هل العراق مهدد بكارثة بيئية بحرية سببها النفط؟

هل العراق مهدد بكارثة بيئية بحرية سببها النفط؟

تحقيق/ ضياء ثابت السراي
سلطت كارثة خليج المكسيك البيئية النفطية الأضواء على ضرورة تأمين الحماية اللازمة لمياه الخليج العربي من احتمالية حصول حوادث بحرية ينجم عنها تسربات نفطية قد تتسبب بها الماكنة النفطية التي تصدر ثلثي احتياجات العالم عن طريق الخليج العربي، ما يجعل إمكانية حصول تسربات نفطية أمراً وارداً.

اقتصاد العراق مهدد
تجمع حماية مياه الخليج العربي (UGWP) على حذر من كارثة بيئية تقترن مع تجارة النفط في العراق لاسيما وانه حتى اليوم لم يعيد انضمامه الى التجمعات الإقليمية التي تتبنى سلامة النقل البحري للنفط والمساعدة في حال حصلت مثل هذه الحوادث وان العراق مهدد بأزمة اقتصادية وكارثة بيئية بحرية إذا ما حصل تسرب نفطي بحري من الناقلات البحرية التي تنقل النفط عبر موانئ العراق او من خطوط نقل النفط عبر شبكات الأنابيب المسنة التي شاخت ولم تر التحديث او التأهيل مما يعرض اقتصاد العراق المعتمد بنسبة 80% على المورد النفطي لازمة كبيرة ،ناهيك عن الأزمة البيئية.

كارثتان على الأبواب
وبحسب (MEMAC) مركز المساعدة المتبادلة للطوارئ البحرية البيئية ،ان العراق مرشح للإصابة بنوعين من الكوارث البيئية البحرية، الأولى ان حصل وتسربت كميات نفطية بسبب الحوادث البحرية الناجمة عن النقل البحري غير المنتظم للنفط من موانئ العراق او بسبب هجمات إرهابية تطال الناقلات النفطية البحرية، والنوع الثاني من الكوارث سببه التسرب الطبيعي لكميات من النفط والمواد الكيمائية من الناقلات البحرية التي تمخر عباب مياه العراق محملة بكميات كبيرة من النفط والمواد الكيمائية الأخرى، تاركة كميات من هذه المواد التي تتسرب في المياه العراقية وان كانت قليلة، الا ان تراكمها عبر سنوات من النقل النفطي يتسبب بنسب تلوث للمياه تحتاج الى متابعة وعلاج.

80 %من مواردنا في خطر!
وزارة البيئة على لسان وكيلها كمال لطيف أكدت ان العراق معرض لمثل هذه المخاطر وهي ليست بالمستبعدة ابدا ،وان العراق بحاجة الى مراجعة واسعة النطاق لقطاع النفط من حيث علاقته بالبيئة وعلى البلد التأهب لأي تسرب في مياهه الإقليمية خارجيا او داخلياً.
ومع جدولة إنتاج النفط العراقي الرامي لزيادة إنتاجه عن طريق البحر من 2.6 برميل الى 12.5 مليون برميل يوميا خلال سقف سنوي يبلغ سبع سنوات بناء على العقود الـ11 التي أبرمت مع الشركات النفطية الأجنبية، فان المخاطر الناجمة عن التلوث الطبيعي لعمليات النقل النفطية او لحالات التسرب الممكن وقوعها ستكون أكثر واكبر، يضاف الى ذلك ان شبكة نقل النفط العراقية (الأنابيب) بلغت من الشيخوخة ما يعرضها لانهيارات جزئية في مفاصل حساسة قد تؤثر على البر العراقي وليس البحر فقط، أخصائيو النفط العراقيون والأمريكان قالوا ان الأنابيب الناقلة للنفط العراقي التي تصدر 80% من النفط العراقي للأسواق العالمية عن طريق جزيرة الفاو وباقي الموانئ البصرية المطلة على الخليج العربي تستطيع ان تستوعب شحن وتصدير1.6 مليون برميل يوميا من دون أي مخاطر للتسرب، وما زاد على ذلك فانه خطر كبير قد تنجم عنه كارثة بيئية،لانها تعرضت وبشكل مستمر للهجمات الإرهابية مضافاً اليه عمرها الكبير وقلة العناية الخارجية والداخلية لها وانعدام عمليات الصيانة ضد الظروف والمؤثرات الجوية السيئة للأنابيب.

وزارة البيئة تقر بعجزها
مثل هذا السيناريو ان حصل سيؤدي الى فوضى عارمة للعراق لانه وبمجرد تعرض موانئه لأي تسرب قد يعرض دول الجوار العراقي لمخاطر تلوثات بيئية وسيعيق أكثر من 75% من دخل الدولة العراقية.. ولا ننسى ان العراق مصنف ضمن الدول العدوة للبيئة وهذا ما ثبتته عليه دول جواره البحري أيضاً، كما يقول مراقب شؤون النفط العراقي لموقع شركة برتش بتروليوم النفطية البريطانية المقيمة في البصرة مازن جواد.
كمال لطيف وكيل وزير البيئة يقر بعجز الحكومة عن التعامل مع اي تسرب قد ينجم عن الكميات المصدرة من النفط العراقي وهو يقر أيضاً بان حكومته لا تملك خطة لمعالجة التلوث الكيمائي الناجم عن الشحن والتفريغ النفطي وعمل خطوط النقل النفطي العراقي.
ويضيف لطيف: ان مخاطر التلوث النفطي هي الهم الوحيد الذي يشغل وزارته التي بدورها قدمت الكثير من المقترحات لمتخصصي النفط العراقيين لتأمين إطار عام يقلل من مخاطر التلوث المحتمل وقوعه وبالاتفاق والتنسيق مع شركاء الإنتاج والاستيراد النفطي الأجانب.
وقال لطيف: ان وزارة البيئة سعت من اجل إعادة العراق الى عضوية مركز المساعدة المتبادلة للطوارئ البحرية (MEMAC) والعودة لمجموعة حماية البيئة البحرية للخليج العربي ،لكن وزارة النفط والحكومة المركزية أبدتا القليل من الاهتمام بمقترحات وزارة البيئة ،ويرى كمال ان الحل الأمثل لتلافي المخاطر البيئية الناجمة عن التلوث النفطي يكون بتركيز الجهود ودعم المستثمرين الأجانب القادرين على الإنفاق على وسائل الأمان والحماية لأوساط النقل النفطي وآليات الإنتاج داخل العراق وفي مياهه البحرية ، لكن التدفق النقدي وموازنة الحكومة لتامين المياه العراقية والبر العراقي من مخاطر التلوث البيئي تكاد تكون منعدمة بحسب كمال لطيف وهي الجزء الثاني من الحل.

هل يعود العراق الى محيطه الإقليمي؟
ومن المعوقات التي تقف بوجه عودة العراق الى مجموعتي رومبي الخليجية وميماك هو ان العراق مدين لميماك بأكثر من 16 مليون دولار عن رسوم سنوات انقطاعه عنها منذ 1991بوصفه عضو مؤسس فيها، كما أوضح مدير منظمة MEMAC عبد المجيد البلوشي الذي قال: "ان التواصل مع الحكومة العراقية منقطع منذ فترة طويلة وان وزيرة البيئة نرمين عثمان هي الوحيدة من أعضاء الحكومة العراقية التي اتصلت بالمركز الذي يبدي تخوفه من آليات الشحن البحري النفطي من العراق وعدم التزامه بالقوانين والقواعد المعمول بها دوليا، ناهيك عن عدم التزام العراق بمبادرات خطط طوارئ التسربات النفطية وخير مثال على مخاطر التسربات النفطية كارثة خليج المكسيك المشتركة مع أميركا والمكسيك التي لا تزال ومنذ وقت تسيطر على عناوين الصحف العالمية.
وترصد MEMAC يوميا 1.44 مليون برميل من النفط العراقي تنقل عبر الخليج العربي كمعدل متوسط وهذه الكمية ترافقها مخاطر كبيرة لم يحسب حسابها من قبل الحكومة العراقية فيما لو حصل تسرب نفطي في مياه الخليج ،على عكس ذلك فان المركز مسؤول عن تلافي تلك المخاطر ان تكفلت الحكومة العراقية الالتزام بمبادرات ومواثيق السلامة البيئية للنقل والتجارة وخصوصا النفطية.
وأخير فان وزارة البيئة وجهت دعوة للبرلمان العراقي والحكومة الجديدة ان تشكلت بان تفعّل عودتها الى عضوية التجمعين المذكورين لاسيما وان البرلمان الماضي قد صوت آخر أيام ولايته على العودة الى عضوية مركز المساعدات المتبادلة للطوارئ البحرية البيئية.