مراسل للاخبار في مدينة      كيوبيشيف     ! .. هل أن نجيب الريحاني موصلي الأصل؟

مراسل للاخبار في مدينة كيوبيشيف ! .. هل أن نجيب الريحاني موصلي الأصل؟

قبل استقالة الوزارة السعيدية الثامنة في يوم 3 حزيران 1944 ، نشرت الصحف نبأ يقول ان امين العاصمة البريطانية قد اهدى قلادة الى امين العاصمة العراقية وقد اعتاد الانكليز الذين يحتلون مناصب معينة ارتداء القلائد الذهبية المزخرفة، وهو مالم نعتد عليه عندنا،

وقبلنا الهدية طبعا من "اللورد اوف ماير" وقصدت ارشد العمري امين العاصمة لأسأله عن تلك القلادة، ولأسأله ايضا "اصحيح ان الوزارة ستستقيل وانك ستشارك في الوزارة الجديدة".
* وضحك ارشد وقال لي ما معناه: انا رئيس دولة اسمها العراق وعندي شرطتي الخاصة بي ومحكمة لقضاياي ولي ماليتي ولدي علاقات بالعواصم الاخرى، فهل اترك كل ذلك واصير عضوا في وزارة؟
وبعد اسبوع استقالت الوزارة في يوم 3 حزيران وفي يوم 4 منه الف حمدي الباجه جي وزارته الاولى وكان ارشد العمري يشغل منصب وزارة الخارجية فيها، اضافة الى اشغاله وزارة الدفاع وكالة!!
صيد الصدف
* ومن الصدف التي اذكرها جيدا ذلك الحديث الذي اجريته مع رياض الصلح رئيس وارة لبنان عند زيارته الاولى لبغداد، فقد كنت ازور مدير الشرطة العام حسام الدين جمعة، ولاحظت انه كان ينظر الى ساعته اليدوية المرة بعد الاخرى، فسألته: اسعادتك على موعد؟
فقال: طبعا ساذهب الى المطار المدني لاستقبال رياض الصلح!.. فرجوته ان ياخذني معه ففعل وفي المطار – هو اليوم ذات مطار المثنى – وجدت قلة من المستقبلين ولما وصل رياض الصلح صافحه مستقبوله الذين اوصلوه الى "فندق زيا" المطل على دجلة غير بعيد عن "فندق سمير اميس" وهما من اشهر الفنادق البغدادية في ذلك الوقت، وبعد ان صافحوه مودعين لم اترك الصالون وانما تقدمت نحو رياض وقلت:
- اريد حديثا لجريدة الاخبار:
فابتسم وراح يحدثني عن علاقات العراق الاخوية بلبنان، وعن مواقف العراق وكان الحديث يدور بيننا في غرفته المطلة على النهر وخلال الحديث وكان الوقت ربيعا، فتح الباب المطل على الشرفة المطلة على نهر دجلة الذي كان في عنفوان فيضانه فالتفت نحوي وقال:
- ايذهب كل هذا الماء الى البحر!!
وسكتنا ثم استأنف حديثه وانفردت "الاخبار" به!
ورياض الصلح الذي قتل فيما بعد هو الذي قال ان لبنان لن يكون للاستعمار ممرا ولا مقرا ومن حسن حظه انه لم يعش حتى يشهد لبنان وقد تمزق شر ممزق!!
مراسل في "كيوبيشيف"!
* ويوم اضطر الاتحاد السوفيتي الى اخلاء موسكو من النساء والاطفال والعاجزين ليسهل على الجيش الاحمر الدفاع عنها ثم نقل ستالين المصالح الرسمية الحيوية الى مدينة "كويبيشيف" التي صارت عاصمة مؤقتة للاتحاد يومها جاءني الملحق الصحفي في السفارة السوفيتية ببغداد، وقال لي ان بوسعه تكليف صحفي معروف بارسال رسائل الى الجريدة فهل انشرها؟!
ولم ارفض طبعا خاصة بعد ان عرفت منه ان تلك الرسائل لن تكلف الجريدة شيئا من المال! وبعد ايام صارت تصلني البرقيات بواسطة مديرية البرق والبريد العراقية فصرت انقلها الى العربية وانشرها على انها من "مراسلنا الخاص في كويبيشيف"!!
كما ان عدة مقالات وصلتني فيما بعد من موسكو وقد كتبها بعض الكتاب السوفييت المعروفين وكان من بينهم الكاتب "ايليا اهرنبورغ" وقد ترجمتها ونشرتها على صفحات الاخبار! وكان الملحق الصحفي السوفيتي يتكلم العربية الفصحى وهو شاب قصير القامة ما ان عرف انني من كتاب الفكاهة حتى ازدادت زياراته لي يرجوني ان احدثه باللهجة البغدادية الدارجة حتى يتعلمها وصرت ادفع له بنسخ من الجرائد التي كنت انشر فيها مقالاتي الضاحكة!
العلاقات العراقية – السوفيتية
* وهنا يحسن بي التحدث قليلا عن العلاقات بين العراق والاتحاد السوفيتي فالعراق ظل بدون علاقات دبلوماسية مع السوفيت ولما تازمت العلاقات العراقية – البريطانية قبيل قيام حرب مايس 1941 فكرت الحكومة العراقية باقامة علاقات دبلوماسية مع السوفيت وجرت محادثات حول ذلك في انقرة، ولكن الحرب مع بريطانيا انتهت قبل اقامة العلاقات!
ولما هاجم "هتلر" الاراضي السوفيتية في يوم 22 حزيران 1941 قامت العلاقات بين الدولتين وكانت الحكومة العراقية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في حذر دائم من وجود السفارة السوفيتية ببغداد، ومع قيام الوثبة سنة 1948 والتطورات التي اعقبتها ومع تصاعد الحرب الباردة بين الكتلتين الشرقية والغربية قام العراق الملكي بقطع العلاقات بين بغداد وموسكو او تجميدها على الاصح ولم تستانف تلك العلاقات بينهما بعد قيام ثورة 14 تموز 1958.
مراسل في القاهرة
* وصار (للاخبار) مراسلها في القاهرة عندما جاءني شاب وعرض علي مراسلة الجريدة من العاصمة المصرية ولسبب اجهله حتى اليوم ، اعتقدت انه غير اهل للقيام بذلك، فلم اصارحه برأي واخذت اماطله مع انني اخذت منه صورتين فوتغرافيتين لاعداد هوية المراسل له، واضطررت ازاء الحاحه الى اعداد الهوية وسافر وفوجئت باولى رسائله الي من القاهرة وهي طافحة بكل جديد، وظل يراسل (الاخبار) ثم مجلة "قرندل" حتى انهى دراسته في كلية الاداب بالجامعة المصرية وعاد الى بغداد وصار من الشخصيات المعروفة في الوسط الصحفي اضافة الى مكانته كاديب ذلك المراسل كان مشكور الاسدي!
وهو الذي زود جريدة (الاخبار) بالاحاديث التي اجراها مع السياسيين العرب غير المعروفين عندنا في العراق، وعلى وجه التحديد اولئك الذين لجأوا الى القاهرة من الدول العربية الافريقية، وكان منهم الرئيس التونسي بورقيبة والملك السنوسي ملك ليبيا السابق وغيرهما من الشخصيات التي لعبت اداورا مهمة في السياسة العربية فيما بعد! وقد اعلمني مشكور انه كان يلتقي بهم، وهم يجلسون في "لوكاندة المنظر الجميل" في القاهرة وكنت اراسله.
جمال جميل
* وكان لمشكور الاسدي الفضل الاول فيما نشرته عن الضابط العراقي جمال جميل وكان جمال يعمل في الجيش اليمني ولما قامت الثورة الاولى ضد الامام في الاربعينيات القي القبض عليه وجرت محاكمته الصورية ثم اعدم بقطع راسه بالسيف في احدى الساحات العامة فقد تبين انه كان على راس الثوار الراغبين باصلاح الوضع في القطر الشقيق.
نجيب الريحاني
* كما يعود الفضل اليه في نشر مالم تتناقله الجرائد المصرية بعد وفاة ملك الكوميديا نجيب الريحاني فقد ارسل الي الاسدي تفاصيل عن عائلة الريحاني التي هي في الاصل تعرف في الموصل باسم عائلة "ريحانة" وان نجيبا الذي لم يترك خلفه من يرثه غير زوجته "بديعة مصابني" وكان قد انفصل عنها دون طلاق فمن حق ورثته القاطنين في الموصل مشاركة بديعة فيما تركه بعده الريحاني وقد قال مشكور في احدى رسائله ان احد اقاربه قد وصل القاهرة قادما من الموصل لهذا الغرض.
وقد قدم الاسدي كل معاوناته لنا ولم يطالب باجر وكل ما كان يريده منا نسخة من الجريدة نرسلها اليه بالبريد، وكنت عندما التقي به في بغداد اذكر كيف انني لم اشأ تعيينه لمراسلتنا وقد فعلت مضطرا.