي صديقا لنيين ورغم ذلك انتقد ثورة أكتوبر وكتب عنه وتروسكي ، كان غوركي جاهزا ليصوت وباعلي صوت من اجل بلاده السوفيتية لتكون عظيمة ومتطورة .
كتب غوركي في المسرح ” عدة مسرحيات منها( سملوف والآخرون الرجل العجوز الحفيض ) فقد كان كاتبا وشعارا ومؤلفا مسرحيا وقد تركت أعماله المسرحية أثرا عميقا في تطور المسرح الدرامي في روسيا ومن أهم أعماله الثلاثية المستوحاة من سيرته الذاتية ” الطفولة في معترك الحياة ، جامعتي ” ورواية الأم التي تناولنا قليلا من أحداثها ، حياة لكم سامغين ، والمسرحيات :(( الأعداء، المصطافون، في القاع ، البرجوازيون الصغار ) مسرحية الحضيض سنة 1902 حيث هذا العمل يدافع مع اليقين ولضمان القيم والتقدير للحقيقة الإنسانية ، مسرحية المصطافون سنة 1905 وهي مسرحية تحكي الأحداث خلال وباء الكوليرا سنة 1862 المتوحشون 1905 ورواية الاعتراف 1908 وهي طفل بحث عن الحقيقة في وجوده الله وكشف إن الشعب الذي يجمع بين القدرة والفاعلية يستطيع إن يغير العالم ، طفولتي التي كتبها سنة 1914 ومعترك الحياة 1916 وجامعتي 1923 وهي سيرته الذاتية منذ الطفولة وحتى الشباب .
أفكارا خاصة 1918 وهي مجموعة نقدية لم يتمكن من إصدارها في روسيا وأصدرت بعد قيام الاتحاد السوفيتي. مكسيم غوركي عمل في عدة وظائف ، في مخازن أحذية ، علي ظهر مركب ، ومعاونا لورشة لرسم الأيقونات , وفي مجموعته لسيرته الذاتية ، وفي المجلد الثالث الذي يضم قصصا مختارة ، يروي فيها سيرته الذاتية في الأعوام العشرين تحتوي قصص مثل : ماكارتشودرا ، العجوز ابزريغيل ، شلكاس ، كونوفالوف ، اما المجلد الرابع يحتوي علي مختارات من قصص غوركي التي كتبها في الفترة من 1912 وحتى السنوات الأخيرة من حياته وبها أقاصيص من سلسلتيه الشهيرتين حكايات عن ايطاليا ، وفي أرجاء روسيا وكذلك أقاصيص والبور ترهات الأدبية للمرحلة الأخيرة عن طريق غوركي في الإبداع الأدبي ( انطون تشيكوف ، وليف تولستوي ) إما الخامس ، ففيه رائعته ” الأم ” هذه الرواية التي لا يوجد مؤلف أدبي يضاهي غوركي في كتابه من عدد قرائه ، وتأثيره علي الملايين من الناس ،هذه الرواية التي تبين كيف تبعث النفوس الإنسانية المتحررة من الذعر أمام القمع الآلي الفظ .اما المجلد السادس وبه مسرحية ( البرجوازيون الصغار التي تميزت بأسلوبها الخاص بغور كي فقط . كرم الاتحاد السوفيتي مكسيم غوركي بان أعطي اسمه لعدة أماكن مثل منتزه غوركي ، ومصانع إنشاء السيارات ،Gaz غوركي اتوموبيل مفود
اسم غوركي استعمل كاسم للمدينة التي ولد بها (نوفجرود).
صمم تمثال لغوركي يجمعه بلينين في احدي الحدائق بروسيا
وصمما أيضا تمثالا خاصا به

عن مجلة افاق عربية بمناسبة ذكرى 120 عاماً من ميلاد غوركي 1988

ذات صلة