من محلات الكرخ.. محلة باب السيف والشواكة

من محلات الكرخ.. محلة باب السيف والشواكة

كانتْ هذه المحلة تعرف بمحلة (القرية الغربية)بالتصغير التي هي محلة باب السيف والشواكة وما اليها ، وقد تصل الى محلة الشيخ بشار وقسم من علاوي الحلة ،لان حدود المحلات القديمة لم تكن مضبوطة ضبطاً رسمياً.

وكان في (القرية) موضع على دجلة يعرف بقصر بني المأمون ويتصل بمحلة قصر عيسى من الجنوب ، وفي قصر بني المأمون دفن الخليفة المستضيء بأمر الله وغيره،وهناك على شاطئ دجلة انشأ فخر الدولة الحسن بن المطلب،احد ابناء الوزراء ومن اعيان بغداد ،جامعاً عرف بجامع فخر الدولة،وقد اثرت فيه مياه دجلة وصدعته،وقد زال بأحد اسباب الزوال او باكثر منه.
ومحلة (باب السيف) تطل على دجلة تقع بين المحلات الشواكة والدوريين ورأس الجسر ،والسيف تعني مخزناً للحبوب ، حيث كان سيف للدولة.تباع فيه الحبوب التي تجلب من الموصل وسامراء وكان يقع بجانب مسجد السيف والمطل جانبه على نهر دجلة ،ويعود الى دائرة الاوقاف .
وقد كتب على بابه الامامي تاريخ تعميره من قبل الوالي داود باشا،سنة 1232ـ1246هـ/1816ـ1830م.وداخل السيف قبور لبعض الصالحين ،منهم قبر كتب عليه المتطفلون على الخطط انه قبر الامام ابي الحسن الاشعري (رحمه الله) لانه دفن في مشرعة الروايا ،وهي مشرعة الدواب التي تحمل الماء الى داخل المحلات ،ومشرعة الروايا في التعيين الخططي كانت فوق مشرعة الكرخ التي كانت في اعلى محلة الجعيفر ،وكانت ايضاً مشرعة للروايا التي تحمل الماء من دجلة الى مدينة المنصور،ولعلها كانت قرب باب خراسان ، وهو الباب الشرقي من ابواب المدينة الاربعة ،فتكون المشرعة قبالة محلة الكسرة او محلة هيبت خاتون من الجانب الشرقي ،وبذلك يستحيل ان يكون هذا القبر قبر الاشعري.وكذلك قبر (بابازنكو) والظاهر انه هندي ،كان من الرجال الصالحين والمقربين الى الله تعالى.وله كرامات ظاهرة ،وللعامة اعتقاد حسن فيه ،ويذكر انه دخل داره ولم يخرج ولهذا قيل في الامثال البغدادية (بابا زنكو ،خش ما طلع)وانه توفي ولم يشعر احد بوفاته ثم بنوا في محل (غيبته )قبراً فقالوا المثل.وقد هدم السيف وهذان القبران والسوق المجاورة له ومقهى البيروتي المشهور المجاور للسيف وحمام الجسر ،في عهد حكومة طاهر يحيى على عهد عبد السلام عارف سنة 1964 واقيمت مكانها عمارة مديرية التقاعد العامة وساحة لوقوف السيارات ،ولمسجد السيف (سبيل ـ سقاية) يستقي منه الناس
وقد سكن في محلة باب السيف بعض العوائل والشخصيات ،منها العلامة السيد حسين السيد عباس الموسوي وهو رجل دين ،وقد تتلمذ على يده الكثيرون من سكان المحلة في علم النحو والصرف وامور الدين والعبادات ، والمرحوم الشيخ احمد الظاهر وهو ملاك ،وقد انجب ولدين هما عبد الهادي الظاهر (وزير سابق ) وعبد الرزاق الظاهر ،وكذلك الشيخ شكر الله وهو فقيه واول قاضي للمحكمة الشرعية الجعفرية بعد فصلها عن المحكمة الشرعية السنية عام 1921م.والشيخ موسى كشكول وهو قاضي شرعي وقد انجب ولداً هو محمد حسن ،وهو قاضي ايضاً .وكذلك احمد الشكر وهو مختار هذه المحلة لفترة طويلة ،وعباس طاوة ،وحاج ارزوقي القهراوي وعيسى الغبان ، وجعفر الحكاك .
ومن ادباء هذه المحلة وشعراؤها عبد الحسين الملا احمد وصالح طاهر الحميري وعلي طاهر الحميري وغيرهم كثيرون.اما محلة (الشواكة) فهي محلة ظهرت باسمها المعاصر نسبة الى (باعة الشوك) الذين كانوا يتواجدون في هذه المنطقة.
محلة الكريمات
كانت ايام بني العباس (رقة)تعرف بـ(رقة ابن دحروج) والرقة هي الارض التي يطفح اليها الماء في ايام الفيضان .وكان في الرقة بساتين ومزارع كما ورد في الاخبار ،وتتصل محلة الكريمات بالصالحية وكرادة مريم ، وكانت كل هذه المواضيع والبساتين من مقاطعة (بادوريا)الكبيرة التي كانت تسقى بنهر عيسى من فرعه الكبير الذي يمتد الى جنوب بغداد الشرقي الى مايلي الجسر المعلق الحالي والدورة .وكان فيها قرى منها النخاسية نسبة الى بعض النخاسين والحارثية نسبة الى رجل من الاعيان اسمه الحارث.ويظهر ان نشوء المحلة المذكورة كان قبل العصر العثماني فقد ذكر مؤلف الجدول الصفي من البحر الوفي مخطوط الورقة 90 ان قلعة تحمل اسم الزركشي كانت قائمة في نهاية القرن الثامن للهجرة الثالث عشر للميلاد وكانت لها اركان واسواق فدمر كل ذلك تيمورلنك عند احتلاله بغداد.
بعدها عرفت شريعة الزركشي حيث لم يرد اسم هذه الشريعة في قائمة محلات بغداد التي اعدها الكوماندوز فليكس جونز في منتصف القرن الثالث عشر وفي قائمة باسماء الاولياء الكرام المدفونين ببغداد ترتقي الى القرن الحادي عشر للهجرة السابع عشر للميلاد وردت اشارة الى قبر الشيخ محمد الزركشي في الجانب الغربي مخطوط الورقة 2 ولم يحدد موضعه باكثر من ذلك واشار عبد الحميد عبادة مجلة لغة العرب 7 ـ 1929 ـ ص 126 في مقال عنوانه اسماء محلات بغداد قبل قرن او اكثر الى محلة بهذا الاسم في الجانب الغربي من بغداد وقال هي محلة الكريمات اليوم ولما بنى كاظم باشا من اغوات الترك العثمانيين قصره المعروف في الربع الاخير من القرن التاسع عشر ضم الزركشي مع قبور اخرى الى غرف قصره فتركت التسمية لمحلة الزركشي والزركشي من العلماء ويسمونه الزركجي.
اما قصر كاظم باشا الذي دخل فيه قبر الزركشي فقد انتقلت ملكيته الى ورثته ومنهم الى احد اصحاب رؤساء المال الفرنسيين ثم اشترته الحكومة البريطانية سنة 1918 وحولته الى دار للمندوب السامي البريطاني فسفارة بريطانية ومازالت كذلك.
وان حدود هذه المحلة كما ورد في اطلس بغداد لسنة 1952 هي من الشمال نهر دجلة ومن الشرق كرادة مريم ومن الغرب الشواكه وعلاوي الحلة ومن الجنوب الصالحية اما الاسم الحالي الكريمات فيظهر انه ينسب الى الفخذ من العشيرة التي سكن افرادها هذا الموضع حيث لم يكن مسكوناً اذ تحولت المنطقة المحيطة بدار كاظم باشا السفارة البريطانية حالياً الى محلة سكنية.
عن كتاب محلات بغدادية
مهدي الصفار