عبد المجيد لطفي .. ولغة الكتابة

عبد المجيد لطفي .. ولغة الكتابة

احمد لفته
صدر عن دار الشؤون الثقافية العامة كتاب بعنوان عبد المجيد لطفي.. كاتباً وقاصاً للدكتور نجاح هادي كبة بـ 206 صفحات من القطع الكبير ويتكون الكتاب فضلا عن التوطئة من خمسة فصول وخمسة ملاحق ..

أهنىء الكاتب على الجهد المبذول ، وعلى منجزه الثقافي وفي الكتابة عن عملاق من عمالقة الابداع والثقافة ورائد كبير من رواد القصة القصيرة.. إلا أن الذي يعنيني في هذا الكتاب ما ذكره المؤلف في الصفحة 27منه لا يسعني الا ان أزداد ايماناً بما قاله للكاتب والاديب احمد لفته علي الجاف من أن عبد المجيد كان يقول له انه كاتب عربي وكقومية فهو كوردي وقد برزت الى جوانب مشرقة من حياة شعراء وزعماء وقادة عرب كالامام علي (ع) في كتابه (الامام علي.. رجل الأسلام المخلد...) وهنا أشير للقارىء أو من يهمه الامر الى ما جاء في تعليق الراحل عبد المجيد لطفي على مقال في العدد الثامن من مجلة الثقافة لشهر آب من عام 1980 وفي الصفحة 125 من المجلة رد الاستاذ لطفي على الاستاذ نور الدين محمد ننقله بالنص للافادة في هذا الموضوع الشائك الذي كتب فيه الكثير في

حينه:-

تعليق على مقال عبد المجيد لطفي لقد قرأت في العدد السادس من هذه المجلة (مجلة الثقافة) موضوعاً بعنوان.. هموم الثقافة الكوردية- للأستاذ نور الدين محمد فوجدت ان اعلق بشيء على بعض ما يدعو للتعليق وبداية اريد ان اشكره لانه قال عني بالحرف- من ذا الذي يستطيع أن يشكك في كوردية عبد المجيد لطفي ومحي الدين زه نكه نه وعباس البدري وعبد الغني يحيى وجلال ووردة وغيرهم.. ولانني على مشارف الثمانين فقد رأيت أن أؤكد ما قاله الاستاذ نور الدين عن كورديتي فلقد انحدرت اسرتي من أعالي كوردستان العراق الى مدينة خانقين منذ اكثر من مئتي سنة وقد ولدت في تلك المدينة وغادرتها صبياً يافعاً لأدخل حياة قاسية أدنى الى حياة البؤس والتشرد وهذا قد لا يهم احداً سواي بأعتباره ماضيي أنا وأنا اذ أكدت كورديتي فلئلا تختلف الظنون في ذلك يوماً ما ولكن ما ليس صحيحاً أن اكون اديباً كوردياً فهذه مجازفة في وجه الحق والمنطق فأن لي رأياً قديماً متبلوراً على ما هو عادل ومنطقي في أن الأديب بلغة قومية معينة لشعب أو لأمة معينة لا يمكن ان يكون اديباً فيها ما لم يكتب أثاره واعماله الادبية بتلك اللغة وعلى هذا فان المرء لا يمكن ان يكون اديباً كوردياً ما لم يكتب او يقول الشعر باللغة الكوردية حتى ولو كان معروفاً كأديب باكثر من لغة هي غير لغته القومية. فاللغة اي لغة تحمل في مفرداتها جزئيات خاصة وغير محددة من مشاعر وتصورات شعب تلك اللغة وبصراحة ان لكل لغة اسرارها الكامنة فيها هي تتألق على طاقات من المواهب الابداعية وعلى هذا فلا يجوز لعبد المجيد لطفي- وأقول هذا بحرارة- ان يدعي - أنه اديب كوردي وليس له في الكوردية من آثار او هواجس مكتوبة وهذا تقصير لا اجد له عذراً بالنسبة لي وسأعود اليه مع مجرى هذه

الكلمة.

ان مسألة كتابة بعض الأدباء مؤلفات ذوات قيمة بلغة هي غير لغتهم القومية مسألة قديمة ومدروسة ومهضومة فكرياً ومنتهية في أن الأديب في لغة معينة يكون من أدباء تلك اللغة، فيقال في من يكتب ويؤلف باللغة الفرنسية- أنه أديب فرنسي حتى لو كان هندياً أو صينياً او جزائرياً وللتفريق يقال الكاتب الفرنسي - الهندي او العربي أو الصيني أشارة الى أنه اديب في اللغة الفرنسية وصيني أو عربي او كوردي من ناحية الانتماء القومي لانه - في ما يخص الأدب - يكون الأديب اديب اللغة التي يكتب بها أما اذا كان أديباً بلغته القومية او باكثير من لغة فيكون أديباً كوردياً وعربياً او فرنسياً اذا كان يكتب في كل هذه اللغات الى جانب لغته القومية اما اذا لم يكن قادراً على الكتابة بلغته القومية وأديباً مبرزاً في لغة اخرى فلا يحق له ان يجر صفته الادبية باللغة التي يكتب بها على قوميته.. لأن هذا افتراء على الحقيقة وعدواناً على قوميته التي أهمل الكتابة بلغتها مهما كانت الاسباب والمبررات. فالاديب الذي يكتب ويؤلف بالالمانية مع انتمائه القومي للعربي او للكورد يكون اديباً باللغة الالمانية ومواطناً عادياً في قومه او منوراً او مفكراً او مثقفاً تأتيه الثقافة من منابع ومصادر اللغة التي بها يقرأ ويطوربها ثقافته ولكن هذا لا يمنع من أن يفخر شعب من الشعوب بأحد نوابغه في العلوم والأداب اذا كان قد انتج وألف ما يدعو للفخر في أية لغة اذ أن قوميته تفخر عندئذ بذكائه وابداعاته الفنية والعلمية ولو كان ذلك في لغة أخرى ولكن هذا لا يرد في الادب القومي لأن الأدب أنتماء حاد ولصيق بالقومية ولا يمكن أن يحمل شخص ما فناً في أدب لغته ما لم يكن ممارساً لها بنطاق مشهود... وأية تبريرات لعدم كتابة الاديب بلغته القومية تسقط في مواجهة النقد اذ أن ذلك يعني أن الاديب حين يعي ويتفقه في لغة غير لغته القومية ولا يتفقه في لغته القومية- يعني تعاليه على لغته القومية وعلى هذا فأنني لا أوافق على ما جاء في العبارة التالية من مقال الأستاذ نور الدين أن الأديب الكوردي والذي يعتبر نفسه كذلك والذي لم تتح له أن يجيد الكتابة باللغة الأم لأسباب موضوعية غالباً والذي لا يجازف بالكتابة باللغة الأم لعدم ألمامه بها.. ليس ملوماً أبداً)! كلا بل أنه ملوم أبداً فأن المقدرة على التعلم قائمة في الأنسان مدى الحياة وكل امرئ يستطيع أن يسترد لغته الأم واذا كان اديباً قبل ذلك في غير لغته فما أسهل عليه ان يكون أديباً ذا مستوى متقدم بعد تعلم لغته القومية والكتابة بها مع مواصلة الكتابة باللغة التي عرف بها أديباً هذا ينجر علي بالتأكيد فأنا ملام حين لا أتوسع في تعلم لغتي القومية والكتابة بها.. ولقد جربت مرة أن اكتب بعض خواطري باللغة الكوردية فأستحسن ما كتبت كل من قرأ تلك الخواطر التي كانت غير خالية من الاخطاء في البناء اللغوي والقواعد الأملائية للابجدية الكوردية المتكاملة. ولقد وعدت بأن استعيد معرفة اوسع باللغة الكوردية فأكتب بها رواية كبيرة يعج بها ذهني ولن يتم لي ذلك ما لم أعايش الحياة الثقافية والاجتماعية والفكرية في مدينة كوردية أو في منطقة كوردية لما لا يقل عن سنة واحدة فأن سبل التعلم متعددة وواسعة وهذه اسرعها.. أما الذين يريدون شهرة اوسع عن طريق قراء اكثر فلا يكتبون بلغتهم الكوردية او القومية فأمرهم الى ضمائرهم هم.. وبعد فأنني لارجو بحرارة ان اكون بهذا التعليق قد القيت حجراً في بركة يجب أن تحركها بعض الامواج ولو بألقاء الاحجار كما فعلت.