رؤى بلا  حدود:“نحل المدربين ومياسم الأندية “

رؤى بلا حدود:“نحل المدربين ومياسم الأندية “

علي النعيمي
من سنن التدريب التي تعلمناها أن على كل مدرب، متى ما شعر بتدني مستواه الفني ونضوب سلته التدريبية من فاكهة الانجازات أن يفكر ملياً بأسباب الفشل ويهم بمراجعة الذات سائلاً نفسه عن نجاعة طرقه التدريبية الحالية إن تسببت في هذه النتائج،

وما العوامل التي أعاقت عمله التدريبي وتحليل العوامل الأخرى علّها رمت بظلالها على هذه التجربة، وهل انتهج أسلوباً تدريبياً تلاءَم مع لاعبيه، أو هل تقاعست إدارة النادي في تأدية واجباتها اتجاهه، وهل سيلجأ الى تعديل خططه تبعاً لخصائص اللاعبين والظروف الجديدة التي سترافق مشواره القادم ؟
المدهش أن هذه القاعدة ألغاها البعض من قواميسه، فبدلاً من ان يُدخلوا التطور على كرتنا العراقية التي سبقت "جابولاني" بانحرافها عن جادة التقدم والحداثة في التكتيكات وأساليب اللعب، اوجدوا لنا مصطلحاً جديداً بات يعرف بظاهرة " نحل المدربين ومياسم الأندية " وتقليعة انتقال المدربين من نادٍ إلى آخر بمجرد ما أنهى ارتباطه مع ناديه الحالي من دون ان يُقيّم تجربته السابقة وكأن سوق المدربين أصبح كموسم مسلسلات شهر رمضان من كل عام إذا تقاعد احدهم لموسم واحد كأنما يقلّ بريق نجمه ويصبح من مدربي الأدوار الثانوية " كومبارس" تساوره هواجس الاحتجاب خلف الكواليس وبالتالي ستقل أسهمه في بورصة المدربين!
وإلا ماذا نفسر هذا الاستقتال الشرس في الظفر بأي عقد جديد ومن دون ان يفكر احدهم حتى لو التنعم " باستراحة مؤقتة " بضعة أشهر بغية تحديث أفكاره الكروية، والمصيبة أن احدهم نسي أن يغير بدلته التي تحمل شعار ناديه القديم أثناء قيادته أولى وحداته التدريبية في ناديه الجديد، بل حتى ان إدارات أنديتنا كأنها أوحت لنا بأن سوق المدربين في العراق أقتصر على أسماء محدودة ولا يوجد غيرهم أبدا، لكنهم ذات (الوجوه التدريبية) تتنقل تارة هنا وتارة هناك لدرجة إننا حفظنا طرق لعبهم وخططهم عن ظهر قلب.
ولكن، أليس من حق هؤلاء المدربين ان ينفذوا برقابهم من شباك الاتهام واللوم ليرموها مرة أخرى على رؤوس أصحاب الأندية! الذين لا زلوا يعومون في بحيرة المدربين الراكدة للبحث والتنقيب عنهم! أو ليست جماهير الأندية ضالعة في هذه القضية أيضا ولها اليد الطولى في جس نبض المدربين "المستهلكين كروياً "واستقراء آرائهم لرصد ردّة فعلهم الأولية، وبالتالي الشروع علناً في عملية "سمسرة طواعية" من اجل عيون النادي وتقديمهم للهيئات الإدارية على أنهم مراهم سحرية تشفي جروح الهزائم الوقتية ولا تبقي لها أثراً؟
وما دام الأمر متعلقاً بقفزات السوق الرياضي ومبدأ العرض والطلب ما الذي يمنع تلك الهيئات ان (تستورد) أسماء تدريبية جديدة لتضخها في ساحة التدريب على ان تعطيهم ذات الفرص التي استنفدتها أسماء تدريبية كبيرة دللت الأيام والنتائج بعد حين بأن" فوانيسها المتلألئة ومشاعلها الزاهية قد خفت وأفلت ولم يتبق لهم غير عناوينهم المهيبة بعد أن نضبت أفكارهم الخططية وانتهت صلاحيات إبداعهم؟
لذا نهمس في أذان البعض لنقول له :لابد للمدرب ان يرتاح قليلا من كم الضغوطات المحيطة به أثناء الموسم وخصوصا في حالة تكرار مواسم الفشل المتتالية والإخفاقات المستمرة رأفة بتأريخه الحافل، لكم ان تتخيلوا ان هناك من آثر الجلوس على كرسيه المريح في باكورة وحدته التدريبية مستذوقاً بطعم الشاي المهيل وهو يدير مسبحته للمشجعين كالمروحة، على أنغام قهقهات الزملاء وقفشات الأصدقاء متأملاً قيمة عقده القادم ومادام مزاج أنديتنا يروق لهذه النغمة الشائعة.