هكذا تحدث محمد غني حكمت

هكذا تحدث محمد غني حكمت

في العديد من الحوارات يؤكد الفنان الكبير محمد غني حكمت على قيمة الموضوعة العراقية في اعماله النحتية.. في هذه المختارات حاولنا ان نلتقط بعضا من احاديث
الفنان لنسلط الضوء على تجربته الفنية

*انا لست قديسا ولا يمكن ان اكون قديسا , ولكني انحت الحرية في وجوه المعذبين في الأرض , لن ولم اعمل تحت الوصاية الفكرية , ولدت حرا وسرت حرا وسأبقى حرا ,يمكن تسميته القدر الذي وجهني الى ان اختار هذا الطريق , لا احد من عائلتي ولا محيطي ولا قريب عني يمارس النحت او له علاقة بالنحت , ولا اعرف لماذا اخترت هذا الطريق .
•*الصمت هو فاصل للتأمل في حياتي , انا لست وحدانيا و مملوء من الأصدقاء والمعاشرة والمحبين الكثيرين ولكني أفضل دائما ان اكون وحدي وان اكون صامت متأمل وحتى عندما اعمل اسمع فقط موسيقى ولا اسمع شيء اخر *
• *انا لدي مواضيع عراقية ولا يثيرني الا صوت القبنجي او صديقة الملاية , هذا منذ طفولتي ونشأتي الأولى وانا اسمع القبنجي ولهذا أصبحت من رواد المقام العراقي , احبه واحفظ منه ,ولكن لا اغني, ولدي الرغبة القوية للمقام العراقي والغناء العراقي بصورة عامة
•*الصبر طبيعة عملي وهو انسحب على حياتي بأكملها ,صبور ولا توجد لدي عجلة حتى في الأكل ,لان طبيعة عملنا هذه فالتمثال الى ان يكتمل والمشاهد يرى تمثال من البرونز او الحجر ولكن لا يفكر بالوقت الطويل الذي استغرق لتنفيذه , وهذه هي طبيعة النحت غير الرسم الذي يستطيع لفترة قصيرة ينجز صورة اما النحات فيحتاج الى اشهر حتى ينجز تمثالا واحدا .
*انا محظوظ في قدرتي على إيصال محاضراتي الى عدة دول في العالم ولسنوات طويلة وانا القي محاضرات عن النحت العراقي , عن زملائي وعن أعمالي وعن تاريخ النحت العراقي الرافدين القديم حتى الفن الإسلامي , بهذه المحاضرات استقطب راي الاخرين بها , وهو ان اعطيهم معلومات غير معروفة بالنسبة لهم .
•* انا واسطة ان اعرف العالم على حضارة وادي الرافدين ,والنحت البديع السومري والآشوري والبابلي , وفي نفس الوقت أتحدث كثيرا عن الزخرفة الاسلامية او الفن العربي الإسلامي , هذه المعلومات لا يعرفوها , مثلا : كل العالم وأينما اذهب لإلقاء محاضرة لا يعرفون في النحت مثلا صب البرونز هوبدأ لاول مرة في تاريخ البشرية في سومر , ويتصورون ان البرونز اولا صار عند الإغريق ثم الرومان ولكن في الحقيقة ان الإغريق بعد ألف سنة استفادوا من صب البرونز , فهذه معلومات كثيرة , وفي نفس الوقت اعرف انه بلد مثل العراق متحدث ومتكلم ويحب الشعر والموسيقى والنحت والرسم وهذه جذور موجودة عند كل العراقيين .
•*العراقي متجدد ويقبل بالجديد دائما بتجربتي انا , النحت انقطع لفترة طويلة في العراق , ولكن حدوث النحت المعاصر الحديث نرى العراقيين كلهم أيدوا وجود هذا النحت وحبوه , من خلال المعارض نرى العراقيين يقتنون التماثيل , ولم يحدث اعتراض على أي تمثال في الشارع من أي جهة , هذا كلها تختلف عن انطباعاتي ومشاهداتي عن بقية الأمم والدول وبالأخص العالم العربي ,يوجد نوع من التوجس من النحت في العالم العربي , بينما في العراق بالعكس تماما , العراقيين بصورة عامة جذورهم سومرية بابلية قديمة فتعودوا , وأنا اعتقد هذه ميزة لا يمتلكها شعب اخر .
*انا أتذكر اول معرض شاركت به خارج العراق سنة 1955 معرض الفن العراقي ذهب الى نيودلهي , فتوجد جريدة السن دي تايمز امتدحت أعمال الطالب محمد غني في وقتها , وبعدها سنة 1956 عملنا معرض انا والنحات المرحوم خالد الرحال والرسام سعد الطائي في روما وهذه اول بادرة للفن العراقي خارج العراق , اول تجربة , معرضنا هناك اثار الضجة في الصحافة وعند الفنانين , طبعا جميعهم يحسون بأعمالي انه هناك مسحة لها علاقة بالشرق القديم , وانا كنت مسرور انذاك بهذا الوصف , وطبيعي النقاد او المشاهدين يشعرون ان اعمالي هي مغايرة وبعيدة عن تجارب الفن الأوربي .*الفن العراقي والفن الشرقي وتاريخ حضارة وادي الرافدين يدفعني دائما ان أكون ملتزم , وهذا الالتزام يجعلني اشعر بشخصيتي وكياني وتفردي ويجعلني فرحان بعملي ومسرور وبصدق إحساسي بالموضوع.
•*ليس لدي أي التزام ابدا ولم اجعل من نفسي ملتزم لاي اتجاه او فكرة , بقيت حر انا وعملي وقراءاتي الكثيرة جعلتني ممتليء بالمواضيع والأفكار فدائما كانوا يسألوني ما هو جديدك ؟ فأقدم لهم عمل مثلا: عندي الجنية والصياد , طيب لنراها , ماذا عندك من عمل ؟ عندي تمثال السند باد ,بساط الريح , او شهرزاد وشهريار اوقهرمات علي بابا والأربعين حرامي. هذه الأعمال كلها من عندي ولم يفرض علي او طلب مني , وانا لا اقبل بالحقيقة وسبق انه حصل ذلك وانا ارفض ولا اعمل عليها لكي اكون مثل للآخرين , بانه يجب على الفنان ان يكون حر وان يلتزم بوجهة نظره فقط دون الالتزام بغيرها , حتى لا يكون الة بيد الآخرين , وهذه وجهة نظري من القديم الى الان .
• ؟
•* المراة اصبحت كواسطة او وسيلة لتنفيذ افكاري , دخلت بالمراة من خلال الموقف الخير منها او الذكي منها , والمحترم منها , ولم انحت امراة بها العامل الحسي او الشكل الحسي ابدا , شهرزاد اظهرت ذكائها من خلال الشكل والوقفة وليس من خلال شكلها الحسي , ونفس الشيء في بقية تماثيلي او نصبي .
•ح*لم اصنع تمثال لي ولا اعتقد انه سأفقد مهاراتي , فيوجد نحاتين ورسامين صنعوا لحالهم , كثيرين ولكنني الى اليوم لم افكر ان انحت نفسي .
•*: في السبعينات 1974 كتبت مقالة صغيرة في مجلة الف باء قلت : لو انني كنت امين بغداد لحولت بغداد الى حديقة كبيرة من التماثيل . هذه وجهة نظري ,وفي لقاء تلفزيوني من قبل خمس سنوات سألتني المذيعة : ما هي أعمالك الجديدة ؟ قلت لها : في الوقت الحاضر انا نحات عاطل فاستغربت , وقلت لها انا أتمنى ان يأتي مسؤول يحب العراق وبغداد ويكلف محمد غني بالمواضيع الموجودة عندي والجاهزة لتنفيذها ونصبها في بغداد , فهذا التصريح عمل لي مشكلة , كيف تدعي وتتمنى ان ياتي واحد يحب العراق في تلك الفترة . وبالحقيقة انا لدي مواضيع كثيرة ,ساحات بغداد ممتلئة , وانا اتوقع مستقبلا بغداد تصبح حديقة من التماثيل مميزة بالعالم العربي والعالم ايضا .
*لقد كان قدري ان أكون نحاتا في بلد مثل العراق, ومن المحتمل ان أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري او بابلي او آشوري او عباسي كان يحب بلده ,
*انا ولدت في بيت جدي بالكرخ ولدي خمس خالات وخال واحد , وكل واحد عنده بيت , انا كنت دائما متواجد عند خالي وخالاتي فعرفت الكرخ بشكل طبيعي , فخالي في الشواكة بيته والاخرى في باب السيف والاخرى راس الجسر أي هذه المناطق الكرخية , فعشت في هذه المنطقة وتربيت تربية كرخية .
•المقدمة : ماذا تركت محلة النباريين وراس الجسر على تصميماتك فيما بعد ؟ استعرت من النساء في تلك المحلة اشكال ووجوه وملامح؟
*وانا على باب الثمانين من العمر , كم أتمنى ان يستطيل الزمن ,لان أزميلي لازال نابضا بالحياة ولا زلت أقول لان هناك الكثير من الذي لم ينحت ولم يوثق , انتظر العودة لأوثق اذا بقي في العمر بقية...