مير بصري.. مؤرخ اهتم بتدوين أحداث العراق

مير بصري.. مؤرخ اهتم بتدوين أحداث العراق

علي حسين محيميد
ولد مير شلوموحاي بن شاؤل بن بصلئيل المعروف باسم بصري في بغداد في التاسع عشر من أيلول عام 1911م من أسرةٍ عراقيةٍ عريقة عُرفت باسم (عُوبديا). كان من أبرز شخصياتها (عمه) الذي شغلَ منصب رئيس المحكمة الشرعية ببغداد عام 1848م.

تلقى مير بصري تعليمهُ في مدرستي التعاون والأليانس في بغداد،ولازمَ الأب أنستاس ماري الكرملي والدكتور مصطفى جواد فعنهما أخذ اللغة العربية، كما درس تأريخ العراق على المحامي عباس العزاوي والعروض على الشاعر محمود الملاح.
عمل الراحل مير بصري في الكثير من الوظائف العامة والخاصة مابين عامي(1928- 1952م)،فقد شغل منصب سكرتير وزارة الخارجية في الحكومة العراقية،ووكيلاً ومديراً للتشريفات فيها،وحضر الكثير من المؤتمرات الدولية ممثلاً للعراق، وقد ترأس عام 1938م تحرير المجلة الشهرية لغرفة تجارة بغداد ولمدة ثماني سنوات. ثم انصرف للأعمال الحرة ولكتابة الأدب والتأريخ وعمل محرراً وباحثاً في الصحافة العراقية.
وفي عام 1969م تعرض مير بصري للاعتقال، بعد أن أعلن رئيس الجمهورية في حينها أحمد حسن البكر في خطابٍ شديدٍ له أنه سيمحق التجسس لأميركا وأنكلترا ويقضي على العملاء وأذناب الدول الغربية. فقد تم القبض على عشرات الرجال والصبيان، من يهود ومسيحيين ومسلمين، بتهمة التجسس والقوا في غيابات السجون. لذا داهمت قوةُ من الأمن دار مير بصري وأخذت البعض من أوراقه وطابعتين عربية وأنكليزية وتم أعتقاله في موقف الأمن بتهمة اعطاء معلومات سرية تفيد العدو لسيدة أميركية كانت قد زارته قبل عام، الا أنه أوضح لهم أن هذه السيدة تكتب أطروحة عن تأريخ العراق القديم لتقديمها إلى بعض الجامعات الأميركية.
وقد جاءت بصورةٍ رسمية وأتصلت بوزارة التربية ورجال العلم والأدب للمباحثات في الموضوع الذي تتناوله. وقد نظم الشاعر اليهودي أنور شاؤول الذي كان مشاوراً حقوقياً لرئيس الطائفة الموسوية أبياتاً من الشعر قال فيها:
إن كنت من موسى قبست عقيدتي
فأنا المقيم بـظلّ ديـن محمــّد
وسماحة الإســــــلام كانت مـوئـلي
وبلاغة القرآن كانت مــــــوردي
مــا نــال مـن حبي لأمّة أحــــمـــــد
كوني على دين الكليم تعـبّدي
سأظل ذيّاك السموأل في الوفــــــا
أسعدتُ في بغداد أم لم أسعد
وقدم هذه الأبيات إلى المحامي سلمان بيات الذي أوصلها إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية صالح مهدي عماش عن طريق أخيه سكرتير مجلس الوزراء صلاح بيات، أستحسن عماش هذه الأبيات، وكان هونفسه أديباً شاعراً، فحدثه صلاح بيات بأمر أعتقال مير بصري فأستغربه لأنه لم يكن يعلم به. وفي الحال كلم مدير الأمن العام حامد العاني تلفونياً وأمره بإطلاق سراح مير.
صدرت لمير بصري مؤلفات عدة منها ديوان شعر بعنوان(الحرية)عام 1928م،و(مباحث في الاقتصاد العراقي)عام1948م و(رجال وظلال)عام1955 و(رسالة الأديب العربي)عام 1969م و(أعلام اليقظة الفكرية في العراق الحديث)عام1983م و(أعلام السياسة في العراق الحديث)عام 1987م و(أعلام الكرد)عام 1991م و(أغاني الحب والخلود)عام 1991م و(رحلة العمر من ضفاف دجلة إلى وادي التيمس ذكريات وخواطر)عام 1992م و(أعلام اليهود في العراق الحديث) في جزءين عام 1993م و(أعلام الأدب في العراق الحديث)في جزءين عام 1994م.
تناول مير في مؤلفاته ما عاشه وعاصره من أحداث في تأريخ العراق الحديث على جميع الصعد فكانت مرجعاً ثراً للباحثين عن تلك الحقبة.
لفظ مير بصري أنفاسَهُ الأخيرة في غربته التي قضاها في لندن، عام2006م عن عُمرٍ ناهز الخامسة والتسعين. وقد عاش خواطره وهو يتوق إلى أستعادة ولو لحظةٍ على شاطئ دجلة.